صور من حياة التوائم:
لقد سجلت كثير من الدراسات بعضًا من الملاحظات على حياة التوائم المتطابقة ويجدر بنا هنا أن نذكر شيئًا من تلك الملاحظات والصور الحياتية:
• يحبان الأشياء نفسها وهوايتهما واحدة ونسبة ذكائهما واحدة.
• توأم أيقظ زوجته في منتصف الليل وقال لها وهو في غاية الانزعاج إن شقيقه في خطر وعندما أصبحت اتصلت زوجته بعائلة زوجها هاتفيٌّا فأخبروها أن شقيق زوجها التوأم أصيب في حادث وأنه في المستشفى.
• لجأت إحدى المدارس إلى حلق شعر أحد التوائم على أن يطيل الآخر شعره دائمًا وذلك للتفريق بينهما حتى لا يدخل أحدهما مكان الآخر في الاختبارات.
• فرق بين توأم متطابق بحيث وضع أحدهما في فصل والآخر في فصل آخر في المدرسة فإذا ضرب أحدهما في فصل بكى الآخر في الفصل الثاني، وعندما يذهب أحدهما إلى خياط والآخر إلى خياط آخر يختار كل واحد منهما قماشًا لبذلة من نفس اللون والقماش.
• يقسّمان كل شيء بينهما بالتساوي، ويفهمان بعضهما بعمق ويجيدان التحدث بالعيون حيث يفهمان بعضهما بدون كلام.
• إذا مرض أحد التوأمين يصاب الآخر بالاكتئاب حتى يشفى توأمه.
• إذا سقط أحد التوأمين لأي سبب فإن الآخر سرعان ما يتجاوب معه بالسقوط مغشيٌّا عليه دون أي سبب.
• هناك العديد من الصور الحياتية للتوائم التي توضح جانب التماثل والتطابق وكذا ظاهرة توارد الخواطر والشعور الواحد لكن هذا لا ينطبق على جميع التوائم، فهناك توائم وعلى الرغم من أنها متطابقة ومتماثلة إلا أنها تسجل اختلافًا في الطباع والشخصية وقد لا تلتقي إلا في الصفات الجسدية خلافًا لما هو معروف من أمر التوائم المتماثلة، فما السر في التشابه الكبير في التوائم المتطابقة عمومًا؟
لغز التشابه:
كما ذكرنا فإن التوائم المتطابقة (المتماثلة والمتشابهة) تنشأ من خلية واحدة هي البويضة المخصبة التي أساس تكوينها حيوان منوي واحد وبويضة واحدة وبالتالي فإن أساس المادة الوراثية واحد فعند الانقسام الأول أو الثاني للبويضة المخصبة ينتج عن ذلك خلايا (فلجات) مستنسخة وهي صورة طبق الأصل من البويضة المخصبة.
ومن هنا يمكن اعتبار حالة التوائم المتماثلة صورة من صور الاستنساخ بطريقة فصل الخلايا وهي طريقة قد تم تطبيقها في حالات بشرية ونجحت حيث نتج عنها أجنة متماثلة، لكن السؤال يبقى حول (الخواطر) والتطابق في (السلوك) هل هو مرتبط بالناحية الوراثية أم أن للبيئة والمجتمع دوراً في توجيه السلوك وتغيره؟
الدراسات الحديثة:
منذ فترة طويلة والدراسات والأبحاث تدور حول سلوك التوائم المتماثلة، وأشهر دراسة عملت ما قام به عالم النفس توماس ج. بوشارد في جامعة مينسوتا في الثمانينيات لمعرفة تأثير كل من الجينات والبيئات على سلوك التوائم المتشابهة التي تم عزلها عن بعضها، ومن أغرب الحالات التي سجلها حالة التوأم أوسكار ستور وجاك بوف، ولد الشقيقان في ترينداد من أب يهودي وأم مسيحية ألمانية وبعد طلاق وانفصال أبويهما وذلك بعد ولادتهما مباشرة تفرق على أثره التوأمان وانتقل أوسكار إلى ألمانيا مع والدته حيث نشأ هناك على الدين المسيحي الكاثوليكي وأصبح نازيٌّا متعصبًا وعضوًا في الشبيبة الهتلرية بينما ظل جاك في مدينته التي ولد فيها حيث تبنته عائلة يهودية وانتقل معها إلى أمريكا وكان يدين بالديانة اليهودية، ولم يلتق الشقيقان إلا في مختبر أبحاث جامعة مينسوتا ولكل منهما لغته المختلفة عن الآخر ويشير اختلاف دين كل منهما ــ إذ أن أحدهمــا يهـودي والآخر نصراني ــ على الرغم من أنهما من بطن واحدة إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه ينصّرانه أو يهّودانه أو يمجّسانه).
