عندما تكاد تغرق فيرمي إليك أحدهم حبلاً، تشعر بأنه المنقذ لا محالة وأن الفرج قد اقتراب

على يديه والخير كله في حبله الذي يجره بين يديه.


فلا تلبث أن تكتشف أنه قد التف مطوقاً لعنقك، ليحبس أنفاسك المثقلة المتعثرة، ويبدأ ليسحبك

تجاه الشاطئ ومع كل متر تجاه الحياة تفقد نفسك أكثر وأكثر وتشعر بالموت يقترب أكثر

فأنت في طريق إلى الموت والحياة سواء .

فلا تعلم أهو بجره للحبل يرغب في إنقاذك أم هو يحاول إنهاء معاناتك بإنهاء حياتك، تنظر

وتتأمل بما تبقى لك من جهد علك تلحظ أحداً يمكن أن يخلصك مما أنت فيه فلا ترى إلا صاحب

الحبل باذلاً جهده بكل أخلاص وتفاني في جرك وحوله من يصفق له مشجعاً، لتستمر في الانقياد

نحو حياة تصلها إن وصلت وقد أصبت بحالة من الرعب والخوف ونقص الأكسجين وفقد للقوى

يجعلك إن عشت فإنك تعيش عالة على الأحياء جسد بلا روح وشخص بلا هوية ...

إنما حاولت فيما سبق أن أقرب ما يحصل عندما تذهب لزيارة الطبيب النفسي الذي يطلق حبله

المنقذ خلال عشر دقائق ليرمي لك بعدها بعدد من التعليمات الطبية التي تطوق عنقك لتبقى أسيراً

مقيداً سنوات طويلة لإرادة هذا المنقذ الذي يعدك آلة لا قيمة لها إلا من خلال ما تحققه من ربح

وعائد مادي فلا مجال لتضييع الوقت بالإنصات أو حتى الاستماع لشكوى قد تفقده زبون آخر ..

تعيش شهور طويلة بل وسنوات متعددة تتجرع الألم النفسي المرهق نتيجة تناول الدواء

الذي يجعلك تشعر بأنك مريض باستمرار تناوله، وكأن الحلول قد عدمت والوسائل قد فقدت فلا

مجال ولا حيلة ماعدا هذا الدواء ..

لا شك في إن الغريق لا يملك أمره ويبحث عن أي شيء يقوده للنجاة مما هو فيه ولكن استغلاله

واستثمار حالته أمر غير مقبول والأولى أن يتواجد فريق طبي متكامل يشخص حالة المريض

فيقابله أولاً الأخصائي النفسي ويعمل له اختبارات نفسية ويدرس حالته ثم يقرر حاجته ويحدد

احتياجه بعد أن يستوفي جميع المتطلبات التي تعينه على الحكم الصحيح على المريض ومن

ثم اتخاذ القرار الجيد الذي يخدم مصلحة المريض ويساهم في حل مشكلته.

كم من شخص زار الطبيب وهو يشعر بمعاناة كان حلها في كلمات رقراقة أو جلسة هادئة وكم من

آخر زار الطبيب وهو في موجة شعورية لا تلبث أن تنطفئ متى وجدت من يوجهها التوجيه النفسي

الصحيح إلا أن دخوله في دائرة المرضى النفسيين واستعمال الادوية الطبية يحوله من شخص

يعتمد على نفسه ويجتهد في حل مشكلاته إلى شخص مريض لا يقوى على مواجهة الحياة ولا يملك

القدرة على حل مشكلاتها إلا من خلال جرعات دوائية يصفها له الطبيب المعالج لتستمر المعاناة

سنوات وسنوات دون حلول حقيقية تنهي المعاناة، اسأل الله ألا يريكم مكروهاً وأن يعافي

مرضانا ومرضى المسلمين.


كتبه مدرب تطوير الذات / حسن بن علي الجوني