جسم الانسان متجانس الحرارة.. لا تتغير حرارته المركزية بل تثبت عند نقطة توازن حوالي 37درجة مئوية، ينتج هذا التجانس الحراري عن التوازن بين عمليتي تكوين الحرارة وتدميرها.. وتتكون الحرارة من التفاعلات البيوكيميائية على مستوى الدهون والعضلات وفي النشاط العضلي، يتم تدمير الحرارة بالحمل الحراري "تسخين الطبقات الهوائية المجاورة، وتنخفض درجة هذا التسخيين إذا كان الجو شديد الحرارة"، وبالتشعع الذي يتضاءل إذا كان الطفل مغطسا في الماء جيدا، وبالتوصيل الذي يقل إذا كانت الدورة الدموية لا تتم بشكل جيد، وبالتبخر خاصة على مستوى الجلد، والقنوات التنفسية.
في أعماق الدماغ مركز خاص ينظم الحرارة ويعمل كمثبت حققيقي لها. وهو يحدد نقطة التوازن التي يجب ان يحتفظ بها الجسم يتلقى المعلومات ويطلق ردات الفعل الملائمة للتأقلم، مما يسمح للحرارة بأن تبقى 37درجة مئوية.
ارتفاعها
ويمكن ان ترتفع الحرارة في حالتين شديدتي الاختلاف، الأول: ارتفاع حرارة الجسم والثاني الحمى . ويمكن التفريق بينهما ففي حالة ارتفاع حرارة الجسم لا تتغير نقطة التوازن وانما يزداد انتاج الحرارة بسبب تمرين عضلي ضخم وانخفاض في التعريق وجو شديد الحرارة وكميات غير كافية من المياه، واذا لم تتخذ الاجراءات المناسبة بسرعة من تعويض الجسم عما فقده من السوائل وغيرها. فإن ذلك يؤدي إلى عدم قدرة الجسم على تنظيم الحرارة للجسم، وتسمى في هذه الحالة لفحة الحر.
اما في حالة الحمى، يحدث العكس اذ ترتفع نقطة التوازن بسبب مواد تدعى بيروجين (PYROGENE) وتظهر في الجسم أثناء الاصابات بالميكروبات أو الفيروسات وتؤثر هذه المواد على مثبت الحرارة المركزي.
يرسل إذاً مركز تنظيم الحرارة الرسائل لزيادة تكوين الحرارة فترتفع حرارة الجسم إلى نقطة التوازن الجديدة هذه "تزيد ارتعاشات ارتفاع الحمى من تكوين الحرارة".
ويسيطر على هذا الارتفاع في الحرارة المركزية ميكانيزم معاكس كي لا تصل الحرارة إلى درجات خطيرة "أكثر من 41درجة".
وفي بعض الحالات الاستثنائية يصاب ميكانيزم السيطرة المعاكسة بالعجز فتتعدى الحمى 41درجة.
فالطفل الذي لا يزيد عمره على سنتين ونصف والذي تتعدى حرارته 41درجة، يواجه اخطارا كبيرة على المستوى الحيوي، كما انه معرض، في غياب تدخل سريع لمشاكل عصبية مهمة حيث يؤدي ذلك إلى ازدياد كبير في حاجات الخلايات ولا سيما في الأوكسجين.. يمكن اذاً ان ينقص الاوكسجين على مستوى خلايا المخ فتتلف بعد ذلك.
كما يجب الانتباه إلى مظهر الطفل فقد يغش مظهره الأهل، فهو شحب، ونبضه وتنفسه سريعان لكن اطرافه باردة رغم ان حرارته تتعدى 41درجة "بسبب تقلص الأوردة المحيطية" فيكفي وضع اليد على جبينه لإدراك مدى ارتفاع حرارة الجسم. هذا بالنسبة لكيفية ارتفاع حرارة الجسم وخطورتها.
فما هي أسباب الحمى؟
الحمى ليست مرضا بل عارضا، وهي من الأسباب التي تجبر الأهل لزيارة الطبيب.
غالبا يكون السبب مرضا معديا، وليس بالضرورة يكون السبب جرثوميا ويحتاج إلى اعطاء الطفل مضادات حيوية بل ان معظم اسباب الحرارة هي الفيروسات وخاصة في الاطفال وهذه لا تحتاج إلى مضادات حيوية.
ويمكن ان يصاب أي جزء من الجسم من الرأس إلى القدمين ولكن هذه الأيام الباردة يكون سبب الحمى هي التهابات الحلق والمجاري التنفسية السفلية والرئتين يليها الالتهابات في الدماغ والجهاز الهضمي والبولي.
مخاطر الحمى المرتفعة:
1- زيادة استهلاك الأوكسجين ومن ثم تلف الخلايا.
2- زيادة استهلاك الماء مما يؤدي إلى الجفاف.
3- التشنجات وخاصة التشنجات الحمية.
