<<<0>>> منهاج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة <<<0>>>" نسخة "

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مسرّة
    كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
    • Oct 2002
    • 7381

    <<<0>>> منهاج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة <<<0>>>" نسخة "

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    أقوم بنقل كتيب الشيخ محمد بن جميل زينو على ملف وورد "منهاج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة" و هو كتاب هين سهل واضح عن علامات و صفات الفرقة الناجية من أمة الإسلام و عقيدتها الصحيحة التي تنجيها ...
    تعجلت نشره مفرقا .. و الله أسأل أن ينفع به
    سأقوم بوضع مقتطفات يوميا أو كل يومين حسب المشاغل .. بارك الله في أوقاتنا

    قبل أن أترككم مع الكتيب الرائع الذي أنصحكم بقراءته أرجو أن تدخلوا هذا الرابط لتتعرفوا على الشيخ محمد بن جميل زينو و تقرؤوا قصة توبته :
    قصة توبة الشيخ محمد جميل زينو من ضلالات الصوفية إلى العقيدة السلفية

    الآن ..أترككم مع أول غيث نقلته من الكتاب..


    "واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا" (سورة آل عمران)

    منهاج
    الفرقة الناجية
    و الطائفة المنصورة

    إعداد
    محمد بن جميل زينو
    المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة

    (الطبعة الثامنة عشر مصححة)

    محتويات الكتاب :

    الفرقة الناجية
    علامة الفرقة الناجية
    من هي الطائفة المنصورة
    التوحيد و أنواعه
    معنى لا إله إلا الله
    معنى محمد رسول الله
    إياك نعبد و إياك نستعين
    استعن بالله وحده
    الرحمن على العرش استوى
    أهمية التوحيد
    من فضل التوحيد
    من فوائد التوحيد
    أعداء التوحيد
    موقف العلماء من التوحيد
    ما معنى وهابي ؟
    محمد بن عبد الوهاب
    معركة التوحيد و الشرك
    إنِ الحكم إلا لله
    العقيدة أولا أم الحاكمية ؟
    الشرك الأكبر و أنواعه
    مثل من يدعو غير الله
    كيف ننفي الشرك بالله؟
    من هو الموحّد؟
    الشرك الأصغر و أنواعه
    من مظاهر الشرك
    المشاهد و المزارات
    مفاسد الشرك و أضراره
    التوسل المشروع
    التوسل الممنوع
    شروط تحقيق النصر
    و كان حقا علينا نصر المؤمنين
    الكفر الأكبر و أنواعه
    الكفر الأصغر و أنواعه
    احذروا الطواغيت
    النفاق الأكبر
    النفاق الأصغر
    أولياء الرحمن و أولياء الشيطان
    أنواع شعب الإيمان
    أسباب حدوث المصائب و إزالتها
    الاحتفال بالمولد النبوي
    كيف نحب الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ؟
    فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم
    الصلوات المبتدعة
    الصلاة النارية
    القرآن للأحياء لا للأموات
    القيام الممنوع
    القيام المطلوب و المشروع
    الأحاديث الضعيفة و الموضوعة
    نماذج من الأحاديث الموضوعة
    كيف نزور القبور ؟
    التقليد الأعمى
    لا تردوا الحق
    عقيدة المسلم (شعر)


    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله .

    أما بعد ... فهذه بحوث مهمة و متنوعة ، تدعو المسلمين إلى عقيدة التوحيد الخالص و الابتعاد عن الشرك الذي انتشرا مظلهره في أكثر البلاد الإسلامية ، و هو سبب هلاك الأمم السابقة، و سبب شقاء العالم المعاصر ، و لا سيما العالم الإسلامي و ما يلاقيه من المصائب و النكبات و الحروب و الفتن و غيرها.

    و هذه البحوث و المواضيع تبين أيضا منهاج و عقيدة الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة الواردة في الحديث النبوي ، لتنير الطريق للعاملين ، حتى يكونوا من الناجين و المنصورين إن شاء الله ، و الله أسأل أن ينفع بها المسلمين ، و يجعلها خالصة لوجهه الكريم.

    محمد بن جميل زينو


    الفرقة الناجية

    1.قال الله تعالى : "و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا " (سورة آل عمران)

    2. و قال تعالى :" و لا تكونوا من المشركين ، من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا ، كل حزب بما لديهم فرحون" (سورة الروم)

    3. و قال صلى الله عليه و سلم : "أوصيكم بتقوى الله عز و جل و السمع و الطاعة و إن تأمر عليكم عبدٌ حبشيٌ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار" (رواه النسائي و الترمذي و قال حديث حسن صحيح)

    4. و قال صلى الله عليه و سلم : "ألا و إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين و سبعين ملة (1) ، و إن هذه الملة (2) ستفترق على ثلاثِ و سبعين : ثنتان و سبعون في النار ، وواحدة في الجنة، و هي الجماعة" (رواه أحمد و غيره و حسنه الحافظ)
    و في رواية : "كلهم في النار إلا مله واحدة : ما أنا عليه و أصحابي" رواه الترمذي و حسنه الألباني في صحيح الجامع 5219

    5. و عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "خط لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم خطا بيده ثم قال : هذا سبيل الله مستقيما . و خط خطوطا عن يمينه و شماله ، ثم قال : هذه السبل ، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى : "و أن هذا صراطي مستقيما فاتّبعوه، و لا تتّبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" (صحيح رواه أحمد و النسائي)


    (1) و في رواية "اثنتين و سبعين فرقة "
    (2) و في رواية "و تفترق أمتي"
    __________________________________________________ ______________

    6. و قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه "الغُنية" : أما الفرقة الناجية فهي أهل السنة و الجماعة ، و أهل السنة لا اسم لهم إلا اسم واحد و هو أصحاب الحديث.

    7. يأمرنا الله سبحانه و تعالى أن نعتصم جميعا بالقرآن الكريم ، و أن لا نكون من المشركين المتفرقين في دينهم شيعا و أحزابا ، و يخبرنا الرسلول الكريم أن اليهود و النصارى تفرقوا كثيرا، و أن المسلمين سيتفرقون أكثر منهم ، و أن هذه الفرق ستكون عرضة لدخول النار ، لانحرافها ، و بُعدها عن كتاب ربها و سنة نبيها ، و أن فرقة واحدة ناجية منها ستدخل الجنة، و هي الجماعة المتمسكة بالكتاب و السنة الصحيحة، و عمل أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم.

    اللهم اجعلنا من الفرقة الناجية ، ووفق المسلمين لأن يكونوا منها .


    منهاج الفرقة الناجية
    1. الفرقة الناجية : هي التي تلتزم منهاج رسول الله صلى الله عليه و سلم في حياته، و منهاج أصحابه من بعده ، و هو القرآن الكريم الذي أنزله الله على رسوله، و بينه لصحابته في أحاديثه الصحيحة ، و أمر المسلمين بالتمسك بهما فقال : "تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي، و لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض " (صححه الألباني في الجامع)

    2. الفرقة الناجية تعود إلى كلام الله و رسوله حين التنازع و الاختلاف عملا بقوله تعالى : "فإنْ تنازعتُم في شيء فرُدُّوه إلى الله و الرسول إنْ كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ، ذلك خير و أحسن تأويلا" (سورة النساء)
    و قال تعالى:" فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يثسلّموا تسليما" (سورة النساء)

    3. الفرقة الناجية لا تُقدم كلام أحد على كلام الله و رسوله،عملا بقواه تعالى : "يا أيها الذين آمنوا لا تُقدِّموا بين يدَيِ الله و رسولِه ، و اتقوا الله إن الله سميعٌ عليم " (سورة الحجرات)
    و قال ابن عباس : أراهم سيهلكون ! أقول : قال النبي صلى الله عليه و سلم ، و يقولون : قال أبو بكر و عمر(رواه أحمد و غيره، و صححه أحمد شاكر)

    4. الفرقة الناجية تعتبر التوحيد ، و هو إفراد الله بالعبادة كالدعاء و الاستعانة و الاستغاثة وقت الشدة و الرخاء ، و الذبح و النذر ، و التوطل و الحكم بما أنزل الله ، و غير ذلك من أنواع العبادة هو الأساس الذي تبنى عليه الدولة الإسلامية الصحيحة ، و لا بد من إبعاد الشرك و مظاهره الموجودة في أكثر البلاد الاسلامية، لأنه من مقتضيات التوحيد ، و لا يمكن النصر لأي جماعة تُهمل التوحيد ، و لا تكافح الشرك بأنواعه، أسوة بالرسل جميعا و برسولنا الكريم صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين.

    5. الفرقة الناجية : يحيون سُنن الرسول صلى الله علسه و سلم في عبادتهم و سلوكهم و حياتهم فأصبحوا غرباءبين قومهم ، كما أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله : "إن الاسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء" (رواه مسلم)

    6. الفرقة الناجية : لا تتعصب إلا لكلام الله و كلام رسوله المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، أما غيره من البشر مهما عَلتْ رتبته ، فقد يخطئ لقوله صلى الله عليه و سلم :" كلّ بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون"

    7. الفرقة الناجية : هم أهل الحديث الذين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيهم : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله " (رواه مسلم)
    و قال الشاعر :
    أهل الحديث همُ أهل النبيِّ و إن
    لم يصحبوا نفسه أنفاسه صَحِبوا

    8. الفرقة الناجية : تحترم الأئمة المجتهدين ، ولا تتعصب لواحد منهم ، بل تأخذ الفقه من القرآن و الأحاديث الصحيحة ، و من أقوالهم جميعا إذا وافق الحديث الصحيح ، و هذا موافق لكلامهم ، حيث أوصوا أتباعهم أن يأخذوا بالحديث الصحيح ، و يتركوا كل قول يخالفه.

    9. الفرقة الناجية تأمر بالمعروف، و تنهى عن المنكر، فهي تنكر الطُرق المبتدعة و الأحزاب الهدامة التي فرقت الأمة ، و ابتدعت في الدين و ابتعدت عن سنة الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه .

    10. الفرقة الناجية تدعو المسلمين أن يكونوا من المتمسكين بسنة الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه حتى يكتب لهم النصر ، و حتى يدخلوا الجنة بفضل الله و شفاعة رسوله صلى الله عليه و سلم (بإذنه عز و جل).

