غناء
06-03-2001, 01:45 PM
- "لا...لا تفعل ذلك"
- "لما لا؟!!"
ابني عمر في السابعة من عمره يفعل ما يحلو له....دائما....إلا إن استطعت إقناعه بالعكس..
منذ أن تعلم الكتابة وهو يرفض استخدام الممحاة حين يخطأ لأنه يكره ما تنتجه من قطع صغيرة تغطي كالوسخ ورقته ودرجه وملابسه.
-التفت إلي راميا نظرته التي تأمرني باقناعه أو بالسكوت للأبد...
- "هذه الممحاة ليست كغيرها...إنها ممحاة سحرية....اشتريتها خصيصا لك"...كذبت مع إنني أكره الكذب عليه....لكنني واصلت:
"حين تستخدم هذه الممحاة، ستزيل كل أثار أخطاءك.....لن يعرف أحد أنك أخطأت أبدا"
بملل وصبر كبير جاوبني عمر:
"وما السحري بذلك؟ كل ممسحات العالم تزيل أثار الأخطاء"
ابني ذكي جدا....كأبيه....ولكني في هذه اللحظة تمنيت ابنا عاديا!!
أمسكت الممحاة ورفعتها أمام عينيه كأنها بلورة تتلألأ وقلت:
"سأخبرك لماذا هي سحرية....لأنها لا تمحي الرصاص فقط....بل تمحي الكثير من الأشياء الأخرى"
حين لمعت عيناه عرفت أنني في الطريق لاقناعه...سألني محاولا لاخفاء اهتمامه:
"حقا؟! مثل ماذا؟؟"
مثل ماذا!!! يا إلهي!! الكذب حبله قصير!! لكني يجب أن أقنعه وإلا!!
نظرت في عينيه وقلت:
"لا أعرف...كل ما قاله البائع لي أنه يجب على صاحب الممحاة أن يستخدمها باستمرار حين يخطئ في كتاباته حتى تعتاد الممحاة على يد صاحبها...وقتها سيستطيع أن يستخدمها في مسح الكثير من الأشياء...أي شيء يريد أن يمحيه"
أخذ عمر الممحاة من يدي....وبدأ بتفحصها كصائغ يتفحص قطعة من الألماس...ثم بدأ بتفحص وجهي....يخيفني حين يفعل ذلك....أشعر كثيرا من الأحيان أنه يستطيع قراءة أفكاري من خلال تقلصات عضلات وجهي!
عاد عمر بتفحص الممحاة....ثم قال مساوما:
"سأجربها لمدة أسبوع!"
بابتسامة وقبلة خفيفة على الخد تركته ليكمل حل واجباته فوق طاولة المطبخ.
كنت أرتب أغراضه في غرفته الصغيرة حين وجدت صورة أبيه على الأرض...
التقطتها...وبدأت أمسحها...
كان ذكيا...طموحا....كان مضحكا....حنونا....كان جميلا.....
كان شابا!
لم أنتبه لدموعي المنهمرة على زجاج الصورة....ولم أنتبه لعمر الذي دخل غرفته ووقف ينظر إلي حتى أتى ليحضنني....
بسرعة مسحت دموعي....رسمت بسمة على وجهي...وحملت عمر بين ذراعي ووضعته على سريره
- "هل فرشت أسنانك؟"
- "نعم"
- "إذن اغمض عينيك وإذهب لعالم الأحلام......تصبح على خير"
بعد قبلة على جبهته أدرت ظهري لأترك الغرفة...
- "ماما؟!"
- "نعم يا حبيبي"
- "سأستخدم الممحاة دائما وأبدا"
فرحةً بقراره عدت إلى فراشه لأحضنه...حينها قال:
- "سأستخدمها حتى تعرف ممحاتي يدي جيدا....وأستطيع أن أمسح ما أريد... عندها سأمحو الدموع من عينيك...وحزنك على بابا........تصبحين على خير!"
* * * * * *
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
تمسح أشياءً ظاهرة وخفية
تمحو دموع صغار وكبار
تمحو دموع عيون عراقية
تمسح حزن أُسر الكوت
تزيل قيود أبناءهن الحديدية
تمسح آلاما في وجه عجوز
أُخذت في الشيشان سبية
تمحو بؤسا في الصومال
نقش وشما على وجه الصّبية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
تمحو مستوطنات صهيونية
من فوق أراض الجولان
من مناطق في القدس العربية
تمسح ضعف أصحاب القرار
فتظهر شجاعة كانت مخفية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
تزيل خطوطا مفرقة حدودية
تمحو أحقادا وأضغان دهور
في أنفس الأخوة قديمة أثرية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
فمتى تتحق لي هذه الأمنية؟!
