PDA

View Full Version : شعراء ولكن!!






وفاء العميمي
23-07-2001, 11:39 AM
(شاركوني متعة قراءة هذا المقال الذي وصلني بالبريد لعبد اللطيف الزبيدي)


رأيت شعراء اليوم لا يولون حياتنا اليومية قطمير أهمية، كأنّهم في المرّيخ. أحداث الساحة غائبة عنهم. هم عن أحداث الساعة في غفلة. بينما شعراؤنا العظام القدامى، لم يكونوا يتركون شعرة أو بعرة إلاّ وشرّفوها بأبيات أو قصيدة.
قلت: والله لأدعون خمسة من الكبار إلى ندوة، دعوة بلا تذاكر، نتذاكر فيها ما خفي وما ظهر من قضايا الساعة، فهؤلاء لم يصابوا بفيروس الرقابة ولا بفقدان مناعة الشجاعة المكتسبة.
تماشياً مع النظرة العربية الثاقبة، والرؤية الواضحة. أفسحت المجال لأبي العلاء المعري، ليرينا كيف يرى الأشياء. وإذا بشاعر المعرّة يضرب عشرين عصفوراً بأربعة أبيات، طرح فيها قضايا الغفلة سياسياً، وإهمال اللغة اصطلاحياً بمراكمة المصطلحات في ما لا طائل من ورائه، وقد تعمّد ساخراً إدخال بيت لطرفة، في اللامية الشهيرة:
ألا في سبيل المجد ما أنا فاعلُ؟
ففي كلّ حل صار عندي مشاكلُ
أهمّ قضايا أمتي قد نسيتها
وتشغلني عنها أمور نوافلُ
فذلك جوّال وذا متحرّك
وذلك نقّال وهذا مبايل
سيبدي لك الليكود ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار بوش وباول
احتد الحوار واحتدم الشجار، فالقضايا التي طرحها شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أنهار وبحار، يحار في كنهها الأحبار، وتجري بسيولها الأخبار، فأشرت إلى الحسن بن هانئ بأن تكون له مداخلة، والقارئ يعرف مخارج النواسي ومداخله، قال:
قل لمن يبكي على فلم درس
صوّروه في ربى لوس أنجلس
لك في (الشيتات) بحر زاخر
فاغترف ما شئت لن تسمع: بس!
كل من آوى إلى حاسوبه
نقر الفأرة فوراً وانغمس
كان هذا اعترافاً ضمنياً من أبي نواس بأن هناك من لم يستطع فرض رقابة مطلقة على المواقع المحظورة.. لقد كان دائماً متطرفاً على عقلاء الرقابة ألاّ يأخذوا كلامه على محمل الجد، فهم لا يشق لذكائهم غبار.
لا عجب في أن تثور ثائرة الشنفرى، فليس علينا أن نجهل فوق جهل الجاهلين، صاح صاحب لاميّة العرب:
أفيقوا بني أمي فإن علومكم
تجاوزها الإنسان والغزو مقبل
ولي دونكم أهلون فكس وهاتف
وياهو وإيميل وورد وإكسل
وألف قناة تستبينا إثارة
ليس غريباً من يعف ويخجل؟
حاولت أن أهدئ من روعه، فهذا العربي المتمسك بالقيم، لا يعرف أن ظروف العصر تعصرنا، وتعدنا بالنصر، من خلال التطبيع أو الترويع، بتجنيد القنوات لكسر قناتنا. قنوات للتطبيع وأخرى للتخليع.
قلت: الآن آن أوان لبيد بن ربيعة، فإنّه الحكيم الذي سيعيد إلى الندوة هدوءها. فانطلق يقول:
بلينا وما تبلى النحوس الطوالع
وتبقى ديار حلمنا ومصانع
وما الناس إلاّ كالديار يدكّها
عدو وما للعرب حامٍ مدافع
وما المال عند الغرب إلاّ ودائع
ونحلم يوماً أن ترد الودائع
وما الناس إلاّ عاملان فعامل
بتّان وإمّا وافد هو ضائع
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه
ومنهم شقيّ بالكفالة قانع
قلت: أنا مجرّد وافد، ولا حق لي في أن أناقش لبيد بن ربيعة، فهو أدرى منّي باختلال التركيبة السكانية، حتى وإن أخطأ في اعتبار البتّان أساس المشكلة. العهدة عليه، لا على سواه.
طوال الجلسة، كان أحمد بن الحسين، المدعو المتنبي، يعصر يديه وتصطك أسنانه، لتأجيل السماح له بالإدلاء بدلوه، فهو يرى أن كل المشاركين في الندوة دون شأنه، وهو القائل:
أنا الذي نظر الأقوى إلى بلدي
وأسمعت ثرواتي من به صمم
ولكنني أقنعته بأنّني جعلت حديثه زبدة القديم والحديث، فتهلّلت أساريره، وقال:
على قدر أهل النوم تأتي الهزائم
وتولد من ضعف الشعوب المظالم
طلبنا سلاماً رافعين حمامةً
فأقبلت العقبان وهي غمائم
إذا كان وهم السلم حقاً خيارنا
فإن مصير القوم حقّاً طماطم
وقعنا وهل ترجو النجاة فريسة
ذا هي في جوف الردى وهو هاضم؟
لنا قنوات آثرت هزّ خصرها
وموج القضايا حولها متلاطم
قلت لنفسي: لماذا كتبت هذا وأنا لا أؤمن باستحضار الأرواح؟.

عبد اللطيف الزبيدي

أحلام
23-07-2001, 07:42 PM
تسلم ايدك شموسه :) ..... صرااااااحة متعة ..... و للأسف الكلام كله صحيح .... فشعراؤنا و للأسف لم ينتهي لديهم الغزل و الهيام ...و لكن و إن كانوا هؤلاء الشعراء الكبار ليس زمانهم لكنهم اجادوا في في وصف هذا الزمان و أهله ....(( وان كان في شعرهم تغير ))