ذئاب بشرية تبتز الفتيات بالانترنت والجوال

الأحد, 26 أكتوبر 2008
محمد البيضاني - الباحة
ساهم التفكك الاسرى وضعف الرقابة فى بروز كثير من قضايا ابتزاز النساء فى الاونة الاخيرة لاسيما فى ظل دعوة هيئة الامر بالمعروف للمتعرّضات للمضايقات الى الشكوى لها بسرية تامة . واذا كان ابتزاز “ الذئاب البشرية “ للفتيات قد تزايد نتيجة التقنيات الحديثة واوقات الفراغ وعدم المتابعة الدقيقة فان الاراء تجمع على اهمية المعالجة الهادئة للمشكلة من جانب الوالدين بالدرجة الاولى . وعلى الرغم من بعض الملاحظات على اداء الهيئة من جانب البعض لاسباب متعددة فان الغالبية تشدد على ان الشكوى للهيئة تحقق جدواها نظرا لاعتمادها على السرية والحرص على الايقاع بالمتهم .
سيناريو الايقاع بالضحية
تبدأ اساليب ابتزاز الشباب للفتيات بفضح الرسائل المرسلة بخط اليد، وما ان تعلن الفتاة رفضها ومعارضتها لمطالب الشاب في استكمال العلاقة والانصياع لكافة شروطه حتى وإن كانت متزوجة يتطور الابتزاز بمكالمات مسجلة قد يرافقها دليل قطعي آخر كصور شخصية لذات الفتاة، ليأخذ التهديد منحى آخر وأكثر قسوة، ليصبح الابتزاز بشرائط فيديو او من خلال صور الهاتف المحمول. وفي حال عدم رضوخ الفتاة للتهديدات، فإن المبتزّ لن يقتصر على افشاء العلاقة للأب او للأخ او حتى للزوج، وإنما يتعدى الى نشرها على ساحات الانترنت، وتوزيعها عبر خدمات البلوتوث بالجوال لتصل كافة أنحاء العالم. وتخصص بعض المواقع الالكترونية خدمة لعرض صور الفتيات الخليجيات والعربيات لتندرج بذلك ضمن اكثر المواقع شعبية، مسجلة اعداداً كبيرة من الزائرين سواء من الشباب او البالغين.
• واوضح الدكتور خالد بن عمر الرديعان استاذ أستاذ علم الا جتماع بجامعة الملك سعود ان اللجوء للهيئة من قبل البعض لا يعد ظاهرة اجتماعية تلفت الانتباه وإنما حالات فردية. ولا يمكن بأي حال أن نقول إن اللجوء للهيئة "ظاهرة"؛ لأن الظاهرة بالمفهوم السوسيولوجي تشير إلى سلوك يتم ممارسته على نطاق واسع، واضاف أن يبتز شاب فتاة بنشر صورتها على النت أو يبتزها بمقطع بلوتوث عائلي فهذه أمور لا تحدث كثيرا، وإذا سلمنا بحدوثها فإنها تصدر من قلة شاذة ومرضى نفسيين، والشاذ لا حكم له لأنه خارج القاعدة. أما لجوء البعض إلى الهيئة طلبا للحماية يتم بسبب اعتقاد الأفراد إن القائمين على الهيئة رجال متدينون، ويستخدمون أساليب صحيحة ومأمونة لا تتعارض مع الشرع، الأمر الذي يجعلهم يحظون بمصداقية عالية مقارنة بغيرهم . كما تتعامل الهيئة بأسلوب "الستر على المسلم" وعدم "إشاعة الفاحشة" ونشرها في وسائل الإعلام. وهذا يحمد لهم كثيرا . كما ان رجال الهيئة لا يميلون إلى الإجراءات الإدارية المطولة وكتابة المعاملات ومخاطبة جهات أخرى مما يفضح المشتكي فيما لو تم إرسال المعاملة إلى بعض الجهات. اذ غنيّ عن الذكر إن بعض المعاملات الحكومية تتسرب من خلال الفاكس وبسبب جهل بعض الموظفين الذين يثرثرون ولا يحفظون أسرار الناس ويتحدثون عن محتوى المعاملات التي بحوزتهم دون مراعاة السرية وخاصة ما له علاقة بسمعة الناس وشرفهم. مضيفا ان هذه الأمور ليست لدى الهيئة فهم يتكتمون على القضايا التي تمس إعراض الناس وشرفهم، واضاف ان الهيئة معنية أكثر من أي جهة حكومية أخرى بالقضايا الأخلاقية التي تمس شرف الناس وسمعتهم وأعراضهم، وبالتالي من الطبيعي ان يلجأ الأفراد إلى هذه الجهاز عندما تواجههم مشكلات من هذا الصنف. فالناس تثق بالهيئة مهما قيل عنها ومهما كتب عن أخطاءها . واضاف : اعتقد شخصيا إن من يهول أخطاء الهيئة قد يقع في محظور شرعي خاصة من يطالبون بالغائها أو تحجيم دورها. بدليل ما يحدث فى الاسواق وجهاز الشرطة لا يستطيع القيام بالمهمات التي تقوم بها الهيئة ما لم يكن هناك شكوى تتقدم بها المرأة التي تتعرض للمضايقة من بعض الشبان الذين تنقصهم التربية.
