
ريحانات الإسلام .. طالبات العلم .. عاليات الهمة ..
أحببت أن أهدي موقع لكِ .. واحد من أفضل المواقع التي أزورها ..
تفريغي لأشرطة شرح عمدة الأحكام للعلامة : محمد المختار الشنقيطي ـ حفظه الله
وهي مادة علمية مميزة وهامة
أرجو أن ينفع الله بها وأن يحفظ لنا شيخنا ويجزيه عنا خير الجزاء

الشريط الأول
الوجه الأول
أهمية طلب العلم والتفقه في الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين و على آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين و من سار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد .
فإنّ الله تعالى إذا أراد بالعبد خيراً فقهه في الدين و رزقه العلم في كتابه وسنه رسوله ـ ذعن النبي ـ صلـ الله عليه وسلم ـى ـ أنّ : " العلماء ورثة الأنبياء " .
فالعلم يكون نعمة للعبد في دينه ودنياه و آخرته و في الصحيح عنه عليه الصلاة و السلام من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قال رسول ـ صلـ الله عليه وسلم ـى ـ : من يرد الله به خيراً يفقههُ في الدين
فليس هناك مقام أعلى و لا أسمى من ذلك المقام الذي يقوم فيه الإنسان مخبراً ومفتياً و قاضياً عن الله ورسوله ـ صلـ الله عليه وسلم ـى .
فالعلماء هم أفضل الناس في زمانهم بهم يُهتدي بعد الرسل و بهديهم المبارك الذي دلت عليه دلائل الكتاب و السنة يقتدي الناس آثارهم و يتأثرون بأخلاقهم فلذلك لا يطلب العلم و لا يسمو إليه إلا من كان طالباً لمعاني الأمور .. محباً لها .. موفقاً لها .
و العلم إنما يكون نعمةً على العبد إذا استجمع أمور ينبغي على مثلِه أن يستجمعها و هذه الأمور تنقسم على قسمين :
1 ـ قسم ٌمنها بينه وبين الله تبارك وتعالى .
2 ـ و القسم الثاني بينه وبين العباد .
فأما ما كان منها متعلقاً بمعاملته لربه فينبغي لطالب العلم أولاً : أن يُخلص لوجه الله في طلب العلم ، و هذا كما سماه العلماء ُ ـ رحمهم الله ـ الأدبُ مع الله ِ في العبادة فلا يكون العبد متأدباً مع الله إلا إذا أخلص لوجه الله عز وجل في عبادته بل إن العبادة لا يمكن أن ينتفع بها العبد إلا إذا قصد وجهَ الله تعالى قال الله تعالى : { قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين } و الأمر للنبي ـ صلـ الله عليه وسلم ـى ـ أمرٌ لأمته بالتبع و قال الله تعالى : { و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين }
وقد بين العلماء ـ رحمهم الله ـ أن العلم من أشرف العبادات و أفضلها بل إن العالم أفضلُ من العابد كما صح بذلك الخبر عن النبي ـ صلـ الله عليه وسلم ـى ـ حتى جعل فضل العالم على العابد كفضلِ البدر على سائر الكواكب ليلة التمام و العلم إنما يكون نعمةً على العبد إذا أخلص فيه لوجه الله .
ومعنى الإخلاص : أن يكون قلبُ الإنسان خالصاً من شائبة العبودية لغير الله في هذه الطاعة ، فإذا أردت أن تذهب إلى مجالس العلم خرجت و ليس في قلبك إلا الله ، خرجت و أنت ترجو رحمة الله في الخطوات .