- "لما لا؟!!"
ابني عمر في السابعة من عمره يفعل ما يحلو له....دائما....إلا إن استطعت إقناعه بالعكس..
منذ أن تعلم الكتابة وهو يرفض استخدام الممحاة حين يخطأ لأنه يكره ما تنتجه من قطع صغيرة تغطي كالوسخ ورقته ودرجه وملابسه.
-التفت إلي راميا نظرته التي تأمرني باقناعه أو بالسكوت للأبد...
- "هذه الممحاة ليست كغيرها...إنها ممحاة سحرية....اشتريتها خصيصا لك"...كذبت مع إنني أكره الكذب عليه....لكنني واصلت:
"حين تستخدم هذه الممحاة، ستزيل كل أثار أخطاءك.....لن يعرف أحد أنك أخطأت أبدا"
بملل وصبر كبير جاوبني عمر:
"وما السحري بذلك؟ كل ممسحات العالم تزيل أثار الأخطاء"
ابني ذكي جدا....كأبيه....ولكني في هذه اللحظة تمنيت ابنا عاديا!!
أمسكت الممحاة ورفعتها أمام عينيه كأنها بلورة تتلألأ وقلت:
"سأخبرك لماذا هي سحرية....لأنها لا تمحي الرصاص فقط....بل تمحي الكثير من الأشياء الأخرى"
حين لمعت عيناه عرفت أنني في الطريق لاقناعه...سألني محاولا لاخفاء اهتمامه:
"حقا؟! مثل ماذا؟؟"
مثل ماذا!!! يا إلهي!! الكذب حبله قصير!! لكني يجب أن أقنعه وإلا!!
نظرت في عينيه وقلت:
"لا أعرف...كل ما قاله البائع لي أنه يجب على صاحب الممحاة أن يستخدمها باستمرار حين يخطئ في كتاباته حتى تعتاد الممحاة على يد صاحبها...وقتها سيستطيع أن يستخدمها في مسح الكثير من الأشياء...أي شيء يريد أن يمحيه"
أخذ عمر الممحاة من يدي....وبدأ بتفحصها كصائغ يتفحص قطعة من الألماس...ثم بدأ بتفحص وجهي....يخيفني حين يفعل ذلك....أشعر كثيرا من الأحيان أنه يستطيع قراءة أفكاري من خلال تقلصات عضلات وجهي!
عاد عمر بتفحص الممحاة....ثم قال مساوما:
"سأجربها لمدة أسبوع!"
بابتسامة وقبلة خفيفة على الخد تركته ليكمل حل واجباته فوق طاولة المطبخ.
كنت أرتب أغراضه في غرفته الصغيرة حين وجدت صورة أبيه على الأرض...
التقطتها...وبدأت أمسحها...
كان ذكيا...طموحا....كان مضحكا....حنونا....كان جميلا.....
كان شابا!
لم أنتبه لدموعي المنهمرة على زجاج الصورة....ولم أنتبه لعمر الذي دخل غرفته ووقف ينظر إلي حتى أتى ليحضنني....
بسرعة مسحت دموعي....رسمت بسمة على وجهي...وحملت عمر بين ذراعي ووضعته على سريره
- "هل فرشت أسنانك؟"
- "نعم"
- "إذن اغمض عينيك وإذهب لعالم الأحلام......تصبح على خير"
بعد قبلة على جبهته أدرت ظهري لأترك الغرفة...
- "ماما؟!"
- "نعم يا حبيبي"
- "سأستخدم الممحاة دائما وأبدا"
فرحةً بقراره عدت إلى فراشه لأحضنه...حينها قال:
- "سأستخدمها حتى تعرف ممحاتي يدي جيدا....وأستطيع أن أمسح ما أريد... عندها سأمحو الدموع من عينيك...وحزنك على بابا........تصبحين على خير!"
* * * * * *
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
تمسح أشياءً ظاهرة وخفية
تمحو دموع صغار وكبار
تمحو دموع عيون عراقية
تمسح حزن أُسر الكوت
تزيل قيود أبناءهن الحديدية
تمسح آلاما في وجه عجوز
أُخذت في الشيشان سبية
تمحو بؤسا في الصومال
نقش وشما على وجه الصّبية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
تمحو مستوطنات صهيونية
من فوق أراض الجولان
من مناطق في القدس العربية
تمسح ضعف أصحاب القرار
فتظهر شجاعة كانت مخفية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
تزيل خطوطا مفرقة حدودية
تمحو أحقادا وأضغان دهور
في أنفس الأخوة قديمة أثرية
أتمنى أن أملك ممحاة سحرية
فمتى تتحق لي هذه الأمنية؟!