مودع الحب
25-07-2007, 12:02 AM
درجات التواضــع
للتواضع ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: التواضع للدين، وهو أن لا يعارض بمعقول منقولًا ولا يتهم للدين دليلًا، ولا يرى إلى الخلاف سبيلًا.
التواضع للدين هو: الانقياد لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والاستسلام له والإذعان، وذلك بثلاثة أشياء:
§ الأول: أن لا يعارض شيئًا مما جاء به بشيء من المعارضات الأربعة السارية في العالم المسماة: بالمعقول، والقياس، والذوق، والسياسة.
§ الثاني: أن لا يتهم دليلًا من أدلة الدين؛ بحيث يظنه فاسد الدلالة، أو ناقص الدلالة، أو قاصرها، أو أن غيره كان أولى منه، ومتى عرض له شيء من ذلك فليتهم فهمه، وليعلم أن الآفة منه، والبلية فيه، كما قيل:
وكم من عائب قولًا صحيحًا وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الأذهان منــه على قدر القرائح والفهوم وهكذا الواقع في الواقع حقيقة: أنه ما اتهم أحد دليلًا للدين إلا وكان المتهم هو الفاسد الذهن، المأفون في عقله وذهنه، فالآفة من الذهن العليل لا في نفس الدليل.
وإذا رأيت من أدلة الدين ما يُشْكِل عليك، ويَنْبُو فهمك عنه، فاعلم أنهلعظمته وشرفه استعصى عليك، وأن تحته كنزًا من كنوز العلم فلم تؤت مفتاحه بعد، هذا في حق نفسك، وأما بالنسبة إلى غيرك: فاتهم آراء الرجال على نصوص الوحي، وليكن ردها أيسر شيء عليك للنصوص، فما لم تفعل ذلك فلست على شيء.
قال الشافعي: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لم يحل له أن يدعها لقول أحد.
§ الثالث: أن لا يجد إلى خلاف النص سبيلًا ألبتة، لا بباطنه، ولا بلسانه، ولا بفعله، ولا بحاله؛ بل إذا أحسَّ بشيء من الخلاف، فهو كخلاف المُقْدِم على الزنا، وشرب الخمر، وقتل النفس؛ بل هذا الخلاف أعظم عند الله من ذلك، وهو داع إلى النفاق، وهو الذي خافه الكبار والأئمة على نفوسهم.
الدرجة الثانية: أن ترضى بما رضي الحق به لنفسه عبدًا من المسلمين أخًا، وأن لا ترد على عدوك حقًا، وأن تقبل من المعتذر معاذيره.
ومعنى أن لا ترد على عدوك حقًا: أي: لا تصح لك درجة التواضع حتى تقبل الحق ممن تحب وممن تبغض، فتقبله من عدوك كما تقبله من وليِّك.
الدرجة الثالثة: أن تتَّضِع للحق، فتنزل عن رأيك وعوائدك في الخدمة، ورؤية حقك في الصحبة، وعن رَسْمِك في المشاهدة.
وحاصله: أن تعبد الحق سبحانه بما أمرك به على مقتضى أمره لا على ما تراه من رأيك، ولا يكون باعثك على العبودية مجرد رأي، وموافقة هوى، ومحبة، ولا عادة؛ بل الباعث مجرد الأمر.
والرأي، والمحبة، والهوى، والعوائد، منفِّذة تابعة؛ لا أنها مطاعة باعثة، وأما نزوله عن رؤية حقه في الصحبة، فمعناه: أن لا يرى لنفسه حقًا على الله لأجل عمله، فمتى رأى لنفسه عليه حقًا فسدت الصحبة.
المرجع: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم -
إعداد مجموعة من المختصين بإشراف :
صالح بن عبد الله بن حميد
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن ملُّوح
الجزء: 4 / ص : 1256،1255
للتواضع ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: التواضع للدين، وهو أن لا يعارض بمعقول منقولًا ولا يتهم للدين دليلًا، ولا يرى إلى الخلاف سبيلًا.
التواضع للدين هو: الانقياد لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والاستسلام له والإذعان، وذلك بثلاثة أشياء:
§ الأول: أن لا يعارض شيئًا مما جاء به بشيء من المعارضات الأربعة السارية في العالم المسماة: بالمعقول، والقياس، والذوق، والسياسة.
§ الثاني: أن لا يتهم دليلًا من أدلة الدين؛ بحيث يظنه فاسد الدلالة، أو ناقص الدلالة، أو قاصرها، أو أن غيره كان أولى منه، ومتى عرض له شيء من ذلك فليتهم فهمه، وليعلم أن الآفة منه، والبلية فيه، كما قيل:
وكم من عائب قولًا صحيحًا وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الأذهان منــه على قدر القرائح والفهوم وهكذا الواقع في الواقع حقيقة: أنه ما اتهم أحد دليلًا للدين إلا وكان المتهم هو الفاسد الذهن، المأفون في عقله وذهنه، فالآفة من الذهن العليل لا في نفس الدليل.
وإذا رأيت من أدلة الدين ما يُشْكِل عليك، ويَنْبُو فهمك عنه، فاعلم أنهلعظمته وشرفه استعصى عليك، وأن تحته كنزًا من كنوز العلم فلم تؤت مفتاحه بعد، هذا في حق نفسك، وأما بالنسبة إلى غيرك: فاتهم آراء الرجال على نصوص الوحي، وليكن ردها أيسر شيء عليك للنصوص، فما لم تفعل ذلك فلست على شيء.
قال الشافعي: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لم يحل له أن يدعها لقول أحد.
§ الثالث: أن لا يجد إلى خلاف النص سبيلًا ألبتة، لا بباطنه، ولا بلسانه، ولا بفعله، ولا بحاله؛ بل إذا أحسَّ بشيء من الخلاف، فهو كخلاف المُقْدِم على الزنا، وشرب الخمر، وقتل النفس؛ بل هذا الخلاف أعظم عند الله من ذلك، وهو داع إلى النفاق، وهو الذي خافه الكبار والأئمة على نفوسهم.
الدرجة الثانية: أن ترضى بما رضي الحق به لنفسه عبدًا من المسلمين أخًا، وأن لا ترد على عدوك حقًا، وأن تقبل من المعتذر معاذيره.
ومعنى أن لا ترد على عدوك حقًا: أي: لا تصح لك درجة التواضع حتى تقبل الحق ممن تحب وممن تبغض، فتقبله من عدوك كما تقبله من وليِّك.
الدرجة الثالثة: أن تتَّضِع للحق، فتنزل عن رأيك وعوائدك في الخدمة، ورؤية حقك في الصحبة، وعن رَسْمِك في المشاهدة.
وحاصله: أن تعبد الحق سبحانه بما أمرك به على مقتضى أمره لا على ما تراه من رأيك، ولا يكون باعثك على العبودية مجرد رأي، وموافقة هوى، ومحبة، ولا عادة؛ بل الباعث مجرد الأمر.
والرأي، والمحبة، والهوى، والعوائد، منفِّذة تابعة؛ لا أنها مطاعة باعثة، وأما نزوله عن رؤية حقه في الصحبة، فمعناه: أن لا يرى لنفسه حقًا على الله لأجل عمله، فمتى رأى لنفسه عليه حقًا فسدت الصحبة.
المرجع: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم -
إعداد مجموعة من المختصين بإشراف :
صالح بن عبد الله بن حميد
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن ملُّوح
الجزء: 4 / ص : 1256،1255