PDA

View Full Version : (تأملات في حرم الله 8-8) الأخير






أسيرة الغربة
17-07-2003, 02:02 AM
ذكرت فيما سبق إجمال حدود الحرم ، والتي تشملها الأحكام السابقة ، وحدود الحرم ذكرها غير واحد ، كالأزرقي في أخبار مكة ، وكذا الشيخ ابن منيع في مجموع فتاواه . وحدود الحرم :
1- التنعيم : في طريق المدينة الغربي ، وهو أدنى الحل . ويبعد عن الكعبة مسافة ثلاثة أميال . وهو الذي أحرمت منه عائشة رضي الله عنها لعمرتها في حجة الوداع .
2- الحديبية : في طريق جدة . وهو أبعد الحل .
3- أضاءة لبن : في طريق اليمن .
4- ذات السليم : في طريق عرفات والطائف واليمن من جهة جبل كرا . وقد قدمت بأن عرفات ليست من الحرم . ومنى داخل حدوده .
5- المقطع أو الصفاح : في طريق نجد والعراق .
6- المستوفرة : في طريق الجعرانة .
وقد قامت لجنة بالتعرف على أبعاده ووضع علامات له ، كان فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع ضمن تلك اللجنة .
والحرم -بحمد الله- معروف الآن بحدود وعلامات واضحة ، فجزا الله ولاة الأمر في بلاد الحرمين وعلماءنا خير الجزاء ، وهداهم إلى الحق وثبتهم عليه .

بقي من مباحث هذا الموضوع ما يتعلق بماء زمزم ، والكلام على ماء زمزم يتضمن أموراً :
أولاً- ماء زمزم تكرمة من الله تعالى لأمنا هاجر وابنها أبينا إسماعيل عليهما السلام ، وقد قدمت حديث ابن عباس في الصحيح ، وفيه جاء ذكر سبب تسميتها بزمزم . ثم كانت منقبة لجد النبي صلى الله عليه وسلم شيبة الحمد المعروف بعبد المطلب ؛ إذ جددها في قصة معروفة ذكرها أهل السير والتاريخ .

ثانياً- ماء زمزم أشرف مياه الدنيا وأفضلها .
وقد قدم أبو ذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ومكث أربعين ليس له طعام إلا ماء زمزم ، يقول رضي الله عنه : (فسمنت حتى تكسرت عكن بطني)! ، و في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ((إنها طعام طعم)) أخرجه مسلم . وجاء عند الطيالسي والبزار وغيرهما زيادة : ((وشفاء سقم)) وقد صححها المنذري والهيثمي رحمها الله .
والاستشفاء بماء زمزم ثابت في النقل -بما قدمت- وفي الواقع المشاهد . يقول ابن القيم رحمه الله : وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة ، واستشفيت به من عدة أمراض ، فبرأت بإذن الله .. أ.هـ
قلت : وقد سمعت الطبيب الفاضل د. خالد الجبير استشاري جراحة القلب يذكر قصة عايشها بنفسه عن فتاة كان معها فشل كلوي-نسأل الله السلامة- وقد قرر لها إجراء زراعة كلية من أمها ، وأن أباها أخذها إلى مكة ولم يجعل لها أكلاً ولا شرباً إلا ماء زمزم ، وكان نتاج ذلك أن مَنَّ الله عليها بالشفاء التام !! ، فسبحان الله العظيم !!
ذكر د. خالد هذه القصة في شريط له بعنوان (أسباب منسية) .
ومما ينبغي أن ينتبه له في هذا المقام بأن الشفاء بيد الله تعالى ، وأن الاستشفاء بماء زمزم وغيره إنما هي أسباب ، والأمر بيد الله تعالى ، فلا بد من بذل السبب مع التوكل على الله تعالى واللجوء إليه ؛ إذ بيده تعالى الشفاء وحده لا شريك له .
وينتبه أيضاً إلى أنه ينبغي الإيمان التام بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء زمزم وأنها طعام طعم وشفاء سقم ، وعليه فعندما يستعمله الواحد منا يوقن في نفسه بالشفاء بإذن الله تعالى ، ولا يأخذ هذا من باب التجربة ، كما يقول بعضهم : (إذا ما نفع ما ضر) ،، لا ، بل فيه المنفعة بإذن الله تعالى .

