PDA

View Full Version : مالك بن نبي, فيلسوف مشكلات الحضارة






زهر النسرين
12-04-2005, 05:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سنتطرق اليوم إلى أحد أعلام الفكر الإسلامي المعاصر و هو مالك بن نبي

http://www.chihab.net/images/maqalat/malik2.gif


حياته :
ولد مالك بن نبي عام1905 في مدينة قسنطينية في الجزائر‏.‏

انتقل بعد إنهاء دراسته الثانوية إلى باريس حيث تخرج عام 1935 مهندساً كهربائياً اتجه منذ نشأته نحو تحليل الأحداث التي كانت تحيط به‏.‏ وقد أعطته ثقافته المنهجية قدرة على إبراز مشكلة العالم المتخلف باعتبارها قضية حضارة أولاً وقبل كل شيء‏.‏ فوضع كتبه جميعها تحت عنوان ‏(‏مشكلات الحضارة‏)‏‏.‏

في باريس أصدر بالفرنسية‏:‏ الظاهرة القرآنية‏،‏ لبيك‏،‏ شروط النهضة وجهة العالم الإسلامي‏،‏ الفكرة الأفريقية الآسيوية ؛ بمناسبة انعقاد مؤتمر باندونج‏.‏

في عام 1956 لجأ إلى القاهرة وقد طبعت له وزارة الإعلام في القاهرة بالفرنسية كتابه ‏(‏الفكرة الأفريقية الآسيوية‏)‏‏.‏

اتجه في القاهرة بعد اتصاله بالعديد من الطلاب إلى ترجمة كتبه إلى العربية‏،‏ ثم أصدر بقية كتبه بالعربية بعد ترجمة بعضها وكتابة بعضها الآخر بالعربية مباشرة‏.‏

انتقل إلى الجزائر عام 1963 حيث عين مديراً عاماً للتعلم العالي‏،‏ وأصدر في الجزائر‏:‏ آفاق جزائرية‏،‏ يوميات شاهد للقرن‏،‏ مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي‏،‏ المسلم في عالم الاقتصاد‏.‏

في عام 1967 استقال من منصبه وتفرغ للعمل الفكري وتنظيم ندوات فكرية‏.‏

توفي رحمه الله في 31/10/1973 في الجزائر‏.

يتبع..‏

ســارة
14-04-2005, 05:22 PM
حلواننا نتعرف على أعلام لم يؤخذوا حقهم من الشهرة
<< يمكن هومشهور
لكنى ما أعرفه:)

alwanis
14-04-2005, 07:17 PM
شكراااااااااااااااا لك اختي الكريمة

سيموني
15-04-2005, 10:35 PM
ألف شكر اختي زهرة النسرين...

ودي أظيف معلومة بسيطة عن مالك بن نبي....

(((قال أن الحضارة تحتاج الى تراب+ زمن + انسان)))

ويقصد بالتراب أي الموارد سواء كانت طبيعية وغيره, والزمن اي الوقت طبعا,, والانسان وهو المحرك الرئيسي لقيام الحضارة,,,

مع خالص حبي وشوقي واشتياقي...

زهر النسرين
16-04-2005, 12:56 PM
سارة سررت بمرورك
مالك رحمه الله و غيره لم يأخدوا حقهم من الشهرة في اوطانهم
لقد أقيم ملتقى عن قكر مالك بن نبي في الجزائر مند سنتين تقريبا و تمكنت من حضور اليوم الاخير
أنا كنت أسمع عنه و لكنني لم أطلع أبدا على كتاباته
حتى فوجئت باساتدة و محاضرين من جميع أنحاء العالم
من ماليزيا وباكستان والولايات المتحدة !!!!!!!!!! يتحدثون عنه وعن كتبه
سبحان الله
و ما نعرفه نحن فقط اسمه و عناوين بعض كتبه
الله المستعان ...

الونيس جزاك الله خير على قراءة الموضوع

اختي سيموني بارك الله فيك على الاضافة
و سنتطرق اليها ان شاء الله

زهر النسرين
16-04-2005, 01:36 PM
في ذكرى الثلاثين لفيلسوف الحضارة
مالك بن نبي.. وفلسفة الحضارة الإسلامية الحديثة
2003/11/2
د.إبراهيم رضا / المغرب
(بتصرف)


مفهوم الحضارة عند مالك بن نبي

ينبني مفهوم الحضارة عند ابن نبي على اعتقاده الراسخ بأن "مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارية، ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية، وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها".