    11. الفرقة الناجية : تنكر القوانين الوضعية التي هي من وَضع البشر ، لمخالفتهم حكم الإسلام ، و تدعو إلى تحكيم كتاب الله الذي أنزله الله لسعادة البشر في الدنيا و الآخرة ، و هو أعلم سبحانهو تعالى بما يصلح لهم ، و هو ثابت لا تتبدل أحكامه على مدى الأيام ، و لا يتطور حسب الزمان ، و إن سبب شقاء العالم عامة و العالم الإسلامي خاصة و ما يلاقيه من متاعب و ذل و هوان – هو تركه الحكم لكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ، و لا عِزّ للمسلمين إلا بالرجوع إلى تعاليم الإسلام أفرادا و جماعات، و حكومات، عملا بقوله تعالى: "إن الله لا يُغيّرُ ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم" (سورة الرعد)

    12. الفرقة الناجية : تدعو المسلمين جكيعا إلى الجهاد في سبيل الله و هو واجب على كل مسلم حسب طاقته و استطاعته، و يكون الجهاد بما يلي :

    أ. الجهاد باللسان و القلم : بدعوة المسلمين و غيرهم إلى التمسك بالإسلام الصحيح ، و التوحيد الخالي من الشرك الذي انتشر في كثير من البلاد الإسلامية ، و الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه و سلم بأنه سيقع بين المسلمين فقال : "لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، و حتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان" (صحيح رواه أبو داود وورد معناه في مسلم)
    ب.الجهاد بالمال : و يكون بالإنفاق على نشر الإسلام ، و طبع الكتب الداعية إليه على الوجه الصحيح ، و يكون بتوزيع المال على المؤلفة قلوبهم من ضعفاء المسلمين لتثبيتهم ، و يكون بتصنيع و شراء الأسلحة ، و المعدات للمجاهدين ، و ما يلزمهم من طعام و كساء و غير ذلك .
    جـ. الجهاد بالنفس : و يكون بالقتال و الاشتراك في الكعارك لنصرة الاسلام ، و لتكون كلمة الله هي العليا ، و كلمة الذين كفروا هي السفلى و قد أشار الرسول الكريم إلى هذه الأنواع فقال : "جاهدوا المشركين بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم " (صحيح رواه أبو داود)

    و حكم الجهاد في سبيل الله على أنواع :
    أ. فرض عين : و يكون ضد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين كفلسطين التي اغتصبها اليهود المجرمون ، فالمسلمون المستطيعون آثمون حتى يُخرجوا اليهود منها ، و يُعيدوا المسجد الأقصى للمسلمين بما يستطيعون من المال أو النفس .

    ب. فرض كفاية : إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الباقين ، و يكون في تبليغ و نقل الدعوة الإسلامية إلى سائر البلاد حتى يحكمها في الإسلام . و من وقف في طريقها قوتل حتى تسير الدعوة في طريقها.


    علامة الفرقة الناجية

    1. الفرقة الناجية : هم قلّة بين الناس ، دعا لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله : "طوبى للغرباء : أناسٌ صالحون ، في أناس سوء كثير، من يَعصيهم أكثر ممن يُطيعهم" (صحيح رواه أحمد)
    و لقد أخبر عنهم القرآن الكريم فقال مادحا لهم : "و قليل من عبادي الشكور" (سورة سبأ)

    2. الفرقة الناجية يُعاديهم الكثير من الناس ، و يَفترون عليهم ، و يُنلبزونهم بالألقاب، و لهم أسوة بالأنبياء الذين قال الله عنهم : " و كذلك جعلنا لكل نبي عدوّا شياطين الإنس و الجن ، يُوحي بعضهم إلى بعض زُخْرف القول غرورا.." (سورة الأنعام)

    و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال عنه قومه : (ساحر كذاب) حينما دعاهم إلى التوحيد ، و كانوا قبل ذلك يسمونه الصادق الأمين .
    3. سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن الفرقة الناجية فقال : هم السلفيون ، و كل من مشى على طريقة السلف الصالح (الرسول و صحابته).

    هذه بعض مناهج و علامة الفرقة الناجية ، و سأتكلم فيالفصول القادة من هذا الكتاب عن عقيدة الفرقة الناجية ، التي هي الطائفة المنصورة ، لنكون على عقيدتها إن شاء الله .


    مَن هي الطائفة المنصورة ؟

    1. قال صلى الله عليه و سلم : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله" (رواه مسلم)

    2. و قال صلى الله عليه و سلم : "إذا فسد أهلُ الشام فلا خير فيكم ، و لا تزال طائفة من أمتي منصورون ، لا يضرّهم من خذلهم حتى تقوم الساعة" (صحيح رواه أحمد)

    3. قال ابن المبارك : هم عندي أصحاب الحديث .

    4. و قال البخاري : قال علي بن المديني : هم أصحاب الحديث .

    5. و قال أحمد بن حنبل : إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم ؟!

    6. إن أهل الحديث هم بحكم اختصاصهم في دراسة السنة و ما يتعلق بها أعلم الناس قاطبة بسنة نبيهم صلى الله عليه و سلم ، و هديه و أخلاقه و غزواته و ما يتصل بها .

    7. يقول الإمام الشافعي يُخاطب الإمام أحمد : "أنتم أعلم بالحديث مني ، فإذا جاءكم الحديث صحيحا فأعلموني به حتى أذهب إليه سواء كان حجازيا أم كوفيا أم بصريا".

    فأهل الحديث - حشرنا الله معهم - لا يتعصبون لقول شخص معين مهما علا و سما حاشا محمدا صلى الله عليه و سلم بخلاف غيرهم ممن لا ينتمي إلى أهل الحديث و العمل به فإنهم يتعصبون لأقوال أئمتهم – و قد نهوا عن ذلك – كما يتعصب أهل الحديث لأقوال نبيهم ، فلا عجب أن يكون أهل الحديث هم الطائفة المنصورة ، و الفرقة الناجية !

    8. يقول الخطيب البغدادي في كتابه : "شرف أصحاب الحديث" :
    "و لو أن صاحب الرأي شُغل بما ينفعه من العلوم ، و طلب سنن رسول رب العالمين لوجد ما يغنيه عن سواه ، لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد ، و بيان ما جاء من وجوه الوعد و الوعيد ، و صفات رب العالمين ، و الإخبار عن صفة الجنة و النار ، و ما أعد الله فيها للمتقين و الفجار ، و ما خلق الله في الأرضين و السموات ... و في الحديث قصص الأنبياء و أخبار الزهاد و الأولياء و المواعظ البلغاء ، و كلام الفقهاء ، و خطب الرسول و معجزاته ، و فيه تفسير القرآن العظيم ، و ما فيه من النبأ و الذكر الحكيم ، و أقاويل الصحابة في الأحكام المحفوظة عنهم ، و قد جعل الله أهل "الحديث" أركان الشريعة ، و هدم بهم كل بدعة شنيعة ، فهم أُمناء الله في خليقته ، و الواسطة بين النبي و أمته ، و المجتهدون في حفظ متنه ، أنوارهم زاهرة ، و فضائلهم سائرة ، و كل فئة تتحيّز إلى هوى ترجع إليه ، و تستحسن رأيا تعكف عليه سوى أصحاب الحديث ، الكتاب عُدتهم و السنة حُجتهم و الرسول فِئتهم و إليه نسبتهم ، لا يلتفتون إلى الآراء ، من كابدهم قصمه الله ، و من عاداهم خذله الله ".

    اللهم اجعلنا من أهل الحديث ، و ارزقنا العمل به ، و محبة أهله ، و مناصرة العاملين به.
    قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]
  • الجمان
    كبار الشخصيات "درة التحفيظ 2"
    • Dec 2000
    • 9839

    #2
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    نسأل الله أن يرزقنا السير على منهاج هذه الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة..

    جزاك الله خير الجزاء أختي الحبيبه فكم نحتاج ونحتاج في هذا الزمن الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن وكثرة العقائد الفاسدة،،
    نحتاج للعودة الصادقة الى نهج السلف الصالح الذي قوامه الكتاب والسنة..

    بارك الله فيك ونتطلع إلى المزيد..






    اللهم اجعل لي من كل همٍ فرجاً
    ومن كل ضيق مخرجاً
    وارزقني من حيث لاأحتسب

    تعليق

    • زوجة داعية
      كبار الشخصيات
      • Aug 2002
      • 7536

      #3




      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاك الله خيراً وبارك فيك , كتاب مهم ومختصر وسهل قرأته من زمن طويل عندما كنت صغيرة لسهولته واختصاره
      نسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا من أهل هذه الطائفة المنصورة ويثبتنا على الحق حتى نلقاه ..





      ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) الأنفال: 30
      نصركم الله ياأبطال حمـاس
      والحقُ ممتحنٌ ومنصورٌ فلا ..... نجزع فتلك سنة الرحمن .
      ومازلتُ أنتظر وأتطلع لأخبار أختي الحبيبة السلفيّة

      تعليق

      • حمامة الجنة
        "قلم ذهبي " كبار الشخصيات
        • Sep 2002
        • 12045

        #4
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
        ما شاء الله كتيب قيّم بكل معنى الكلمة..
        جعلنا الله وإياكم من تلك الفرقة ورزقنا الثبات ..
        بانتظار التكملة بارك الله فيكِ ووفقكِ لكل خير ..
        أؤمن كثيراً.. بأن المساحة الفاصلة بين السماء والأرض.. وبين الحلم والواقع.. مجرد دعاء..

        تعليق

        • مسرّة
          كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
          • Oct 2002
          • 7381

          #5
          و إياكن جزاكن الله خيرا و بارك فيكن أخواتي :

          الجمان

          زوجة داعية

          حمامة الجنة

          تعليقات طيبة جعلها الله في موازين حسناتكن
          قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

          تعليق

          • مسرّة
            كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
            • Oct 2002
            • 7381

            #6
            التوحيد و أنواعه

            التوحيد هو إفراد الله بالعبادة التي خلق الله العالم لأجلها .
            قال الله تعالى : "و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون" (1) (سورة الذاريات)
            أي يوحدوني في العبادة و يفردوني في الدعاء
            ______________________________

            (1) الآية ردّ على من يزعم أن العالم خُلق لأجل محمد صلى الله عليه و سلم.
            ________________________________

            و أنواع التوحيد الآتية مأخوذة من القرآن الكريم :
            1. توحيد الرب: هو الاعتراف بأن الله هو الرب و الخالق، و قد اعترف بهذا الكفار ، و لم يدخلهم ذلك في الإسلام ، قال تعالى : "و لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " (سورة الزخرف) ، و قد أنكر الشيوعيون وجود الرب فكانوا أشد كفرا من كفار الجاهلية.

