.

.

الحمدُ لله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛

أيها الفضلاء ؛

ومن باب : حدّثوا الناس بما يعرفون ؛

وحيثُ أني عنونتُ بجزء من مقولة أبي هريرة رضي الله عنه ؛

حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين :

أما أحدهما فبثثته .. وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم ..!

فالأمر بحاجة إلى شيء من التعقّل حفظكم الله ..

.
.

سبقَ أن أضفتُ مقالًا يبيّن ضوابط التعامل مع الفتن لو حلّت ؛

هُـ||ــنــا ؛

الأهمّ من ذلك أني أودّ التركيز على بعض الأمور التي تجنبتُ ذكرها في المقال الأول ..

وحتى يتسنى لنا الفهم الصحيح ؛

لستُ هنا بصدد مناقشة فتوى أو رأي ؛

أركّز على أمور نتبعها قبل أن نتكلم أو ننقل ..

لعلي أكون أكثر وضوحا هنا ؛

.
.

قُبيل البداية :

ليس من عادتي أن أبدأ المقال مباشرة بالرسالة التي أودّ إيصالها ..

لكن لأن هذه المرّة مختلفة ؛

أودّ أن أوصل هذه الرسائل للقارئ اللبيب ؛

لأن الوقت ليس مناسبا للتفرق أكثر من الحاصل ..!

لعل الله يلمّ شمل المسلمين ؛

.
.

أيها الفضلاء ..

شيء من التريّث قليلا قبل إطلاق الأحكام جزافا ..

فـ حال وقوع الفتن هناك ضوابط للقول أو الفعل ؛

فضلا عن إطلاق الأحكام ..

وهذه الضوابط تشمل الجميع .. حتّى العلماء ؛

وبالمناسبة فإن المسألة ليست فقط مسألة نقل فتوى قديمة أو جديدة ؛

وأؤكد للمرة الثانية أنني لست هنا لأناقش فتوى معينة ؛

.
.

ومضات سريعة :

الأولى :

قول الله تعالى :

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا ؛

والنبي صلى الله عليه وسلم يبين معنى هذه الآية فيقول :

عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ؛

.
.

الثانية :

القاعدة الفقهية :

الحكم على الشيء فرع عن تصوّره ؛

فمن لم يتصور الشيء بشكل صحيح .. لن يحكم عليه بشكل صحيح ؛

ومن هنا أرى أن أهل مكة أدرى بشعابها ؛

خلاف من كان بعيدًا عنها ؛

.
.

الثالثة :

أن للقول والعمل في الفتن ضوابط ؛

فليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره ..

وليس كل فعل يبدو لك حسناً تفعله ؛

.
.

وتفصيل هذه الأمور داخل المقال ؛

ووضعها هنا كان من باب التركيز عليها ؛

لا تكتفِ بما قرأتَ ؛

فهذا غيض من فيض ..

واقرأ التفصيل لمزيد من الفهم ..

.
.

أسأل الله أن يلمّ شمل المسلمين ؛

وأن يقصم ظهر كلّ ظالم ؛

.
.

.
.

بدايةً مع الومضة الأولى :

أيها الفضلاء ..

الله تعالى يأمرنا أن نعتصم جميعا بحبله ؛

ويحذرنا من التفرّق ..

قال الله تعالى :

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ؛

أيها الفضلاء ..

في وقت كهذا لا ينبغي إثارة الخلاف والتفرق ..

فالوقت ليس مناسبًا ؛

وحتى لا يكون الكلامُ عامّا إليكم هذا المثال :

حصل مع كبار الصحابة رضي الله عنهم ؛

ابن مسعود رضي الله عنه حين كان في الحجّ مع أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ..

حيثُ كان أمير المؤمنين يتمّ الصلاة في منى أربعًا ..

بينما السنّة أن يصلي قصرًا لكل رباعيّة ؛

فعثمان رضي الله عنه رأى أن يصلي أربعا لتأويل شرعي تأوله ..

مع ذلك ؛ فإن ابن مسعود كان يقول :

السنة أن يصلى ركعتين لكل صلاة رباعية ؛

قيل له : يا ابن مسعود ؛

تقول هذا وأنت تصلي مع عثمان أربع ركعات ؟

قال : الخلاف شرّ ؛ أعادها ثلاثا .. اهـ

.
.

