أدى اختلاف العادات الغذائىة لكثير من شعوب العالم إلى ظهور أمراض مختلفة عرفت بأمراض العصر، ويندرج تحت هذا المسمى عدة أمراض خطيرة أبرزها: داء السكر، وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم.. ويربط العلماء العديد من هذه الأمراض بارتفاع مستوى الكلسترول في الدم.. فما هو الكلسترول؟ وما هي العلاقة بينه وبين الغذاء الذي نتناوله؟ وإذا كان الغذاء أحد أسباب ارتفاع الكلسترول في الدم فهل ممكن أن تعمل بعض أنواع الأطعمة على الحد من ارتفاع الكلسترول في الدم؟
(الكلسترول... مادة أساسية لجسم الإنسان)
الكلسترول من البروتينات الدهنية الأساسية التي تدخل في بناء جدار خلايا الإنسان، كما أنه يدخل في تركيب العديد من الهرمونات. وينتقل الكلسترول من الكبد إلى جميع أنسجة الجسم على عدة هيئات أبرزها:
ü الكلسترول منخفض الكثافة LDL.
ü الكلسترول عالي الكثافة HDL.
ü ترايجلسرايد Triglycerides.
ويُعدُّ ارتفاع الكلسترول المنخفض الكثافة (LDL) من أخطر المؤشرات الدالة على إمكانية إصابة الجسم بالأمراض المتعلقة بالقلب والشرايين، ذلك أنه يترسب على جدران الأوعية الدموية مما يسبب تصلب الشرايين وانسدادها فيما يعرف بانسداد الشرايين التاجية للقلب، والذي يؤدي إلى الذبحة الصدرية.
( علاقة الغذاء بالكلسترول)
يعتمد مستوى الكلسترول في الدم بشكل كبير على كمية الدهون التي يتناولها الإنسان يومياً. ولكن وبالرغم من أهمية العنصر الغذائي في معادلة مستوى الكلسترول في الدم إلا أنه توجد عدة عوامل مختلفة تؤثر في هذه النسبة، هي: العامل الوراثي، وداء السكري، والتدخين، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، وعدم ممارسة الرياضة. لذا يجب التعايش بشكل صحيح مع داء السكري ومرض ارتفاع ضغط الدم لحماية الجسم من العواقب الوخيمة لارتفاع مستوى الكلسترول في الدم. كما يجب محاولة الامتناع عن التدخين وخفض الوزن للتخلص من هذا الخطر.
أما العنصر الغذائي ـ العنصر الأبرز في معادلة ارتفاع مستوى الكلسترول في الدم ـ فينصح باتباع الإرشادات الغذائىة التالية للحد من ارتفاع كلسترول الدم:
1- يجب الحد من تناول اللحوم الحمراء والحرص على نزع الدهن منها قبل الطهي.
2- شراء منتجات الألبان قليلة الدسم أو الخالية منه.
3- تجنب الطهي بالدهون الحيوانية والزبدة والاستعاضة عن ذلك بالزيوت النباتية.
4- تجنب الوجبات السريعة والأطعمة المقلية.
5- الاعتماد بشكل أساسي على تناول الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة عند تحضيرنا للوجبات.
الجدير بالذكر أن الالتزام بهذه التعليمات يؤدي إلى خفض مستوى كلسترول الدم بحوالي 10%.
( أطعمة تساعد على خفض نسبة الكلسترول)
درس العلماء العديد من العادات الغذائىة لدى الشعوب وعمل الكثير منهم على ربط الأمراض التي يعانيها شعب ما بالنمط الغذائى الذي يتبعه هذا الشعب. وانطلاقاً من هذه المشاهدات؛ قام العلماء بدراسة بعض أنواع الأطعمة وتأثيرها على مستوى الكلسترول في الدم. وعلى الرغم من تشعب هذه الدراسات إلا أن التأثير الجيد لكلاً من الثوم وزيت الزيتون على مستوى الكلسترول في الدم برز بشكل قوي في نتائج هذه الأبحاث.
