ينظر الأطباء إلى شهر رمضان المبارك نظرة مختلفة، فهو بالنسبة إليهم يعني صحة أفضل لجميع الصائمين ونعمة ربانية يحققها الصوم بإعادة التوازن في بناء الجسد والتكوين النفسي، فكما يحتاج الجسم إلى فترة نوم ليرتاح الجسد من عمل شاق، فإن أجهزة الجسم في حاجة أيضاً إلى الراحة من الطعام والشراب وتفريغ الكبد لعملية تنقية الجهاز الدموي من المواد الضارة.
وفي هذا التحقيق يتناول الأطباء والمتخصصون فضائل صوم رمضان لصحة الجسد وعافيته، والسلوكيات الغذائية الصحيحة التي يتوجب اتباعها رمضانياً، والتأثيرات النفسية الإيجابية التي تتحقق للصائم في رمضان. وإلى التفاصيل
صوم رمضان يقلل من أخطار السكري و أمراض القلب وضغط الدم
د. خالد إبراهيم البدر
أخصائي طب الأسرة والمجتمع
بمؤسسة حمد الطبية
في البداية يقول د. خالد إبراهيم البدر أخصائي طب الأسرة والمجتمع بمؤسسة حمد الطبية إن صوم رمضان من النعم الربانية التي تصحح ما انكسر من التوازن في بناء الجسد والتكوين النفسي، حيث يقلل الصوم من الأخطار التي قد تسبب الأمراض، مثل ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية والسمنة، والضغوط النفسية، وداء السكري وارتفاع ضغط الدم والكلى.
كما أن الصوم يساعد في علاج كثير من الأمراض، مثل داء السكري والأمراض القلبية الوعائية، والتخلص من الدهون الزائدة العائمة داخل الجسم والتي تكون عرضة للترسب، مثل الدهون في الأوعية الدموية وتحت الجلد وفي الكبد، فيخفف الصوم من انسداد الأوعية الدموية، ويقلل من ارتفاع ضغط الدم، لقلة كميات السوائل في الأوعية الدموية، وتقلّ معها نوبات الشقيقة (وجع الرأس النصفي).
أما عن تأثير الصوم على الجهاز الهضمي فيذكر د. البدر أن المعدة، تستعيد أنفاسها وترمم ما هدّم منها، وكذلك الأمعاء تتخلص من الرواكد والأخماج، وتتحسّن حركة الجهاز الهضمي، ويهدأ القولون العصبي المزاج، وتتم السيطرة على الإمساك والتهابات القناة الهضمية والكبد والبنكرياس، أمّا الجلد فإنه خير مستفيد من شهر رمضان، لأنّه يتخلص من السوائل الزائدة ممّا يقلل من نمو الجراثيم والمواد المهيجة، فتتحسّن حالات الحساسية وحب الشباب والصدفية وغيرها، ويضيف أنّ متعة الروح في صوم رمضان تساعد الجسد على الانتظام في عمله، مما يؤدي إلى التوازن العصبي ليبعد الضغط العصبي، فينتظم النوم والتشنجات النفسية، ولهذا يمكن اعتبار رمضان فرصة سنوية للتخلص من رواسب السنة الماضية وبداية سنة صحية جديدة.
الصوم يضاعف قدرة الخلايا اللمفاوية على تقوية المناعة عشر مرات
د. هاني حسن الكيلاني
إستشاري طب الطوارئ
مؤسسة حمد الطبية
ومن جانبه يعدد الدكتور هاني حسن الكيلاني إستشاري طب الطوارئ بمؤسسة حمد الطبية، الفوائد الصحية للصوم قائلاً: إن الصيام عن الطعام والشراب يريح المعدة والأمعاء والكبد والمرارة والبنكرياس، فإراحة الكبد عن قيامه بالعمليات اللازمة لهضم الغذاء يدعه يتفرغ لعملية تنقية الجهاز الدموي من المواد الضارة به، الناتجة عن عمل خلايا أجسامنا المستمر، كما أن إراحة الجهاز الهضمي يحوّل الجهاز الدموي إلى أعضائنا الأخرى للتركيز على تغذيتها، ومن أثر ذلك -مثلاً- ما يشعر به الصائم من تحسن نقاوة جلده ونضارته.
ويضيف د. الكيلاني عن علاقة الصيام بجهاز المناعة أنه لوحظ تحسن المؤشر الوظيفي للخلايا اللمفاوية عشرة أضعاف عند الصائمين، وهي الخلايا المدافعة عن الجسم ضد الكائنات الدقيقة والأجسام الغريبة التي تهاجمه، كما ارتفع عدد الأجسام المضادة، وهي التي تقوم بتدمير الكائنات الغازية للجسم، وعن علاقة الصيام بالوقاية من مرض السمنة وعلاج أخطارها، فقد تنتج السمنة من خلل في التمثيل الغذائي أو من ضغوط بيئية ونفسية واجتماعية، ويمثل الصيام الإسلامي الحاجز الوقائي من كل هذه المسببات، كما يعالج الصيام الأمراض الناتجة عن السمنة كمرض تصلب الشرايين وضغط الدم وبعض أمراض القلب.
ويؤثر الصيام إيجابياً على عملية إزالة المواد الضارة الموجودة بالجسم من خلال القولون والكليتين والمثانة والجلد والرئتين والجيوب الأنفية، وبالتالي نلاحظ أثناء شهر الصوم زيادة إفرازات الجسم (خاصة المخاط)، والتي تعمل على إزالة هذه المواد الضارة الناتجة عن تراكمات عمليات الخلايا الحيوية.
كما يقي الصيام الجسم من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه وبين أنسجته، والناتجة عن تناول الأطعمة (خصوصاً المحفوظة والمصنعة منها)، أو تناول الأدوية أو استنشاق الهواء الملوث بهذه السموم، ويتخلص الجسم من الخلايا المريضة والضعيفة فيه أثناء الصيام، ثم يتم تجديدها أثناء مرحلة البناء، كما أن في الشهر الكريم فرصة لتنظيم سلوكياتنا الغذائية في حالة اتباعنا للسنة الكريمة.. فنبتعد عن عادة الأكل بين الوجبات، وعادة الأكل المستمر، ويصبح تناولنا للوجبات منتظماً، مما يعين الجهاز الهضمي على أداء وظيفته على أكمل وجه، وبخصوص أثر الصيام على ضغط الدم فيتسبب الصيام في انخفاض ضغط الدم، لدى الصائم، بقدر يحتمله الإنسان الطبيعي، ويستفيد منه من يعاني من الضغط المرتفع، بسبب الجفاف المؤقت الذي ينتج عن عدم تناول السوائل، وانخفاض نسب الكولسترول في الدم وترسباتها على جدران الشرايين.
كما أن بعض الأطباء في الغرب يستغل الصيام كوسيلة لعلاج بعض الأمراض، مثل: أمراض القلب، والتهاب المفاصل، والربو، والقرح، وبعض أمراض الجهاز الهضمي (مثل التهاب المرارة ومرض القولون العصبي)، ومرض الذئبة، وبعض الأمراض الجلدية، كما أن الصيام لا يؤثر على من يعانون من الفشل الكلوي مع الغسيل المتكرر، وهو من أخطر أمراض الجهاز البولي، كما ثبت أن الصيام لا يشكل خطراً على معظم مرضى السكر إن لم يكن مفيداً للكثيرين منهم، ولا يشكل خطراً على المرضعات والحوامل في الأشهر الستة الأولى من الحمل.
الروابط المفضلة