انتاب الإمبراطور الألماني «فريدريك الثاني« الفضول لمعرفة اللغة التي يمكن للأطفال التحدث بها إذا نشؤوا دون سماع أية كلمة، قرّر إجراء تجربة فاستولى على عدد من الأطفال حديثي الولادة من أمّهاتهم، وسلّمهم إلى ممرضات كن يطعمن الأطفال، وطلب منهنّ عدم معانقتهم أو التحدث معهم، فلم يتعلم الأطفال أية لغة، وماتوا جميعاً قبل أن يتمكنوا من التحدث. لقد منيت تجربة «فريدريك« اللغوية بالفشل، ولكنه توصل دون قصد إلى اكتشاف مهمّ.
وفي رومانيا أوائل التسعينيّات عندما وجد أن الآلاف من الأطفال الذين أدخلوا ملاجئ للأيتام ـ وترك بعضهم وحدهم مدة يومين ـ أصيبوا بإعاقات شديدة.
وفي كتاب مشكلات تربوية وردت قصة أخرى تقول: «في 1920م لاحظ المسؤولون وفاة ما يقارب من 37 % من أطفال الملاجئ في أمريكا دون أسباب مرضية ظاهرة. ولم يكن هناك تفسير علميّ لهذه النسبة التي تعدّ مرتفعة إزاء ما يتلقاه أطفال الملاجىء من رعاية صحية عالية، فهم يتناولون غذاء صحياً، ويلبسون ملابس نظيفة، ويلعبون ويلهون، حتى الذين يعيشون كان عندهم ضعف في العلاقات الاجتماعية وفي النموّ العقلي.
وظلّت الحيرة مسيطرة حتى لوحظ أنّ أحد الملاجئ تنعدم نسبة الوفيّات بين نزلائه من يتامى ومجهولي الأبوين، وبعد البحث تبين أنّ هناك سيدة متقدمة في العمر تسكن قريباً من الملجأ، تأتي كلّ يوم وتمرّ على سرير الأطفال الواحد تلو الآخر، وتحضنهم بالقرب من قلبها، وتربت عليهم، وتحرص أن تضع يدها على جلدهم مباشرة، أو تضع أجسادهم على جسمها. لقد لفتت هذه السيّدة انتباه الموجودين في الملجأ إلى هذه الحركة، ولما سُئلت عن سرّها قالت: إنها تجعل الأطفال أصحاء.
أطفال منسجمون
أثبتت الدراسات والبحوث أن 85% من سلوك الطفل تنبع من علاقته بأمه، وأنّ الطفل المتزن والمنسجم الشخصية لا يكون إلا في أسرة متحابّة متفاهمة.
إنّ اللمسة الجسديّة هي أكثر من مجرّد لمسة سطحيّة، فهناك أكثر من ملايين مستقبل لمس في جلدنا (ثلاثة آلاف مستقبل في ظفر واحد فقط) وهو الذي يرسل رسائل على امتداد العمود الفقري إلى الدماغ، ولمسة بسيطة من يد على الكتف أو ذراع حول الخصر يمكن أن تقلل من معدل ضربات القلب وتخفض ضغط الدم، حتى أنّ الأشخاص المصابين بالغيبوبة يمكنهم أن يظهروا تحسناً في معدّل ضربات القلب عندما تُمسك أيديهم.
فجسم الإنسان مغطى بجهاز حسّاس هو الجلد، الذي يرسل رسائل مستمرّة إلى الدماغ، وهذا الجهاز الحسّاس يبدأ عمله قبل أن تتم ولادة الشخص، وهو مهمّ جداً من أجل تمام صحتنا وسعادتنا، لذا يمرض الأطفال الذين يحرمون من هذه اللمسات وربّما يموتون.
وعندما يشعر الناس بعدم الأمان غالباً ما يلمسون أنفسهم ويمسحون على أذرعهم وحول الأكتاف والجذع، وكأنّهم يعطون لأنفسهم الأمان مرة أخرى؛ فاللمس يدلّنا كثيراً على بيئتنا ومحيطنا ويقرّبنا من أنفسنا ومن الآخرين. وبهذه اللغة نستطيع أن نتعرّف على أبجديّات اللمس، وهي: الحارّ والبارد.. الصلب والليّن.. الرطب واليابس.. الخشن والناعم.
وقد قام علماء الاجتماع بتحليل اللمس فوجدوا أنّه يرمز إلى الوظائف الحوارية المختلفة.
اشير هنا الى اهمية التلامس عامة مع الاطفال والكبار وليس فقط لحظة الولادة
الروابط المفضلة