مشروبات الطاقة أو المشروبات المنبهة
تنتمي المشروبات المنبهة (Stimulant Drinks) إلى مجموعة أغذية، تعرف بالأغذية الوظيفية (Functional Food)؛ ولا توجد في الوقت الحاضر نظم أو مواصفات لهذه الأغذية في المملكة، لا يوجد تعريف متفق عليه للمشروبات المنبهة من الناحية التشريعية لذا فإنه يمكن إطلاق مصطلح المشروبات المنبهة على المنتجات التي تحتوي على الكافيين والتورين والفيتامينات وقد تحتوي على مصدر للطاقة (مثل الكربوهيدرات) و/أو مواد أخرى ويتم تسويقها لأداء غرض محدد يشمل تأثيرات محفزة حقيقية أو مدركة حسياً للنواحي الفسيولوجية أو الأداء. وهذه المشروبات تختلف عن مشروبات الرياضة والتي لا تحتوي على منبهات وتحتوي على السكريات والفيتامينات والأملاح فقط.

دخلت المشروبات المنبهة، ويطلق عليها مشروبات الطاقة (Energy Drinks)، أيضاً، السوق العالمية في عام 1987م، ومن ثم كان انتشارها سريعاً في معظم دول العالمً. يدعي منتجو ومسوقو المشروبات المنبهة بأنها تؤثر تأثيراً جيداً على وظائف محددة من وظائف الجسم ولذا، فهي تنتمي إلى مجموعة الأغذية المعروفة بالأغذية الوظيفية، وتسوق بادعاءات مثل أنها تنشط وتحيي الجسم والمخ وتحسن الأداء النفسي وترفع المعنويات ولكن لا يوجد أساس علمي لادعاءات مصنعي هذه المنتجات.

في الوقت الحاضر، يحيط كثير من الجدل والخلاف بالمشروبات المنبهة (مشروبات الطاقة) ومما أثار اهتمام الجمهور بمأمونيتها وفاة شاب عمره 18 سنة بايرلندا عام 2000، وتوفي الشاب عندما كان يشارك في مباراة كرة سلة، بسبب خلل انتظام قلبي وحسب الشهود الذين شاهدوا المتوفى يستهلك ثلاث علب من أحد المشروبات المنبهة قبل المباراة.

وفي عام 2001م، ربط موت ثلاث من الشباب في السويد باستهلاك مشروبات منبهة؛ حيث مات اثنان نتيجة تناولهما المشروب المنبه مع الكحول ومات الثالث بعد شرب عدة علب من المشروب المنبه بعد نشاط رياضي.



منتجات المشروبات المنبهة:
تتوفر في الأسواق العديد من المشروبات المنبهة وتحتوي جميعها على الكافيين بتركيز60- 80 ملجم/250 مل (عبوة) وتحتوي غالبية هذه المشروبات على التورين في حين يحتوي البعض منها على مادة جلوكيورونولاكتون glucuronolactone بالإضافة إلى مواد أخرى.

وفي بريطانيا تحدد التشريعات الغذائية بأن تحتوي بطاقة الغذاء للمنتجات (مثل المشروبات المنبهة) المحتوية على الكافيين بتركيزات أعلى من 125 ملجم/لتر على عبارة واضحة تشير إلى مستويات الكافيين الموجودة فيها وتوضيح يشير إلى أن هذه المنتجات غير مناسبة للأطفال أو الأشخاص الحساسين للكافيين. ووافقت دول الاتحاد الأوروبي في فبراير عام 2002م على تشريعات جديدة لبطاقة الأغذية وتتطلب هذه التشريعات تدوين عبارة "عالية في محتواها من الكافيين" في المشروبات التي يزيد فيها تركيز الكافيين عن 150 ملجم/لتر وأن يحدد على البطاقة كمية الكافيين الموجود في عبوة المشروب، وتمنع القوانين الكندية بيع المنتجات التي تحتوي على كافيين بتركيز يزيد عن 150 ملجم/ لتر.