وانطلاقا من هذا الاعتقاد الراسخ بأهمية الحضارة وضرورة "فقه" حركتها منذ انطلاقتها الأولى إلى أفولها يحاول ابن نبي إعطاء تعريف واسع للحضارة، يتحدد عنده في ضرورة "توفر مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقسم لكل فرد من أفراده في كل طور من أطوار وجوده منذ الطفولة إلى الشيخوخة المساعدة الضرورية له في هذا الطور أو ذاك من أطوار نموه". 6

وعلى هذا فكل ما يوفره المجتمع لأبنائه من وسائل تثقيفية وضمانات أمنية، وحقوق ضرورية تمثل جميعها أشكالا مختلفة للمساعدة التي يريد ويقدر المجتمع المتحضر على تقديمها للفرد الذي ينتمي إليه. 7

ويتبين من خلال هذا أن مفهوم الحضارة عند ابن نبي شــديد الارتباط بحركة المجتمع وفاعلية أبنائه؛ سواء في صعوده في مدارج الرقي والازدهار، أو في انحطاطه وتخلفه، وبالتالي فلا بد من فهم عميق، و"فقه حضاري" نافذ لكل من يريد دراسة المجتمعات دراسة واعية وشاملة؛ لأن حركة المجتمعات الحضارية ظاهرة تخضع كغيرها من الظواهر الإنسانية "لسنن" و"قوانين" اجتماعية وتاريخية ثابتة، لا بد من الإحاطة بها، وإدراك كنهها لكل من يريد أن يعيد لأمته مجدها الحضاري، ويحقق لها ازدهارها المنشود. وهذا ما أكده بقوله: "إن أول ما يجب علينا أن نفكر فيه حينما نريد أن نبني حضارة أن نفكر في عناصرها تفكير الكيماوي في عناصر الماء إذا ما أراد تكوينه؛ فهو يحلل الماء تحليلا علميا، ويجد أنه يتكون من عنصرين (الهيدروجين والأكسجين)، ثم بعد ذلك يدرس القانون الذي يتركب به هذان العنصران ليعطينا الماء، وهذا بناء ليس بتكديس"

والعناصر الضرورية التي تتشكل منها كل الحضارات -حسب مالك- هي ثلاثة: الإنسان + التراب + الوقت.8


الحضارة إبداع وتميز وليست تقليدا وتبعية

يدعو مالك بن نبي في جل كتاباته إلى ضرورة إبداع بدائل فكرية ومناهج علمية مستقلة تتناسب مع البيئة الإسلامية بدل استيرادها كما هي من الغرب الأوربي. ويلح على ضرورة الاستقلال الفكري في دراسة مشكلاتنا الحضارية والاجتماعية؛ لأنه يعتقد -كغيره من الدارسين للحضارات الإنسانية- أن هناك خصوصيات كثيرة تتميز بها كل حضارة عن غيرها. "فلكل حضارة نمطها وأسلوبها وخيارها، وخيار العالم الغربي ذي الأصول الرومانية الوثنية قد جنح بصره إلى ما حوله مما يحيط به نحو الأشياء، بينما الحضارة الإسلامية عقيدة التوحيد المتصل بالرسل قبلها، سبح خيارها نحو التطلع الغيبي وما وراء الطبيعة.. نحو الأفكار"

ومن أهم الخصوصيات التي ميزت نشوء الحضارة الإسلامية أن نشوءها سببه الوحي الرباني؛ مما جعلها حضارة خالدة خلود المبادئ والتعاليم التي تحملها وتدعو إليها، "فجزيرة العرب.. لم يكن بها قبل نزول القرآن إلا شعب بدوي يعيش في صحراء مجدبة يذهب وقته هباء لا ينتفع به؛ لذلك فقد كانت العوامل الثلاثة: الإنسان، التراب، والوقت راكدة خامدة، وبعبارة أصح: مكدسة لا تؤدي دورا ما في التاريخ؛ حتى إذا ما تجلت الروح بغار حراء -كما تجلت من قبل بالوادي المقدس، أو بمياه الأردن- نشأت بين هذه العناصر الثلاثة (الإنسان + التراب + الوقت) المكدسة حضارة جديدة؛ فكأنها ولدتها كلمة "اقرأ" التي أدهشت النبي الأمي، وأثارت معه وعليه العالم" 9.

