من قلب الحدث
by
, 20-12-2009 at 04:33 AM (3714 قراءة)
ليس من عادتي نقل مقالااات
الا ان الكاتبة جزاها الله خيرا
كتبت مافي القلب
مازال ذلك الحلم/الواقع يؤرق جده يوم الثامن من ذي الحجة ..
يوم النكبة والأسى .. يومٌ ترملت فيه نساء وتيتم أطفال وسحقت قلوب رجال..
يوم ذلك السيل
ذهبت الى (كيلو 14) مرورا بـ (قويزة) يوم أمس الجمعة أول يوم في السنة الهجرية الجديدة
1431 وهالني مارأيت كنت قد سمعت في الصحف ورأيت صورا حية لما
حدث, وراعني ماسمعت ورأيت .. أما يوم أمس فقد لمست الألم وعشتُ
الكارثة وقد مضى عليها 22 يوم ولكن مازالت بصمات المجرمين في كل مكان ..
بيوت مهدمة .. أشلاء مبعثرة في كل مكان .. رائحة نتنه تنبعث في المنطقة
لاتعلم هل هي رائحة ماتبقى من الجثث/ المفقودين أم اختلط السيل بالمجاري ..
ناهيك عن كثرة الذباب والبعوض في كل مكان ..فمن لم يقتلهم السيل حتما ستقتلهم الاوبئة..
هناك كهل واقف ينظر بأسى الى ركام لعله بيته او بيت جاره الذي دفن تحته..
وهناك أطفال يقفون حول حفرة عميقة جدا من اثار السيل سقطت بها 5 سيارات كما يروي من شاهد ,
ولايعرف هل اصحابها احياء ام مفقودين ..
ببراءة طفولية يحملقون ولايعوون الخطر المحدق بهم والبعوض من
كل جانب والرائحة الكريهه مازلت أشتمها كرائحة الفقد ..
وهناك بعض الشباب يتحادثون بأسى وينظرون الى تلك الرافعات التي
تحاول ازالة ذكريات طفولتهم وجميل ايام قضوها سعداء في كنف
أب مفقود وأم أرملة!!!
امرأة وحيدة رأيتها بكامل حجابها وهي تحاول اجتياز الطريق فتعبر
تلك المياه الاسنه لتتبلل عباءاتها من تلك المياه/الوباء فقط لتصل
الى اقرب (بقالة).. وكأني بها مثقلة بهمومها ثكلى .. تبكي زوجها
أو ابنها او أخيها .. وتتحمل مسؤولية اطفال لم يبلغوا الحلم فأصبحت
هي الام والاب هي الرجل والمرأة هي الحنان والقوة ..
وتمسك العينان والقلب يغرق كمدا ..
ركام .. ركام .. ركام ..
تراه امامك في كل مكان .. كم هو عميق حجم المأساة ..
وكم هو مؤلم أن ترى الانسان يقتل بلا سبب
وقاتلوه مازالوا طلقاء!!!!
توقفت في مكان ما قرب مقبرة كيلو 14 واقتربت اكثر من الناس
وارتعشت ألما لما رأيت طفلا هزيلا يكاد يفنى جوعا ..
فتاة في سن الشباب تاكلت اسنانها
فهي لاتملك ثمن معجون الاسنان او طعام جيد..
رجل تلمع عينيه بحزن لايشابهه حزن ..
رائحة الموت اشتمها في كل مكان ..
وطعم الدم البارد شعرت به في فمي يكاد يخنقني ..
في ذلك الحي كيلو 14 يقطن كثير من السعوديين وكثير من الأجانب منهم مقيمون
بطريقه شرعية واخرون اقامتهم غير شرعية .. من الباكستان ومن برما , الهند,
اثيوبيا, اليمن, الصومال , ارتيريا وافغانستان وغيرهم كثر..
جميعهم ترى في وجوههم الحية اموات ..
الم وحزن,
صراخ رضيع جف الحليب
من ثدي امه وعويل كثلى
وبكاء رجل استسلم لليأس فلم يستطيع أن ينقذ ابنه من الهلاك ...
عدت بعد أن قضيت ساعتين في تلك الأرجاء وماأزال اتجرع صديد الجرح النازف
عدت وأنا أستعيد ذكريات طفولتي في ذلك المكان /اللامكان ..
هناك كان بيتنا الذي دمره السيل .. وفي تلك (البرحة) كنا نلعب وهذا
الركام ركام مدرستي الابتدائية .. عام 1407 كانت ضحكاتنا تملأ تلك
الأرجاء والان لم يتبقى سوى صدى عويل وبكاء...
ترعرت في هذا المكان كنا نفرح بالمطر اذا هطل نخرج اليه فرحين
لاننا لم نعتاد عليه .. نلعب بالطين ونغني مبتهجين ببراءة طقولة ..
في نفس ذلك المكان (الحارة) وبعد اكثر من عشرون عاما يهطل مطرا
ولايفرح به أحد ..
اغتيلت تلك الاغاني المبهجه وخفى نور البراءة
عدت الى البيت ونفسي عليله .. منهكة الفكر .. لاأريد أن أرى أحدا ..
قضيت ليلتي البارحه أستعيد ذكريات الطفولة في ذلك المكان الذي فقد الحياة
.. ذكريات رائحة المطر استبدلت برائحة الموت ..
البسمات البريئة التي تحملها وجوهنا استحالت حزنا
عميق هو الجرح وندوبه ستبقى مدى الدهر ذكرى الأموات
يوم الثامن من ذي الحجة عام 1430
عار سيخلده التاريخ..