كما أن هناك دراسة علمية في معهد علم النفس العام والمعهد التربوي في روسيا تؤكد أن المؤشرات الأساسية للنشاط البيوكهربائي لدماغ التوائم المتشابهة تكون متشابهة بعكس الحال في التوائم الأخوية حيث تكون متباينة، والعلماء مع أنهم يؤكدون على أن تكوين الجهاز العصبي للتوائم المتماثلة يكون متشابهًا في مواصفاته ـ إلا أن تأثير الظروف البيئية المحيطة بكل توأم تؤخذ في الاعتبار، وذلك ما أشارت إليه دراسة مينسوتا لأسر التوائم تحت عنوان (ما هي الأمور التي تربط التوائم بالعلوم؟) حيث ركزت الدراسة على التوائم المتشابهة وأُسرهم، ومن خلال هذه الدراسة تم توضيح كيفية تفاعل الجينات والبيئة من أجل التأثير على الشخصية ونقاط القوة والضعف والقيم، وكان مما ذكرته الدراسة أن مسألة اختيار رفيق الحياة كزوج أو زوجة بالنسبة للتوائم لا يرتبط على الإطلاق بالجينات إنمــا هو التقـــدير الإلهي بما يعرف بالقسمة والنصيب..
وحول سؤال عن توارث الطلاق وهل هناك علاقة بين الطلاق والجينات؟ فإن تفسير نتائج الدراسة على التوائم المتشابهة وغير المتشابهة تقول أنه لا يوجد شيء اسمه جين الطلاق Divovce Gene لكن الطلاق يعتمد على عدة سمات نفسية جميعها تتأثر بالجينات لأن الجينات تؤثر بشدة في الصفات الشخصية، وحيث إن للتوائم المتطابقة سمات متشابهة جدٌّا فإن معدلات الطلاق المتشابهة التي تحصل عليها في النتائج إنما تعود لوجود سمات شخصية تتأثر وراثيٌّا وتسهم في إحداث الطلاق.
التوائم والحمل:
هناك ثلاثة أسئلة حول التوائم، لها علاقة بالحمل، أولها: ما هي علاقة حبوب منع الحمل بالتوائم؟ وثانيها: وضع الحمل للتوائم كيف يتم؟ وثالثهما: لماذا الحمل بأطفال الأنابيب يكون توأمًا؟
اتضح من عمليات مسح أجريت لمجموعة من التوائم المتطابقة في بريطانيا وكندا واستراليا والولايات المتحدة أن النساء اللاتي كن يتعاطين حبوب منع الحمل لفترة قريبة من الحمل لديهن فرصة لحمل توائم متطابقة أكبر من فرص حمل توائم غير متطابقة، وقد تم عمل هذه الأبحاث في جامعة نيو ساوث ويلز في استراليا بالاشتراك مع رابطة الولادات المتعددة الأطفال في استراليا، وأوضحت الدراسة أن حوالي 40% من التوائم الذين ولدتهم أمهات كن يتعاطين حبوب منع الحمل كانوا توائم متطابقة، كما أظهرت نفس الدراسة أن حوالي 80 % من التوائم المولودين في بريطانيا من أمهات استعملن حبوب منع الحمل كانوا توائم متطابقة، ولا شك أن هناك أسباباً فسيولوجية وهرمونية خلف ذلك ليس محل تفصيلها هنا.
أما المرأة الحامل بأكثر من جنين فإنها بلا شك تشعر بانتفاخ زائد بالبطن مع زيادة الإحساس بالحركة ويصاحب ذلك زيادة مطّردة بالوزن، والطبيب المختص غالبًا لا يخفى عليه تشخيص التوائم بالفحص الإكلينيكي، وعادة ما توجه الأم طبِيٌّا فيما يخص رعاية الحمل التوأم حتى تتجنب المضاعفات المحتملة من إجهاض أو ولادة مبكرة.
كما تنصح بالمواظبة على أخذ مركبات الحديد وحمض الثوليك لتجنب الإصابة بفقر الدم ـ لا سمح الله ـ ويتحتم على الأم كذلك إجراء فحص الموجات فوق الصوتية لمتابعة حالة الأجنة (التوائم) ومعالجتها في الوقت المناسب، وعند قرب موعد الوضع (الولادة) فإن نسبة الولادة القيصرية كبيرة مع حمل التوائم، وذلك لاختلاف وضع التوائم داخل الرحم أو لوجود مضاعفات أثناء الولادة، وعادة ما ينزل أحد التوأمين ثم يلحق به الآخر خلال فترة قصيرة.
لكن هناك حالة سجلت لامرأة إنجليزية (ترايس سبيكمان) توقفت عندها آلام المخاض تمامًا واختفت كل الأعراض التي ترافق المرأة المقبلة على الولادة بعد وضعها لجنينها الأول ولم تعد إليها آلام المخاض من جديد إلا بعد 19 يومًا من وضعها الأول.
أما السؤال الثالث وهو ما يخص أطفال الأنابيب وأنه غالبًا ما يكون توأمًا، فذلك لأن الأطباء يُنشّطون المبيض باستعمال أدوية مثل الكلوميد فيحصل على العديد من البويضات فُتخصب خارجيٌّا ثم تعاد منها مجموعة إلى رحم الأم المهيأ فسيولوجيٌّا، ويميل الأطباء إلى مثل هذا الإجراء ضمانًا لحصول انغراس البويضات المخصبة في جدار الرحم حيث إن الرحم يعتبرها جسمًا غريبًا عليه فإذا فشلت بعضها فإن البعض الآخر ينغرس وبالتالي تكون حالة التوائم الأخوية غير المتشابهة
الروابط المفضلة