. ولهذا "فالحضارة" لا يمكن استيرادها من بلد إلى آخر رغم استيراد كل منتجاتها ومصنوعاتها؛ لأن "الحضارة" إبداع، وليست تقليدا أو استسلاما وتبعية كما يظن الذين يكتفون باستيراد الأشياء التي أنتجتها حضارات أخرى؛ "فبعض القيم لا تباع ولا تشترى، ولا تكون في حوزة من يتمتع بها كثمرة جهد متواصل أو هبة تهبها السماء، كما يهب الخلد للأرواح الطاهرة، ويضع الخير في قلوب الأبرار 10. فالحضارة من بين هذه القيم التي لا تباع ولا تشترى.. ولا يمكن لأحد من باعة المخلفات أن يبيع لنا منها مثقالا واحدا، ولا يستطيع زائر يدق على بابنا أن يعطينا من حقيبته الدبلوماسية ذرة واحدة منها"


الحضارة هي التي تلد منتجاتها

وبما أن الحضارة إنجاز لا يمكن أن يوهب أو يشترى أو يستورد؛ فإن ابن نبي أولى كل اهتمامه لتحريك الإنسان المسلم الذي يمثل بالنسبة له جوهر الحضارة وعمودها الرئيسي نحو مواقع "الفعالية" و"العطاء" و"الإنتاج"؛ لأن "المقـياس العام في عملية الحضارة هو أن الحضارة هي التي تلد منتجاتها"، وسيكون من السخف والسخرية حتما أن نعكس هذه القاعدة، حين نريد أن نصنع حضارة من منتجاتها" 11.

وعملية استيراد أشياء الغرب ومنتجاته، والاكتفاء بذلك سبيلا للتقدم.. أشبه بالذي يحاول أن يعالج أعراض المرض ونتائجه البارزة الظاهرة للعيان، بدل أن يعالج أسبابه العميقة، وأصوله الباطنية؛ مما يظهر المرض في الظاهر كأنه قد اختفى، لكنه في الحقيقة لا يزال ينخر صحة المريض، ويستنزف قواه في الباطن. لهذا علينا في معاجلة تخلفنا -كما يرى أحد تلاميذه ابن نبي- ألا نتبع سبيل الاستيراد؛ فنحاول أن نصبغ من الخارج دارنا المتهدمة بلون الحضارة الغربية ونملؤها بأثاثها، ونقتنع بذلك كوسيلة تجعل دارنا المتهدمة المحطمة دارا قوية شديدة الأركان. فإن النظرة البسيطة تشير إلى أن الدار تستدعي مهندسا يدرس أسباب الخلل الذي يوشك أن ينقض البناء، لا تاجرا يملأ البيت بالأدوات والأثاث" 12

. وطالما بقي المجتمع الإسلامي عاجزا عن إيجاد البدائل الفكرية والمنهجية التي تنسجم مع عقيدته وواقعه؛ فهذا يعني أن هذا المجتمع ما زال يعاني من التبعية والتخلف، ولم ترقَ أفكاره بعدُ إلى درجة الاستقلال والتحرر الشاملين، وهذا هو الذي يشكل خطرا على حاضر ومستقبل المسلمين في نظر ابن نبي؛ لأن"المجتمع الذي لا يصنع أفكاره الرئيسية لا يمكن على أية حال أن يصنع المنتجات الضرورية لاستهلاكه، ولا المنتجات الضرورية لتصنيعه، ولن يمكن لمجتمع في عهد التشييد أن يتشيد بالأفكار المستوردة أو المسلطة عليه من الخارج.. فعلينا أن نكتسب خبرتنا؛ أي أن نحدد موضوعات تأملنا، وألا نسلم بأن تحدد لنا بكلمة، علينا أن نستعيد أصالتنا الفكرية، واستقلالنا في ميدان الأفكار حتى نحقق بذلك استقلالنا الاقتصادي والسياسي"13
--------
6. مالك بن نبي: شروط النهضة، ص: 19-20.
7.مالك بن نبي: آفاق جزائرية، ص: 38،
8.مالك بن نبي: تأملات، ص: 168.
9. عمر كامل مسقاوي: تقديم كتاب "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي"، ص: 7.
10.مالك بن نبي، شروط النهضة، ص: 51.
11.مالك بن نبي: في مهب المعركة، ص: 117.
12.مالك بن نبي: شروط النهضة، ص: 42.
13.عمر كامل مسقاوي: في تقديمه لكتاب مالك بن نبي "حديث في البناء الجديد"، ص: 12 و13.

