شخصيّة طفلك تتكوّن قبل ولادته!!
منذ أظهرت الدراسات قدرات الجنين الهائلة، والباحثون في مجال علم نفس ما قبل الولادة والطب النفسي للأطفال وطب الأعصاب دائبون على سبر أغوار الحياة في الرحم. فما حكاية الجنين إذا؟ ماذا يعرف وكيف يتعلّم، وماذا يسجّل في ذاكرته، وكيف يتذكّر؟ الولادة بداية الحياة، بل هي جسر عبور أو انتقال من مرحلة إلى أخرى. يكتسب الجنين باكراً جداً حاسة اللمس والسمع والشم، ويتمتّع بالقدرة على التعلّم والتذكّر.، إليكِ ما توصّل إليه الطب، مع التشديد على أن الاكتشافات ما زالت في بدايتها.
عاطفة
الشعور بالأمان العاطفي يستند في الواقع إلى معالم حواسية ونفسية يشعر بها الطفل داخل رحمك، وهذه المؤشرات تكسبه القدرة على التقاط الأصوات في محيطه وتذوّق طعم الغذاء والتعرّف إلى رائحة والدته. يُجمع الاختصاصيون على أن تقبّل الأمومة والأبوة بكل رحابة صدر وانخراط الوالدين في جو الحمل بالإضافة إلى المحبة غير المشروطة التي يكنّانها لطفلهما، كلها عوامل تهيّئ أسس حياة سعيدة. في هذا السياق، ظهر العلم المختص بمرحلة ما قبل الولادة منذ بضع سنوات ليثبت أن الطفل بحاجة ماسة إلى المحبة منذ لحظات تكوّنه الأولى في الرحم.
لمسات
كيف تعبّرين لطفلك عن محبتك؟
من خلال لمسه: حاسة الشم هي أولى الحواس التي تظهر لدى الجنين. يشير الاختصاصيون إلى أن الجنين يبدأ بالتأثر منذ شهره الثاني باللمسات التي تطاول عموده الفقري وردفيه وعنقه، لأنها مناطق حواسية مهمة تسمح له بتلقي معلومات. في الواقع، تشكل تقلصات الرحم خلال الحمل ولمس المشيمة بخفة نقطة انطلاق أحاسيس الجنين، إلى أن يصبح بإمكانه اكتشاف الأحاسيس بمفرده بواسطة أصابعه وفمه، وعندما يتمكّن من التنقّل في الرحم يبدأ باختبار حاسة اللمس بمص إصبعه (عند الأسبوع السادس عشر من حياته تقريباً) ومداعبة أخمص قدميه بواسطة الحبل السري، بغية تعميق هذا التعلّم الحواسي، بإمكانك تدليك بطنك بخفة بمساعدة زوجكِ، ما يساعد في تعميق الارتباط العاطفي بينك وبين طفلك، لتشكلين بذلك أساس أمانه العاطفي في ما بعد وثقته بنفسه وبحياته.
سعادتكِ
تؤدي المشيمة دوراً مهماً في نقل عواطفك الى طفلك. توصل الطب في التسعينات إلى أن الهرمونات التي تفرزينها تدخل جسم طفلك من خلال حاجز المشيمة، وهي هرمونات الضغط النفسي والسرور. من المعلوم أنه قبل الولادة ببضع ساعات لا تسهّل مادة الأكتوسين التي يفرزها جسمكِ درّ الحليب وزيادة التقلّصات غير الإرادية في المتانة وبالتالي زيادة نسبة البول فحسب، بل تخدّر هذه المادة الخلايا العصبية وهو دور لا غنى عنه لحماية دماغ الطفل من آلام الولادة. من هذا المنطلق، استخلص الأطباء أن الأندروفين وهرمونات السعادة الأخرى التي تفرزينها تمنح طفلك متعة أكيدة، لذلك تُنصح الحوامل بإحاطة أنفسهن بجو من الفرح ينعكس لا محال على الجنين في أحشائهن.
ذكريات
يؤكد الاختصاصيون أن الطفل يلتقط الأحاسيس ويخزّنها في ذاكرته منذ بداية حياته الجنينيّة، وأن ذكرى الأحداث التي يتعرّض لها من خلال والدته لا تمحى من ذاكرته مدى الحياة. أثبت علم النفس الخاص بمرحلة ما قبل الولادة أن فكر الجنين يتكوّن منذ شهره السادس. في هذا المجال، أظهرت الصور الصوتية في اختبار أجري على فريق من النساء الحوامل ردود فعل واضحة للجنين على أحاسيس والدته، كإبلاغها بأنها سترزق بفتاة فيما توّد إنجاب صبي أو إبلاغها بوفاة شخص عزيز، لتنعكس الأحاسيس الإيجابية والسلبية على الجنين فرحاً أو تعاسة.