تطويق الذئاب البشرية
ويقول الكاتب عبدالرحمن حمياني: يلجأ الناس الهاربون من ضعاف النفوس لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لعدة أسباب منها ثقتهم فى أن قضاياهم ستنال الاهتمام الكافي بعيدا عن الروتين .كما ينظرون للعاملين في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،انطلاقا من أن ما يقومون به عبادة وقربة لله سبحانه وتعالى واداء للواجب الوظيفي ، وطاعة لولاة الأمر . والمح الى النجاحات المتتالية لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإمساك بالذئاب البشرية . ونوّه بنزعة الاحتساب والصبر في متابعة القضايا لدى العاملين في الامر بالمعروف ،مما أعطى انطباعا لدى أصحاب الشكاوى ، أن قضاياهم سوف تحظى بالمتابعة ليس فقط وقت الدوام الرسمي ، بلقد يواصلون الليل بالنهار ، وقد يتغيب بعض العاملين عن أسرهم لانجاز عملهم على أكمل وجه 0
من جانبها اوضحت استاذة علم الاجتماع بوزارة التربية زهرة الخضاب ان هناك اسبابا لحدوث مثل هذه قضايا الابتزاز منها التطور التقني في مجال وسائل الاتصال والانفتاح على الثقافات الأخرى وانتشار تقنية التواصل الشخصي الخاصة بكل فرد وغياب مفهوم الرقابة الأسرية. ومن الاسباب الخاصة لذلك خصائص المرحلة العمرية التي يمر بها الشباب ومعاناة الفتاة لنقص الحنان والرعاية داخل محيط الأسرة ووجود تفكك أسري نتيجة الطلاق بالاضافة الى الرغبة في مجاراة الأصدقاء والمحت الى مشاكل اخرى من بينها العنوسة والفراغ ملحمة ان العلاج يكون وقائيا قبل وقوع المشكلة وعبر مدّ جسر من التواصل بين الآباء والأبناء من خلال تفعيل الحوار الأسري وجعل الكمبيوتر في مكان عام واستخدامه على مرأى من الجميع .
النظر في أداء الهيئة
لكن فى المقابل هناك من يدعو الى ترشيد اداء الهيئة لوجود ملاحظات عديدة عليها وفى هذا الاطار يقول الباحث نجيب يماني : على مر التاريخ الاسلامي كان افراد المجتمع ينهون عن المنكر ويطالبون بازالته ويأمرون بالمعروف ويرغبون اليه عن طريق النصح والارشاد والترغيب والترهيب بالحسنى واللين لا الضرب والشدة والتصادم مع افراد المجتمع ورغباته . ورأى ان الهيئة أعطت لنفسها دورًا اكبر من المطلوب وتدخلت في شؤون المجتمع وجعلت من شعيرة الامر بالمعروف سيفًا على الرقاب ـ على حد قوله ـ . واضاف ان هذه الشعيرة لا تهدف الى اخذ الناس بالقوة والشبه والتدخل في خصوصياتهم كما يفعل بعض اعضاء الهيئة الان لان اساسها ومفهومها الستر والنصح والارشاد بعدة مراتب مختلفة واشار الى وجود اجهزة حكومية لها نظام معتمد من ولي الامر يمكن للمواطن ان يلجأ اليها مثل هيئة الادعاء العام مهمتها معاقبة الظالم والمعاكس والمبتز الذي يعتدي على بنات المجتمع موضحا ان هذه الاجهزة يقوم عليها رجال مدربون مؤهلون لديهم اساليبهم وادواتهم وطرقهم في كشف الحقيقة ورد الاعتداء ورفع الظلم وليس عن طريق الهيئة التي لايملك افرادها هذه المهارة لان غالبيتهم لا يملكون شهادة جامعية او خبرة او تدريبا فيقعون في المحظور . واضاف ان من اخطأت وعرّضت نفسها واهلها وسمعتها الى اي شوشرة او سوء لديها اجهزة وزارة الداخلية المختلفة موضحا ان جهاز الهيئة يقوم عمله ويتحدد على الدعوة الى المعروف وازالة منكرات الاسواق والمساجد والنصح بالحسنة والستر على المخالفين وليس فضحهم وضربهم والاساءة اليهم كما حدث في الرياض وغيرها.