كيفية قياس الحرارة؟
مع الأسف كثير من الناس يعتمد على حاسة يده في تقدير حرارة الطفل وهذا خطأ جسيم فأحيانا تكون الأطراف باردة وحرارة الطفل قد وصلت إلى درجة الخطر حوالي 41درجة. لذا يجب على الأهل استعمال أدوات قياس الحرارة ويمكن سؤال الطبيب أو الصيدلي عن استخدام هذه الأجهزة، بل واستخدامها للتأكد من وجود الحمى ودرجة ارتفاعها، وعدم الاعتماد على اليد. فيمكن قياسها عن طريق الفم تحت اللسان أو تحت الإبط، أو خلال فتحة الشرج ويجب ادخاله كثيرا كي يعطي قراءة جيدة.. ويمكن ايضا قياس الحرارة عن طريق الجلد أو الآذان،، باستخدام بعض الأجهزة الخاصة.
وسائل مكافحة الحمى:
يمتلك الأهل وسائل مادية وأدوية ضد الحرارة لمكافحة الحمى.
أولاً: الوسائل المادية:
1- اذا كان الطفل موجودا في غرفة لا تتعدى حرارتها 20درجة، فيجب نزع الاغطية عنه "وللأسف يتصرف الأهل غالبا عكس ذلك، فيغطون الطفل خوفا من أن يشعر بالبرد".
2- تغطيس الطفل في مياه تقل حرارتها بدرجتين عن حرارة جسمه، مع تبليل رأسه وتخفيض حرارة هذه المياه تدريجيا إلى 37درجة. ويجب ان يدوم هذا الاستحمام من خمس إلى عشر دقائق.
ومن الضروري تجنب التبريد السريع الذي يمكن ان يكون خطرا. فلا ينصح باستعمال الأغطية الباردة أو القطع الجليدية، رغم انها كانت لفترة طويلة من أهم النصائح، فهي تؤدي إلى انقباض في الأوردة السطحية للجلد، مما يمنع تمرير الحرارة ويساعد على ارتفاعها بسرعة.
3- يجب مكافحة الجفاف، وذلك باعطاء الطفل كميات قليلة وعلى دفعات متواترة من السوائل التي يقبلها الطفل، وفي حالة وجود قيء أو اسهال شديد فيجب الذهاب إلى المستشفى فورا، لأن ذلك يزيد من خطورة ارتفاع الحرارة، واحتمالية وجود أمراض خطيرة يجب اكتشافها ومعالجتها سريعا.
ثانياً: الأدوية المضادة للحرارة:
بالإضافة لما ذكر يمكن استعمال ادوية مضادات الحرارة وهي نوعان الاسبرين، والباراستيامول وهناك عدة اسماء تجارية لهذه الأودية. ويجب عدم استخدام مشتقات الاسبرين وخاصة في الاطفال لوجود بعض المضاعفات التي تحدث من جراء استخدامه.
ويمكن استخدام الشراب أو التحاميل كل 4ساعات على الأقل، وكمية الجرعة تعتمد على وزن الطفل ويجب استشارة الطبيب أو الصيدلي في كمية الجرعة.
ثالثاً: الأدوية الأخرى:
وهذه تعتمد بشكل كبير على الطبيب الذي يكشف على الطفل ويعمل بعض الفحوصات الضرورية طبقا لما يكتشفه في المريض.
ما العمل إذا بقيت الحمى؟:
نشدد على عدم اعطاء المضادات الحيوية دون تبصر. فقد يؤدي ذلك إلى اخفاء عوارض التهاب حاد في بدايته "التهاب السحايا، التهاب في البول.... الخ"، مما يزيد من صعوبة التشخيص ومن الشك في نوع العلاج المطلوب.. قد لا يسهل اكتشاف سبب الحمى المستمرة. فعلى طبيب الاطفال أولاً ان يفحص الطفل بدقة، وان يحلل العلامات المرتبطة بالحمى "ارتعاشات، اسهال، تقيؤ، سعال، آلام عند التبول، ....الخ".
فتكون الفحوصات الاضافية ضرورية "فحص الدم، فحص البول، صورة بالاشعة للرئتين، عمل بعض المزارع للافرازات... الخ".
الحرارة المزيفة:
يجب ألا ننسى أخيراً انه يمكن للطفل في سن الدراسة أن يزيف حرارته لأسباب متنوعة، تكفي عدة تقلصات ايقاعية للشرج أثناء قياس الحرارة كي ترتفع عدة درجات. فعند الشك بالأمر، يجب قياس الحرارة للطفل وهو مستلق على بطنه مع الطلب إليه ألا يقلص رد فيه، إذا كانت الحرارة مزيفة، وتم اكتشافها فيجب عدم تضخيم الأمر، بل التحدث إلى الطفل بكل بساطة قائلين له:
"لقد شفيت ويمكنك أن تعود إلى المدرسة".
وفي المرحلة التالية، على الأهل ان يحاولوا اكتشاف أسباب هذا التصرف والمشاكل التي يعاني منها الطفل...
المصدر:
http://www.alriyadh.com.sa/Contents/...e/SAHA_939.php
الروابط المفضلة