PDA

View Full Version : رمضان غير العالم : فهل سيغير فيك شيئا ..؟






زهور12345
29-09-2006, 07:04 PM
رمضان غير العالم : فهل سيغير فيك شيئا ..خطبة الجمعة 7/9


الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيمان، ورحمنا بنبيه عليه الصلاة والسلام، فهدى به من الضلالة، وجمع به من الشتات، وألف به من الفرقة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق أولياءه الوعد بالنصر على أعدائه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله خاتم رسله وأنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.


أما بعد إخوة الإيمان : يقول المولى تبارك وتعالى في محكم التنزيل ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ، هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ )

من هذه الاية المباركة ..يتضح لنا أن شهر رمضان هو بداية انطلاقة التغيير في العالم على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

في رمضان انطلقت قافلة الإيمان ، وجحافل الحق ، لتغير مجرى الحياة في الكرة الأرضية .. فبعد خمسين عاما من نزول أول آية من القرآن تغيرت خريطة العالم ..فأصحبت الدولة الاسلامية تسطيرعلى أجزاء واسعة من العالم .. فتغيرت البلاد ، وتغير العباد الى الافضل في جميع نواحي الحياة ....لقد سقطت أعظم الحضارات خلال سنوات قليلة .. وانتشر التوحيد في الجزيرة العربية والشام وأفريقيا وبلاد الهند والسند ..ورفعت راية التوحيد خفاقة على شتى البقاع المفتوحة.. فتحول الخوف الى الامن ، وتحول الناس من الجهل وعبادة غير الله ..الى العلم وعبادة الواحد الديان .. لقد تغيرت الحياة بالفعل الى شيء آخر لم يكن في الحسبان .. وكان بداية ذلك في شهر رمضان .. فما اعظمه من تغيير .. وما أجمله من تحول ..

إخوة الإيمان : وإن من نعم الله علينا أن رمضان يتكرر علينا في كل عام .. يتكرر رمضان ويبقى معه شعاره الأصيل دائما ( لعلكم تتقون ) شعاره الأصيل هو التغيير الشامل لحياة الناس ..ونقلهم من أحوالهم العادية الى أسمى الدرجات وأعلاها ..ينقلهم من وضعهم الحالي ليرفعهم الى درجة التقوى ..ينقلهم من حياة مليئة بالذنوب والمعاصي ، ليحول حياتهم إلى صفحات بيضاء خالية من الشوائب والمنكرات..فينتهي رمضان وقد عفرت ذنوبهم ، وبدلت سيئاتهم حسنات ..

أخوة الايمان : رمضان فرصة العمر ، لتغيير كثيـر من مجريات حياتنا إلى الأفضل .. فحري بهذا الشهر أن يكون فرصة ذهبية ، للوقوف مع النفس ومحاسبتها لتصحيح ما فات ، واستدراك ما هو آت ، قبل أن تحل الزفرات ، وتبدأ الآهات ، وتشتد السكرات.

وفي هذه الخطبة : بإذن الله سيتم توضيح بعض الأمور التي يمكن أن تتغير الى الأفضل في شهر الخير والبركة .. والرحمة والمغفرة .

إخوة الإيمان : رمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مفرطاً في صلاته ، فلا يصليها مطلقاً ، أو يؤخرها عن وقتها , أو يتخلف عن أدائها جماعة في المسجد.. أو يتهاون في أركانها وواجباتها .. . ليعلم المتهاون في صلاته ، أنه يرتكب خطأً قاتلاً ، وتصرفاً مهلكاً ، يتوقف عليه مصيره كله ، و إن لم يتدارك نفسه ، فهو آيل لا محالة إلى نهاية بائسة ، وليل مظلم ، وعذاب مخيف ، جاء في الحديث عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤيا الطويل قال :" أما الذي يثلغ رأسه بالحجر فإنه يأخذ القرآن فيرفضه ، وينام عن الصلاة المكتوبة " رواه البخاري
إن التهاون بأمر الصلاة والاستخفاف بها ، خطأ فادح بكل المقاييس ، وجناية مخزية بكل المعايير . لا ينفع معها ندم ولا اعتذار ، عند الوقوف بين يدي الواحد القهار .. لقد توعد الباري جل وعلى المتهاون في الصلاة بويل ..وهو وادي في جهنم كما قال بعض المفسرين ..حينما قال ( فويل للمصلين ..الذين هم صلاتهم ساهون ) قال المفسرون : اي لا يقيمونها على وجهها, ولا يؤدونها في وقتها.