إن موقف ابن مسعود رضي الله عنه فيه معنى جميل ؛

خشي أن تكون مخالفة أمير المؤمنين باب فرقة ..

تكون أعظم من اختلاف في قصر صلاة ؛

.
.

وأحق الناس بهذا في هذه الأوقات العصيبة هم العلماء ؛

لأنهم الذين تُسمع أقوالهم وتُنقل عنهم ؛

ويقلدهم الناس فيها ..

هذه واحدة ؛

.
.

.
.

الومضة الثانية :

القاعدةُ الفقهيّة :

الحكم على الشيء فرع عن تصوّره ؛

والله سبحانه يقول :

ولا تقفُ ما ليس لك به علم ؛

المقصود من هذه القاعدة الفقهية :

إذا برزت الفتن وتغيرت الأحوال فلا تحكم على شيء حتى تتخيل وتتصور ؛

فمن يتصور الأمر خلاف من يكون بعيدًا عنه ..

وهذا التصوّر له تفصيل ؛

من ذلك :

أن المفتي في الأمور الشرعية لا يجوز له أن يتكلم إلا إن حصل له أمران :

أكرر المفتي وليس الناس العاديّون ؛

الأول منهما :

أن يتصور القضية المطروحة تماما ؛ بحيث لا تلتبس عليه قضية أخرى ؛

والثاني :

أن يعلم حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة بعينها ..

لا في مسألة تشبهها ؛ اهـ

وهذه مسألة مهمّة في قضية نقل الفتاوى ..

فقد تكون تلك الفتوى صحيحة في ظل تلك الظروف التي بنى تصوره عليها ..

لا في ظل ظروف غيرها ؛

.
.

مثال بسيط :

لو سئلت مثلا عن جماعة في التاريخ كانت تسمى الجماعة الأرضية ؛

هل بقي منهم أحد ؛ أو بقي أحد يمثلهم ؟

الواقع أنك لا تستطيع أن تحكم بنعم أو بلا إلا إن عرفت ما هي هذه الجماعة تاريخيا ؛

لغتهم .. عاداتهم وتقاليدهم .. لباسهم ؛

أين عاشوا .. وما أفكارهم ؛

وأمور كهذه ؛

فـ إن وجدتَ جماعةً تنطبق عليهم نفسُ صفات تلك الجماعة تماما ؛

قلتَ أنّ هذه الجماعة موجودة في مكان كذا ..

أكرر أن صفاتهم نفس صفات تلك الجماعة لا جماعة تشبههم ؛

وإن وجدتهم مثلًا .. وقالوا نحن بيننا وبين الجماعة الأرضية مشاكل ؛

ونحن لسنا من الجماعة الأرضية ؛

لقُلتَ : لا يهمّ ما سميتم به أنفسكم ؛

لأن الاسم لا يغير في المضمون شيئا ؛

وإن لم تجد قُلت لم أجد لهم أثرًا ؛

هذا هو المقصود بالتصوّر ؛

وهذه هي الثانية ؛

.
.

.
.

أيها الفضلاء ..

وأهمّ الومضات هي الثالثة :

فـ عند الفتن ليس من الحكمة أن تقال بعض الأقوال ولو كانت صوابا ؛

أكرر : ولو كانت صوابا ؛

لماذا ؟

لأن الموقف يكون بحالة احتقان ..

ينتظر أي كلمة تصدر عمن تصدر ؛

فقد يؤدي إلى سفك دماء ؛

وقد تتهم الشريعة بسبب قول قيل في غير موضعه ..

ومن هنا كان قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

حدثوا الناس بما يعرفون ..

ودعوا ما ينكرون ؛

أتريدون أن يكَذَّب الله ورسوله ؟ اهـ

ومن هنا أيضا كان قول ابن مسعود رضي الله عنه :

ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ؛ اهـ

.
.