زهر النسرين
16-04-2005, 02:04 PM
القابلية للاستعمار تكبل المجتمع وتحول دونه والإبداع

يرى ابن نبي أن الاضطراب والفوضى والتناقض والغموض، وغير ذلك من السلبيات التي تتصف بها بعض النتائج الفكرية في العالم الإسلامي إنما ترجع في جانب كبير منها إلى تلك"القابلية للاستعمار" التي تسكن نفوس أبناء هذا المجتمع، وتدفعهم من موقع الدونية والتقليد إلى تمثل أشياء الغرب وأفكاره دون أي دراسة دقيقة وواعية بالتمايز الحضاري الشاسع الموجود بين المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الغربية14.

وبدل أن تساهم كتابات أولئك المغتربين في تشييد البناء الحضاري للأمة الإسلامية، نجدهم يلجئون إلى تكديس"المعارف"، والانجذاب إلى الإكثار من الألفاظ الرنانة، وتلويك المصطلحات الغربية التي فقدت الحياة بمجرد قلعها من بيئتها الحضارية الأصيلة في الغرب. وطبيعي أن هذا التكديس لا يؤدي إلى إنشاء حضارة؛ لأن"البناء وحده هو الذي يأتي بالحضارة لا التكديس، ولنا في أمم معاصرة أسوة حسنة

إن علينا أن ندرك أن تكديس منتجات الحضارة الغربية لا تأتي بالحضارة.. فالحضارة هي التي تكون منتجاتها، وليست المنتجات هي التي تكون حضارة.. فالغلط منطقي، ثم هو تاريخي؛ لأننا لو حاولنا هذه المحاولة فإننا سنبقى ألف سنة ونحن نكدس ثم لا نخرج بشيء".

وهكذا نجد هؤلاء المغتربين والمتمثلين تقليديا لأفكار الغرب لا ينظرون إلى الحضارة الغربية إلا من خلال قشورها، ولا ينقلون منها إلا ما يسميه ابن نبي "بالأفكار الميتة" أو "القاتلة" التي ترمي بها إليهم هذه الحضارة عن طريق مراصدها الفكرية حتى يظلوا تابعين لا مبدعين، منفعلين لا فاعلين. وهذا عكس ما فعلته "النخبة المثقفة" في اليابان مثلا التي استطاعت في تعاملها مع الغرب أن تفرق بين ما هو صالح للاقتباس، لا بد منه ولا ضرر يخشى منه، وما هو طالح وخاص بالقيم والأخلاق الغربية التي تتعارض مع قيم الإنسان الياباني وأخلاقياته15.

ابن نبي وضرورة استلهام التجربة اليابانية

شكلت التجربة اليابانية لكثير من المفكرين والمهتمين بقضايا التنمية عموما في العالم الإسلامي نموذجا يختزل كثيرا من الدروس التي ينبغي استخلاصها للنهوض وتحقيق التنمية المنشودة؛ ولهذا نجد ابن نبي في كثير من مؤلفاته يشيد بدوره بهذه التجربة؛ فقد كانت الانطلاقة الحديثة للمجتمع الإسلامي -في نظره- معاصرة لانطلاقة أخرى في اليابان؛ "فالمجتمعان قد تتلمذا سويا في مدرسة الحضارة الغربية، واليوم هاهي اليابان القوة الاقتصادية الثالثة في العالم. "فالأفكار الميتة" في الغرب لم تصرفها عن طريقها؛ فقد بقيت وفية لثقافتها.. لتقاليدها.. لماضيها".