التأثيرات الصحية السلبية المحتملة لمكونات المشروبات المنبهة:

أولاً. الكافيين:
يعتبر الكافيين أحد المكونات الرئيسة للمشروبات المنبهة ويوجد الكافيين أيضاً في الشاي والقهوة والمشروبات الأخرى وبعض الأغذية، وقد تصل كمية الكافيين المتناولة من المشروبات المنبهة في جلسة واحدة إلى 240 ملجم (3 عبوات) في الأشخاص المستهلكين لهذه المشروبات بكميات كبيرة. إن تناول الكافيين بكمية كبيرة من قبل الأشخاص الذين يتناولون هذه المشروبات بشكل كبير يثير القلق والاهتمام خاصة فيما يتعلق بالتأثيرات الصحية الحادة المعروفة للكافيين مثل زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم والجفاف. إضافة إلى تأثيراته على التصرفات والإدراك. أما التأثيرات الصحية على المتعودين على استهلاك الكافيين (المزمنين) فتظل غير مؤكدة.

بالرغم من عدم وجود معلومات عن تأثير استهلاك المشروبات المنبهة خلال الحمل إلا أن المحتوى العالي لهذه المشروبات من الكافيين يتطلب النظر إليها وأخذها في الاعتبار فيما يتعلق بالمتناول من الكافيين خلال مرحلة الحمل. ونظراً لاحتمال ارتباط الكافيين بولادة أطفال ناقصي الوزن والإجهاض الذاتي عند استهلاك كميات عالية من الكافيين فإن التوصيات تحث المرأة الحامل بأن لا تستهلك كميات كبيرة من المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة و الشاي و المشروبات الغازية و المشروبات المنبهة).

وبالنسبة للمعلومات المتوفرة عن المتناول من المشروبات المنبهة عند الأطفال (أقل من 11 عام) فينصح بأن يؤخذ في الاعتبار مقدار ما يتناولونه من هذه المشروبات التي تحتوي على كميات عالية نسبياً من الكافيين حيث لوحظ من الدراسات التي أعطي فيها الأطفال جرعة قليلة من الكافيين عدم حدوث تأثيرات أو كانت هذه التأثيرات بسيطة كما لوحظ تأثيرات غير ثابتة على المزاج والتصرفات والإدراك وحركات الجسم وفسرت بعض هذه التأثيرات على أنها مفيدة. ولكن أشارت بعض الدراسات أن جرعة قدرها 5 ملجم/كجم من وزن الجسم (تعادل 150 ملجم كافيين/يوم , 4-5 عبوات من مشروب الكولا لطفل عمره 10 سنوات ويزن 30 كجم) أدت إلى زيادة اليقظة وفرط التهيج والعصبية والقلق في بعض الأطفال خاصة أولئك الذين يستهلكون الكافيين بشكل منخفض عادة.

تعتبر المعلومات عن احتمالية تفاعل الكافيين مع المكونات الأخرى للمشروبات المنبهة مثل التورين في الإنسان محدودة جداً وفد يكون لمثل هذه التفاعلات أو التداخلات المزيد من التأثير السلبي على الإنسان.


ثانياً. الجورانا Guarana:
الموطن الأصلي لنبات الجورانا هو أمريكا الجنوبية. يحتوي هذا النبات على مادة القوارانين guaranine وهي مادة مشابهة من الناحية الكيميائية للكافيين ولها تأثيرات منبهة شبيهة أيضاً بالكافيين. تضاف الجورانا عادة إلى المشروبات المنبهة إما بمفردها أو مع الكافيين. يرتبط التأثير المنبه للجورانا بمحتواها من الكافيين إذ يحتوي الجرام الواحد منها على حوالي 40 ملجم كافيين أي ما يعادل قوة كوب متوسط من القهوة. وبالرغم من أن المصدر الدقيق والنشاط المنبه للجورانا لم يفهم جيداً إلا أنه ذكر أن الجورانا تضفي تأثير منبه أطول مقارنة بتأثير كمية معادلة من الكافيين.