            2. توحيد الإله : هو توحيد الله بأنواع العبادات المشروعة ، كالدعاء و الاستعانة و الطواف و الذبح و النذر و غيرها ، و هذا النوع هو الذي حجده الكفار ، و كانت فيه الخصومة بين الأمم و رسلهم منذ نوح عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه و سلم ، و قد حث القرآن الكريم في أكثر سوره عليه ، و على دعاء الله وحده ، ففي سورة الفاتحة نقرأ "إياك نعبد و إياك نستعين " و معناها نخصّك بالعادة ، فندعوك وحدك ، و لا نستعين بغيرك ، و توحيد الإله يشمل إفراده في دعائه ، و الحكم بقرآنه ، و الاحتكام إلى شرعه ، و كله داخل في قوله تعالى : "إنني أنا الله ، لا إله إلا أنا فاعبدوني"(سورة طه)

            3. توحيد الأسماء و الصفات : هو الإيمان بكل بكل ما ورد في القرآن الكريم و الحديث الصحيح ، من صفات الله التي وصف بها نفسه ، أو وصف بها رسوله صلى الله عليه و سلم على الحقيقة من غير تأويل و لا تكييف و لا تفويض، كالاستواء و النزول ، و اليد و المجيء، و غيرها من الصفات ، نفسرها بما ورد عن السلف، فالاستواء مثلا ورد تفسيره عن التابعين في صحيح البخاري بأنه العلو و الارتفاع اللذان يليقان بجلاله قال الله تعالى : "ليس كمثله شيء و هو السميع البصير" (سورة الشورى)

            أ. التاويل : هو صرف ظاهر الآيات و الأحاديث الصحيحة إلى معنى آخر باطل مثل استوى بمعنى استولى.
            ب. التعطيل : هو جحد صفات الله و نفيها عنه كعلوّ الله على السماء فقد زعمت الفرق الضالة أن الله في كل مكان .
            جـ. التكييف : هو تكييف صفات الله ، و أن كيفيتها كذا فعلوّ الله على العرش لا يشبه مخلوقاته و لا يعلم كيفيته أحد إلا الله .
            د . التمثيل : هو تمثيل صفات الله بصفات خلقه ، فلا يقال : ينزل الله إلى السماء كنزولنا ، و حديث النزول رواه مسلم.
            و من الكذب نسبة هذا التشبيه إلى شيخ الاسلام ابن تيمية ، إذ لم نجده في كتبه بل وجدنا نفيه للتمثيل و التشبيه.
            هـ . التفويض : عند السلف في الكيف لا في المعنى ، فالاستواء مثلا معناه العلو الذي لا يعلم كيفيته إلا الله.

            معنى لا إله إلا الله
            (لا معبود بحق إلا الله)

            فيها نفي الإلهية عن غير الله ، و إثباتها لله وحده.

            1. قال الله تعالى : "فاعلم أنه لا إله إلا الله " (سورة محمد)
            فالعلم بمعناها واجب و مقدم على سائر أركان الإسلام.

            2. و قال صلى الله عليه و سلم : " من قال لا إله إلا الله مُخلِصا دخل الجنة" (صحيح رواه أحمد)
            و المخلص هو الذي يفهمها و يعمل بها و يدعو إليها قبل غيرها ، لأن فيها التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله.

            3. و قال رسول الله صلى الله عله و سلم لعمه أبي طالب حين حضره الموت : (( "يا عم قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاجّ لك بعا عند الله "، و أبى أن يقول لا إله إلا الله )) (رواه البخاري و مسلم).

            4. بقي الرسول صلى الله عليه و سلم في مكة ثلاثة عشر عاما، يدعو العرب قائلا : قولوا لا إله إلا الله ، فقالوا إلها واحدا ! ما سمعنا بهذا ؟
            لأن العرب فهموا معناها ، و أن من قالها لا يدعو غير الله ، فتركوها و لم يقولوها ، قال الله تعالى عنهم : " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون، و يقولون إئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ؟ بل جاء بالحق و صدّق المرسلين" (سورة الصافات).
            و قال صلى الله عليه و سلم : "من قال لا إله إلا الله و كفر بما يُعبد من دون الله ، حرُم ماله و دمهُ " ( رواه مسلم)
            و معنى الحديث أن التلفظ بالشهادة يستلزم أن يكفر و يُنكر كل عبادة لغير الله ، كدعاء الأموات و غيره.
            و الغريب أن بعض المسلمين يقولونها بألسنتهم ، و يخالفون معناها بأفعالهم و دعائهم لغير الله !!!

            5. "لا إله إلا الله " أساس التوحيد و الإسلام ، و منهج كامل للحياة ، يتحقق بتوجيه كل أنواع العبادة لله ، و ذلك إذا خضع المسلم لله ، و دعاه وحده ، و احتكم لشرعه دون غيره.

            6. قال ابن رجب : "الإله" هو الذي يطاع ولا يُعصى هيبة و إجلالا، و محبة و خوفا و رجاء ، و توكلا عليه ، و سؤالا منه ، و دعاء له ، و لا يصلح هذا كله إلا لله عز و جل ، فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي خصائص الإله ، كان ذلك قدحا في إخلاصه في قوله :"لا إله إلا الله "، و كان فيه من عبودية المخلوق، بحسب ما فيه من ذلك".

            7. إن كلمة "لا إله إلا الله" تنفع قائلها إذا لم ينقضها بشرك، فهي شبيهة بالوضوء الذي ينقضه الحدث.
            قال صلى الله عليه و سلم : "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" (حسن رواه الحاكم)

            معنى محمد رسول الله

            الإيمان بأنه مرسل من عند الله ، فنصدقه فيها أخبر، و نطيعه فيما أمر، و نترك ما نهى عنه و زجر، و نعبد الله بما شرع.

            1. يقول الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب النبوة ما نصه : الأنبياء عليهم السلام كان أول دعوتهم و أكبر هدفهم في كل زمان و في كل بيئة، هو تصحيح العقيدة فيالله تعالى، و تصحيح الصلة بين العبد و ربه و الدعوة إلى إخلاص الدين لله، و إفراد العبادة لله وحده ، و أنه النافع الضار، المستحق للعبادة و الدعاء و الالتجاء و النسك (الذبح) له وحده، و كانت حملتهم مركزة موجهة إلى الوثنية في عصورهم ، الممثلة بصورة واضحة في عبادة الأوثان و الأصنام ، و الصالحين المقدسين من الأحياء و الأموات.

            2. و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له ربه: "قل لا أملك لنفسي نفعا و لا ضرا إلا ما شاء الله ، و لو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ، و ما مسّني السوء، إنْ أنا إلا نذيرٌ و بشيرٌ لقوم يُؤمنون" (سورة الأعراف)
            و قال صلى الله عليه و سلم :" لا تُطروني كما أطرَتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدٌ فقولواعبد الله و رسوله" (رواه البخاري)
            و الإطراء هو الزيادة و المبالغة في المدح ، فلا ندعوه من دون الله كما فعلت النصارى في عيسى ابن مريم ، فوقعوا في الشرك ، و علمنا أن نقول "محمد عبد الله و رسوله".

            3. إن محبة الرسول صلى الله عليه و سلم تكون بطاعته في دعاء الله وحده و عدم دعاء غيره و لو كان رسولا أو وليا مقربا.
            قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا سألت فاسألِ الله ، و إذا استعنت فاستعنْ بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
            و كان صلى الله عليه و سلم إذا نزل به همٌّ أو غمٌّ قال: "يا حيّ يا قيوم برحمتك أستغيث" (حسن رواه الترمذي)
            و رحم الله الشاعر حين قال :
            الله أسأل أن يفرج كربَا فالكرب لا يمحوه إلا الله

            إياك نعبد و إياك نستعين
            (نخصك بالعبادة و الدعاء و الاستعانة وحدك)

            1. ذكر علماء العربية أن الله تعالة قدم المفعول به "إياك" على الفعل "نعبد و نستعين" ليخص العبادة و الاستعانة به وحده، و يحصرها فيه دون سواه.

            2. إن هذه الآية التي يكررها المسلم عشرات المرات في الصلاة و خارجها ، هي خلاصة سورة الفاتحة، و هي خلاصة القرآن كله.

            3. إن العبادة في هذه الآية تعم العبادات كلها مثل الصلاة و النذر و الذبح و لا سيما الدعاء لقوله صلى الله عليه و سلم: "الدعاء هو العبادة". (رواه الترمذي و قال حسن صحيح).
            فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لرسول و لا لولي فكذك الدعاء عبادة ، بل هو لله وحده "قل إنما أدعو ربي و لا أشرك به أحدا" (سورة الجن)

            4. و قال صلى الله عليه و سلم : "دعوة ذي النون إذ دعا بها و هو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنا من الظالمين" (صححه الحاكم ووافقه الذهبي)
            لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.

            استعن بالله وحده

            قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا سألت فاسال الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)

            1. يقول الإمام النووي و الهيتمي في تفسير هذا الحديث ما خلاصته : إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا و الآخرة فاستعن بالله ، لا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها غير الله ، كشفاء المرض و طلب الرزق و الهداية، فهي مما اختص الله بها وحده ، قال تعالى: " و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو" (سورة الأنعام)

            2. من أراد حجة فالقرآن يكفيه ، و من أراد مغيثا فالله يكفيه ، و من أراد واعظا فالموت يكفيه ، و من لم يكفه شيء من ذلك فإن النار تكفيه، قال تعالى :" أليس الله بكاف عبده" (سورة الزمر)

            3. يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في الفتح الرباني: "سلوا الله و لا تسألوا غيره، استعينوا بالله و لا تستعينوا بغيره ، ويحك بأيّ وجه تلقاه غدا ، و أنت تُنازعه في الدنيا ، مُعرض عنه ، مُقبل على خلقه، مُشرك به ، تُنزل حوائجك بهم. و تتكل بالمهمات عليهم. ارفعوا الوسائط بينكم و بين الله ، فإن وقوفكم معها هَوَس، لا مُلك و لا سُلطان و لا غِنى و لا عزّ إلا للحق عز و جل . كن مع الحق بلا خَلْق " (أي كن مع الله بدعائه بلا واسطة من خلقه).