وفي مقابل هذا يرى الأستاذ أن المجتمع الإسلامي -رغم الجهود المبذولة من قبل رواد عصرالنهضة- ما يزال مجتمعا متخلفا؛ لأنه مجتمع لم يستطع أن يتعامل مع الحضارة الغربية تعاملا علميا ونقديا، يقول: "الواضح أن المشكلة التي تطرح نفسها لا تتعلق بطبيعة الثقافة الغربية، بل بالطبيعة الخاصة بعلاقتنا بها. فالطالب المسلم الذي يلتحق بمدرستها هو بين نموذجين: الطالب المجد، والطالب السائح. وكلا الطالبين (المجد والسائح) لا يذهبان إلى منابع الحضارة، بل إلى حيث تتفطر فيها أو تلقي فيها نفاياتها" 16.

فالفرق شاسع إذن بين تعامل المسلمين مع الغرب، وتعامل الإنسان الياباني معه؛ حيث إن هذا الأخير ترك القشور واهتم بالجوهر، فتمكن من استيعاب العلوم الغربية التي تمثل سر شموخ حضارتها. دون أن يؤدي به ذلك إلى فقدان هويته، والسقوط في التبعية والتقليد "فإذا كان اليابان قد بنى مجتمعا متحضرا؛ فهو قد دخل الأشياء من أبوابها، وطلب الأشياء كحجة، درس الحضارة الغربية بالنسبة لحاجاته، وليس بالنسبة لشهواته. فلم يصبح من زبائن الحضارة الغربية يدفع لها أمواله وأخلاقه، أما نحن فقد أخذنا منها كل رذيلة، وأحيانا نأخذ منها بعض الأشياء الطيبة التي قدرها الله لنا" 17.

وقد خصص ابن نبي مقالات عديدة للرد على هذه النخبة المغتربة التي لا تفرق في اقتباسها واستلهامها لأفكار ومناهج الحضارة الغربية بين ما هو صالح للاقتباس وما هو خاص بحضارة معينة، لا يمكن نقله لأي بيئة حضارية أخرى مغايرة.18

الدورة الحضارية عند ابن نبي

استخلص ابن نبي من قراءاته المتعددة للتاريخ البشري وفلسفته، ولتاريخ الحضارة الإسلامية على وجه الخصوص أن مسيرة الأمم والجماعات تخضع لنـظام دوري، قلما تنجو أي أمة من الأمم من جريانه. وهذا في نظره هو الذي يجعل الأمة في فترة من فترات تاريخها الحضاري تسجل مآثر عظيمة ومفاخر كريمة، تبقى خالدة في سجل تاريخها وتاريخ البشرية من حولها، كما تسجل عليها في فترات أخرى انتكاسات وهزائم حضارية وعمرانية وعسكرية، وغير ذلك من الحالات المرضية التي تهوي بالأمة إلى مهاوي التخلف والانحطاط في آخر طور من أطوار دورتها الحضارية.

وهكذا تلعب الشعوب دورها، وكل واحد منها يبعث ليكون حلقته في سلسلة الحضارات، حينما تدق ساعة البعث، معلنة قيام حضارة جديدة، ومؤذنة بزوال أخرى"

ويرى ابن نبي أن هذا القانون طبيعي جدا؛ لأنه يخضع لنفس النواميس التي تخضع لها باقي مخلوقات الله في هذا الكون؛ فاليوم يبدأ بالشروق والزوال، ثم يتبعهما الغروب الذي يسدل الظلام على الكون، والشهر كذلك يبدأ ببزوغ الهلال، ثم يستكمل تدريجيا دورته؛ لينتهي بعد ذلك إلى الزوال ليبدأ شهر آخر، واحدا بعد الآخر في إطار سلسلة دورية مستمرة. انطلاقا من هذا يقول ابن نبي: "إذا نظرنا إلى الأشياء من الوجهة الكونية؛ فإننا نرى الحضارة تسير كما تسير الشمس؛ فكأنها تدور حول الأرض مشرقة في أفق هذا الشعب، ثم متحولة إلى أفق شعب آخر" 19

