
مازلنا نتجول في المعالم العمرانية داخل القدس
الحمامـات العـامـة:
لم تكن بيوت القدس في العصور الإسلامية المتوسطة تحتوي على حمامات ساخنة؛ لأن ذلك كان يحتاج إلى تكاليف باهظة وأماكن واسعة للفحم والحطب، علاوة على أَنَّهَا تلوث البيئة. ولذلك اهتم سلاطين المماليك بإنشاء حمامات عامة روعي في تصميمها جميع هذه الأمور، بالإضافة إلى احتواء الحمام على مياه باردة ودافئة وساخنة وقاعة للاستراحة.
وتعد هذه الحمامات أحد مظاهر الحضارة الإسلامية، علاوة على أنها أضافت لمسات هامة إلى العمارة الإسلامية في القدس.
وكان في القدس عدد من هذه الحمامات أصاب الخراب بعضها، ولم يبق منها سوى اثنين هما:
(أ) حمـام الشفـا:
وأنشأ الأمير سيف الدين تنكز الناصري سنة (737هـ/ 1366م) في عهد السلطان قلاوون
وموقعه في داخل سوق القطانين على الجانب الشرقي منه، ويتكون من غرف لخلع الملابس والجلوس وغرفة دافئة وغرفة حارة ومغطس. وكان يعمل في هذا الحمام صاحبه والمدلك والمسؤول عن تسخين الماء والمكلف بجمع مواد الحرق والتسخين، والحمام اليوم غير مستعمل.
(ب) حمام العيـن:
وأنشأه الأمير سيف الدين تنكز الناصري في نفس الوقت مع حمام الشفا، وموقعه في داخل سوق القطانين على الجانب الغربي منه، ويشتمل على نفس عناصر حمـام الشفـا(25).
ومن أهم الحمامات التي أصابها الخراب (حمـام السلطـان)، ويقع في طريق الواد مقابل مستشفى الهوسبيس النمساوي، ويعود تاريخ بنائه إلى سنة (959هـ/ 1551م).
كان هذا الحمام يقع في الصف الشرقي من طريق الواد عند ملتقاه مع طريق الآلام مقابل مبنى الهوسبيس النمساوي. وكان ريعه يصرف على تكية خاصكي سلطان التي كانت توزع الطعام مجانا على المحتاجين.
لكن بعض المسؤولين باعوه في القرن الثالث عشر الهجري أي القرن التاسع عشر الميلادي إلى الأرمن،
فبنوا على أنقاضه بطريركية الأرمن الكاثوليك، ولا زالت بعض آثار الحمام موجودة داخل البطريركية.
حمام السلطان سابقا بطريركية الأرمن الكاثوليك حاليا مع كل الأسى والأسف

سـبـل الـمـاء:
اهتم سلاطين الأيوبيين والمماليك والعثمانيين بإنشاء سبل الماء العامة على جوانب الطرقات، من أجل توفير المياه النظيفة لسكاّن القدس. ومن أجمل هذه السبل:
(سبيل قايتباي) الذي أنشأه السلطان قايتباي في ساحة المسجد الأقصى المبارك بين الحائط الغربي للمسجد وقبة الصخرة المشرفة في سنة (887هـ/ 1482م)(27).
ويتكون السبيل من بناء مربع الشكل تعلوه قبة حجرية منقوشة بزخرفة نباتية واستعمل في بنائه الحجر الملون ، وفرش أرضيته بالرخام، وكان آخر ترميم لهذا السبيل من قبل لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك، وقبة الصخرة المشرفة الأردنية في سنة 1980م.

ومن أهم السبل الأخرى التي ما زالت قائمة إلى الآن، ولكن قطعت عنها السلطات الإسرائيلية المحتلة للمياه:
سبيل شعلان (613هـ/1216م)، وسبيل البصيري (839هـ/1435م)، وسبيل قاسم باشا (933هـ/1526م)، وسبيل بركة السلطان (943هـ/1536م)
وسبيل طريق الواد (943هـ/1536م)، وسبيل باب السلسلة (943هـ/1536م)، وسبيل باب العتم (943هـ/1536م)
و سبيل باب الناظر (943هـ/1536م)، وسبيل الشـيخ بدير (1153هـ/1740م)، وسبيل الشوربجي (1097هـ/1685م).

التكايـا:
استخدمت التكايا في القدس لإطعام الفقراء والطلبة. ومن أهمها:
تكية خاصكي سلطان التي تقع في عقبة التكية (التي سميت باسمها) شرقي دار الأيتام الإسلامية.
وقد أنشأتها خاصكي سلطان زوجة السلطان سيلمان القانوني وهي روسية الأصل واسمها الأصلي (روكسلانة)
وكان ذلك في سنة (959هـ/1551م)(28)، وكانت هذه التكية من أهم المنشآت التي أقامها العثمانيون في القدس.
وقد أوقفت عليها منشئتها عقارات كثيرة في مختلف أنحاء فلسطين، تحصّل إيراداتها بموجب فرمانات.
وكانت محاصيل المزارع الموقوفة عليها تفيض عن الحاجة فيسمح بتصديرها إلى الخارج.
وكانت هذه التكية توزع حساء القمح وأحياناً الأرز واللحم.
وبقيت كذلك إلى نهاية الانتداب البريطاني ثم توقف عملها.

تعليق