السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لى أخواتى فى الله أن أدلى بدلوى - أنا الأمة الفقيرة الى الله - فى موضوع ( محمد صلى الله عليه وسلم قدوتى ) ، وأقدم لكم بعضا مما قرأته فى كتاب ( الطيبات من الرزق ) للشيخ أبى ذر القلمونى ، جزاه الله عنّا كل الخير .
جاء فى شرح حديث " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه "
__________________________________
قال ابن رجب الحنبلى فى كتابه جامع العلوم والحكم :
روى أبو القاسم البغوىمن حديث عبد الرحمن بن المرقعقال "" فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبروهى مخضرة من الفواكه، فوقع الناس في الفاكهة فغشيتهم الحمى ، فشكوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله عليه وسلم : انما الحمى رائد الموت وسجن الله فى الأرض ، وهى قطعة من النار ، فاذا أخذتكم فبردوا الماء فى الشنان فصبوها عليكم بين الصلاتين : يعنى بين الغرب والعشاء ، قال : ففعلوا فذهبت عنهم ، فقال رسول الله عليه وسلم : لم يخاق الله وعاء اذا ملىء شرا من بطنه ، فاذا كان لابد فاجعلوا ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للريح ".
وقد روى أن ابن أبى ماسويه الصيب لما قرأ هذا الحديث قال : لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام ولتعطلت المارشيات ودكاكين الصيادلة، لأن أصل كل داء التخم .
وقال الحارث بن كلدة طبيب العرب الحمية رأس الدواء والبطنة رأس الداء ، وقال ايضا : الذى قتل البرية وأهلك السباع فى البرية ادخال الطعام على الطعام قبل الانهضام . وقال غيره : لو قيل لأهل القبور : ما كان سبب آجالكم ؟ لقالوا التخم ، فهذابعض منافع قليل الغذاء وترك التلؤ من الطعام بالنسبة الى صلاح البدن وصحته .
وأما بالنسبة الى القلب وصلاحه فان قلة الغذاء يوجب رقة القلب وقوة الفهم وانكسار النفس وضعف الهوى والغضب ، وكثرة الغذاء يوجب ضد ذلك .
وعن ابن سيرين قال رجل لابن عمر : ألا أجيئك بجوارش ؟ قال : وأى شىء هو ؟ قال : شىء يهضم الطعام اذا أكلته ، قال ما شبعت منذ أربعة أشهر ، وليس ذلك لأنى لاأقدر عليه ، ولكن أدركت أقواما يجوعون أكثر مما يشبعون .
وعن أبى عبيدة الخواص قال : حتفك شبعك وحفظك فى جوعك . اذا أنت شبعت ثقلت فنمت ؛ استمكن منك العدو فجثم عليك ، واذا أنت تجوعت كنت للعدو بمرصد .
وعن أبى سليمان الدارانى قال : اذا أردت حاجة من حوائج الدنيا ولآخرة فلا تأكل حتى تقضيها ، فان الأكل يغير العقل .
وعن رباح القيسى أنه قرب الى أبى سعيد التميمى طعاما فأكل منه ، فقيل له ازدد فما أراك شبعت ، فصاح صيحة فقال : كيف أشبع أيام الدنيا ، وشجرة الزقوم طعام الأثيم بين يدى ، فرفع الرجل الطعام من بين يديه وقال : أنت فى شىء ونحن فى شىء .
وعن ابراهيم بن آدم قال : من ضبط بطنه ضبط دينه ، ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة ، وان معصية الله بعيدة من الجائع قريبة من الشبعان ، والشبع يميت القلب ، ومنه يكون الفرح والمرح والضحك .
وقال ثابت البنانى : بلغنا أن ابليس لعنة الله عليه ظهر ليحيى بن زكريا عليهما اللام فرأى عليه معاليق من كل شىء ، فقال له يحيى عليه السلام : ياابليس ما هذه المعاليق التى أرى عليك ؟ قال : هذه الشهوات التى أصيب من بنى آدم ، قال : فهل لى فيها شىء ؟ قال : ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة وعن الذكر ، قال : فهل غير هذا ؟ قال : لا ، قال : لله على أن لا أملأ بطنى من طعام أبدا ، قال ابليس لعنة الله عليع : لله على لا أنصح مسلما أبدا .
وفى حديث المقدام عن النبى صلى الله عليه وسلم ان كثرة الشرب تجلب النوم وتفسد الطعام .
قال سفيان : كل ما شئت ولا تشرب ، فاذا لم تشرب لم يجئك النوم .
وقال بعض السلف : كان شباب يتعبدون فى بنى اسرائيل ، فاذا كان فطورهم قام عليهم قائم فقال : لا تأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا فتنامواكثيرا فتخسروا كثيرا .
وقد كا ن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجوعون كثيرا ولا يشربون كثيرا يتقللون من أكل الشهوات وان كان ذلك لعدم وجود الطعام ، الا أن الله لا يختا لرسوله الا أكمل الأحوال وأفضلها .
وقد ذم الله ورسوله من اتبع الشهوات ، قال تعالى { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا الا من تاب}
وصح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ك " خير القرون قرنى ثم الذين يانهم ثم الذين يلونهم ، ثم يأتى قوم يشهدون ولا يستشهدون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن ".
وفى المسند" أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا سمينا فجعل يومىء بيده الى بطنه ويقول : " لو كان هذا فى غير هذا لكان خير لك ".
وفى المسند عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " ان أخوف ما أخاف عليكم الشهوات التى فى بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى " .
وفى مسند البزار وغيره عن فاطمة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" شرار أمتى الذين غذوا بالنعم يأكلون ألوان الطعام ويابسون ألوان الثثياب ويتشدقون فى الكلام ".
وفى حديث ابن عمر رضى الله عنهما قال : " تجشأ رجل عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال : كفّ عنّا جشاءك فان أكثرهم شبعا فى الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة ".
سبحان الله فنح لسنا فى حاجة للذهاب لأخصائى التغذية والرجيم لتنظيم حياتنا واصلاح عاداتنا الغذائية وبين أيدينا هذا الكنز الثمين الذى لاينضب أبدا .
الروابط المفضلة