السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
**اذا استغنى الناس بالدنيا استغن أنت بالله, واذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله, واذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله, واذا تعرفوا بملوكهم وكبرائهم وتقربوا اليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت الى الله, وتودد اليه تنل بذلك غاية والرفعة.
قال بعض الزهاد: ما علمت أن أحدا سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو بصلاة أو قراءة أو احسان.
فقال له الرجل: اني أكثر البكاء.
فقال: انك ان تضحك وأنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك, فان المدل لا يصعد عمله فوق رأسه.
فقال: أوصني.
فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها, وكن في الدنيا كالنحلة, ان أكلت طيبا, وان أطعمت أطعمت طيبا, وان سقطت على شيئ لم تكسره ولم تخدشه.
**من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه, وأن تسمع داعيه, ثم تتأخر عن الاجابة. وأن تعرف قدر الربح في معاملته, ثم تعامل غيره. وأن تعرف قدر غضبه, ثم تتعرّض له. وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه, ثم لا تشتاق الى انشراح الصدر بذكره ومناجاته. وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره, ولا تهرب منه الى نعيم الاقبال عليه, والانابة اليه.
وأعجب من هذا علمك أن لا بد لك منه, وأنك أحوج شيء اليه, وأنت عنه معرض, وفيما يبعدك عنه راغب.
**يا بائعا نفسه بهوى من حبه ضنى, ووصله أذى, وحسنه الى فناء, لقد بعت أنفس الأشياء بثمن بخس, كأنك لم تعرف قدر السلعة ولا خسة الثمن, حتى اذا قدمت يوم التغابن تبيّن لك الغبن في عقد التبايع, لا اله الا الله سلعة, الله مشتريها, وثمنها الجنّة, والدلال الرسول, ترضى ببيعها بأذن يسير مما لا يساوي كله جناح بعوضة.
**أخرج بالعزم من هذا الفناء الضيّق المحشو بالآفات الى ذلك الفناء الرحب الذي فيه "مالا عين رأت",فهناك لا يتعذّر مطلوب ولا يفقد محبوب.
**التقوى ثلاث مراتب:
احداها: حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرّمات.
الثانية: حميتها عن المكروهات.
الثالثة: الحمية عن الفضول وما لا يعني.
فالأولى تعطي العبد حياته, والثانية تفيد صحته وقوته, والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته.
غموض الحق حين تذب عنه ***** يقلل ناصر الخصم المحق
تضل عن الدقيق فهوم قوم ***** فتقضي للمجلّ على المدقّ
بالله أبلغ ما أسعى وأدركه ***** لا بي ولا بشفيع لي من الناس
اذا أيست وكاد اليأس يقطعني ***** جاء الرجاء مسرعا من جانب اليأس
**من خلقه الله للجنّة لم تزل هداياها تأتيه من المكاره, ومن خلقه الله للنار لم تزل هداياها تأتيه من الشهوات.
لما طلب آدم الخلود في الجنة من جانب الشجرة عوقب بالخروج منها. اقرأ الآيات 19-24من سورة الأعراف.
ولما طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤية لبث فيها بضع سنين. اقرأ يوسف آية 42.
اللهم اجعلنا من أهل الجنة و اجمعنا فيها على منابر من نور ..
آآآآآمين
مقتطفات من
كتاب الفوائد لابن القيم
-رحمه الله-
الروابط المفضلة