            4. الاستعانة المشروعة : أ تستعين بالله على حل مشاكلك و الاستعانة الشركية : أن تستعين بغير الله كالأنبياء و الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين ، فهم لا يملكون نفعا و لا ضرا و لا يسمعون الدعاء و لو سمعوا ما استجابوا لنا كما حكى القرآن عنهم ذلك.
            أما الاستعانة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه من بناء مسجد أو أخذ مساعدة مالية و غير ذلك ، فهي جائزة لقول الله تعالى : "و تعاونوا على البر و التقوى" (سورة المائدة)
            و قوله صلى الله عليه و سلم : "و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" (رواه مسلم)
            و من أمثلة الاستعانة الجائزة من الأحياء قول الله تعالى : "فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه" (سورة القصص)
            و قول الله تعالى في طلب ذي القرنين: "فاعينوني بقوة" (سورة الكهف)

            الرحمن على العرش استوى

            لقد وردت آيات و أحاديث و أقوال السلف تـثـبت العُلوَّ لله :

            1. قال الله تعالى : " إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه" (سورة فاطر)

            2. و قال الله تعالى : " ذي المعارج تعرج الملائكة و الروح إليه" (سورة المعارج)

            3. و قال الله تعالى : " سبح اسم ربك الأعلى" (سورة الأعلى)

            4. نقل البخاري في كتاب التوحيد عن أبي العالية و مجاهد في تفسير :"ثم استوى إلى السماء" أي علا و ارتفع.

            5. و قال الله تعالى : " الرحمن على العرش استوى" (1) (سورة طه) ، أي علا و ارتفع كما جاء في تفسير الطبري.

            6. خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم عرفة في حجة الوداع قائلا : "ألا هل بلغت؟" قالوا نعم ، يرفع أصبعه إلى السماء و يُنكّبها (2) إليهم و يقول :"اللهم اشهد" (رواه مسلم)

            7. و قال صلى الله عليه و سلم : "إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش" (رواه البخاري) .

            8. و قال صلى الله عليه و سلم : "إلا تأمنوني و أنا أمين من في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحا و مساء" (متفق عليه)

            9. و قال الأوزاعي : كنا و التابعون متوافرون نقول : إن الله جل ذكره فوق عرشه ، و نؤمن بما وردت به السنة من صفاته (رواه البيهقي بإسناد صحيح- فتح الباري) .

            10. و قال الشافعي : " إن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء ، و أن الله ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء. (أخرجه الهكاوي في عقيدة الشافعي).

            11. و قال أبو حنيفة : من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر ، لأن الله يقول : "الرحمن على العرش استوى" و عرشه فوق سبع سموات ، فأن قال إنه على العرش ، و لكن يقول : لا أدري العرش في السماء أم في الأرض ؟ قال : هو كافر ، لأنه أنكر أنه في السماء ، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر لأن الله أعلى عليين ، و هو يُدعى من أعلى لا من أسفل . (شرح العقيدة الطحاوية 322)

            12. سئل الإمام مالك عن كيفية استواء الله على عرشه فقال : "الاستواء معلوم ، و الكيف مجهول ، و الإيمان به واجب ، و السؤال عنه بدعة(أي عن كيفيته) أخرجوا هذا المبتدع.

            13 . لا يجوز تفسير استوى بمعنى استولى ، لعدم ورود ذلك عن السلف فطريقتهم أسلم و أعلم و أحكم.
            قال ابن قيم الجوزية : لقد أمر الله اليهود أن يقولوا "حِطّة" فقالوا "حنطة" تحريفا ، و أخبرنا الله أنه "استوى على العرش" فقال المتأولون : "استولى" فانظر ما أشبه لامهم التي زادوها بنون اليهود التي زادوها. (نقله محمد أمين الشنقيطي عن ابن قيم الجوزية).
            قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

            تعليق

            • مسرّة
              كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
              • Oct 2002
              • 7381

              #7
              أهمية التوحيد

              1. لقد خلق الله العالم لعبادته ، و أرسل الرسل ليدعوا الناس إلى توحيده ، و هذا القرآن الكريم يهتم بعقيدة التوحيد في أكثر سوره، و يبين ضرر الشرك على الفرد و الجماعة ، و هو سبب الهلاك في الدنيا ، و الخلود في نار الآخرة .

              2. إن الرسل جميعا بدأوا دعوتهم إلى التوحيد الذي أمرهم الله بتبليغه للناس ، قال تعالى : "و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" (سورة الأنبياء)
              و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم بقي ثلاثة عشر عاما في مكة، و هو يدعو قومه إلى توحيد الله و دعائه وحده دون سواه ، و كان فيما أنزل الله عليه: "قل إنما أدعو ربي و لا أشرك به أحدا" (سورة الجن)
              و يُربي الرسول صلى الله عليه و سلم أتباعه على التوحيد منذ الصغر :
              فيقول لابن عمه عبد الله بن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعن بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
              و هذا التوحيد هو حقيقة دين الإسلام الذي بُني عليه، و الذي لا يقبل الله من أحد سواه.

              3. لقد علم رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه أن يـبدؤوا دعوتهم للناس بالتوحيد ، فقال لمعاذ حينما أرسله إلى اليمن : "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله " و في رواية "أن يوحدوا الله " (متفق عليه)

              4. إن التوحيد يتمثل في شهادة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، و معناها لا معبود بحق إلا الله ، و لا عبادة إلا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و هي التي يدخل بها الكفار الإسلام ، لأنها مفتاح الجنة ، و تُدخل صاحبها الجنة إذا لم ينقضها بعمله .

              5. لقد عرض كفار قريش على رسول الله صلى الله عليه و سلم الملك و المال و الزواج و غيرها من متع الحياة مقابل أن يترك دعوة التوحيد و مهاجمة الأصنام فلم يرض منهم ذلك ، بل استمر في دعوته يتحمل الأذى مع صحابته إلى أن انتصرت دعوة التوحيد بعد ثلاثة عشر عاما، و فتحت مكة بعد ذلك ، و كسرت الأصنام ، و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : "جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" (سورة الإسراء)

              6. التوحيد وظيفة المسلم في الحياة فيبدأ حياته بالتوحيد ، و يودّعها بالتوحيد ، ووظيفته في الحياة إقامة التوحيد و الدعوة إلى التوحيد ، لأن التوحيد يوحد المؤمنين ، و يجمعهم على كلمة التوحيد ، فنسأل الله أن يجعل كلمة التوحيد آخر كلامنا من الدنيا .

              من فضل التوحيد

              1. قال الله تعالى : "الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مُهتدون" (سورة الأنعام)
              عن عبد الله بن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين ، و قالوا أينا لم يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( ليس ذلك ، إنما هو الشرك ، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه : "يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظم عظيم ")) (متفق عليه)
              فهذه الآية تبشر المؤمنين الموحدين الذين لم يُلبسوا إيمانهم بشرك، فابتعدوا عنه ، أنّ لهم الأمن التام من عذاب الله في الآخرة ، و أولئك هم المهتدون في الدنيا .

              2. و قال صلى الله عليه و سلم :" الإيمان بضع و ستون شعبة : فأفضلها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق" (رواه مسلم)

              3. جاء في كتاب "دليل المسلم في الاعتقاد و التطهير" لفضيلة الشيخ عبد الله خياط ما يلي :
              التوحيد يسبب السعادة و يُكفّر الذنوب
              المرء بحكم بشريته و عدم عصمته قد تنزلق قدمه، و يقع في معصية الله ، فإذا كان من أهل التوحيد الخالص من شوائب الشرك فإن توحيده لله ، و إخلاصه في قول لا إله إلا الله يكون أكبر عامل في سعادته و تكفير ذنوبه و محو سيئاته ، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أن محمدا عبده و رسوله ، و أن عيسى عبد الله و رسوله و كلمته القاها إلى مريم و روح منه و الجنة حقّ و النار حقّ ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" (رواه البخاري و مسلم)
              أي إن جملة هذه الشهادات التي يشهدها المسلم بهذه الأصول تستوجب دخوله دار النعيم، و إنْ كان في بعض أعماله مآخذ و تقصيرات ، كما جاء في الحديث القدسي : قال الله تعالى : "يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقـُـراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" (حسن رواه الترمذي و الضياء)
              المعنى لو أتيتني بما يقارب ماء الأرض ذنوب و معاصي، غير أنك مت على التوحيد لغفرت لك ذنوبك.
              و جاء في حديث آخر : "من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، و من لقيه يُشرك به شيئا دخل النار"
              و كل هذه الأحاديث يتضح منها فضل التوحيد و أنه أكبر عامل لسعادة العبد و أعظم وسيلة لتكفير ذنوبه و محو خطاياه.

              من فوائد التوحيد

              إن التوحيد الخالص إذا تحقق في حياة فرد أو جماعة حقق أطيب الثمرات ، و من ثمراته:
              1. تحرير الإنسان من العبودية و الخضوع لغير الله من أشياء و مخلوقات لا يخلقون شيئا و هم يُخْـلـَـقـُـون ، و لا يملكون لأنفسهم ضرا و لا نفعا ، و لا يملكون موتا و لا حياة و لا نشورا ، فالتوحيد تحرير للإنسان من كل عبودية إلا لربه الذي خلقه فسواه، تحرير لعقله من الخرافات و الأوهام ، و تحرير لضميره من الخضوع و الذل و الاستسلام، و تحرير لحياته من تسلط الفراعنة و الأرباب و الكهنة و المتألّهين على عباد الله ، و لهذا قاوم زعماء الشرك و طغاة الجاهلية دعوات الأنبياء عامة و دعوة الرسول صلى الله عليه و سلم خاصة ، لأنهم كانوا يعلمون معنى "لا إله إلا الله" إعلان عام لتحرير البشر و إسقاط للجبابرة عن عروشهم الكاذبة و إعلاء لجباه المؤمنين التي لا تسجد إلا لله رب العالمين .

              2. تكوين الشخصية المتزنة : فالتوحيد يساعد على تكوين الشخصية المتزنة التي تميزت في الحياة ِوجْهتها ، و توحدت غايتها فليس لها إلا إله واحد تتجه إليه في الخلوة و الجلوة ، و تدعوه في السراء و الضراء ، بخلاف المشرك الذي تقسمتْ قلبه الآلهم و المعبودات ، فمرة يتجه إلى الأحياء و مرة يتجه إلى الأموت ، و من هنا قال يوسف عليه السلام :
              "يا صاحبي السجن أأرباب مُتفرّقون خيرٌ أم الله الواحد القهار" فالمؤمن يعبد إلها واحدا عرف ما يُرضيه و استراح قلبه ، و المشرك يعبد آلهة عديدة ..هذا يأخذه إلىاليمين و هذا يأخذه إلى اليسار و هو بينهم مُشتت لا قرار له.