خرجت وأنت ترجو رحمة الله و أنت جالس تسمع إلى آيات الله و أحاديث رسول الله ـ صلـ الله عليه وسلم ـى ـ ترجو بها الرحمةَ من الله ـ سبحانه وتعالى ـ
فلا يخرج العبد رياءً ولا سمعة و لا طلبًا لمحبة الناس و أنظارهم بل كان السلف الصالح ـ رحمهم الله ـ يخافون من نظر الناس و يحرص الإنسان كل حرصه على ألا يعلم أحد بطاعته كل ذلك لتصدق هذه القلوب في عبادة الله جل وعلا فأول ما أُوصى به أخواني : الإخلاص لوجه الله ـ عز وجل ـ أن تخرج هذه القلوب نقيةً لله بريئة من شائبة العبودية لغير الله ـ سبحانه وتعالى
و أعظم مُعين على الإخلاص أن يتذكر العبد و ينظر في مصيره إلي الله جل وعلا و انقلابِه إليه و موقفِه بين يديه و سؤال الله تعالى عن هذا العلم ماذا أراد به و ماذا قصد منه ، وقد صح عن النبي ـ صلـ الله عليه وسلم ـى ـ أنه قال : : " يأتي الله بالعالم يوم القيامة فيعرفه نعمته فيعرفها فيقول : أم تكن جاهلاً فعلمتك ؟ ألم تكن كذا وكذا ، فيقرره بنعمته فيقر بها ، فيقول الله ـ عز وجل : فماذا عملت لي ؟ ، فيقول : علمتُ فيك وتعلمتُ من أجلِك ، فيقول الله له : كذبت ، و تقول الملائكة له : كذبت ، إنما تعلمت ليقال فلان عالم و قد قيل ، فأذهبوا به إلي النار "
نعوذ بالله العظيم و بوجهه الكريم أن نقف في مثل هذا الموقف ، لذلك إخواني ينبغي للإنسان أن يُجاهد قدر استطاعته وأن يكون أحب ما عنده أن يرضى الله عز وجل عنه في خطواته لطلب العلم وفي مجلسه في مجالس العلماء و في قراءته في استماعه يتحببُ إلى الله و يصدق في معاملة الله سبحانه وتعالى إن الإخلاص هو المفتاح للوصول إلي العلم وهو المفتاح للتوفيق في طلب العلم فكم من أناسٍ أخلصوا لله ـ عز وجل ـ في طلب العلم بلّغهم الله مراتب العلماء العاملين ونفع الله بعلومهم ونفع الله بما وُفِقُوا له بسبب الإخلاص لوجهه
فالله تعالى إذا اطلع علي قلب العبد ووجده عامراً بتقواه و خشيته أحبه و أدناه و لذلك انظروا أخواني إلي السلف الصالح ـ رحمهم الله ـ أمم ماتت من قرون ٍ بعيدة من أزمنة بعيدة .. مئات السنين ماتت كتبها حية شاهدة كتبها خالدة باقية كأنها كتبت بالأمس القريب .. تنفذ فتطبع .. تنفذ فتطبع .. ولا تزال الأجيال تلو الأجيال تعتني بها تُقْرؤها في المساجد التي هي منازل الرحمات فكم من رحمات تغشى هؤلاء العلماء تغشاهم الآن في قبورهم .. كم من الرحمات تغشاهم .. يُذكرون بأحسن الذكر العالم ، الإمام ، شيخ الإسلام ما يُذكرون بأسوأ الذكر أبدا إنما يذكرون بأفضل الذكر
لمـــــــــــاذا ؟
ـ لأن الله أطلع إلى قلوبهم الصادقة أطلع فوجد فيها الإخلاص لوجه الله فبارك في تلك الكلمات و بارك في ذلك العلم و جعل عاقبته خيراً على أهله ، فإن صدقنا مع الله .. صدق َ الله معنا
فبداية الطريق أن يحاول الإنسان قدر استطاعته أن يُخلص لوجه الله عز وجل في هذا العلم و أن يكون أحب ما يرجوه أن يرضى الله عز وجل عنه في هذا العلم
إذا لقيت الله في خطواتك لطلب العلم وبالساعات التي قضيتها في مجالس العلماء كم لك فيها من الأجور و الدرجات !!
وقد بيّن الله تبارك وتعالى ذلك في قوله : { يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات } فمن أحب الله أن يرفع درجته و أن يحسن ذكره وأن يوفقه لحسن العاقبة فليخلص لوجه الله عز وجل .
تعليق