PDA

View Full Version : إن ربّك لبالمرصاد.






وفاء العميمي
18-08-2001, 07:58 PM
صاحب القصة كتبها للشيخ عبد الله النوري رحمه الله - بتصرف

أكتب إليكم من زنزانتي بعد أن قضيت وراء الأسوار ربيع عمري، سنواتٍ عشر.
بعد أسابيع سيلفظني السجن إلى الفضاء الفسيح، سأستردّ حريتي، ولكن ماذا ستكون نظرة العالم لي؟!!.
هل سيقبلني تائباً نادماً مستغفراً؟! أم سينظر الناس إليّ شزراً بالغمز واللمز؟!
هل سينسى آثامي الماضية ويسمح لي بفتح صفحة بيضاء جديدة؟! أم هل سيقف مني موقف المتعنّت الذي لا يغفر ولا يعفو؟!.
لست أدري، كل ما أدريه أنني سأخرج إلى العالم بقلبٍ مفتوح وبنظرةٍ مختلفةٍ تماماً عن تلك التي دخلت السجن بها.
أنا لا أكتب إليكم طالباً المساعدة ولا حتى النصح، فقد أتاحت لي السنوات الطويلة وراء القضبان أن أعيد النظر في كل مواقفي السابقة، وأن أرى عيوبي بوضوح، إنني فقط أرسل إليكم رسالتي لكي يعلم الناس في الخارج أن يد الله قادرة، وعدالته لا تغفل، وأن الله يُمْهِل ولا يُهْمِل، وأن انتقامه من أمثالي آتٍ لا ريب فيه.
أظنكم الآن تريدون أن تعرفوا قصتي، وسأسردها عليكم باختصار، لكن بكل معناها دون أن أحرّف شيئاً فيها.
نشأت في أسرة متوسطة، ميسورة، بين أب لاهٍ بسهراته العابثة، ونزواته الطائشة، وبمشاغله الخاصة وأعماله التجارية، وأم أنانية بكل ما في الكلمة من معنى، لا يهمها سوى المكياج والمرآة، والثوب والمودة.
كنا نعيش في عالمٍ غريب، لا أب يعرف مسؤوليته ولا أم تدري ما واجبها؟! لا أحد يسأل عن أحد، ولا أحد يحاسب عما يفعل، وباختصار نشأنا في إهمالٍ دون رقيب.
وبالطبع فشلت في دراستي، وكنت أسأل نفسي: ولِمَ أذاكر وأسهر الليالي وأتعب، وكل شيء مكفول لي من قليلٍ أو كثير؟! حتى أثمن شيء أطلبه؟! وانطلقت أعربد وأنا مازلت في الخامسة عشرة، أسهر حتى الصباح وأعود ولا أحد يسأل عني، أو أغيب عن البيت أياماً ولا أحد يفتقدني، وعرفت رفقاء السوء، ودعاني الشيطان فاستجبت له وصادقته، وفعلت كل شيء زينه لي. زنيت، شربت الخمر، سرقت رغم عدم اضطراري للسرقة، بل أنني ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.
كان الشيطان يزين لي أفعالي وكنت أنساق وراءه ولكن بحذر كحذر الذئب، كنت أعرف الشر والخير، وأعرف الحسن والسيء، وأعرف الخطأ والصواب، وأعرف الحلال والحرام، ولكن للحرام حلاوة وللاستهتار جاذبية!! فاستمرأتهما.
لا تندهشوا فهناك آلاف من الشباب أمثالي، أنا لست مثلاً شاذاً بل أني أكاد أقول إن القاعدة كلها مثلي، والشواذ الآن هم الذين يتمسكون بأهداب دينهم والفضيلة، لكني كنت أتميز عليهم كما قلت لكم بالحذر، كنت أرسم وأخطط وأدرس كافة الاحتمالات، وأعمل حسابي لكل شيء، كل خطوة أخطوها مرسومة، وكل فعل أفعله مدروس، لذلك كنت آمناً قرير العين لا أخاف أن تنالني يد العدالة، وكم سخرت من هؤلاء الأغبياء الذين يقعون في يد القانون! سخرت من غفلتهم ومن غبائهم.
كل هذا والوالد لاهٍ عنا بنفسه، والوالدة مشغولة بأنانيتها، ونحن نسير… كلٌ في طريقه، وأريد أن أكون صريحاً معكم فأقول إنني لم أشعر مرة بوخز ضمير، ولم أتألم لدموع ضحية، لم أتأثر لضياع أسرة بسببي، أصبت بالبلادة ونام ضميري، بل مات ودفن.
