PDA

View Full Version : الحكاية.






وفاء العميمي
30-06-2001, 11:19 PM
تأمّل جهاد أمّه وهي ترتّب كتباً على الرف، وقال :
- ماما… احكي لي حكاية.
- ومنذ متى تهتم بالحكايات؟ هل مللت ألعابك؟
- صديقي صلاح أخبرني عن… عن اليهود ماما.
- اليهود مرّة واحدة…
- والقدس أيضاً… ماما ألا تعرفين قصّتهم؟ والدة صلاح أخبرته عنهم… ألا تعرفينهم؟!
ردّت الأم بحسرة…
- ومن منّا لم يعرفهم.
- ماما… أين وطننا؟ يقول صلاح إنه قد ضاع… لماذا لا نبحث عنه إذن؟
- ألا تكف عن هذه الأسئلة يا جهاد… لازلت صغيراً.
اغرورقت عينا جهاد بالدموع وخنقته عبراته، وقال :
- لست صغيراً ماما… لقد كبرت وسأكمل الخامسة هذا الصيف.
ضمّت الأم جهاد بحنان وقبّلته على جبينه الغض… أجلسته إلى جانبها وبدأت تحكي له عن فلسطين… كيف اغتصبها اليهود عنوة… كيف استشهد والده… كيف فرّت به وأخيه الذي كان جنيناً في أحشائها.
لم يمل جهاد سماع تلك القصص… صار لا ينام إلاّ بعد أن يسمع إحدى تلك القصص… حفظها عن ظهر غيب لكنه مُصِر أن يسمعها بصوت والدته كل ليلة.
* * * *
- أمي… أكملي.
- أووه… جهاد ألم تمل سماع تلك الحكايا؟
- لا لم ولن أَمَلّ.
- منذ عشر سنوات وأنت تسمعها‍‍!
- أمي حين تحكين أحس وكأنّ أبي معنا‍!
بكت الأم حين سمعت كلمات جهاد… تألم جهاد لألم والدته وأحس بالذنب… أخذ يمسح دموعها بيده ويقول:
- لا يا أمي ليس أبي من يستحق الدموع… إنّه يستحق شيئاً آخر.
- فيمَ تفكّر ؟
- لا شيء… لا شيء…
* * * *
مضت ستة أشهر ووالدة جهاد لا تعلم عنه شيئاً… ما عدا الخبر الذي تركه عند جارهم العجوز… أنّه ذهب ليبحث عن حق أبيه بين ثرى موطنه…
* * * *
- جهاد… ردّ عليّ… أنا والدتك ألا تعرفني؟
كانت الحِسان يحطن به من كل جانب في واحةٍ خضراء… ينظر إليها… يبتسم لكن لا يرد… صرخت الأم
- جهاد… جهاد…
استيقظت الأم من نومها مذعورة… بكت بشدّة…
* * * *
- ماما لماذا تبكين؟
انتبهت الأم إلى صوت فتح… نظرت إليه… إنّه أملها وفلذة كبدها بعد استشهاد جهاد.
- ماما … ماما لماذا لا تردين عليّ… ألا تسمعيني؟
- أسمعك… أسمعك يا حبيبي.
سكتت الأم قليلاً ثم قالت:
- فَتْح.
- نعم ماما.
- ألا ترغب في سماع حكاية؟
اجتمع السرور والتعجب في عيني فتح وقال:
- حكاية؟ ماما طالما رفضتِ ذلك مذ سافر أخي…
وردّد في حماس…
- كم أتوق لسماع حكاية منكِ ماما‍!
- سأحكي لك يا فتح… سأحكي لك عن اليهود!.

مليكة الطهر
02-07-2001, 05:18 AM
جميل...بارك الله فيك...

ورائع أن يحمل قلمك هموم الأقصى...

.Bas
02-07-2001, 07:23 AM
قصة حلوة ومؤثرة وصادقة ...