فيا كل مقصر وكلنا ذلك المقصر .. علينا أن نعيد النظر في صلاتنا ، ومدى اهتمامنا بها ، ولنراجع نفسنا، ونتأمل موضع الصلاة من حياتنا .. ولنعلم أن أو لما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر العمل ..وإن فسد فسد سائر العمل ..

فلنجعل من رمضان فرصة للمحافظة على هذه الصلاة العظيمة ، ولنعزم على أن يكون هذا الشهر المبارك بداية للمحافظة على الصلاة جماعة ، والتبكير إليها .. وأدائها على الوجه المطلوب منا شرعا.. حتى نحصل على موعود الله لعباده المؤمنين الذين وصفهم بقوله :{ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ } {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ }

أيها لإخوة في الله : رمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مقصرًا في نوافل العبادات ؛ فلم يجعل له منها نصيباً ، ولم يأخذ لنفسه قسماً مفروضاً ، فيغير من حاله ، ويبدل من شأنه ، ففي رمضان تتهيأ النفوس ، وتقبل القلوب ، وتخشع الأفئدة ، فينتهز هذه الفرصة ، فيحافظ على شيء منها ، فهي مكملة لفرائضه ، متممة لها ، قال صلى الله عليه وسلم ) إن أولَ ما يحاسب به العبدُ المسلم يوم القيامة الصلاةِ المكتوبة ، فإن أتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع ، فإن كان له تطوع أكملت الفريضةُ من تطوعه ، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك * ( صحيح ) _ صحيح أبي داود 810 ..

وأقل الوتر ركعة ، وأقل الضحى ركعتان ، وعدد السنن الرواتب ثنتا عشرة ركعة ، ركعتان قبل الفجر ، وأربع ركعات قبل الظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة " رواه مسلم ،

ورمضان فرصة للاستمرار على قيام الليل ..فهو أفضل شيء بعد الفريضة يقول صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " رواه مسلم .

ولماذا لا نجعل من رمضان فرصة ، لأن يكون لنا أيام نصومها لله رب العالمين ، فمن صام يوماً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً ، فهذه ستة من شوال ، ويوم عاشوراء ، وعرفة ، وصوم الإثنين والخميس ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر . فلا نحرم أنفسنا من الدخول من باب الريان ، عندما ينعم عليهم المنان بدخول الجنان . .

أيها الفضلاء: رمضان فرصة للتغيير .. لمن هجر القرآن قراءة وتدبراً ، وحفظاً وعملاً حتى أصبح القرآن نسياً منسياً ، أن يكون هذا الشهر بداية للتغيير ، فترتب لنفسك جزءاً من القرآن ، لا تنفك عنه بأي حال من الأحوال ، ولو كان هذا الجزء يسيراً ، فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ، وقليل دائم ، خير من كثير منقطع ، ولا تنس الفضل الجزيل لمن قرأ كلام الله الجليل يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " فمن قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ).

والقرآن يشفع لك يوم القيامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي ربي إني منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ، ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ، قال : فيشفعان " رواه أحمد . قال الألباني ـ رحمه الله ـ : ( أي يُشفعهما الله فيه ويدخله الجنة ) .

ولقد أدرك سلفنا الصالح عظمة هذا القرآن ؛ فعاشوا معه ليلاً ونهاراً . . قال وهيب بن الورد : قيل لرجل ألا تنام ؟ قال : إن عجائب القـرآن أطرن نومي ، وقال أحمد بن الحواري : إني لأقرأ القرآن ، وانظر في آية ، فيحير عقلي بها ، وأعجب من حفاظ القرآن ، كيف يهنئهم النوم ، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله ، أما إنهم لو فهموا ما يتلون ، وعرفوا حقه ، وتلذذوا به ، واستحلوا المناجاة به ، لذهب عنهم النوم فرحاً بما رزقوا .