              3. التوحيد مصدر لأمن الناس : لأنه يملأ نفس صاحبه أمنا و طمأنينة ، فلا يخاف غير الله ، و قد سدّ منافذ الخوف على الرزق و النفس و الأهل ، و الخوف من الإنس و الجن و الموت و غيرها من المخاوف ، و المؤمن الموحد لا يخاف أحدا إلا الله ، و لهذا تراه آمنا إذا خاف الناس مطمئنا إذا قلق الناس و لهذا المعنى أشار القرآن الكريم بقوله : "الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، أولئك لهم الأمن و هم مهتدون" (سورة الأنعام)
              و هذا الأمن ينبع من ذاخل النفس ، لا من حراسة الشرطة و هذا أمن الدنيا ، و أما أمنُ الآخرة فهو أعظم و أبقى ، لأنهم أخلصوا لله و لم يخلطوا توحيدهم بشرك، لأن الشرك ظلم عظيم.

              4. التوحيد مصدر لقوة النفس لأنه يمنح صاحبه قوة نفسية هائلة لما تمتلئ به نفسه من الرجاء في الله ، و الثقة به و التوكل عليه، و الرضا بقضائه و الصبر على بلائه ، و الاستغناء عن خلقه، فهو راسخ كالجبل ، فإذا نزلت به مصيبة سأل ربه كشفها، ولم يسأل الأموات ذلك ، شعاره قوله صلى الله عليه و سلم :"إذا سألت فاسأل الله، و إذا استعنت فاستعنْ بالله" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
              و قوله تعالى:"و إن يمسَسْك الله بضرّ فلا كاشف له إلا هو" (سورة الأنعام)

              5. التوحيد أساس الإخاء و المساواة: لأنه لا يسمح لأتباعه أن يَتَّخِذ بعضهم بعضا أربابا من ذون الله ، فالألوهية لله وحده و العبادة من الناس جميعا ، و على رأسهم محمد رسله و مصطفاه صلى الله عليه و سلم.

              أعداء التوحيد

              قال الله تعالى : "و كذلك جعلنا لكل نبيّ عدوّا شياطين الإنس و الجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زُخرف القول غُرورا" (سورة الأنعام)
              اقتضت حكمة الله أن يجعل للأنبياء و دعاة التوحيد أعداء من شياطين الجن يوسوسون لشياطين الإنس بالضلال و الشر و الأباطيل ليضلوهم و يصدوهم عن التوحيد الذي دعت إليه الأنبياء أقوامها إليه أوّلاً ، لأنه الأساس الذي تبنى عليه الدعوة الإسلامية ، و الغريب أن بعض الناس يعتبرون الدعوة إلى التوحيد تفريق للأمة بينما هو توحيد لها ، فإن اسمه دال عليه.
              أما المشركون الذين اعترفوا بتوحيد الربوبية، و أن الله خالقهم، قد أنكروا توحيد الألوهية في دعاء الله وحده، و لم يتركوا دعاء أوليائهم و قالوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي دعاهم إلى توحيد الله في العبادة و الدعاء :
              "أجعل الآلهم إلها واحداً إنّ هذا لشيء عُجاب" (سورة ص)
              و قال تعالى عن الأمم السابقة: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوْا به بل هم قوم طاغون" (سورة الذاريات)
              و صفات المشركين أنهم إذا سمعوا دعاء الله وحده اشمأزت قلوبهم و نفرت فكفروا و أنكروا ، و إذا سمعوا الشرك و دعاء غير الله فرحوا و استبشروا ، و قد وصف الله هؤلاء المشركين بقوله :"وإذا ذ ُكِرَ الله وحده اشمأزّت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة و إذا ذ ُكِرَ الذين من دونه إذا هُم يسْتـَبشرون " (سورة الزمر)
              و قال تعالى يصف المشركين الذين ينكرون التوحيد : "ذلكم بأنه إذا دُعِيَ الله وحده كفرتم و إن يُشْرك به تُؤمنوا فالحكمُ لله العَليّ الكبير" (سورة غافر)
              و هذه الآيات و إن كانت في حق الكفار فإنها تنطبق على كل من اتصف بصفاتهم ممن يدَّعون الإسلام و يحاربون دعاة التوحيد و يفترون عليهم و يلقبونهم بأسماء منفرّة ليصدوا الناس عنهم ، و يُنفروهم من التوحيد الذي بعث الله الرسل من أجله ، و من هؤلاء من يسمع طلب الدعاء من الله فلا يخشع و إذا سمع الدعاء من غير الله كطلب المدد من الرسول أو الأولياء خشع و استبشر !!! فبئس ما يفعلون.


              موقف العلماء من التوحيد
              إن العلماء ورثة الأنبياء و أول ما دعى إليه الأنبياء هو التوحيد الذي ذكره الله بقوله : "و لقد بعثنا في كُلِّ أُمَّة رَسولاً إنِ اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت" (سورة النحل)
              (و الطاغوت هو كل ما عُبد من دون الله برضاه)
              و لذلك يجب على العلماء أن يـبدؤوا بما بدأت به الرسل فيدعوا الناس إلى توحيد الله في جميع أنواع العيادة و لا سيما الدعاء الذي قال فيه صلى الله عليه و سلم:"الدعاء هو العبادة" (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
              و أكثر المسلمين اليوم وقعوا في الشرك و دعاء غير الله و هو سبب شقائهم و شقاء الأمم السابقة الذين أهلكهم الله بسبب دعائهم لأوليائهم من دون الله.
              إن موقف العلماء من التوحيد و محاربة الشرك على أقسام :
              1. القسم الأول فهموا التوحيد و أهميته و أنواعه و عرفوا الشرك و أقسامه فقاموا بواجبهم و بـيـَّـنـُوا للناس التوحيد و الشرك و حجتهم القرآن الكريم و السنة الصحيحة ، و قد تعرض هؤلاء العلماء –كما تعرض الأنبياء- إلى اتهامات كاذبة فصبروا و لم يتراجعوا و شعارهم قوله تعالى :" و اصبر على ما يقولون و اهجرهم هجرا جميلا " (سورة المزمل)
              و قديما أوصى لقمان الحكيم ولده قائلا :"يا بُنيَّ أقم الصلاة و أمُرْ بالمعروف و أنهَ عن المنكر و اصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. (سورة لقمان)

              2. و القسم الثاني من العلماء أهملوا الدعوة إلى التوحيد الذي هو أساس الاسلام ، فراحوا يدعون الناس إلى الصلاة و الحكم و الجهاد دون أن يصححوا عقائد المسلمين ، و كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى :"ولو أشركوا لَحَبِطَ هنهم ما كانوا يعملون" (سورة الأنعام)
              و لو قدموا التوحيد قبل غيره كما فعلت الرسل لنجحت دعوتهم و نصرهم الله كما نصر الرسل و الأنبياء :
              قال الله تعالى:" وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات لَـيَـسْـتـَـخْلِفنـّهُم في الأرض كما استخلف الذين قبلهم و ليُمكّـننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليُبَدِّلنـَّـهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يُشركون بي شيئا و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" (سورة النور)
              فالشرط الأساسي للنصر هو التوحيد .

              3. و القسم الثالث من العلماء و الدعاة تركوا الدعوة إلى التوحيد ، و مُحاربة الشـِّـرك خوفا من مهاجمة الناس لهم ، أو خوفا على وظائفهم و مراكزهم فكتموا العلم الذي أمرهم الله بتبليغه للناس ، و حق عليهم قوله تعالى : "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهُدى من من بعد ما بَيّـنـَّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون" (سورة البقرة)
              و قال تعالى في حق الدعاة :"الذين يُـبَلّغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحدا إلا الله" (سورة الأحزاب)
              وقال صلى الله عليه و سلم :" مَن كتم عِلماً ألجمَه الله بلِجام من نار" (صحيح رواه أحمد)

              4. القسم الرابع من العلماء و المشايخ مَن يعارض الدعوة إلى توحيد الله في دعائه وحده ، و عدم دعاء غير الله من الأنبياء و الأولياء و الأموات لأنهم يجيزون ذلك و يصرفون الآيات الواردة في التحذير من دعاء غير الله في حق المشركين وأنه لا يوجد أحد من المسلمين داخل في الشرك و كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى: "الذين آمنوا و لم يَلـْبـِسُوا إيمانهم بظُلم أولئك لهُم الأمن و هم مُهتدون" (سورة الأنعام)
              و الظلم معناه هنا الشرك ، بدليل قوله تعالى: "إن الشرك لظلم عظيم" (سورة لقمان)
              فالشرك حسب الآية قد يقع فيه المسلم و المؤمن كما هو واقع الآن في كثير من البلاد الإسلامية و هؤلاء الذين يبيحون للناس دعاء غير الله و الدفن في المساجد و الطواف حول القبور و النذور للأولياء و غيرها من البدع و المنكرات .. قد حذر الرسول صلى الله عليه و سلم منهم فقال : "إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين" (صحيح رواه الترمذي)
              و أجاب أحد مشايخ الأزهر السابقين على سؤال حول جواز الصلاة إلى قبر فقال :لماذا لا تجوز الصلاة إلى القبر و هذا رسول الله في المسجد و الناس يصلون إلى قبره !
              بينما الرسول صلى الله عليه و سلم لم يدفن في مسجده و دُفِن في بيت عائشة رضي الله عنها و قد نهى عن الصلاة إلى القبور و من دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم :"اللهم إني أعوذ بك من عِلم لا ينفع" (رواه مسلم) أي لا أعلمه غيري و لا أعمل به و لا يبدل من أخلاقي .