( تأثير الثوم على الكلسترول)
الثوم من التوابل المعروفة التي استخدمها الإنسان منذ قديم الزمان. قيل أن موطنه آسيا الوسطى أو الهند. لكن زراعته شائعة في كل أرض، فقلما وجد بيتاً لا يعرف الثوم. ولكن للثوم في عصرنا الحاضر حضوراً مميزاً على الصعيد الطبي، حيث أُجريت عليه العديد من التجارب العلمية التي أثبتت فوائده الطبية عوضاً عن الغذائىة، خاصة مفعوله كخافض لمستوى الكلسترول في الدم. فما حقيقة هذا التأثير علمياً؟
للثوم تأثير مخفض لنسبة الكلسترول في الدم. ففي دراسة أجريت في ألمانيا على 261 مريضاً يشكون من ارتفاع الكلسترول في الدم، أعطي مجموعة منهم 800 مليجرام من خلاصة الثوم على شكل حبوب، بينما أعطيت المجموعة الأخرى دواءً وهمياً، وبينت نتائج الدراسة أن الثوم نجح في تخفيض نسبة الكلسترول 12% بينما انخفضت نسبة الجلسريدات الثلاثية بنسبة 17% بعد 16 أسبوعاً من بداية الدراسة.
( زيت الزيتون وصحة القلب)
يحتفظ زيت الزيتون بأطول سجل تاريخي في مجتمع تخلو منه الإصابة بأمراض القلب والشرايين. ولعل شعوب البحر الأبيض المتوسط الذي يعتمد غذائهم بشكل كبير على هذا الزيت المفيد خير دليل على ذلك، حيث تقل قابليتهم بدرجة كبيرة للإصابة بتصلب الشرايين والأزمات القلبية، وذلك بالمقارنة مع سكان الدول الأخرى التي تعتمد في غذائها على الدهون الحيوانية.
ويعتمد العلماء أن السبب يكمن في الأحماض «الدهنية أحادية التشبع» التي يتكون منها زيت الزيتون، حيث تعمل على خفض مستوى الكلسترول الضار في الدم من جهة، كما أنها تمنع ترسب الدهون على جدران الشرايين من جهة أخرى. هذا بالإضافة إلى وجود العديد من مضادات الأكسدة التي تحمي من التلف الذي تسببه الأيونات مفرطة النشاط الناتجة عن تحلل الأكسجين في الدم ضمن تركيبه.
( الخضراوات والفواكه.. الغذاء المثالي)
ختاماً يُعدُّ الغذاء المتوازن الغني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة غذاءً مثالياً للجميع. وتُعدُّ الخضراوات والفواكه من أغنى المصادر الطبيعية بالألياف القابلة للذوبان التي تمتص ما يعادل 15 مرة وزنها من الماء أثناء انتقالها عبرة القناة الهضمية، وتنتج برازاً ليناً. كما أنها تخفف الضغط على القناة الهضمية، مما يؤدي إلى تقليص خطر الإصابة بالإمساك والبواسير والانتفاخ.
وللألياف فوائد مؤكدة فيما يتعلق بخفض مستوى الكلسترول في الدم. فمن شأن الألياف القابلة للذوبان في الماء، أن تخفف مستوى الكلسترول في الدم عبر زيادة كمية حمض الصفراء الذي يتم إفرازه في البراز، فمن أجل إفراز المزيد من حمض الصفراء يزيل الكبد كمية أكبر من كلسترول الدم. ومن شأن الألياف أيضاً أن تساعد على ضبط مستوى السكر بإبطاء تمرير السكر في مجرى الدم. بيد أنه من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الفائدة ناجمة عن الألياف نفسها أو عن كون النظم الغذائية الغنية بالألياف تحتوي نسبة منخفضة من الدهون وعلى مغذيات أخرى من شأنها التأثير على مستوى السكر في الدم.
الروابط المفضلة