أشارت تقارير علمية إلى تأثيرات سامة مرتبطة بالجورانا في التجارب التي أجريت على الحيوانات إلا أن المعلومات محدودة أيضاً في هذا المجال. وتمنع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حالياً استخدام الجورانا في الأغذية والمشروبات إلى حين الانتهاء من دراسة سلامتها. كما أن الجهات التشريعية في المملكة المتحدة واتحاد الدول الأوروبية تراجع أيضاً سلامة استخدام الجورانا في المواد الغذائية.


ثالثاً.التورين Taurine :
أشارت المعلومات عن المتناول من التورين من المشروبات المنبهة لدى المستهلكين أن متوسط المتناول من هذه المادة يومياً من المشروبات المنبهة يعادل تقريباً 400 ملجم ويزداد إلى 1000 ملجم لدى المستهلكين لهذه المشروبات بشكل كبير. أما أكثر الكميات المستهلكة من التورين في جلسة واحدة فبلغ في المتوسط 3 جرام وأرتفع إلى 8 جرام لدى المستهلكين للمشروبات المنبهة بشكل كبير. وتناول المشروبات المنبهة بكثرة يؤدي إلى استهلاك كمية من التورين تتجاوز بدرجة كبيرة الكمية المتناولة منه من الأغذية أو المشروبات الأخرى في اليوم. وبالرغم من محدودية المعلومات المتوفرة عن التورين إلا أن هذه المعلومات تشير إلى عدم وجود دلائل لتأثيرات سلبية للتورين عند هذه المستويات المتناولة ولم تستطع اللجنة العلمية للغذاء في الإتحاد الأوروبي في تقريرها حول هذا الموضوع من الوصول إلى قرار عن سلامة التركيز الحالي من التورين المستخدم في المشروبات المنبهة. حيث يتطلب ذلك إجراء المزيد من البحوث عن هذا المكون.


رابعاً. جلوكيورونولاكتون Glucuronolactone:
متوسط المتناول من هذا المكون الذي يدخل في تركيب المشروبات المنبهة حوالي 250 ملجم ويزداد إلى 700 ملجم لدى المستهلكين لهذه المشروبات بشكل كبير. متوسط المتناول من هذه المادة في جلسة واحدة 1800 ملجم ويزداد إلى 4800 ملجم لدى المستهلكين للمشروبات المنبهة بشكل كبير وتتجاوز هذه الكمية المتحصل عليها من هذه المشروبات أي كمية يمكن الحصول عليها من أغذية ومشروبات أخرى. المعلومات عن تقييم مخاطر هذه الكميات الكبيرة المتناولة من هذه المادة محدودة أيضاً. وبالرغم من عدم وجود مؤشر من المعلومات المتوفرة على وجود أي خطر صحي عند تناول هذه الكميات العالية من هذه المادة إلا أن هذه المعلومات محدودة. وكما هو الحال مع التورين فإن اللجنة العلمية للاتحاد الأوروبي للغذاء لم تصل إلى قرار فيما يتعلق بسلامة هذه الكمية المتناولة على المستهلك.




استهلاك المشروبات المنبهة أثناء الرياضة والتمارين:
يشجع البعض على استخدام المشروبات المنبهة عند ممارسة الرياضة. حيث لوحظ أن الكافيين يحفز الأداء في بعض النشاطات الرياضية ولهذا السبب فإن تناول الكافيين أثناء الرياضة يخضع لتشريعات اللجنة الأولمبية الدولية. ومن غير الواضح أن المكونات الأخرى للمشروبات المنبهة (التورين وغيره) قد يكون لها نفس التأثيرات على الأداء خلال ممارسة الرياضة والتمارين كما أنه من غير المعروف فيما إذا كانت تزيد أو تعظم من فعل الكافيين عند استخدامها أثناء التمارين الرياضية.

