

|| النّقاب في حياة الأمّة الإسلامية ||
في أول ظهور الإسلام كانت المرأة " الحرّة، والأمة "
تخرج إلى النّاس كاشفة وجهها بدون حجاب ،
ثمّ أُمرت المرأة الحرّة بالحجاب عن الرجال
لتحقق عدة فوائد ؛ من أهمّها
الأولى:
طهارة الفرد والمجتمع؛ لقوله تعالى :
" ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ "
من الآية 35 في سورة الأحزاب.
فكان التّطبيق العملي للحجاب في بيت النّبوة هو المثل الأعلى لنساء المؤمنين ؛
فها هي أمّنا عائشة رضي الله عنها تخبرنا بمعنى وصفة الحجاب المطلوب ؛
فقد روت في حادثة الإفك
" كانت في غزوة المريسيع في السّنة الخامسة من الهجرة "
حيث فقدت عقدها أثناء قضائها حاجتها ، ثمّ أخذت تبحث عنه ،
ولكنّ جيش المسلمين تحرّك عائداً إلى المدينة وهم لم يشعروا بها وهي لم تشعر بهم ؛
فقد كان من تستّرهن حال قضاء الحاجة الابتعاد عن أعين النّاس ؛
فقالت رضي الله عنها : " وكان صفوان بن المعطل السّلمي ثمّ الذّكواني من وراء الجيش
فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني ،
وكان رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ،
فخمّرت وجهي بجلبابي
والله ماتكلّمنا بكلمة ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ،
وهوى حتّى أناخ راحلته ، فوطئ على يدها ، فقمت إليها فركبتها ،
فانطلق يقود بي الرّاحلة حتّى أتينا الجيش موغرين في نحر الظّهيرة وهم نزول "
رواه البخاري

أمّا الفائدة الثّانية من تشريع الحجاب
فهي الأمن النّفسي والاجتماعي ؛ حيث يحميهن من الأذى
" التّحرش الجنسي ، والاغتصاب " ؛
لقوله تعالى : " فَلَا يُؤْذَيْنَ "
من الآية 59 في سورة الأحزاب
تميّزت الحرّة بحجابها عن هذه الفئة من الإماء ؛ ليسلمن من أذيّة المترصّدين
لأولئك الإماء في الطّرقات .
فصار لبس نساء المؤمنين في زمن النّبوة الجلباب ،كما تصفه أمّ المؤمنين
عائشة رضي الله عنها حين ذكرت نساء الأنصار ، فأثنت عليهنّ ،
وقالت لهنّ معروفاً ، وقالت: لما نزلت سورة النّور – أي هذه الآية
" وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ "
- عمدن على حُجَز – أو حُجوز – مناطِقِهِنَّ ، فشققنه ، ثمّ اتخذن منه خمراً
رواه أحمد
ومعنى الاختمار فسره الحافظ ابن حجر العسقلاني بقوله :
ومعنى اختمرن به : أي غطين وجوههن
والقول بأنّ معنى الاختمار تغطية الوجه وستره ، يشهد له قول عائشة رضي الله عنها
في ما رواه البخاري " فخمّرت وجهي بجلبابي " ،
ويسنده أيضاً قول فاطمة بنت المنذر فيما صحّ في موطأ مالك :
" كنا نخمّر وجوهنا " أي مع أسماء بنت أبي بكر في الحجّ .
وفي رواية عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت : لما نزلت :
" يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ "
خرج نساء الأنصار كأنّ على رؤوسهن الغربان من الأكسية
رواه أبو داود

تعليق