PDA

View Full Version : حاجة القلب لطلب العلم






مودع الحب
22-07-2007, 04:40 AM
حاجة القلب إلى العلم







قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-: "وللقلب أمراض أُخَر:

(من الرياء، والكبر، والعجب، والحسد، والفخر، والخيلاء، وحب الرياسة، والعلو في الأرض)
وهذا مرضٌ مركبٌ من مرض الشبهة والشهوة، فإنه لا بد فيه من تخيل فاسد وإرادة باطلة كالعجب، والفخر، والخيلاء، والكبر المركب من تخيل عظمته وفضله، وإرادة تعظيم الخلق له ومحمدتهم، فلا يخرج مرضه عن شهوة أو شبهة أو مركب منهما، وهذه الأمراض كلها متولدة عن الجهل ودواؤها العلم، كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم- في حديث صاحب الشُجَّة الذي أفتوه بالغسل فمات، (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ إنما شفاء العي السؤال).
فجعل العي وهو عي القلب عن العلم، واللسان عن النطق به مرضًا، وشفاؤه سؤال العلماء، فأمراض القلوب أصعب من أمراض الأبدان؛ لأن غاية مرض البدن أن يفضي بصاحبه إلى الموت، وأما مرض القلب فيفضي بصاحبه إلى الشقاء الأبدي، ولا شفاء لهذا المرض إلا بالعلم؛ ولهذا سمى الله تعالى كتابه شفاء لأمراض الصدور، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}.
ولهذا السبب نسبة العلماء إلى القلوب كنسبة الأطباء إلى الأبدان، وما يقال للعلماء أطباء القلوب فهو لقدرٍ ما جامع بينهما؛ وإلا فالأمر أعظم، فإن كثيرًا من الأمم يستغنون عن الأطباء، ولا يوجد الأطباء إلا في اليسير من البلاد، وقد يعيش الرجل عمره أو برهة منه لا يحتاج إلى طبيب، وأما العلماء بالله وأمره فهم حياة الموجود وروحه، ولا يستغنى عنهم طرفة عين، فحاجة القلب إلى العلم ليست كالحاجة إلى التنفس في الهواء بل أعظم، وبالجملة فالعلم للقلب مثل الماء للسمك إذا فقده مات، فنسبة العلم إلى القلب كنسبة ضوء العين إليها، وكنسبة سمع الأذن، وكنسبة كلام اللسان إليه، فإذا عدمه كان كالعين العمياء، والأذن الصماء، واللسان الأخرس؛ ولهذا يصف سبحانه أهل الجهل بالعمى والصم والبكم، وذلك صفة قلوبهم حيث فقدت العلم النافع فبقيت على عماها وصممها وبكمها، قال تعالى: {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً}
والمراد عمى القلب في الدنيا، وقال تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}؛ لأنهم هكذا كانوا في الدنيا، والعبد يبعث على ما مات عليه".


المرجع: مدارج السالكين


للإمام ابن القيم -رحمه الله-

مقتفي الأثر
22-07-2007, 05:37 AM
جزاكــــم الله خيرا

توأم خلود
22-07-2007, 05:42 AM
جزاك الله خيرا"

مودع الحب
22-07-2007, 01:17 PM
أختي مقتفي الاثر جزاك الله خيرا على مرورك الكريم

مودع الحب
22-07-2007, 01:19 PM
جزيتي خيرا توأم خلود على مرورك الكريم
جمعني الله وإياك في مستقر رحمته.........