ومن المفارقة العجيبة ، أن يدرك أعداؤنا من عظمة هذا القرآن ، ما لا ندركه ، وأن يعملوا جاهدين على طمس معالمه ، ومحو آثاره في العباد والبلاد ، لخوفهم الشديد من عودة الأمة إلى هذا القرآن الذي يؤثر في النفوس ، ويحييها ، ويبعث فيها العزة والكرامة . يقول غلادستون أحد أعدائنا منذ فرتة من الزمن : ( مادام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين ، فلن تستطيع أوربة السيطرة على الشرق ، ولا أن تكون هي نفسها في أمان ) وكان نشيد جيوش الاستعمار )أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة ، لأحارب الديانة الإسلامية ، ولأمحو القرآن بكل قوتي .)

إخواني : رمضان فرصة للتغيير .. من أخلاقنا .. فمن جبل على الأنانية والشح وفقدان روح الشعور بالجسد الواحد ، فشهر الصوم مدرسة عملية له ، وهو أوقع في نفس الإنسان من نصح الناصح ، وخطبة الخطيب ، لأنه تذكير يسمعه ، وصوت يسمعه من بطنه إذا جاع ، وأمعائه إذا خلت ، وكبده إذا احترت من العطش ، يحصل له من ذلك تذكير عملي بـجوع الجائعين ، وبؤس البائسين ، وحاجة المحتاجين ، فتسمح نفسه بأداء حق الله إليهم ، وقد يجود عليهم بزيادة ، فشهر الصيام شهر الجود والمواساة . .

فرمضان مدرسة للقضاء على صفة الأنانية والشح ، ومن ثم الشعور بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. قال صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " رواه مسلم

إخواني في الله رمضان فرصة لترك كثير من المعاصي والأخلاق الرديئة ..
رمضان فرصة للتغيير .. لمن ابتلي بقلب قاسٍ كالصـخر الراسي ، لا تدمع له عين ، أن ينتهز فرصة هذا الشهر الذي تكون للنفوس فيه صولة . . وللقلوب فيه جولة . . فيحرص على ترقيق قلبه ، بصرفه عن الذنوب التي هي جالبة الخطوب ، و حاجبة القلوب عن علام الغيوب . وما أحسن قول القائل : رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانهـا وترك الذنوب حياة القلوب *** وخـير لنفسك عصيانهـا

ومن أراد السعادة فليلزم عتبة العبادة ، وليجتنب الإساءة ..يقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: ( لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله عز وجل ) و يقول الحسن البصري رحمه الله : ( إذا لم تقدر على قيام الليل ، ولا صيام النهار ، فاعلم أنك محروم ، قد كبلتك الخطايا والذنوب ) وليكن لك ما بين فينة وفينة زيارة للمقابر ، وتتأمل في أحوال أصحابها ..فإن القوم فيها صرعى ، والدود في عيونهم يرعى ،عن الحديث سكتوا ، وعن السلام صمتوا ، الظالم بجانب المظلوم ، والمنتصر بجانب المهزوم ، ذهب الحسن والجمال ، والجاه والمال ، وبقيت الأعمال ..أموات يتجاورون ، ولا يتزاورون .سكتوا وفي أعماقـهم أخبارُ ، جافاهم الأصحـاب والزوار ، وتغيرت تلك الوجوه وأصبحت بعد الجمال على الجفون غبار.. فهل أعدد لهذا الموقف عدته ؟ أرجو أن ننطلق جميعا من رمضان ..

اخواني : رمضان فرصة للتغيير .. لمن كان يأكل الحرام من خلال أكل الربا أو التلاعب في البيع والشراء ، أو بيع المحرمات من دخان ومجلات فاسدة ، ومعسل وجراك ، أو بيع العباءات والنقابات المحرمة ، أو الملابس الفاضحة من بناطيل نسائية أو أشرطة غنائية أو أشرطة فيديو أو الأطباق السوداء ، أن يغير من حاله ، وأن يبدل من شأنه ، وأن يدع أكل الحرام . فإن الله تعالى يحاسب على النقير والقطـمير .فحـذار يرحمك الله أن تزل قـدم بعد ثبوتها !! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت ، النار أولى به "رواه ابن حبان وصححه.

وهل يسرك أن أهل الإيمان يرفعون أيديهم في صلاة التراويح والقيام يدعون الله تعالى ، ويستغيثون به ، ويسألونه من فضله ورحمته وجوده وبره ويستجاب لهم ..وأنت ترد عليك دعوتك ؟!! عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رســــول الله صلى الله عليه وسلم :" أيها الناس : إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [المؤمنون:51] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب ، يا رب ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك " رواه مسلم .