ولا يعني هذا أن التاريخ يفرق هداياه، أو يوزع أمجاده لأي كان، كما تنشر الشمس أشعتها حينما تؤذن بالشروق، لكن التاريخ كتلة من السنن والنواميس الإلـهية التي تتحكم في توجيه الأفراد والمجتمعات على السواء. وهذه السنن والقوانين لا بد من استيعابها، والسير على هداها لمن أراد النهوض والريادة الحضارية. أما الذين لا يحترمونها ولا يستوعبون عبرها ومراميها؛ فإن حركتهم تكون حركة مضطربة لا يحكمها ضابط ولا هدف؛ مما يؤدي إلى مصادمة السنن الهادية إلى البناء والدخول في فترة الخمول. و"من عادة التاريخ ألا يلتفت للأمم التي تغط في نومها، وإنما يتركها لأحلامها التي تطربها حينا، وتزعجها حينا آخر؛ تطربها إذ ترى في نومها أبطالها الخالدين وقد أدوا رسالتهم، وتزعجها حينما تدخل صاغرة في سلطة جبار عنيد"20


ولكي يخرج المسلمون مما هم عليه الآن من سبات حضاري وخذلان لا بد أن يستوعبوا سنن الله الثابتة في الكون التي يخضع لها الأفراد والجماعات؛ لأنهم بهذا الاستيعاب فقط يمكن أن تكون حركتهم في التاريخ حركة ثابتة وهادفة بدل أن تبقى كما هي عليه الآن حركة عشوائية تحكمها الصدف، وتوجهها الأهواء الفردية والنزوات الشخصية. "فإذا ما حددنا مكاننا من دورة التاريخ، سهل علينا أن نعرف عوامل النهضة أو السقوط في حياتنا، ولعل أعظم زيفنا وتنكبنا عن طريق التاريخ أننا نجهل النقطة التي منها نبدأ تاريخنا، ولعل أكبر أخطاء القادة أنهم يسقطون من حسابهم هذه الملاحظة الاجتماعية، ومن هنا تبدأ الكارثة، ويخرج قطارنا عن طريقه؛ حيث يسير خبط عشواء" 21

ويرى ابن نبي في هذا الصدد أن كل الحضارات الإنسانية خضعت لنفس هذا القانون الدوري المتحكم الذي تخضع له الحضارة الإسلامية بدورها. 22

وختاما لا بد من الإشارة إلى جملة من الملاحظات التي تتعلق بفكر مالك بن نبي.

أولا: على الرغم من اهتمام ابن نبي بقضايا الحضارة ومشكلاتها فإن ذلك لم يجعله ينحو بتحليلاته منحى التجريد والنظر البعيدين عن هموم الأمة الإسلامية وقضاياها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية؛ بل ظل على الدوام ملتصقا بواقع الأمة، وراصدا لمختلف التحولات التي تطرأ عليها.

ثانيا: تتبُّع مالك بن نبي لواقع الأمة الإسلامية ورصده لمختلف ظواهره لم يجعل فكره يتيه في طلب حلول جزئية أو ترقيعية لمعالجة هذا الواقع؛ بل نفذ ببصيرته ليكشف الخيوط الرابطة لتلك الظواهر، وليضع الحلول المناسبة لمشكلات الأمة، على شكل معادلات رياضية وقوانين دقيقة.

ثالثا: إن أهمية فكر مالك بن نبي وسمو اجتهاداته لم تقابلها بعض الدراسات والبحوث القادرة على النفاذ إلى مقاصدها، وهذا ما يدعو إلى ضرورة بذل المزيد من العناية بهذا الفكر، وذلك بالآتي:

1- إعادة نشر كثير من مؤلفاته والتعريف بها ومدارستها بعمق.