وحتى لا يكون الكلام عامّا ؛

إليكم هذه الأمثلة :

الأول :

وهو الذي عنونتُ به :

أبو هريرة رضي الله عنه علمنا :

أنه عند الفتن ليس كل ما يعلم يقال ؛

ولو كان حقا .. ولو كان حديثا ؛

قال أبو هريرة رضي الله عنه :

حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين :

أما أحدهما فبثثته .. وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم ..! اهـ

( للعلم قد وصلت من بعض الطرق الأخرى كما أخبر ابن حجر ..

راجع المقال السابق لمزيد من المعلومات ) ؛

لماذا كتمها وهي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

إنها ليست أحاديث أحكام ؛

إنما أحاديث عن أمور أخرى ؛ فلماذا كتمها ؟

لئلا يكون هناك فتنة بين الناس ؛

فأبو هريرة رضي الله عنه وزن الأمور ؛

ولم يقل : إن الحديث حقّ .. ولا يجوز لنا أن نكتم العلم ؛

لماذا ؟

لأن كتم العلم في هذا الوقت الذي تكلم فيه أبو هريرة لا بدَّ منه ؛

لكي لا يتفرَّق الناس بعد أن اجتمعوا ..!

.
.

الثاني :

قول النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري في الصحيح قال لعائشة :

لولا حدثان قومك بالكفر لهدمت الكعبة ..

ولبنيتها على قواعد إبراهيم ولجعلت لها بابين ؛

.
.

الثالث :

قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في الحديث الصحيح :

هل تدري حق الله على عباده ؟

حين قال معاذ : أفلا أبشر به الناس ؟

قال : لا تبشرهم فيتكلوا ؛


.
.

الرابع :

الحسن البصريّ رحمه الله ؛

أنكر على أنس بن مالك وهو الصحابي رضي الله عنه ؛

أنكر عليه أن حدث الحجّاج بن يوسف الثقفي بحديث العُرنيّين ؛

وهم الذين أقام عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حد الحرابة ؛

لماذا أنكر عليه ؟

حتّى لا يتأول الحجاج صنيعه بقتل الناس ؛

لأنه عاث في الدماء ..

فكان واجبا أن يُكتم هذا العلم عنه ؛

حتى لا يفهم الحديث على غير فهمه ..


.
.

الخامس :

قول شيخ الإسلام في حديث أبي هريرة :

كان فى ذلك الجراب أحاديث الفتن التى تكون بين المسلمين ..

فإن النبى أخبرهم بما سيكون من الفتن ؛

التى تكون بين المسلمين ومن الملاحم التى تكون بينهم وبين الكفار ؛

ولهذا لما كان مقتل عثمان وفتنة ابن الزبير ونحو ذلك ..

قال ابن عمر : لو أخبركم أبو هريرة أنكم تقتلون خليفتكم وتهدمون البيت ؛

وغير ذلك لقلتم كذب أبو هريرة ؛

فكان أبو هريرة يمتنع من التحديث بأحاديث الفتن قبل وقوعها ..

لأن ذلك مما لا يحتمله رؤوس الناس وعوامهم ..

.
.

السادس :

قال الذهبي في السير معلّقا على حديث أبي هريرة :

هذا دال على جواز كتمان بعض الأحاديث التي تحرك فتنة في الأصول أو الفروع ؛

أو المدح والذم ..

أما حديث يتعلق بحل أو حرام فلا يحل كتمانه بوجه فإنه من البينات والهدى ؛

.
.

السابع :

حديث ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال :

لو شهدت أمير المؤمنين أتاه رجلا فقال :

إن فلانا يقول لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا ..

فقال عمر : لأقومن العشية فأحذر هؤلاء الرهط الذين يريدون يغضبونهم ؛

قلت : لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس ويغلبون على مجلسك ؛

فأخاف أن لا ينزلها على وجهها ..

فيطيروا بها كل مطير وأمهل حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة ..

فتلخص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ؛

ويحفظوا مقالتك وينزلوها على وجهها ؛

فقال : والله لأقومن فى أول مقام أقومه بالمدينة ؛

.
.

وغيرها كثير من أنه عند الفتن ليس كلّ ما يعلم يقال ؛

ولا كل ما يقال يقال في كل الأحوال ؛

فالوقتُ ليس مناسبًا لبعض الأقوال ..

