PDA

View Full Version : مشكلة ضعف شخصية الزوج وحلول مقترحة :






الخنساء
20-11-2001, 09:10 PM
أبلغ من العمر 30عاماً، متدينة، حريصة على الفرائض و النوافل من صلاة وصيام و صدقة و حج و عمرة، و قراءة كتب إسلامية، و حضور محاضرات إسلامية…إلخ. أعاني من مشكلتي هذه منذ عشر سنوات مضت.
حيث تزوجت برجل يكبرني بثلاث سنوات، خريج جامعة، متدين و لله الحمد، و هذا كان شرطي الوحيد في الزواج: أن يكون على مستوى عالٍ من الأخلاق والدين. و بالفعل تحققت هذه الشروط، أنجبت منه طفلين، لكن ما يعيب هذا الرجل أنه إنسان ضعيف الشخصية، أو بمعنى أصح: "ما عنده شخصية". أشعر أنه إنسان ساذج طيب، بزيادة عن اللزوم، ليس له كلمة و ليس له رأي: يمين يمين، شمال شمال، أي إنسان يوجّه له كلمة يتقبلها، لا يجادل و لا يناقش فيها، قلبه أبيض، لا يعرف الحقد أو الحسد، لا يسيء الظن بأي إنسان على الإطلاق. الناس يستغلون طيبته و سذاجته هذه، في البيت لا يأمر بشيء، و لا ينهى عن شيء، إلاَّ إذا أنا طلبت منه ذلك، أي أنه لا يبادر بنفسه أو من تلقاء نفسه. يتلقي الأوامر مني ثم يقوم بتنفيذها..
هكذا هو. حتى أطفالي الصغار يستغلون طيبة والدهم هذه بأنهم يطلبون منه كل شيء، و بسرعة يلبي جميع طلباتهم. لا يعترض على أي سلوك خطأ يبدر منهم، ولا يوجه النصيحة لهم أو يرشدهم. مثلاً عندما يفتحون التلفزيون و يسمعون الأغاني لا ينهاهم عن ذلك؛ إلا إذا أنا طلبت منه أن يوجه لهم الكلام، فهو يقوم بذلك، إلى الآن لم يستطع فرض شخصيته على أولاده أو عليَّ كزوجة له، و لا حتى على أهله و إخوته. و أنا علاقتي معه و لله الحمد جيدة، أكنُّ له كل تقدير واحترام "فهو جنتي و هو ناري" لم أستغل هذه الطيبة أو هذه السذاجة لأنني أخاف الله تعالى قبل كل شيء.
كثيراً ما يضعني في مواقف محرجة مع أهلي و إخوتي لأنه لا يحسن التصرف و لا الرد. حتى أن أهلي عندما يخرج يضحكون عليه، و يبدؤون بالتعليق عليه. وبالفعل مواقفه تستدعي الضحك و التعليق و لا تدل على أنه رجل له شخصية أو منطق، و لكن أنا لا أستطيع الضحك عليه أو التعليق عليه مثلهم، و أظهر استيائي من إخوتي على تعليقاتهم هذه لزوجي، و لكن ماذا أفعل؟ هكذا شخصيته حتى من قبل أن أتزوجه، حتى أنني لم أعد أذهب إلى بيت أهلي معه، و أكتفي بزيارتي لهم أنا و أطفالي. أطفالي سيكبرون، و ستكبر معهم همومهم و مشاكلهم، و سيرون أن والدهم ضعيف الشخصية، فأخاف أن يستغلوه من هذه الناحية، و أنا سئمت و مللت من شخصيته و منطقه الضعيف، مع أنه إنسان يقرأ كثيراً في الكتب الإسلامية، وله أصدقاء على مستوى عالٍ من الخلق و التدين و الثقافة، و لكنه لم يتأثر بهم أبداً، كثيراً ما أتمنى أن يكون لي رجل بكل معنى الكلمة، له هيبة و ذو شخصية قوية وله كلمة و رأي. فما هو الحل؟
أختكم ك.م


الإجابة على المشكلة :

أختي الفاضلة:

أحب أولاً أن أثني على حبك لزوجك، و واحترامك له، و حفظك لغيبته، و هذه أمور ثلاثة لاحظتها فيك من خلال رسالتك، فاثبتي عليها و لا تتخلي عنها، فهي من صفات الزوجة الصالحة.
فحبك و احترامك له كانا واضحين في رسالتك و بخاصة في قولك: "علاقتي معه و لله الحمد جيدة، أكنُّ له كل تقدير و احترام، فهو جنتي و ناري، لم أستغل هذه الطيبة.. لأنني أخاف الله قبل كل شيء".
أما حفظك لغيبته فظاهر في رفضك مشاركة أهلك في الضحك من تصرفاته والتعليق عليها، و إبدائك استياءك من هذا التعليق و ذاك الضحك. فبارك الله فيك.
تعالي أختي الآن؛ ننظر معاً في ما اشتكيته في زوجك، و وصفته بـ:ضعف شخصيته". و أوافقك على أن المرأة، بفطرتها، تحب الرجل ذا الشخصية القوية، المتحمّل لمسؤولية التربية و التوجيه، الذي يأمر و ينهى. و لقد ذكّرتني مشكلتك؛ بقصة المرأة الفرنسية "مورين لاكي" التي طلبت الطلاق من زوجها بعد مضي خمس عشرة سنة من زواجهما، و قالت في طلبها أنها لم تعد تستطيع احتمال أن يعتمد زوجها عليها في كل شيء. و عندما مثلت أمام القاضي المختص، قالت أن زوجها لم يطلب منها يوماً أي صنف من أصناف الطعام.. بل كان يترك لها أن تختار ما تريد.. و كان يترك لها أن تختار ثيابه و تشتري له قمصانه و ربطات عنقه أيضاً. و قالت المرأة للقاضي أن زوجها لم يَدْعُها يوماً إلى سهرة في مكان يريده هو.. بل يسألها دائماً أين تريد أن تسهر، و إذا أراد مشاهدة برامج التلفزيون.. يسألها أولاً عما تحب أن تشاهده هي من هذه البرامج.
قالت المرأة للقاضي أنها سئمت هذا النمط من الحياة، و أنها ظلت طوال سنوات الزواج تتمنى لو سمعت من زوجها: هكذا أريد.. أو .. يجب أن تفعلي كذا.. أو.. لا تفعلي كذا.
و قد سألها القاضي: أليس في هذا الموقف من زوجك ما يعزّز دعوة المرأة إلى الحرية و المساواة؟ فصرخت قائلة: كلا.. كلا، أنا لا أريد منافساً.. بل أريد زوجاً يحكمني و يقودني.
و أصرّ الزوج على موقفه، و قال أنه لا يستطيع تغيير طباعه بعد هذا العمر.. كما أنه لا يرغب في تغيير هذه الطباع، و لذلك حكم القاضي بالطلاق.. و لكن حسب شروط الزوج.. لأن الزوجة هي التي طلبت الطلاق.
و مع هذا، أختي الفاضلة، فإني أرجو منك أن تنظري إلى الموضوع من زوايا أخرى، و أن تقارني ما تشكينه في زوجك بما تشكوه زوجات غيرك في أزواجهن.. و ستجدين أنك في خير عظيم.. و في "ألف نعمة".. كما يقولون.
لنفترض أن زوجك صاحب شخصية قوية، لكنه يجمع مع شخصيته القوية تلك.. نزعة تسلّطية، مستبدّة، لا يسمع لرأيك، و لا يستشيرك في أمر، إلى حد يمحو فيه شخصيتك، و يلغي فيه وجودك.. القسوة أقرب إليه، و العنف أهون عليه، والضرب لا يفارق يديه…!
لو كان زوجك بهذه الصفات… أما كنتِ تشتكينها فيه، و تتمنين لو كان لطيفاً، حسن العشرة، غير قاس و لا مستبد..!
ستقولين لي: لا أريد هذا و لا ذاك..! أريد زوجاً حازماً في لين، قوياً في رفق، متحكّماً في عدل، آمراً في عطف، ناهياً في لطف…!
و أقول لك: و من لا تتمنى مثل هذا الزوج؟ و لكن أين هو في هذا الزمان؟ إن من يحمل هذه الصفات المتوازنة قليل جداً، و هو زوج مثالي بلا شك!
فاحمدي الله يا أختي على أنه متدين، يخاف الله، لا يظلمكم، و لا يدخل عليكم المال الحرام، و صاحب قلب أبيض، لا يعرف الحقد أو الحسد -كما وصفته في رسالتك- حسن الظن بالناس.
أما خشيتك من أن أولادكما سيستغلون ضعف شخصية أبيهم حين يكبرون، فلا تخشى من هذا إن شاء الله، لأنهم سيحبون أباهم، و يتعلقون به، و بخاصة إذا ربّوا على الإسلام، و نشأوا على نهجه. بل إن صلاح أبيهم خير زاد لهم. فقصة موسى مع الخضر عليهما السلام، في سورة الكهف، بشأن اليتيمين اللذين أقام لهما الخضر الجدار الذي يريد أن ينقض، لأن تحته كنزاً لهما، تُبيّن أن صلاح أبيهما كان وراء حفظ الكنز لهما. قال تعالى على لسان الخضر عليه السلام ((وَ كَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)).
مع هذا كله، فإني سأقترح عليك بعض الطرق لتنمّي من شخصية زوجك، وتقويها، دون أن تشعريه بهدفك منها… حتى لا تجرحي مشاعره: لنفترض أن شخصيتك و شخصيته تحتلان دائرة واحدة؛ فهذا يعني أن كل امتداد لشخصيتك سيكون على حساب شخصيته التي سيقل نصيبها في الدائرة… و من ثم ستتراجع أمام امتداد شخصيتك. و عليه.. فإن عليك أن تقللي من المساحة التي تحتلها شخصيتك في الدائرة… لتحتلها شخصية زوجك.
لتحقيق هذا التراجع لشخصيتك… و التقدم لشخصية زوجك.. راعي ما يلي:
1- حين يطلب أولادك موافقتك على عمل ما… حوّليهم إلى أبيهم… و قولي لهم: إذا وافق أبوكم فأنا موافقة…
2- ادفعي زوجك إلى الاختيار في كثير من الأمور التي كنت تختارينها أنت… وأدخلي في قناعة زوجك… أنك لن تقومي أنت بالاختيار… حتى يضطر إلى اتخاذ القرار.
3- إذا وقعت مشكلة تتصل بأولادكما… ادفعيها إليه… و اتركيه مع الأولاد… وانسحبي أنت من ساحتها… حتى لا يسألك رأيك… و من ثّمَّ يضطر لمواجهة المشكلة و حلّها.
4- أكثري من تركه وحده مع الأولاد… سواء في داخل البيت… أو اصطحابه لهم في نزهة و غيرها… دون وجودك معهم.
5- استفيدي من بعض جلسات الصفاء بينك و بين زوجك… و صارحيه برغبتك في التخفيف عنك من المسؤوليات التي تحملينها.
وفقك الله.. و أجزل لك المثوبة


نقل من موقع المرأة