              5. الناس الذين أخذوا بكلام مشايخهم و أطاعوهم في معصية الله خالفوا قول رسولهم صلى الله عليه و سلم : "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (صحيح رواه أحمد)
              و سوف يندمون يوم القيامة على طاعتهم ، حيث لا ينفعهم الندم . قال تعالى : يصف عذاب الكافرين و من سار على طريقتهم: "يوم تـُـقلـّبُ وُجوههم في النار ، يقولون ياليتنا أطعنا الله و أطعْنا الرسولا ، و قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكُبَراءنا فأضلونا السبيلا ، ربنا آتنا ضعفين من العذاب و الـْـعَنـْـهم لعْنا كبيرا" (سورة الأحزاب)
              قال ابن كثير في تفسير الآية : أي اتبعنا الأمراء و الكبراء من المشيخة و خالفنا الرسل ، و اعتقدنا أن عندهم شيئا ، و أنهم على شيء فإذا هم ليسوا على شيء.
              قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

              تعليق

              • مسرّة
                كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
                • Oct 2002
                • 7381

                #8
                ما معناها وهابيّ ؟

                اعتاد الناس أن يُطلقوا كلمة وهابي على كل من يخالف عاداتهم و معتقداتهم و بدعهم ، و لو كانت هذا المعتقدات فاسدة تخالف القرآن الكريم و الأحاديث الصحيحة لا سيما الدعوة إلى التوحيد و دعاء الله وحده دون سواه :
                كنت أقرأ على شيخ حديث لبا عباس في الأربعين النووية و هو قوله صلى الله عليه و سلم : إذا سألتَ فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله " (رواه الترمذي و قال حديث حسن)
                فأعجبني شرح النووي حين قال : "ثم إن كانت الحاجة التي يسألها ، لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه ، كطلب الهداية و العلم .. و شفاء المرض و حصول العافية سأل ربه ذلك ، و أما سؤال الخلق و الاعتماد عليهم فمذموم" فقلت للشيخ هذا الحديث و شرحه يفيد عدم جواز الاستعانة بغير الله ، فقال لي : بل يجوز !!! قلت و ما دليلك ؟ فغضب الشيخ و صاح قائلاً : إن عمتي تقول يا شيخ سعد (و هو مدفون في مسجده تستعين به) فأقول لها يا عمتي و هل ينفعك الشيخ سعد ؟ فتقول : أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني !!!
                فقلت له : إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب ثمّ تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة ! فقال لي عندك أفكار وهابية أنت تذهب للعمرة و تأتي بكتب وهابية !!!
                و كنت لا أعرف شيئا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ : فيقولون عنهم : الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء و كراماتهم ، ولا يحبون الرسول ، و غيرها من الاتهامات الكاذبة ! فقلت في نفسي إن كانت الوهابية تؤمن بالاستعانة بالله وحده ، و أن الشافي هو الله وحده ، فيجب أن أتعرف عليها ، سألت عن جماعتها فقالوا لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس لإلقاء دروس في التفسير و الحديث و الفقه ، فذهبت إليهم مع أولادي و بعض الشباب المثقف ، فدخلنا غرفة كبيرة و جلسنا ننتظر الدرس ، و بعد فترة دخل علينا شيخ كبير في السن فسلم علينا و صافحنا جميعا مبتدئا بيمينه ثم جلس على مقعد و لم يقم له أحد ، فقلت في نفسي هذا شيخ متواضع لا يحب القيام .
                بدأ الشيخ الدرس بقوله : إن الحمد لله نحمد و نستعينه و نستغفره . إلى آخر الخطبة التي كان الرسول صلى الله عليه و سلم يفتتح بها خطبه و دروسه ثم بدأ يتكلم باللغة العربية و يورد الأحاديث و يبين صحتها و راويها و يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم كلما ذكر اسمه ، و أخيرا وُجِّهت له الأسئلة المكتوبة على الأوراق فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن و السنة ، و يناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلا ، و قد قال في آخر درسه : الحمد لله على أننا مسلمون و سلفيون (و هم الذين يتبعون طريقة السلف الصالح : الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته) ، و بعض الناس يقولون إننا وهابيون فهذا تنابز بالألقاب و قد نهانا الله عن هذا بقوله : "ولا تنابزوا بالألقاب" (سورة الحجرات)
                و قديما اتهموا الامام الشافعي بالرّفض فردّ عليهم قائلا:
                إنْ كان رفضا حبّ إل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي
                و نحن نرد على من يتهمنا بالوهابية بقول أحد الشعراء :
                إنْ كان تابعُ أحمدٍ مُتوهِّبا فأنا المقِرُّ بأنني وهّابي
                و لما انتهى خرجنا مع بعض الشباب معجبين بعلمه و تواضعه و سمعت أحدهم يقول : هذا هو الشيخ الحقيقي !!!

                معنى وهابي :
                أطلق أعداء التوحيد على الموحد كلمة "وهابي" نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب ، و لو صدقوا لقالوا "محمدي" نسبة إلى اسمه محمد ، و شاء الله أن تكون "وهابي" نسبة إلى الوهاب و هو اسم من أسماء الله الحسنى .
                فإن كان الصوفي ينتسب إلى جماعة يلبسون الصوف ، فإن الوهابي ينتسب إلى الوهاب و هو الله الذي وهب له التوحيد و مكنه من الدعوة إليه.


                محمد بن عبد الوهاب

                ولد في بلدة العُيَيْنة في نجد سنة 1115 هـ حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة و تعلم على والده الفقه الحنبلي و قرأ الحديث و التفسير على شيوخ من مختلف البلاد و لا سيما في المدينة المنورة و فهم التوحيد من الكتاب و السنة ، وراعه ما رأى في بلده "نجد" و البلاد التي زارها من الشرك و الخرافات و البعد و تقديس القبور التي تتنافى مع الاسلام الصحيح فقد سمع النساء في بلده يتوسلن إلى فحل النخل و يقلن :"يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحول" ! و رأى في الحجاز من تقديس قبور الصحابة و أهل البيت و الرسول ما لا يسوغ إلا الله ، فقد سمع في المدينة استغاثات بالرسول و دعائه من دون الله مما يخالف القرآن و كلام الرسول قال تعالى : "و لا تدع من دون الله ما لا ينفعك و لا يضرك فإنْ فعلت فإنك إذا من الظالمين " (أي المشركين) (سورة يونس) ­
                و الرسول صلى اللع هليه و سلم يقول لابن عمه عبد الله بن عباس : "إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله " (رواه الترمذي و قال حسن صحيح)
                قام الشيخ يدعو قومه للتوحيد و دعاءالله وحده ، لأنه هو القادر و الخالق ، و غيره عاجز عن دفع الضر عن نفسه و غيره ، و أن محبة الصالحين تكون باتباعهم لا باتخاذهم وسائط بينهم و بين الله و دعائهم من دون الله !!

                1. وقوف المبطلين ضده : وقف المبتدعون ضد دعوة التوحيد التي تبناها الشيخ ، و لا غرابة فقد وقف أعداء التوحيد في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم و قالوا مستغربين : "أجعل الله الآلهم إله واحدا إن هذا لشيء عجاب" (سورة ص)
                و بدأ أعداء الشيخ يحاربونه ، و يشيعون عنه الأكاذيب و يتآمرون على قتله و الخلاص من دعوته و لكن الله حفظه ، و هيأ له من يساعده حتى انتشرت دعوةالتوحيد في الحجاز و البلاد الاسلامية و مازال بعض الناس إلى يومنا هذا يشيعون الأكاذيب و يقولون إنه ابتدع مذهبا خامسا ، مع أن مذهبه حنبلي ، و يقولون: الوهابيون لا يحبون الرسول و لا يصلون عليه ! مع أن الشيخ رحمه الله له كتاب " مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم) و هذا دليل على حبه للرسول صلى الله عليه و سلم ، و قد افتروا عليه الأكاذيب التي سيحاسبون عليها يوم القيامة ، و لو درسوا كتبه بإنصاف لوجدوا فيها القرآن و الحديث و أقوال الصحابة ، حدثني رجل صادق أن أحد العلماء كان يحذر في دروسه من الوهابية فأعطاه أحد الحاضرين كتابا بعد أن نزع اسم المؤلف "محمد بن عبد الوهاب" فقرأه و أعجبه و لما علم بمؤلفه بدأ يمدحه.

                2. ورد في الحديث: "اللهم بارك لنا في شامنا و في يمننا ، قالوا و في نجدنا ، قال : من هنا يطلع قرنُ الشيطان" (رواه البخاري و مسلم)
                ذكر ابن حجر العسقلاني و غيره من العلماء أن النجد الوارد في الحديث هو نجد العراق ، فقد ظهرت الفتن هناك حيث قتل الحسين بن علي رضي الله عنه خلافا لما يظنه بعض الناس أن المراد نجد الحجاز حيث لم يظهر فيها شيء من الفتن التي ظهرت في العراق بل ظهر من نجد الجحاز التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله ، و الذي من أجله أرسل الله الرسل .

                3. ذكر بعض العلماء المنصفين أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو من مجددي القون الثاني عشر الهجري، و قد ألفوا كتبا عنه ، و من هؤلاء المؤلفين الشيخ علي الطنطاوي أخرج سلسلة عن أعلام التاريخ ، ذكر منهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، و أحمد بن عرفان ذكر فيه أن عقيدة التوحيد وصلت إلى الهند و غيرها بواسطة الحجاج المسلمين الذين تأثروا بها في مكة ، فقام الانجليز و أعداء الاسلام يحاربونها ، لأنها توحد المسلمين ضدهم و أوعزوا إلى المرتزقة أن يُشوهوا سُمعتها فأطلقوا على كل موحّد يدعو للتوحيد كلمة "وهابي" و أرادوا به المبتدع ليصرفوا المسلمين عن عقيدة التوحيد التي تدعو إلى دعاء الله وحده ، و لم يعلم هؤلاء الجهلة أن كلمة "وهابي" نسبة إلى "الوهاب" و هو اسم من أسماء الله الذي وهب له التوحيد و وعده بالجنة .
                قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

                تعليق

                • من رياض الجنة
                  عضو نشيط
                  • Jan 2006
                  • 257

                  #9
                  ................. الشيخ محمد بن جميل زينو ......................

                  قرأت في المنتدى أن الشيخ الله هداه من الصوفيةإلى منهج السنة والجماعة !!

                  سؤال : هل هذا صحيح ؟؟؟؟!!!!

                  تعليق

                  • مسرّة
                    كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
                    • Oct 2002
                    • 7381

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة من رياض الجنة
                    ................. الشيخ محمد بن جميل زينو ......................

                    قرأت في المنتدى أن الشيخ الله هداه من الصوفيةإلى منهج السنة والجماعة !!

                    سؤال : هل هذا صحيح ؟؟؟؟!!!!
                    أختي -سدد الله خطاك- و هل تحسبين أننا ننشر أغاليط عن الناس ..

                    و يذكر الشيخ شطرا من قصة هدايته في هذا الكتاب الذي أنقله و ذكر ذلك كان في آخر شطر نقلته أمس ... و له كتاب : "كيف اهتديت إلى التوحيد و الصراط المستقيم"
                    قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

                    تعليق

                    • شعلولة الشرقية
                      عضو نشيط
                      • Feb 2006
                      • 415

                      #11
                      أثابك الله أخت مسرة ..
                      وأسعدك الله في الدارين...