وفي يومٍ لا أنساه كنت أجلس في قهوة أشرب الشاي مع بعض أصدقائي، مجرّد كوب شاي أشربه ثم أنصرف إلى سبيلي، وفجأة دخل رجال الشرطة وانتشروا في المكان بسرعة وبدؤوا في تفتيش الموجودين، لم أعر الأمر أي أهمية لأني لست المطلوب، بل جلست في مكاني ببرود ما دام الأمر لا يعنيني، لم أكلّف نفسي عناء السؤال، واقترب منى ضابط وبدأ في تفتيشي، ولم يجد شيئاً بالطبع، ولما همّ بالانصراف نظر تحت أقدامي وكانت المفاجأة! القطعة الكبيرة من المخدرات تحت قدمي، إذاً فأنا المطلوب، أنا المبلّغ عني.
لا داعي أن أقسم لكم أنها لم تكن تخصني، فلو كانت لي لاعترفت دون خجل، ولكنها لم تكن لي، قذفها أحدهم فاستقرّت تحت أقدامي دون كل الموجودين، اختارتني أنا!!.
واقتادوني إلى التحقيق، فالنيابة، فالمحكمة، ووكلت المحامين، وحاولوا بدفاعهم المستحيل لتبرئتي، لقد أرادت يد الله أن تعاقبني على جرمٍ لم أرتكبه، ويا لسخرية القدر، ولكن ربك لبالمرصاد.
وحكم عليّ بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، كدت أجن، أنا الذي فعلت كل شيء ولم يردعني أحد أدفع ثمن ذنبٍ لم أرتكبه؟!!.
وفي السجن بدأت أفكر في حياتي بعمق، ومرّت أمام خيالي أشرطة الماضي بكل قبيحه، مئات الضحايا كانت صورهم تأتي إليّ في الليل فتؤرقني وتسلب النوم من عيني.
أخيراً عرفت الله، عرفت الله الذي لا تأخذه سِنة ولا نوم، عرفت الذي يمهل ولا يستعجل العقاب لعل المذنب يعود إليه، ويتوب، إنه القوي القادر على إنزال البطش في غمضة عين، ولكن رحمته أوسع من انتقامه، وأفقتُ إلى نفسي. وبدأت أصلي وأصوم وأُؤَدي كل الفرائض وأكثر منها نوافل، أحالني السجن من عربيدٍ إلى متصوّف، وأدركت أنني كنت أعيش في وهم، وصدقني لقد ذقت حلاوة الوحل، ثم ذقت حلاوة الإيمان والسكينة واليقين، وشتّان بين الحلاوتين، وشتّان بيني في الحالتين!.
فهل كفّرت بأخذي عن جريمة لم أرتكبها؟! ذنوب وجرائم كثيرة فعلتها فهل في ذلك كفّارة؟ هل أدّيت ديْني للمجتمع؟! هل تنفع لي توبة فرضت عليْ فرضاً رغم بشاعة جرائمي؟! وماذا سيكون موقفي أمام الباري؟!.
إنني أنتظر ردودكم، قد تفتح هذه الردود لي أبواب المستقبل، وقد تعيدني إلى ظلام الماضي، لا أقصد أن أعود لاستهتاري ومجوني وإنما أقصد أنني سأظل أفكر في جرائمي دائماً… هل لي من توبة؟!.

لولو
20-08-2001, 04:55 AM
عجيب امر هذا التائب.....!!!!!!!يقول انه لايريد المساعده والنصح...ولكنه يريد اخذ العضه والعبره من قصته....ثم ياتي في النهايه ليقول اني اريد ردودكم التي قد تفتح له ابواب المستقبل..اليست هذه الردود هي نفسها المساعده التي تكلمت عنها بدايه الموضوع..... عموما انا اقول هذه فعلا مسؤلية الاب والام ..اين التربيه والدين والاهتمام فالابناء مسؤليه...ولكن هو ايضا ؟؟ اتمنى ان يقبل الله التوبه

باقة فل
20-08-2001, 10:13 AM
سبحانه يمهل و لا يهمل

نتيجة حتمية للإستهانة بحق الأولاد في التربية و التـنشئة الصحيحه القائمة

على طاعة الله والخوف منه و مراقبته في كل صغيرة و كبيرة ,, فيخرج الأبناء غير مبالين

مندفعين بلاحدود و طبيعي أن تكون هذه هي النتيجة .