حب
يؤكد الاختصاصيون أهمية التبادلات العاطفية بين الوالدة وطفلها، فقد أثبت عدد كبير من الباحثين خصائص الحب الشفائية التي يحتاج إليها الكائن البشري منذ تكوّنه. الحب بمثابة طاقة مكوّنة للتوازن النفسي والعاطفي والجسدي لطفلك وقد ثبت علمياً أن التعبير عن هذا الحب بواسطة تبادلات بيولوجية أو جسدية أو صوتية يبني رابطاً عاطفياً أثناء الحمل ويؤدي إلى تطوّر الدماغ بتناغم وتنظيم وصلاته العصبية، بحسب الخبراء، الحزن والتعاسة اللذان تشعرين بهما ينعكسان على الجنين. من خلال مواساته بواسطة جسدك وصوتك والتعبير الدائم عن محبتك له، يكتسب طفلك مناعة لازمة لتجاوز المصاعب والقدرة على النهوض مجدداً بعد تلقي ضربات قاسية. حتى الشهر الثامن يبقى طفلك مرتبطاً بجسدك، فتنتابه المشاعر التي تنتابك. لكن الدراسات لم تتوصل بعد إلى اكتشاف معنى الحزن أو التعاسة بالنسبة إليه أو كيف يعيش القلق أو الكآبة، لذلك فإن محبتك بمثابة سدّ منيع يحميه في المستقبل من آثار التوتّر أثناء الحمل.
اختبار
أظهرت الدراسات أن الرضيع الذي يقدَّم له الحليب واليانسون والماء يلتفت نحو اليانسون إذا كانت الأم تناولت كمية كبيرة من هذه النبتة أثناء حملها. سجِّلت النتيجة نفسها مع الرضّع الهنود الذين تقبّلوا بسهولة مذاق الكري الذي اعتادوه خلال أشهر الحمل التسعة. أشار الخبراء الى أن وضع غطاء تمددت عليه الوالدة أثناء حملها في سرير الرضيع يساعده في استعادة الأمان الذي أحس به خلال أيام تكوّنه الأولى.
بيّن الخبراء النتائج التالية:
يتأثر طفلك بالروائح التي تتنشقينها: تبدأ خلايا الشم لدى الجنين بالتكوّن منذ شهره الأول الى الشهر الثاني تقريباً. وبما أن السائل السابيائي مليء بمواد عطريّة، لا سيما تلك المنقولة بواسطة غذاء الوالدة، يعوم الجنين داخل الرحم في محيط مليء بالعطور. أظهرت الدراسة ردود فعل الجنين الواضحة عند تنشقكِ روائح قوية، فيبلع ريقه أو يمص الحبل السري في حال أعجبته الرائحة أو يقطّب وجهه في حال لم تعجبه.
يتذوّق المأكولات التي تتناولينها: السائل السابيائي الذي يبتلعه الجنين بكميات كبيرة ثم يتخلّص منه مع البول له طعم. يبتلع الجنين كمية أكبر من هذا السائل عندما يكون مليئاً بالغلوكوز (طعم حلو). بالطبع ليس ثمة ما يؤكد أن الغذاء المتنوّع الذي تتناولينه أثناء الحمل يؤثر في ذوق طفلكِ أو يحدد ميله في ما بعد إلى نوع معيّن من الطعام، لكن قدرته على التعرّف إلى حليبكِ من بين حليب سائر الأمهات تثبت أنه ما زال يتذكّر الأطعمة التي تذوّقها أثناء فترة الحمل.
يسمع الأصوات التي تسمعينها: عند بلوغ الشهر الخامس، يصبح بإمكان الجنين التنقّل بحرية في فضاء الرحم بما أنه يتحكم بتوازنه ويسمع بصورة ممتازة. في الواقع هو قادر في هذه الفترة على تنظيم الأصوات التي تبلغه. يشكّل التدرّب على سماع الأصوات والموسيقى وصوتكِ وردود الفعل المختلفة التي تصدر عن الجنين مرحلته التعليمية الأولى. لاحظ الباحثون مرات عدة أن الجنين يمص الحبل السري عندما تنشد والدته أغنيات تعبيراً عن انشراحه.
منقووول للفائدة
رد مع الاستدلال
كتبت بواسطة mama sousou
الروابط المفضلة