2- وضع مفاتح منهجية لتتبع اجتهادات هذا المفكر في مختلف المجالات، وتعميق النظر في "المفردات" و"المفاهيم" و"المعادلات" و"القوانين" التي أبدعها بقصد استيعابها والبناء عليها، وتوظيفها لتحليل وتوليد الحلول المناسبة لكثير من المشكلات الحضارية المستجدة في واقع الأمة

-------------



14.مالك بن نبي: تأملات، ص: 167.
15: إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث، ص: 48.
16.مالك بن نبي: مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، ص: 151.
17.مالك بن نبي: مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، ص: 152.
18.مالك بن نبي، تأملات، ص: 164.
19.مالك بن نبي: شروط النهضة، ص: 19-20.
20.المصدر نفسه، ص: 49.
21. مالك بن نبي: شروط النهضة، ص: 20.
22. المصدر نفسه، ص: 47

زهر النسرين
16-04-2005, 02:46 PM
بعض مؤلفات مالك بن نبي -رحمه الله-




الظاهرة القرآنية
http://www.furat.com/BooksCovers/4971.gif
يوضح الأسباب التي تدفع للاعتقاد بمصدر القرآن العلوي الإلهي ويسلط الأضواء عليها وعلى خصائصه التي تجاوزت طاقة البشر، فتأمل المؤلف فيه بنضج الاتصال بالعقل والتراث، والعلم والعقيدة، ودعم الأساس العقلاني للإيمان


مذكرات شاهد للقرن
http://www.furat.com/BooksCovers/15333.gif
يتضمن هذا الكتاب قسمين ، يتناول الأول مرحلة طفولة المؤلف مالك بن نبي 1905-1930 ، ويتضمن الثاني مرحلة دراسيته في باريس 1930-1939 . وينقل إلينا شهادة بصر وبصيرة بالأحداث ، لجزائري خلف ستار، يجسد رؤيته الفكرية ، وقد امتد به عمق الحضارة الإسلامية إلى حدود الحضارة الغربية الحديثة ، فكان نقطة اتصال وتحويل لأجيال حضارة مندفعة تجتاج ما أمامها ، وحضارة أسلمت مقاليدها للتاريخ ، وغدت أجيالها في مهب الريح. ويرى في الجزائر التي استعمرها الفرنسيون عينة من عينات العالم الإسلامي ، الذي استقال من مهمته التاريخية ، وغدا تراثه أشلاء مبعثرة لا تصمد أمام طوفان الحضارة الغربية الحديثة ، وما ارسته من مصطلحات ومفاهيم تزري بمسيرة الإنسانية ، وهي تنشر ثقافتها وجيوشها ، في أرجاء العالم الإسلامي المتخلف والمغلوب منذ باية هذا القرن. ويبرز القيم الأساسية المجيدة التي ورثها رجل الفطرة من الأسلاف ، وتهافت المثقفين المنغمسين في ثقافة الغرب ، المنقلبين في حركتهم التقدمية إلى الوراء ، والمتخذين من السياسة سبيلا إلى قيادة تسير نحو العدم لافتقادهم سبيل الفعالية في المبادرة والاتجاه. ويكشف لنا هاجس المؤلف العميق في الحضارة ومشكلاتها ، ويضع الحلول لها ، ويبلغ شهادته في منعطفات التاريخ برؤية فكرية وروحية ، واضحة المعالم ، تشعل شرارة الإقلاع والنهوض

ميلاد مجتمع (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0533.gif
يتناول شبكة العلاقات الاجتماعية وتشمل المفاهيم النظرية للعناصر التاريخية الخاصة بميلاد مجمتع، ويفسرها، ويحدد مفهوم المصطلحات المستخدمة وخاصة مفهوم لفظة مجتمع ذاتها حين يولد وحينينهض والشروط الاولية للتربية الاجتماعية

من أجل التغيير (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f1029.gif
كلمة تحاور الأمم المتحدة وتحاور الثقافات وتعمق الرؤية وترسم طريقأ يستشرف المستقبل بحزم الأصالة على طاولة العصر فيحلل البناء الاجتماعي والبناء الثقافي والعلاقات مع الاستعمار

القضايا الكبرى (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/8185.gif
تناولت مشكلات الحضارة والثقافة والمفهومية والديمقراطية في الإسلام، وانتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث مع مسار دفينة وعامة هامة


تأملات
يتحدث عن الصعوبات علامة نمو في المجتمع العربي والمسوغات في المجتمع والقيم الإنسانية والاقتصادية والديمقراطية في الإسلام والتضامن الافريقي والآسيوي, والفعالية والثقافة, وكيفية بناء مجتمع أفضل, وخواطر عن تهضتنا العربية ورسالتنا في العالم