وتذكر أنه لن ينفعك أن الناس فعلوا ، أو أنهم يريدون ذلك ، فكل واحد منا سيقف بين يدي الواحد القهار ، ويسأله عن أعماله وأقواله الصغار ، والكبار ..فمن سيقف معك في ذلك الموقف العصيب ؟ وكن يا رعاك الله مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر فإن الدال على الخير كفاعله يقول الله تعالى : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2].

بارك الله ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ..أوقل قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الرحيم ..


الخطبة الثانية


الحمد لله الذي أظهر دينه المبين ، ومنعه بسياج متين ، فحاطه من تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله ، كان يربّي ويعلّم ويدعو ، ويصوم ويقوم ويغزو . صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ..أما بعد أخوة الايمان والعقيدة ..مازلنا نستعرض بعض الامور التي ينبغي أن تغير في رمضان

رمضان فرصة للتغيير .. لمن ابتلاه الله تعالى بتعاطي الحرام ، من خـمر ومخدرات ، أو دخان و مسكرات ، أن لا يفعل بعد إفطاره ما يخل بهذه العزيمة القوية ، أو يوهنها ، أو يقلل من شأنها ، تلك العزيمة التي جعلته يمسك طوال ساعات النهار ، فيهدم في ليله ما بناه في نهاره ، بعد أن حرم نفسه عن محبوباته ومألوفاته .

أخي الصائم : الجميع يحيون فيك إيمانك العظيم ، ويقينك بالله تعالى . فمن الذي جعلك تمتنع عن تعاطي هذه السموم في وقت الصيام إلا خوفك من الجبار ، ومراقبتك للواحد القهار . وإلا فمَنْ مِنَ الناس يعلم أنك صائم ؟!!

ولكن شعورك بنظر الله إليك ، ومراقبته لك ، صرفك عن تعاطي الحرام في وقت الصيام والكل يتساءل بصدق . . الإرادة التي استطاعت أن تصوم لأكثر من اثنتي عشرة ساعة ، أتعجز عن مواصلة مسيرتها الإصلاحية ؟!! والعزيمة التي صمدت عن تعاطي هذا البلاء ، لهذه الفترة الطويلة أثناء النهار . . أتنهار في آخر لحظات الإسفار ، وإرخاء الليل الستار ؟!!

أين الهمة التي لا تقف أمامها الجبال الشامخات ؟ وأين العزيمة التي لا تصدها العاتيات !! استعن بالله تعالى على ترك هذا البلاء ، فالنصر صبر ساعة ، والفرج قريب ، وإن الله مع الصابرين .
ورمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مذنباً ومسرفاً على نفسه بالخطايا والموبقات كسماع الأغنيات بأصوات المغنين والمغنيات ، ومشاهدة القنوات بصورها الفاضحات ، والسهر على الموبقات ، ومعاقرة المنكرات ، فرصة كبيرة له أن يسارع إلى الإنابة ، ويبادر إلى الاستقامة ، قبل زوال النعم ،وحلـول النقم ، فهنالك لا تقـال العثرات ، ولا تستدرك الزلات .. {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31] ويكفي التائبين فخراً وعزاً ورفعة وشرفاً أن الله تعالى يحبهم قال عز من قائل : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }

فالتوبة ..التوبة ..فهي شعار المتقين ..ودأب الصالحين ..وحلية الصالحين ..أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة " رواه مسلم . فبادر يا رعاك الله إليها في مثل هذا الشهر المبارك ، فأبواب الجنة مشرعة ، وأبواب النار مغلقة ، ولله في كل ليلة عتقاء من النار ، فاجتهد أن تكون واحدا منهم ، جعلني الله وإياك ووالدينا ممن فاز بالرضا والرضوان ، والفوز بالجنان والنجاة من النيران .