                      تعليق

                      • مسرّة
                        كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
                        • Oct 2002
                        • 7381

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة شعلولة الشرقية
                        أثابك الله أخت مسرة ..
                        وأسعدك الله في الدارين...
                        آمين و لك بالمثل أختي
                        قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

                        تعليق

                        • مسرّة
                          كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
                          • Oct 2002
                          • 7381

                          #13
                          معركة التوحيد و الشرك

                          1. إن معركة التوحيد مع الشرك قديمة منذ زمن الرسول نوح عليه السلامحينما دعا قومه إلى عبادة الله وحده و ترك عبادة الأصنام ، و بقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما و هو يدعوهم للتوحيد فكان ردهم كما ذكر القرآن :"وقالوا لا تذرُنّ ودّا ولا سُواعا و لا يغوث و يعوق و نسرا و قد أضلوا كثيرا " (سورة نوح )
                          روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في نفسير هذه الآية قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا و سموهم بأسمائهم ففعلوا و لم تُعبد ، حتى هلك أولئك و نُسيَ العلم عُبِدتْ (أي الأحجار و الأنصاب التي ه التماثيل)

                          2. ثم جاء الرسل بعد نوح يدعون قومهم إلى عبادة الله وحده ، و ترك ما يعبدون من دونه من الآلهة التي لا تستحق العبادة ، فاسمع إلى القرآن و هو يحدثك عنهم فيقول: "و إلى عادٍ أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون" (سورة الأعراف)
                          "و إلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (سورة هود)
                          "إلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (سورة هود)
                          "و إذ قال إبراهيم لأبيه و قومه إنني براءٌ مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين" (سورة الزخرف)
                          و كان ردّ المشركين على جميع الأنبياء بالمعارضة و الاستنكار لما جاءوا به ، و محاربتهم بكل ما يستطيعون من قوة.

                          3. و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الذي كان معروفا عند العرب قبل البعثة بالصادق الأمين لما دعاهم إلى عبادة الله و توحيده و ترك ما كان يعبد آباؤهم نسوا صدقه و أمانته و قالوا "ساحر كذاب" و هذا القرآن يحكي ردهم فيقول : "و عجبوا أن جاءهم منذرٌ منهم و قال الكافرون هذا ساحر كذاب، أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عُجاب"(سورة ص)
                          "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون اتواصوا به ؟ بل هم قوم ٌ طاغون" (سورة الذاريات)
                          هذا موقف الرسل جميعا من الدعوة إلى التوحيد ، و هذا هو موقف أقوامهم المكذبين المفترين .

                          4. و في عصرنا الحاضر حينما يدعو المسلم إخوانه إلى الأخلاق و الصدق و الأمانة لا تجد معارضا له ، فإذا قام يدعو إلى التوحيد الذي دعت إليه الرسل و هو دعاء الله وحده و عدم دعاء من سواه من الأنبياء و الأولياء الذين هم عباد الله ..قام الناس يعارضونه و يتهمونه يتهم كاذبة و يقولون عنه "وهابي" ! ليصدوا الناس عن دعوته، و إذا جاءهم بآية فيها توحيد قال قائلهم : "هذه آية وهابية" !!
                          و إذا جاءهم بحديث : ".. و إذا استعنتَ فاستعن بالله " قال بعضهم :"هذا حديث وهابي" !!
                          و إذا وضع المصلي يديه على صدره أو حرّك اصبعه في التشهد كما فعل الرسول صلى الله عليه و سلم قال الناس عنه وهابي !!
                          فأصبح الوهابي رمزا للموحد الذي يدعو ربه وحده و يتبع سنة نبيه ، و الوهابي منسوب للوهاب –و هو اسم من أسماء الله- الذي وهب له التوحيد و هو أكبر نعمة من الله على الموحدين .

                          5. على دعاة التوحيد أن يصبروا و يتأسوا برسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قال له ربه: "و اصبر على ما يقولون و اهجرهم هجرا جميلا" (سورة المزمل)
                          "فاصبر لحكم ربك و لا تطع منهم آثما أو كفورا" (سورة الإنسان)

                          6. على المسلمين أن يقبلوا دعوة التوحيد و يحبوا دعاته لأن التوحيد دعوة الرسل عامة و دعوة رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم ، فمن أحب الرسول صلى الله عليه و سلم أحب دعوة التوحيد و من أبغض التوحيد فقد أبغض الرسول صلى الله عليه و سلم.

                          إن الحكم إلا لله

                          خلق الله العالم لعبادته وحده، و أرسل لهم الرسل لتعليمهم و أنزل مع الرسل الكتب ليحكم بالحق و العدل بينهم ، و هذا الحكم يتمثل في كلام الله و كلام رسوله صلى الله عليه و سلم و يشمل الحكم في العبادات و المعاملات و العقائد و التشريع و السياسة ، و غيرها من أمور البشر.

                          1. الحكم في العقيدة : أول ما بدأ به الرسل دعوتهم هم تصحيح العقائد، و دعوة الناس للتوحيد ، فهذا يوسف عليه السلام في السجن يدعو صاحبيه إلى التوحيد عندما سألاه تعبير الرؤيا ، و قبل أن يجيبهما قال لهما :"ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار؟ ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إنِ الحكم إلا لله أمرَ ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون" (سورة يوسف)

                          2. الحكم في العبادات : يجب أن نأخذ أحكام العبادات من صلاة و زكاة و حج و غير ذلك من القرآن و الحديث الصحيح عملا بقوله صلى الله عليه و سلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" (متفق عليه)
                          و قوله صلى الله عليه و سلم :" خذوا عني مناسككم" (رواه مسلم)
                          و عملا بقول الأئمة المجتهدين:"إن صح الحديث فهو مذهبي"
                          فإذا اختلفت الأئمة في أمر من الأمور فلا نتعصب لقول أحد إلا لمن معه الدليل الصحيح الذي لا أصل له من الكتاب و السنة.

                          3. الحكم في المعاملات من بيع و شراء و قرض و إجارة و غيرها يكون الحكم فيها لله و لرسوله ، لقوله تعالى :"فلا و ربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرج مما قضيت و يُسلموا تسليما" (سورة النساء)
                          و قد ذكر المفسرون سبب نزولها و هو أن رجلين اختلفا في السقاية فحكم الرسول صلى الله عليه و سلم للزبير أن يسقي فقال رجل حكمتَ له لأنه ابن عمتـك ! فنزلت الآية (رواه البخاري)

                          4. الحكم في الحدود و القصاص لقوله تعالى: "و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن و الجروح قصاص.." إلى قوله :"و مَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (سورة المائدة)

                          5. الحكم لله في التشريع لقوله تعالى :"شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا و الذي أوحينا إليك" (سورة الشورى)
                          و قد أنكر الله على المشركين إعطاء حق التشريع لغير الله فقال :
                          "أم لهم شُركاء شَرعوا لهم من الدين ما لم يأذنْ به الله"(سورة الشورى)

                          الخلاصة

                          يجب على المسلمين أن يحكموا بالكتاب و السنة الصحيحة، و يتحاكموا إليها في كل شيء عملا بقوله تعالى: "وأنِ احكمْ بينهم بما أنزل الله" (سورة المائدة)
                          و قوله صلى الله عليه و سلم : "و ما تحكُمْ أئمتهم بكتاب الله و يتخيَّروت مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" (حسن رواه ابن ماجه و غيره)
                          و على المسلمين أن يُلغوا القوانين الأجنبية من بلادهم كالقوانين الفرنسية و الانجليزية و غيرهما مما يخالف حكم الاسلام و أن لا يلجؤوا إلى المحاكم التي تحكم بقوانين تخالف الاسلام و أن يتحكموا إلى الاسلام عند مَن يثـقون به من أهل العلم فذلك خير لهم ، لأن الاسلام ينصفهم و يعدل بينهم و يوفر عليهم المال و الوقت الذي يضيع في المحاكم المدنية بلا فائدة تـُـذكر ، إضافة إلى العذاب الأكبر يوم القيامة لأنه أعرض عن حكم الله العادل و لجأ إلى حكم المخلوق الظالم.

                          العقيدة أولاً إو الحاكمية ؟

                          أجاب الداعية الكبير محمد قطب على هذا في محاضرة ألقاها في دار الحديث بمكة المكرمة ، و هذا نص السؤال :

                          س – البعض يقول إن الإسلام سيعود من قبل الحاكمية و البعض الآخر يقول : سيعود الاسلام عن طريق تصحيح العقيدة و التربية الجماعية ، فأيهما أصح ؟

                          ج- من اين تأتي حاكمية هذا الدين في الأرض إن لم يكن دعاة يصححون العقيدة و يؤمنون إيمانا صحيحا و يُبتلون في دينهم فيصبرون ، و يجاهدون في سبيل الله فـيُـحَكِّم دين الله في الأرض قضية واضحة جدا ، ما يأتي الحاكم من السماء ، ما يتنزل من السماء و كل شيء يأتي من السماء،لكن بجهدِ من البشر ، فرضه الله على البشر: قال تعالى:"و لو يشاء الله لانتصرَ منهم، و لكن لِيَـبلـُـوَ بعضكم ببعض" (سورة محمد)
                          لا بد أن نبدأ بتصحيج العقيدة و تربية جيل على العقيدة الصحيحة ، جيل يُبتلى فيصبر على البلاء كما صبر الجيل الأول.
                          قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

                          تعليق

                          • مسرّة
                            كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
                            • Oct 2002
                            • 7381

                            #14
                            الشرك الأكبر و أنواعه

                            الشرك الأكبر أن تجعل لله ندا (مثيلا) تدعوه كما تدعو الله أو تصرف له نوعا من أنواع العبادة ، كالاستغاثة أو الذبح أو النذر أو غيرها ، و في الصحيحين عن ابن مسعود سألت النبي صلى الله عليه و سلم أي الذنب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله ندا و هو خلقك" (رواه البخاري و مسلم) ، و الندّ هو المثيل و الشريك .

