*** *** ***
جاءت رسالة الإسلام لتعلمنا وترشدنا للحياة المُثلى الملئ بالمحبة
وتأمرنا بالتعاون على البر والتقوى
والنَّبي صلى الله عليه وسلم هو أوَّل وضع لبنة وأسس التَّعاون في صرح العمل الإسلامي
روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال :
« لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه ».
والتعاون مطلوب من جميع أفرادً المجتمع، وعلى كافة المستويات
ومجالات التَّعاون بين المسلمين كثيرة جدّاً، فمثلاً
فهم يتعاونون في مساجدهم على طاعة ربّهم، فعلماؤهم يعلِّمونَ عامّتهم ويفقهوهم في دينهم
ويتعاونون في جهادهم على قتال أعدائهم وحماية دينهم وأعراضهم وأوطانهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا " . (متفق عليه)
ولا بدّ من تواد المحبّة والإخاء لأتمام دوام التّعاون بين المسلمين
يأيها الناس أنا خلقناكم شعوباُ وقبائل للتعارفوا
وعن انُّعمان بن بشير رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
« مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطّفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ
تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحُمّى » متّفق عليه.
ففي هذا الحديث تعظيم حقوق المسلمين، والحضُّ على تعاونهم، وملاطفة بعضهم بعضاً.
ورغب النّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمّته أن تتعارف فيما بينها
وضع حقوقاً للمسلم بأدائها والمحافظة عليها تدخل المودّة إلى قلوبهم وأن يتعاونوا فيما بينهم
" من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته " . (رواه البخارى)
وفي هجرة الرسول علية أفضل الصلاة والسلام
شارك الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الهجرة تمويلا وإعدادا واقتراحا وعملا
وأتخاذ دليل خبير بالطريق ومسالكها
وتقصي الأخبار والمناورة في الطريق
ومحو آثار الرسول علية السلام بقطيع غنم
وترتيب المؤونة وغيرها من الأعمال التي تعاونوا فيها جميعاً
واستنفد النبي صلى الله عليه وسلم جهده في التخطيط
كلها أسباب يعلمنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحياة لاتقف على أحد
وأنه ينبغي على المؤمن أن يكثف كل ما باستطاعته لإعانة أخية
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ
لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60) } سورة الأنفال
حتى إذا ما نفذت الأسباب كان آنذاك التأييد من الله
لأعانة المؤمن وتقديم السند والعون
قال رسول الله صلى الله علية وسلم ..
" أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " . (رواه مسلم)
والسيرة النبوية هي ما أُخذ من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ مولده حتى وفاتة
في الظروف الاجتماعية والسياسية التي انتشر فيها الدين الإسلامي
وفي حياة صحابته الكرام الذين ضحوا في سبيل إعلاء كلمة الله في الأرض
والأمة الإسلامية مأمورة بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم،
يعتبر موضوع الهجرة النبوية والرجال الذين شاركوا فيها وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم
حدث عظيم في التاريخ الإسلامي
هؤلاء الرجال الذين كان لهم فضل كبير في انتقال الدعوة من مكة إلى المدينة المنورة
حيث أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب كل من الأنصار والمهاجرين
دولة إسلامية تكون منطلقا لنشر الإسلام إلى كل بقاع العالم.
وقد كُللت الهجرة النبوية في كل مراحلها بحس كبير ووعي عميق بمسألة التخطيط والتعاون
وتجلى هذا في نقاط مهمة هي ...
1. فكرة التخطيط
بعد أن أوضحت كل المؤشرات تؤكد استحالة تعايش المسلمين مع كفار قريش في مكة
راح صلى الله عليه وسلم يبحث عن بدائل أخرى لكيفية العيش بعيداً عنهم
فوجد استعدادا وتعاوناُ لدى الأوس والخزرج لإيواء الدعوة بل ونصرتها والدفاع عنها.
2 . التكتم والسرية
لم يكن خبر الإعداد للهجرة يتجاوز النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه
من مبداء " استعينوا على قضاء حوائجكم بالسر والكتمان ".
3. بيعتي العقبة
وهي منطلق لتطور الميثاق من مستوى المبايعة إلى مستوى التعاون في الدفاع والنصرة.
4 . برنامج مُحكم
وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم برنامج مُحكماُ في هجرتة متعاوناُ مع أصحابة فية
وذلك من ناحية توقيت المغادرة، التوجه جنوبا تمويها، المكوث بغار ثور ثلاث ليال قبل التوجه نحو يثرب.
5 . توزيع الأدوار
قام رسول الله علية أفضل الصلاة والسلام بتوزيع الأدوار وعدم احتكار المهام بين الصحابة
وذلك بقصد بث روح التعاون بيهنم وفتح المجال امام الجميع للمشاركة في هذا الحدث الأجل
فمنهم من كُلف بتضليل المتربصين
ومن أسندت له مهمة نقل أخبار قريش واعداد عُدة الرحيل
ومن قام بتوصل الطعام وتوصيل اللبن
ومن أخفي آثار الرسول الكريم وصاحبة الصديق.
6 . الاستعانة بالكفاءات
كانت الاستعانة بذوي الكفاءة من أهل المروءة حتى وإن لم يكن مسلما مكملاُ للتعاون المتثمر
وهنا تتضح جواز الاستعانة بذوي الكفاءة من ديانات أخرى لإنجاح المشروع الإسلامي
وبتظافر كل هذة الجهود وتعاون الصحابة وغيرهم في تقديم المساعدة
ومع اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبة في التخفي وتضليل قُريش
نجحت عملية الهجرة وكانت رحلة مباركة رغم المصاعب
وبها أبتدأت رحلة الأسلام وأنتشرت بتوفيق الرحمن الجليل
وذكرها الله العزيز الحكيم بكتابة العظيم في سورة التوبة بقوله عز وجل ..
تقبلوا ودي .. ولنا لقاء بعون الرحمن
لأستكمال مسيرة الهجرة النبوية العظيمة
آمة الله .. الفالحة
الروابط المفضلة