أو لأقُل :

لِنَقْلِ بعض الأقوال ؛

اعقلوا هذا حفظكم الله ..

وهذه هي الثالثة ؛

.
.

.
.

الحمدُ لله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛

وحيثُ أن من الحكمة حال الفتن أن نحدّث الناس بما يعرفون ..

أيها الفضلاء ..

إليكم نقلٌ بسيط من كتاب :

أدب الدنيا والدّين ؛



.
.

والذي يلزم سلطان الأمة من أمورها سبعة أشياء :

أحدها : حفظ الدين من تبديل فيه .. والحث على العمل به من غير إهمال له ؛

والثاني : حراسة البيضة والذب عن الأمة من عدو في الدين أو باغي نفس أو مال ..

والثالث : عمارة البلدان باعتماد مصالحها .. وتهذيب سبلها ومسالكها ؛

والرابع : تقدير ما يتولاه من الأموال بسنن الدين من غير تحريف في أخذها وإعطائها ..

والخامس : معاناة المظالم والأحكام بالتسوية بين أهلها واعتماد النصفة في فصلها ؛

والسادس : إقامة الحدود على مستحقها من غير تجاوز فيها ؛ ولا تقصير عنها ..

والسابع : اختيار خلفائه في الأمور أن يكونوا من أهل الكفاية فيها .. والأمانة عليها ؛

فإذا فعل من أفضى إليه سلطان الأمة ما ذكرنا من هذه الأشياء السبعة ؛

كان مؤديا لحق الله تعالى فيهم ؛

مستوجبا لطاعتهم ومناصحتهم .. مستحقا لصدق ميلهم ومحبتهم ؛

وإن قصر عنها .. ولم يقم بحقها وواجبها ؛

كان بها مؤاخذا ثم هو من الرعية على استبطان معصية ومقت ..

يتربصون الفرص لإظهارهما ويتوقعون الدوائر لإعلانهما ؛ اهـ

.
.

.
.

أيها الأماجد ؛

حتّى لا تؤثّر علينا أقوال تخرج من هُنا أو هُناك ؛

ولأننا تعوّدنا أن ننطلق من أسس ثابتة ..

أسس لا تزعزعها مقولة لا نعرف مدى مصداقيتها فضلا عن صحتها ؛

فـ وسط خضم هذه الأحداث العصيبة نحتاج إلى دليل ينير دربنا لئلا ننساق مع التيّار ؛

فإسلامنا وسط لا إفراط ولا تفريط ؛

وإسلامنا لا يرتضي المذلة والهوان ؛

ولا يرضى تحريف آيات الله البينات ؛

ولا يرضى سفك الدماء ؛

والله عز وجلّ قد حرّم الظلم على نفسه ؛

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من الدماء وقال :

لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما .. صحيح البخاري ؛


.
.

سأشير إشارات بسيطة هُنا ..

والحرّ تكفيه الإشارة ؛

.
.

الأولى :

إن المطالبة بتحقيق العدل ورفع الظلم مقصد شرعي ؛

وإن المناداة بتحقيق التنمية ومحاربة التخلف حق إنساني ؛

وإن الإلحاح على شُوريَّة الحكم في البلاد واختيار الشعب من يمثله بصدق أساسٌ من أسس الاستقرار ؛

ولا تمثل تلك المطالبات خروجًا أو مخالفة شرعية ..

بل ذلك من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..

من بيان رابطة علماء المسلمين حول أحداث ليبيا ؛

نقلا عن الدرر السنية ؛

.
.

.
.

أيها الأماجد ؛

قد أكونُ واضحا أكثر من اللازم ؛

لكن الموقف يقتضي ذلك ؛

.
.

الإشارة الثانية :

إن ما يحصُل في لييبا اليوم ؛

وما حصل قبلها في مصر وتونس لا يعدّ خروجا على الحاكم ؛

لماذا ؟

أعود للقاعدة الثانية وأقول :

الحُكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوّره ؛

فما هو تصوّر الخروج الذي منع منه السلف ؟

الخروج الذي منع منه السلف هو على صفة معينة ..