                            أنواع الشرك الأكبر

                            1. شرك الدعاء : و هو دعاء غير الله من الأنبياء و الأولياء لطلب الرزق أو شفاء المرض، لقوله تعالى : "و لا تدْعُ من دون الله ما لا ينفعك و لا يضُرك فإنْ فعلت فإنك إذا من الظالمين" (أي المشركين بالله) (سورة يونس)
                            و لقوله صلى الله عليه و سلم :"من مات و هو يدعو من دون الله ندّا دخل النار" (رواه البخاري)
                            و الدليل على أن دعاء غير الله من الأموات أو الغائبين شرك قوله تعالى : "و الذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إنْ تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم و لو سمعوا ما استجابوا لكم و يوم القيامة يكفرون بشرككم و لا يُنبئـُـك مثـل خبير" (سورة فاطر)
                            2. الشرك في صفات الله : كالاعتقاد بأن الأنبياء أو الأولياء يعلمون الغيب قال الله تعالى : "و عنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو" (سورة الأنعام)
                            3. شرك المحبة : و هو محبة الأولياء و غيرهم كمحبة الله لقوله تعالى: "و من الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله و الذين آمنوا أشد حبا لله" (سورة البقرة)
                            4. شرك الطاعة: و هو طاعة العلماء و المشايخ في المعصية مع اعتقادهم جواز ذلك لقوله تعالى : "اتخذوا أحبارهم و رُهبانهم أربابا من دون الله" (سورة التوبة)
                            و قد فسرت العبادة بطاعتهم في المعصية بتحليل ما حرّم الله و تحريم ما أحل الله .
                            قال صلى الله عليه و سلم :"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (صحيح رواه أحمد)
                            5. شرك الحلول : و هو الاعتقاد بأن الله حل في مخلوقاته و هذه عقيدة ابن عربي الصوفي المدفون بدمشق حتى قال :
                            الرّبّ عبدٌ و العبدُ ربّ يا ليتَ شِعري مَن المكلفُ ؟
                            و قال شاعر آخر صوفي يعتقد الحلول:
                            و ما الكلب و الخنزير إلا إلهنا و ما الله إلا راهبٌ في كنيسة
                            6- شرك التصرف : و هو اعتقاد أن بعض الأولياء لهم تصرفات في الكون يدبرون أموره ، يسمونهم الأقطاب مع أن الله تعالى يسأل المشركين الأقدمين قائلا : "من يدبّر الأمر فسيقولون الله" (سورة يونس)
                            7. شرك الخوف : و هو الاعتقاد بأن لبعض الأولياء الأموات أو الغائبين تصرّفـاً و ضررًا يسبب الخوف منهم و هذا اعتقاد المشركين الذي حذر منه القرآن بقوله : "أليس الله بكاف عبده و يُخوّفونك بالذين من دونه" (سورة الزمر)
                            أما الخوف من الحيوان المفترس و الظالم الحي فجائز و ليس بشرك.
                            8. شرك الحاكمية : و هو الذي يصدر القوانين المخالفة للاسلام و يجيزها ، أو يرى عدم صلاحية حكم الاسلام ، و يشمل الحاكم و المحكوم ، و ذلك إذا اعتقدها المحكوم و رضي بها.
                            9. الشرك الأكبر يحبط العمل ، لقوله تعالى : "و لقد أوحيَ إليكَ و إلى الذين من فبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك و لتكونن من الخاسرين" (سورة الزمر)
                            10. الشرك الأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة و ترك الشرك كله ، قال تعالى : "إن الله لا يغفر أن يُشرك به و يَغفر ما دون ذلك لمن يشاء و من يُشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا" (سورة النساء)
                            11. و للشرك أنواع كثيرة ، منها الأكبر و الأصغر .. يجب الحذر منها ، و قد علمنا الرسول صلى الله عليه و سلم أن نقول : "اللهم إنا نعوذ ُ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه و نستغفرك لما لا نعلم" (رواه أحمد بسند حسن)


                            مَثل مَن يدعو غير الله

                            1. قال الله تعالى:"يا أيها الناس ضُرب مثلٌُ فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا و لو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذون منه ضعف الطالب و المطلوب" (سورة الحج)
                            يخاطب الله الناس جميعا أن يستمعوا لهذا المثل العظيم قائلا لهم : إن هؤلاء الأولياء و الصالحين و غيرهم الذين تدعونهم عند الشدائد ليساعدوكم لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك ، بل هم عاجزون أن يخلقوا شيئا من المخلوقات كالذباب و إذا أراد الذباب أن يسلب شيئا من طعامهم أو شرابهم لا يستطيعون أن يُخلّصوه منه ما أخذ منهم و هذا دليل على ضعفهم ، و ضعف الذباب ، فكيف تدعونهم من دون الله ؟! و هذا مثل فيه إكار شديد على من يَدعو غير الله من الأنبياء و الأولياء !!
                            2. قال الله تعالى : "له دعوة ُ الحق و الذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفـّـيْه إلى الماء ليبلغ فاه و ما هو ببالغه و ما دعاء الكافرين إلا ضلال" (سورة الرعد)
                            تفيد هذه الآية أن الدعاء الذي هو العبادة يجب أن يكون لله وحده ، و هؤلاء الذين يدعون غير الله لا ينتفعون منهم و لا يستجيبون لهم بشيء مَثـلهم في ذلك مثل الذي يقف على طرف البئر ليتناول الماء منه بيده، فلا يستطيع .
                            و قال مجاهد : يدعو الماء بلسانه و يشير إليه فلا يأتيه أبدا.(ذكره ابن كثير)
                            ثم حكم الله على الذين يدعون غير الله بالكفر و أن ذعاءهم ضلال في قوله تعالى:"و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال".
                            فاحذر يا أخي المسلم أن تدعوا غير الله فتكفر و تضل، و ادع الله وحده القادر، حتى تكون من المؤمنين الموحدين.
                            قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

                            تعليق

                            • مسرّة
                              كبار الشخصيات "مبتكرة ماهرة"
                              • Oct 2002
                              • 7381

                              #15
                              كيف ننفي الشرك بالله

                              إن نفي الشرك بالله تعالى لا يتم إلا بنفي ثلاثة أنواع من الشرك :
                              1. الشرك في أفعال الرب: و ذلك بأن يعتقد أن مع الله خالقا أو مدبرًا آخر، كاعتقاد بعض الصوفية بأن الله سلـَّـم بعض مقاليد الأمور إلى بعض أوليائه من الأقطاب لتدبيرها ! و هذا الاعتقاد لم يقله المشركون قبل الاسلام حين سألهم الله تعالى:"و من يدبّر الأمرَ فسيقولون الله" (سورة يونس)
                              قرأت في كتاب "الكافي في الرد على الوهابي" و مؤلفه صوفي قال فيه: "إن لله عبادًا يقولون للشيء كن فيكون"
                              و القرآن يكذبهم قائلا: "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كُنْ فيكون" (سورة يس)
                              و قال تعالى :"ألا له الخَلق و الأمر" (سورة الأعراف)

                              2. الشرك في العبادة و الدعاء : و هو أن يعبد و يدعو مع الله غيره من الأنبياء و الصالحين كالاستغاثة بهم و دعائهم عند الشدائد أوالرخاء، و هذا مع الأسف كثير في هذه الأمة ، و يحمل وزره الأكبر بعض المشايخ الذين يؤيدون هذا النوع من الشرك باسم التوسل ، يُسمونه بغير اسمه ، لأن التوسل طلب من الله بغير واسطة و هذا الذي يفعلونه طلب من غير الله كقولهم :"المدد يا رسول الله ، يا جيلاني يا بدوي ...الخ".
                              و هذا الطلب عبادة لغير الله لأنه دعاء لقوله صلى الله عليه و سلم : "الدعاء هو العبادة" (رواه الترمذي وقال حسن صحيح)
                              و المدد لا يطلب إلا من الله لقوله تعالى : "يُمددكم ربّكم بأموال و بنين" (سورة نوح)

                              3. و من الشرك في العبادة شرك الحاكمية إذا اعتقد الحاكم أو المحكوم عدم صلاحية حكم الله ، أو أجاز الحكم بغيره.

                              4. الشرك في الصفات : و ذلك بأن يصف بعض خلقه من الأنبياء و الأولياء و غيرهم ببعض الصفات الخاصة بالله عز و جل كعلم الغيب مثلاً ، و هذا النوع منتشر بين الصوفية و من تأثر بهم كقول البويصيري يمدح النبي صلى الله عليه و سلم :
                              فإن من جودك الدنيا و ضرَّتها و من علومك علم اللوح و القلم
                              و من هنا جاء ضلال بعض الدجالين الذين يزعمون رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم يقظة ، و يسألونه عما خفي عليهم من بواطن نفوس من يخالطونهم و يريدون تأميرهم في بعض شؤونهم و رسول الله صلى الله عليه و سلم ما كان ليعلم مثل ذلك في حل حياته كما حكمى القرآن عنه بقوله:"و لو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرتُ من الخير و ما مسَّـنيَ السوء" (سورة الأعراف)
                              فكيف يعلم ذلك الغيب بغد وفاته و انتقاله إلى الرفيق الأعلى ؟
                              و حين سمع الرسول صلى الله عليه و سلم إحدى الجواري تقول: "و فينا نبي يعلم ما في غد" فقال لها : "دعي هذا و قولي بالذي كنتِ تقولين" (رواه البخاري)
                              و الرسل قد يطلعهم الله على بعض المغيبات ، لقول الله تعالى :" عالِمث الغيب لا يُظهر على غيبه أحدا إلا مَنِ ارتضى من رسول" (سورة الجن)


                              مَن هو المُوحَّد ؟

                              هذه الأنواع الثلاثة من الشرك من نفاها عن الله ، فوحده في ذاته و في عبادته و دعائه و في صفاته ، فهو الموحِّد الذي تشمله كا الفضائل الخاصة بالموحدين ، و من أثبت نوعا3 منها ، فلا يكون مُوحَّدا ، بل ينطبق عليه قوله تعالى: "و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون" (سورة الأنعام)
                              "لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكوننّ من الخاسرين" (سورة الزمر)
                              و إذا تاب و نفى الشريك مع الله فيكون من الموحّدين .

                              اللهم اجعلنا من الموحّدين لا تجعلنا من المشركين.


                              الشرك الأصغر و أنواعه

                              كل وسيلة يمكن أن تؤدي للشرك الأكبر ، و لم تبلغ رتبة العبادة ، و لا يخرج فاعله من الاسلام و لكنه من الكبائر:
                              1. الرياء اليسير : و التصنع للمخلوق ، كالمسلم الذي يعمل لله و يصلي لله ، و لكنه يُحسن صلاه و عمله ليمدحه الناس، قال تعالى : "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يُشْرك بعبادة ربه أحدا"
                              و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء ، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين تـُـراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" (صحيح رواه أحمد)

                              2. الحلف بغير الله لقوله صلى الله عليه و سلم : " مَن حَلفَ بغير الله فقد أشرك" (صحيح رواه أحمد)
                              و قد يكون الحلف بغير الله من الشرك الأكبر ، و ذلك إذا اعتقد الحالف أن الولي له تصرفات يضره إذا حلف به كذباً.

                              3. الشرك الخفي : و فسره ابن عباس بقول الرجل لصاحبه : "ما شاءالله و شئت .....)
                              و مثله : لولا الله و فلان ، و يجوز أن نقول : "لولا الله ثم فلان"
                              و قال صلى الله عليه و سلم : "لا تقولوا ما شاء الله و شاء فلان و لكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان" (صحيح رواه أحمد و غيره)
                              قَال مُحَمَّد بْن يحيى الذهلي سألت عَبد اللَّهِ بْن دَاوُد عَنِ التوكل، فَقَالَ: أرى التوكل حسن الظن بالله ) [تهذيب الكمال]

                              تعليق

                              يعمل...