ثالثاً- ماء زمزم لما شرب له ، جاء هذا في حديث أخرجه ابن ماجه وضعفه غير واحد بعبد الله بن المؤمل ، والصواب أن الحديث حسن محتج به . وقد ذُكر أن ابن المبارك عندما حج أتى زمزم ثم قال : اللهم إن ابن أبي الموال حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه عن نبيك صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((ماء زمزم لما شرب له)) ، وإني أشربه لظمأ يوم القيامة .
قلت : ابن أبي الموال هو عبد الرحمن ، وأبو الموال اسمه زيد ، قال عنه الحافظ : صدوق ربما أخطأ .
والحديث قد رواه ابن المؤمل -كما قدمت- وتابعه عليه ابن أبي الموال عن ابن المنكدر عن جابر .
وتابع ابن المنكدر عليه عن جابر أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس أحد الثقات ، رواه عنه إبراهيم بن طهمان وهو ثقة وإن كانت عنده تفردات، وأخرج رواية أبي الزبير هذه البيهقي في سننه . ولذا يرتقي الحديث بمتابعاته .
والحديث قد صححه الحاكم والمنذري والدمياطي ، وحسنه ابن القيم وابن حجر .
ومن هنا فيستحب عند الشرب من ماء زمزم الدعاء بخيري الدنيا والآخرة .

رابعاً- يسن لمن أتم طواف الإفاضة في الحج أن يشرب من ماء زمزم ويتضلع منه-أي يشرب شرباً كثيراً- ؛ كما فعل صلى الله عليه وسلم .

خامساً- هل يجوز نقل ماء زمزم ؟
جاء في حديث عائشة عند الترمذي وحسنه أنها رضي الله عنها كانت تحمل من ماء زمزم ، وتخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمله . وجاء عند البخاري في التاريخ الكبير-وهو كتاب في التراجم وليس هو بالجامع الصحيح- عن عائشة رضي الله عنها أنها حملت ماء زمزم في القوارير ، وقال : حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداوى والقرب ، فكان يصب على المرضى ويسقيهم .
وعليه فيجوز نقل ماء زمزم من مكة .

سادساً- ماء زمزم ماء مبارك ، وقد اختلف العلماء رحمهم الله : هل يجوز رفع الحدث-وضوء أو غسل- ، وإزالة الخبث والاستنجاء بماء زمزم ؟
المسألة فيها أقوال ما بين التحريم والكراهة والحل ، وبين التفريق بين رفع الحدث وإزالة الخبث . والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يكره استعممال ماء زمزم لرفع الحدث أو إزالة الخبث .
ولعل الأحوط تركه إن وجد غيره ؛ لشرفه . والله تعالى أعلم .

هذا ما تيسر لي جمعه في هذه التأملات ، وأسأل الله تعالى أن يمن علي وعليكم بالقبول ، وأن يحفظ حرمه ومن ورائه بلاد المسلمين آمناً مطمئناً سخاء رخاء ، إنه سميع قريب مجيب ، والحمد لله رب العالمين ...

بقلم الأخ الفاضل همام
جزاه الله عنا كل خير

الكروان غنى
17-07-2003, 03:01 AM
بارك الله فيك وفى الاخ همـام وجزاكم الله عنا كل الجزاء

أمل وضياء
18-07-2003, 10:24 PM
بارك الله فيك يا أخيّه ..وجزى كاتبها خير الجزاء .

أسيرة الغربة
20-07-2003, 01:53 PM
وفيكن أخواتي الفاضلات ...

همام
21-08-2003, 07:20 AM
أخواتي الفاضلات ..
أسيرة الغربة ..

الكروان غنى ..

شمس الحق ..

بارك الله فيكن ..
وها أنا ذا قد عدت وزال ما كان مانعاً من مباشرة الكتابة ..
أشكر لأختنا أسيرة الغربة تعاونها معي ، و أسأل الله أن يوفقني وإياكم لصالح القول والعمل ...