تعتبر المشروبات المنبهة غير مناسبة كمشروبات للأداء في الرياضة أو ممارسة التمارين إذ لا تشبه المشروبات المنبهة مشروبات الرياضة (ذات الفعالية الأسموزية المشابهة لسوائل الجسم) حيث أنها لا تفي بالمتطلبات الضرورية الموصى بها لمشروبات الرياضة (الأسموزية وتركيز الكربوهيدرات والإلكتروليتات) التي تضمن الحصول على الأداء الأمثل. يعرف القليل عن التأثيرات السلبية المحتملة على أداء التمارين وتوازن السوائل خلال الأداء الرياضي والذي قد ينشأ عن تفاعل أو تداخل المكونات الرئيسة للمشروبات المنبهة.




تناول المشروبات المنبهة والكحول:
أشارت دراسات المسح الغذائي في بعض الدول أن المشروبات المنبهة قد يتم تناولها في بعض الأحيان مع الكحول. توجد معلومات قليلة عن تداخل أو تفاعل محتمل بين الكحول (المثبط) ومكونات المشروبات المنبهة مثل الكافيين والتورين عندما تستهلك بكميات عالية نسبياً من قبل بعض المستهلكين وهو يزيد من جفاف الجسم ويعيق التخلص من سموم الكحول في الحسم.




التسويق والدعاية:
هناك عدد من الملاحظات على تسويق المشروبات المنبهة والادعاءات التي تحملها هذه المشروبات :

1- بعض المسوقين لهذه المشروبات يؤكدون على فوائدها دون وجود حقائق علمية حول ذلك.

2- المواد الدعائية تشجع على استهلاكها يشكل مفرط.

3- في العموم ليس هنالك حدود عليا موصى بها للاستهلاك مما قد يؤدي إلى تناولها بشكل كبير قد يؤدي إلى أثار سلبية خطيرة.




التوصـــيات:
على ضوء التأثيرات الصحية السلبية للمشروبات المنبهة ومن المعلومات العلمية المتوفرة يمكن ذكر التوصيات التالية :


1. البطاقة الغذائية:
- وضع عبارة تحذيرية على البطاقة لمنتجات المشروبات التي يزيد فيها محتوى الكافيين على 150 ملجم/لتر ويكون نص العبارة (( يحتوي على كافيين عالي )) كما يجب تحديد كمية الكافيين على البطاقة في هذه الحالة.

- كما نوصي بأن يوضع على بطاقة المشروبات المنبهة ما يشير إلى أن هذه المشروبات غير مناسبة للأطفال (أقل من 16 سنة) والنساء الحوامل والأشخاص الذين لديهم حساسية للكافيين.


2. المجموعات الحساسة:
- على ضوء النصيحة الطبية للحوامل بتحديد متناولهم من الكافيين لتأثيراته السلبية على نتائج الحمل فإن المشروبات المنبهة يجب أن تصنف ضمن المشروبات الأخرى عالية المحتوى من الكافيين التي يجب أن تتجنبها الحامل.

- يجب منع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة من تناول المشروبات المنبهة وهذه التوصية بناءاً على التأثيرات المؤقتة المحتملة للاستهلاك العالي للكافيين على التصرفات مثل زيادة الإثارة وفرط التهيج والعصبية والقلق.

- ويجب عدم تناول المشروبات المنبهة عند ممارسة الرياضة والتمارين لإرواء العطش ويجب أن يذكر في بطاقة المشروب المنبه عبارة واضحة تشير إلى أن المنتج غير مناسب لإرواء العطش عند ممارسة الرياضة أو أداء التمارين .


وبشكل عام يجب نصح المستهلكين بأخذ الحذر عند تناول هذه المشروبات ولمن يريد أن يستهلك المشروبات المنبهة (الطاقة) فيكفي منها عبوة واحدة يومياً مع الأخذ بالتحذيرات السابق ذكرها.



نقلاً عن الجمعية السعودية لعلوم الغذاء والتغذية