في حياة كل إنسان حاجات ستة لا غنى له عنها، يمارسها بشكل متكرر ولا يشعر بالراحة إذا لم تشبع، ألا وهي ( الجوع، العطش، النوم، قضاء الحاجة، الإشباع العاطفي، والممارسة الجنسية).
وإذا كانت تلك الأمور الستة فطرة في الإنسان، فهل تفتح لها جميع الأبواب لتمارس في أي وقت وعلى أي حال، أم أن لها ضوابط تحكمها، وقواعد تسيرها على الوجه الصحيح، هل من الصواب أن نترك لأبنائنا الحرية في ممارسة حاجياتهم دون أن نشرح لهم.. أن ننصحهم.. أن نضبطهم.. فكيف ننمي الإرادة لدى أبنائنا في ضبط حاجياتهم؟
بين العقاب والمكافأة
يلقي كل منا بعد حياته في الدنيا طريقين، إما إلى الجنة.. وإما إلى النار، وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات" كم هو بليغ جامع قول رسولنا صلى الله عليه وسلم، فالنفس التي تقول: ( أريد ) ولا تمنع، فإنها قد اختارت طريق النار، أما تلك التي تقول ( لا أريد ) فإنها تسعى إلى الجنة التي لا تدخل إلا المجتهد، فهي غالية ولا تُنال إلا بالجهد والعناء.
اضبط وقوّم
ما نراه في مجتمعاتنا، أن الجميع يشهر ويقلب الدنيا على فضيحة جنسية، ولا تراهم يركزون إلا على شهوة الفرج، ولوم الأبناء على قضائهم ساعات أمام الفضائيات وتتبع المواقع الإباحية، فكيف نطلب من الابن أن يضبطها إذا كانت الشهوات الأخرى لا تضبط ولا يحاسب عليها ولا تقابل باهتمام من أي طرف، فنرى الابن يأكل في أي وقت، جائعاً كان أم شبعان، يشرب إن رأى الشراب أمامه، ينام ساعات طويلة في غير وقت النوم، فكيف تركناه يعتاد على ذلك منذ الصغر؟ لا يستطيع أحدنا أن يمنعه من إشباع حاجياته فيكون له عدوا، ولكن يجب أن نعلمه كيف يدير أموره بنفسه، كيف يقدس أوقاته، فلا يسرف في النوم، كيف يحصن نفسه من الأمراض، فلا يسرف في تناول الطعام، كيف وكيف.. نعلمه أن يقي نفسه من الدخول في النار؟
كيف تحاور ابنك لتقنعه؟
أما عن الأسلوب الذي يمكن أن يتبعه المربي مع ابنه كي تكون شخصيته قوية قادرة على كبح جماح شهواته والتحكم فيها، فتقول الأم على سبيل المثال لابنها: ( يا بني إن ضبطت شهواتك وأكرهت نفسك على ما تهوى تنجو من النار وتدخل الجنة، لك الخيار يا بني فأي طريق ستختار؟) كما يجب عليك- عزيزي المربي- أن تعلم ابنك الصغير الصيام فيصبر على الجوع، والصلاة فهي تنهي عن المنكرات، وعلمه أهمية الوقت وضرورة التنظيم من سن السادسة، فلا ينام متى ما يشاء، فيصاب بالخمول والكسل، وإن أراد أن يتناول كوبا من العصير لتنهه الأم عن ذلك بقولها له: ( الآن.. ليس الوقت المناسب لشرب العصير)، وإن حان وقت الغداء والطفل أمام جهاز الحاسوب يلعب، تقول له: ( قم يا بني، فقد حان وقت الغداء ولا مجال للعب الآن)، ويجب ألا تسمح له بتنفيذ حججه للتهرب من تناول الغداء كي يستمر في اللعب حتى ولو غضب أو أصابه حزن، فإن ذلك سيدفعه لإضاعة أوقات كثيرة على حساب الضروريات كتأجيل الطعام والنوم.
عزيزتي المربية:
إن قضية الشهوات مربوطة بسلوكيات الابن اليومية، فعوده على التحكم في الشهوات البسيطة، وربه على الإرادة واتخاذ القرار، وادفعه إلى أن يربي نفسه بنفسه فيقومها، واقرأ في أمهات الكتب عن آداب الطعام والشراب وما يتعلق بتهذيب النفس، فتحسن تربية ابنك وتعليمه.
الروابط المفضلة