في عالم النبات غرائب وعجائب، قد لا يعرفها إلا الذين يبحثون عن غرائب الأعشاب بهدف الحصول على أعشاب طبية، قد تخفف الآلام عن الذين يعانون من أمراض مزمنة. ولدى سماع لفظة (نبات) نتصور مباشرة، ما يحيط بنا من أشجار مثمرة أو أشجار حراجية، أو أعشاب مختلفة، ولا يخطر على أذهاننا أن الفطريات نباتات أيضًا، والكمأة "الفقع" فطر لذيذ، ينمو في شروط خاصة، ويكثر في السنوات التي تزداد فيها العواصف الرعدية، حيث يسهم البرق في تشكيل أكاسيد الآزوت في الجو، وتشكل مع الماء حمض الآزوت، وحين يصل هذا الحمض مع قطرات المطر إلى الأرض، يتفاعل مع عناصر ومركبات في التربة، مشكلاً أسمدة آزوتية، وهي ضرورة لنمو الكمأة وسائر النباتات الأخرى.
والنبات الأخضر ذاتي التغذية، لأن الأجزاء الخضراء منه تقوم بالتركيب الضوئي، فتصنع السكاكر والزيوت والبروتينات، تباعًا، لكن الفطريات التي لا تحتوي على مادة اليخضور (الكلوروفيل)، كيف تؤمن غذاءها من السكريات والبروتينات؟
إنها تعيش رمية أو متطفلة، بعضها يستمد غذاءه من المواد العضوية الناتجة من تفسخ جثث الحيوانات وبقايا النباتات وبعضها يتطفل على النباتات أو الحيوانات، فيمتص غذاءه جاهزًا، وفي بعض الحالات يتعايش الفطر مع نبات أخضر، بشراكة عادلة أو غير عادلة، ولا مجال لشرح تلك الحالات.
ما يهمنا هنا هو هذا النبات العجيب في شكله وفي تركيبه، إنه نبات الطبر، نبات لا يحتوي على اليخضور، فهو رمي، ولذلك ينتسب إلى مجموعة الفطريات. يعيش نبات الطبر في أعماق الغابات الجبلية، وله أنواع كثيرة تظهر بأشكال وألوان مختلفة، فقد يظهر بشكل ولون يشبه الصخر تمامًا، وقد يكون بلون أصفر أو أحمر أو برتقالي أو قرمزي، ويمكن أن يكون بلونين، كما هو واضح في الصورة المرفقة.
يكثر هذا النبات في الغابات الجبلية في الصين، ويحظى باهتمام الأطباء الشعبيين، يقول: "كانغ شي وي": في كتاب (شن نونغ للأعشاب الطبية) وهو الكتاب الأقدم من نوعه في الصين، إن عشب الطبر هو أهم عنصر لإعداد العقاقير، وإضافة إلى ذلك يؤكد كتاب (الأعشاب الطبية) لـ "لي شي تشن" في عهد أسرة مينغ (1368-1644) أن كل الذين يأكلون الطبر بوسعهم أن يحتفظوا بشبابهم، وغضاضة بشرتهم وأن يطيلوا أعمارهم..
وقد أثبتت البحوث الطبية الحديثة أن الطبر يحتوي على مركبات وعناصر عديدة بنسب معينة، لها قدرة على زيادة المناعة الجسدية وتنظيم الدورة الدموية وتحسين وظيفة الجهاز العصبي، وتأمين الوقاية من أمراض الأوعية الدموية والقلبية والسرطان، ومقاومة الشيخوخة، ونظرًا لأهمية هذا النبات من الناحية الطبية، عقدت منظمة الصحة العالمية، أول ندوة حول الطبر في "هونغ كونغ" عام 1993م. إنه نبات عجيب، ولله في خلقه شؤون.
الروابط المفضلة