بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما تقرا لابن القيم الجوزية تتعجب من هذا العالم والشيخ الجليل الذي هو بحق احد مؤسسي علم النفس الإسلامي الذي لم يؤسس بعد واحد العظماء الذين إذا أردنا أسلمت علم البرمجة اللغوية العصبية لا يمكننا إلا إن نعده مؤسس على الأقل بالنسبة لنا نحن المسلمين
تجده يتحدث عن النميطات الصورية بطريق لا ينقصها إلا يسميها النميطات وتجد يقوم بتقنية انسجام الأجزاء أو تستطيع أن تقول تقنية الجرد الشخصي
وأقرا هذه الأسطر واحكم بنفسك

ابن الجوزي من كتابه ((صيد الخاطر))

رأيت ميل النفس على الشهوات زائداً في المقدار حتى إنها إذا مالت مالت بالقلب والعقل والذهن ، فلا يكاد ينتفع بشيء من البدن. فصحت بها يوماً وقد مالت بكليتها إلى شهوة: ويحك قفي لحظة أكلمك كلمات ثم افعلي ما بدا لك.
قالت: قل، اسمع.
قلت: قد تقرر قلى ميلك إلى المباحات من الشهوات، وإن جل ميلك إلى المحرمات، فأنا أشف لك عن الأمرين، فربما رأيت الحلوين مرين.
أما المباحات من الشهوات فمطلقة لك ولكن طريقها صعب، لأن المال قد يعجز عنها، والكسب قد لا يصل معظمها، والوقت الشريف يذهب بذلك، ثم شغل القلب بها وقت التحصيل، وفي حالة الحصول، وبحذر الفوات، ثم ينغصعها من النقص ما لا يخفى على مميز.
إن كان مطعماً فالشبع يحدث آفات، وإن كان شخصاً فللملل أو الفراق، أو سوء الخلق. ثم ألذ النكاح أكثره إيهاناً للبدن، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
وأما المحرمات، فتشمل على ما أشرنا إليه من المباحات، وتزيد عليه خوف عقاب الدنيا وفضيحتها، ووعيد الآخرة، ثم الجزع كلما ذكرها التائب، وفي قوة قهر الهوى تزيد كل لذة. ألا ترى إلى كل مغلوب بالهوى كيف يكون ذليلاً، لأنه قهر بخلاف غالب الهوى فإنه يكون قوي القلب عزيزاً لأنه قهر، فالحذر الحذر من رؤية المشتهى بعين الحسن، كما يرى اللص لذة أخذ المال من الحرز، ولا يرى بعين فكرة القطع، وليفتح عين البصيرة لتأمل العواقب واستحالة اللذة نغصة، وانقلابها عن كونها لذة إما لملل أو لغيرة من الآفات، أو لانقطاعها بامتناع الحبيب، فتكون المعصية الأولى كلقمة تناولها جائع، فما ردت كَلَب الجوع، بل شهّت الطعام. ليتذكر الإنسان لذة قهر الهوى مع تأمل فوائد الصبر عنه، فمن وفق لذلك كانت سلامته قريبة منه.