ورمضان فرصة للتغيير .. للدعاة الذين فترة همتهم ، وضعفت غيرتهم ، ..وتوانت عزائمهم ، وأشغلتهم الدنيا ، والركض ورائها .. أن يشدوا من عزمهم ، ويستيقظوا من رقدتهم ، ويتنبهوا من غفلتهم ، وينتهزوا فرصتهم ، بدعوة الناس إلى ربهم ، والذهاب إلى أماكن تواجدهم وتجمعهم . لتذكيرهم بالله تعالى ، وتخويفهم من ناره وجحيمه ، وترغيبهم بجنته ونعيمه ، والتفكير الجاد لمعرفة الأساليب المناسبة للإصلاح ، وليتذكر الدعاة إلى الله فضل الدعوة إلى الله ، والسهر من أجلها ، والتفاني لها ، وجزاء من تاب على أيديهم ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " رواه البخاري .

إخواني : ليكن رمضان محطة روحية تبعث فينا روح الجدية ..فيعد الداعية عدته ، ويأخذ أهبته ..فيكون دائم التفكير ، عظيم الاهتمام ، على قدم الاستعـداد أبدا ، إن دعي أجـــاب ، أو نودي لبى ، غُدوه ورواحه وحديثه وكلامه ، وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له !!وليتذكر أن الدعوة الى الله تعالى قد انطلقت من شهررمضان الى سائر المعمورة .. وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الانبياء والصالحين قدوة حسنه..

وليتذكر الجميع أن في رمضان تصفد فيه مردة الشياطين ، فلا يصلون إلى ما كانوا يصلون إليه في غير رمضان ، وفي رمضان تفتح أبواب الجنان ، وتغلق أبواب النيران ، ولله في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار ، وفي رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، فما أعظمها من بشارة ، لو تأملها المسلم بوعي لأدراك أهمية هذا الشهر ، ولسعى سيعا حثيثا للاستفادة منه بأقصى درجة ممكنة ..

من هذه المنطلقات وغيرها : يوقن المسلم بأن رمضان فرصة سانحة ، وغنيمة جاهزة ، لمن أراد التغيير في حياته . فالأسباب مهيأة ، والأبواب مشرعة وما بقي إلا العزيمة الصادقة ، والصحبة الصالحة ، والاستعانة بالله في أن يوفقك للخير والهداية ..فرمضان فرصة الجميع للتغيير..

وعلينا الا نغتر بما نحن فيه ، من الصحة والعافية والقوة ، وأمن وأمان ، فما هي إلا سراب بقيعة ، يحسبه الظمآن ماءً ، أو كبرق خاطف سرعان ما يتلاشى ، و ينطفئ ويزول ، فالصحة سيعقبها السقم ، والشباب يلاحقه الهرم ، والقوة آيلة إلى الضعف ، والكثرة آيلة الى القلة ، والحياة كلها آيلة الى النهاية .. اخوة الايمان : هذا ما تيسر في هذا اليوم والمسلم الصادق اذا علم الله صدقة أعانه على فعل الخير وترك الشر مهما كانا..
هذه الخطبة مستفادة من كلمة للشيخ محمد الهبدان منقولة من صيد الفوائد .. ..

ياسمينة ..
30-09-2006, 03:59 AM
رمضان فرصة العمر
نعم والله.. إن لم نغيّر قي رمضان شهر الرحمات، فمتى؟...

خطبة رائعة بالفعل.. كلنا بحاجة لها..
جزاكِ الله خيراً أختي زهور..

زهور12345
30-09-2006, 12:26 PM
شكرا على ردك

مين قدي
03-10-2006, 05:27 AM
جزاك الله عنا وعن كل من قرئها واستفاد بها خيرا يا اختى زهور
ما فينا نضيع هيدي الفرصه العظيمه يلي بعتا رب العباد بشهر رمضان للتغيير نسال الله الثبات على الحق يسلمو ايديكي حبيبتي

شهد الجنة
05-10-2006, 02:20 AM
جزاكى الله خيرا
و جعل الله هذا العمل فى ميزان حسناتك

um_mubarak5
05-10-2006, 10:30 AM
جزاك الله خير ، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ، اللهم آميييييييييييييييييييين 0

حمامة الجنة
06-10-2006, 01:00 AM
جزاكِ الله خيراً .. خطبة مؤثرة..

نور العالم
06-10-2006, 06:11 AM
جزاك الله خير ..
ونفع بما كتبتِ..

بــيــــداء
06-10-2006, 11:28 AM
جزاك الله كل خير واثابك ...