فكرة كمنويلث إسلامي (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0827.gif
يرسم إطاراً لمشروع يمنح العالم الإسلامي موقعاً له في خريطة العالم الحاضر، يستمد رسالته من وسطية عقيدته كشاهد على الناس جميعاً

الصراع الفكري في البلاد المستعمرة (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0496.gif
يتحدث عن الصراع الفكري عامة، وما يجري في حلبة الصراع، ويضع تركيباً آخر لمرآة الكف، ويبرز مظاهر متعددة لصراع الفكري وحياة الأفكار وقيمتها الرياضية

بين الرشاد والتيه (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0453.gif
مقالات كتبها المؤلف رحمه الله ونشرها بعد استقلال بلاده، حيث تعكس أحداث الستينات في الجزائر كما في العالم العربي والإسلامي وتطرح مشكلات العالم الثالث، وتسلط الضوء على الحلول المناسبة لها


المسلم في عالم الاقتصاد (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0497.gif
تحدث عن عموميات البحث ويصور المشكلات، ويبحث في شروط الانطلاق يثقافة منهجية عالية



وجهة العالم الإسلامي (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/8477.gif
تحليل عميق لمراحل التاريخ وسير المدينة وتطورها، وتقسيم تاريخ المجتمع الإسلامي إلى مراحل مرحلة الإسلام الأولى ومرحلة المدينة الإسلامية ومرحلة الجمود والانحطاط وفي وصف تحليلي عميق ثم مرحلة الاتصال بأوربة والنهضة وفوضى العالم الإسلامي الحديث والعالم الغربي أيضاً وبواكير العالم الإسلامي والمآل الروحي له


مشكلة الثقافة
http://www.furat.com/BooksCovers/8350.gif
يتناول تحليلاً نفسياً للثقافة وعلم الاجتماع، والتركيب النفسي للثقافة وتعايش الثقافات، والثقافة في اتجاه العالمية ، وما ضد الثقافة


دور المسلم ورسالته (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0454.gif
محاضرتان ألقاهما المؤلف في دمشق عن دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين وعن رسالة المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين ويلقي فيهما وصيته الأخيرة في مسجد المرابط ورابطة الحقوقين بدمشق يتلمس في ضمير أجيال المسلمين الخروج من أزمتهم الراهنة

زهر النسرين
16-04-2005, 03:03 PM
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
http://www.furat.com/BooksCovers/f0777.gif
يتحدث عن الإجابتين عن الفراغ الكوني والأفكار والطفل والمجتمع والحضارة والطاقة وعالم الإفكار، والأفكار المطبوعة والموضوعة وجدلية الفكر والشيء وصراع الفكرة والوثن، وأصالة الأفكار وفعاليتها ، والأفكار وديناميكا المجتمع، والاطراد الثوري ، والسياسة ، وازدواجية اللغة والأفكلار المميتة وانتظام الأفكار المخذولة

فكرة الإفريقية الآسيوية ... (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0557.gif
يعطي الشباب المسلم العربي صورة صحيحة بقدر الإمكان عن الخطوط العريضة للتطور في العالم تحت تأثير العامل التكنولوجي نحو العالمية مع ملاحظات ضمنت مفصلي الاقتصاد الإفروسيوي والعالم والفكرة الإفروسيوية


في مهب المعركة (سلسلة مشكلات الحضارة)
http://www.furat.com/BooksCovers/f0558.gif
مجموعة مقالات تعد إرهاصاً للثورة الجزائرية وتسويغاً لدوافعها ويواجه بشجاعة الاستعمار الجاثم على أرض الجزائر. ويضع لثقافة الجيل أسساً من أصالة التاريخ وقيم العقيدة

أعتمدت في جمع هذه المعلومات على مقالات في موقع إسلام اون لاين و موقع الفرات


و سأحاول إن شاء الله تلخيص بعض المحاضرات التي ألقيت خلال الملتقى الدولي في فكر مالك بن نبي المنعقد في الجزائر أيام 23.24.25 شعبان 1424هـ الموافق ل: 18.19.20 أكتوبر 2003م