الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين
أما بعد،،،
فإن الله سبحانه وتعالى أمر عباده المؤمنين بالمحافظة على السنة والدعوة إليها، وحث على اتباع رسوله ، وأمر به وأوجبه فقال تعالى: ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وجعل الله سبحانه وتعالى الفوز بمحبته عز وجل إنما ينال باتباع رسوله قال تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم , قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) ....
قال الحسن البصري – رحمه الله تعالى -: (ادعى أقوام محبة الله فابتلاهم أو قال فامتحنهم بهذه الآية: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
ونفى الله الإيمان عن من لم يحكم رسول الله ولم يرض بحكمه فقال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)ً وجعل الله سبحانه وتعالى الاحتكام إليه وإلى رسوله عند التنازع والاختلاف فقال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) قال العلماء: معناه الرد إلى الكتاب والسنة.
وحذر الله من مخالفة سنته وتوعد المخالف بالفتنة في الدنيا والعذاب الأليم الموجع في الآخرة فقال تعالى: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). وفي هذا الزمان الذي قل فيه العلم وكثر فيه الجهل وتحكم فيه الرويبضة، ترى انتشار البدع وشيوعها، وتعلق الناس بها حتى ظنوا أنها من دين الله ، وقد حذرنا رسول الله من شر البدع والإحداث في الدين فعن أبي نجيح العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله موعظة بليغة وجلت منها القلوب – أي خافت – وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودّع فأوصنا قال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة))
أيها المسلمون,
شأن البدعة عظيم ، وأمر العبادة لا يسوغ من مجرد التقليد، وللزوم السنة والاتباع فضل من الله عظيم.ولخطورة البدع ما ظهر منها وما بطن اسمعوا ما قاله الأئمة الأعلام لتحذير الأمة من ضلالات الشيطان.
يقول الإمام مالك رحمة الله: من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الدين.
ويقول سفيان الثوري رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ، المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها .
قد أحدث الناس بدعاً كثيرة من الأزمنة والأمكنة، ومما أحدثه الناس في زماننا هذا بدعة جمعة رجب فإنه (يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً، ولم يكن له ذكر في وقت السلف، ولا جرى فيه ما يوجب تعظيمه مثل أول خميس من رجب، وليلة تلك الجمعة التي تسمى الرغائب، فإن تعظيم هذا اليوم والليلة إنما حدث في الإسلام بعد المائة الرابعة).
وروي فيه حديث موضوع باتفاق العلماء، مضمونه فضيلة صيام ذلك
اليوم وفعل هذه الصلاة المسماة عند الجاهلين بصلاة الرغائب، وقد ذكر ذلك بعض المتأخرين من العلماء .
والصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم: النهي عن إفراد هذا اليوم بالصوم وعن هذه الصلاة المحدثة، وعن كل ما فيه تعظيم لهذا اليوم من صنع الأطعمة، وإظهار الزينة ونحو ذلك، حتى يكون هذا اليوم بمنزلة غيره من بقية الأيام، وحتى لا يكون له مزية. وكذلك يوم آخر في وسط رجب تصلى فيه صلاة تسمى صلاة أم داود فإن تعظيم هذا اليوم لا أصل له في الشريعة أصلاً. ويتخذ كثير من الناس أول جمعة في رجب عيداَ زاعمين أنه يوم دخل الإسلام إلى اليمن.
ومن هذه البدع بدعة الرجبية الذين يعظمون أياماً أو ليالي من شهر رجب. ولاسيما ليلة السابع والعشرين منه إذ يزعمون أن ليلة الاسراء وقعت فيه ولم يثبت ذلك بالنقل الصحيح، ولو ثبت لم يكن مسوغاً لتعظيم الليلة أو غيرها من ليالي رجب ، وهناك من يعتقد أفضلية بعضها على شهر رمضان..و هكذا تفعل البدع أصحابها.
وكذلك يصرف الشيطان الجهلة عن الفاضل إلى المفضول ، وصدق من قال: لا تعمل بدعة إلا أبطلت سنة.
إن البدعة والإحداث في الدين أصل كل شر وبلية في الدين، وكلما بعد العهد وتقادم الزمان كلما ظهرت البدع وانتشرت على مدار الدهور والأزمان. فالواجب على المسلم أن يتبع السنة ولا يبتدع في دينه، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، والبدعة شر لا تأتي بخير أبداً.
واعلموا عباد الله: أن من طاعة رسول الله ومحبته وتعظيمه وتوقيره اتباع سنته، فمن اتبع سنته كان مطيعاً له، ومن أطاعه كان مطيعاً لله قال تعالى: ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا). فمن لم يتبع سنة رسول الله كان عاصياً لله، وهو من أهل الوعيد المستوجبين للنار، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)). فالامتناع والإباء عن دخول الجنة المراد به الامتناع عن اتباع سنته.
فعليكم بالسنة ودعوا البدعة فإنها تؤدي إلى الفرقة والاختلاف في الدين، فعن ابن مسعود قال: (اتبعوا، ولا تبتدعوا فقد كفيتم).
موقع/ شمس الاسلام
الروابط المفضلة