وهي أن يلتقي الجمعان بالسلاح ويترتب على ذلك فتنة واضطراب وهرج وقتل ؛

والحالةُ الموجودةُ اليوم ليست كتلك الحالة ؛

ولا يُحكمُ عليها بمثل ذلك الحكم لأنها ليست مثلها ؛

فكما اتفقنا قبل قليل أنّ :

على المفتي أن يعرف حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في تلك المسألة بعينها ؛

لا حكم مسألة تشبهها ؛

هذه الثانية ؛

.
.

الإشارة الثالثة :

إن ظالما كهذا ..

زاد على غيره من الطغاة أنه يعاني من مرض ..

مرض خطير هو الكبر ؛

حتى أصبح لا يرى سوى نفسه ..

نعوذ بالله من الخذلان ؛

.
.

الإشارة الرابعة :

إن هذا الوقتَ ليس مناسبا للحكم على تفعله الشعوب أنه صواب أو خطأ ؛

فهذا قد فات أوانه ..

والواقع قد فرض نفسه ؛

وليس من مصلحة ترجى في الحديث عن ذلك ؛

.
.

الإشارة الخامسة :

بعد أن اندلعت الأحداثُ بين الشعب وبين المجرم ؛

إن تراجع الشعب وأحجم فذلك فيه مفسدة كبيرة ..

مفسدة عليهم وعلى غيرهم ؛

مفاسدُ لا تتوقف على الانتقام وحده ؛

فقد تدفع غيره أن يحذو حذوه ؛

.
.

استقيتُ الإشارات السابقة من مقال للمشرف على الدرر السنية ؛

.
.

.
.

ألا فليعرفِ المجرمُ أن سُنّة الله في الظالمين معلومة ؛

والآيات التي فيها حديث عن إهلاك الظالمين معروفة مشهورة ؛

.
.

أيها الفضلاء ..

قال ابن تيمية رحمه الله :

فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ؛

لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ..

فلا يشترط له شرط ؛

بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم ؛ اهـ

.
.

أيها الفضلاء ..

أكرر مرة أخرى ؛

نحتاجُ في هذه الأيام العصيبة للاجتماع لا للتفرّق ؛

ونحتاج إلى شيء من التعقّل ؛

وأن نزن الأمور بوزنها الصحيح ؛

وأن نزن الكلام قبل أن نتحدث به ؛

وأن نختار الوقت الصواب للكلام ؛

فعند الفتن ليس كل ما يُرى حسنا يُقال ؛

وليذكر الجميعُ قول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه :

حدثوا الناس بما يعرفون ؛

وقبله قول أبي هريرة رضي الله عنه :

فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم ..!

.
.

أكرر مرّة أخيرة :

ألا فليعرفِ المجرمُ أن سُنّة الله في الظالمين معلومة ؛


.
.

ختامًا ؛

كانت هذه الكلماتُ ليلتي 26 و 27 من ربيع الأول لعام 1432 هـ ؛

الموافق لـ 1 و 2 من شهر آذار لعام 2011 م ؛

أسأل الله أن يجعل فيها النفع والفائدة ؛

وأن يوفّقني وإياكم للهُدى والرشاد ؛

وأسأله تعالى أن يقصم ظهر كلّ ظالم ؛

من أحبّ نشرها فله ذلك ؛

لعل الله يلمّ شمل المسلمين ؛

الحمدُ لك ربّي ..

اللهم احفظ وبارك فيمن كان سببا في تعليمي هذا ؛

وزده علما وتواضعا وأدبا يا ربّ العالمين ؛

ووفقه لما تحبّ وترضى ؛

وصلى الله وسلم على نبيه وآله وصحبه وسلم ..

والحمدُ لله ربّ العالمين ؛

أبو الوليد ؛

.
.

.

وعليكم السلام ورحمة الله
.

انتقاءات أجدت في اختيارها
وومضات تنير درب الحيران في زمن الفتن
وحتى لو طغى الظالم وتجبر سيأتي له يوم ينتقم منه الله عزوجل
وسيكون آية لمن بعده ..

.
بوركت أبو الوليد
وزادك الله من فضله