بسم الله الرحمن الرحيم


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة119

,

أخي الحبيب قد جَربت المعاصي كثيراً فمتى رعاك الله تجرب الصدق مع الله وأنت ليس لك حيلة في رفضة فأنت مأمور به كما في الآية السابقة


عن أبو حامد الخُلْقاني قال:
قلتُ لأحمد بن حنبل: ما تقول في القصائد.
فقال: في مثل ماذا.
قلت: مثل ما تقول:

إذا مـا قال لي ربِّـي: ... أما استحييت تعصيـني
وتُخفـي الذنب من غيري ... وبالعصيان تأتيـني؟
فمـا قـولى له لما ... يعـاتبـنى ويقصيــنى؟

قال: فرد الباب، وجعل يقول:
إذا ما قال لي ربِّي: ... أما استحييتَ تعصيني
وتُخفي الذنبَ مِنْ غَيْري ... وبالعصيان تأتيني؟
فما قولى له لما ... يعاتبنى ويقصينى؟
فخَرَجتُ وتركته.

أخي المبارك اغتنم هذه الحياة بالصدق مع الله فمن صدق مع الله صنع الله له فوق ما يصنع لغيره كما قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد
,

وقال رحمه الله

ليس للعبد شيء أنفع من الصدق مع ربه في جميع أموره مع صدق العزيمة، فيصدقه في عزمه وفي فعله، قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ}[محمد: 21]، فسعادته في صدق العزيمة وصدق الفعال:
*فصدق العزيمة جمعها وجزمها وعدم التردد فيها؛ بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد ولا تلوُّم.*فإذا صدقت عزيمته بقي عليه صدق الفعل: وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد فيه، وأن لا يتخلَّف عنه بشيء من ظاهره وباطنه، فعزيمة الصدق تمنعه من ضعف الإرادة والهمة، وصدق الفعل يمنعه من الكسل والفتور. ومن صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره، وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الإخلاص وصدق التوكل،فأصدق الناس من صح إخلاصه وتوكله.

كتاب الفوائد
للإمام ابن القيم -رحمه الله-
,

وقال في رحمه الله في مدارج السالكين (2/258): (فالذي جاء بالصدق: هو من شأنه الصدق في قوله وعمله وحاله، فالصدق في هذه الثلاثة:
فالصدق في الأقوال: استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها.
والصدق في الأعمال: استواء الأفعال على الأمر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد.
والصدق في الأحوال: استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص، واستفراغ الوسع، وبذل الطاقة، وبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق، وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به: تكون صديقيته).
فالصدق كما قال رحمه الله: (هو الحق الثابت، المتصل بالله، الموصل إلى الله، وهو ما كان به وله، من الأقوال والأعمال).

وقال رحمه الله : وقلب الصادق ممتلئ بنور الصدق ومعه نور الإيمان . ابن القيم – مدارج السالكين (2/282)

,

وقال رحمه الله :
لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره . (الفوائد ص 185)

وقال رحمه الله :
فالصدق والإخلاص هو أن تبذل كلك لمحبوبك وحده ثم تحتقر ما بذلت في جنب ما يستحقه ، ثم لا تنظر إلى بذلك. ابن القيم : (مدارج 3/441)
,

وقال رحمه الله :
كل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤه الصدق وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب. الفوائد ص245
وقال رحمه الله :
أصل أعمال القلوب كلها: الصدق الفوائد ص245
وقال نقلا عن شيخه ابن تيميه فأعلى مراتب الصدق : مرتبه الصديقية وهي كمال الانقياد للرسول ,مع كمال الإخلاص للمرسل .ابن تيمية المدارج ص 396
,


وقال رحمه الله :
والله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه ، ويثيب الصادق بأن يوقفه للقيام بمصالح دنياه وآخرته ، فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ولا مفاسدهما ومضارهما بمثل الكذب ، قال تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) الفوائد ص245

وقال رحمه الله :
حمل الصدق كحمل الجبال الرواسي لا يطيقه إلا أصحاب العزائم . تهذيب 381

,


واعلم أخي أنك مقدم على رب عظيم

واقرأ هذه القصة

دخل المزني على الشافعي - رحمة الله عليهما - في مرضه الذي توفي فيه فقال له : كيف أصبحت يا أبا عبد الله ؟
فقال :
أصبحت من الدنيا راحلا ،
وللإخوان مفارقا ،
ولسوء عملي ملاقيا ،
ولكأس المنية شاربا ،
وعلى الله تعالى واردا ،
ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها ،
ثم أنشأ يقول:

ولمَّا قَـسَا قلبي وضاقتْ مذاهبي * جعلتُ رجائي دون عفوِكَ سُلَّما
تعَاظَمَني ذَنـْبي فلمـَّا قرنـْتُهُ * بِعـفوِكَ ربِّي كان عـفوُكَ أعظَمـَا
فما زِلْتَ ذا عفوٍ عن الذَّنْبِ لم تَزَلْ * تجـُودُ وتـَعْفُو مِنّـَةً وتـكرُّما
فإنْ تنتقمْ منّي فلسـتُ بآيـس * ولو دخلت نفسي بجرم جهنمــا
ولولاك لم يـغو بإبـليس عـابد * فكيف وقد أغوى صفيك آدمـا
وإني لآتي الـذنب أعرف قـدره * وأعلـم أن الله يعـفـو تـكرما

وبهذا كفاية

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

عندما أرهقتني الهموم .. وقفت أتأمل حياتي ... وتساءلت : أين تراها تكمن نجاتي ؟؟...

حينها .. أيقنت أني سأفارق كل قريب ... كل صديق .. محب .. و حبيب ...
ففررت إلى ربٍ رحمته ليست ببعيد ... وها أنا أغلق سجل ماضٍ مؤلم شوهته ذنوبي ...
و أفتح الصفحة الأولى من حاضر أملٍ جديد ... فأنا جئتك إلهي .. أرجو رحمتك

فمن كان مخلصاً في أعمال الدين يعملها لله كان من أولياء الله المتقين. ابن تيمية الفتاوى (1/8)

إذا حسنت السرائر أصلح الله الظواهر . ابن تيمية الفتاوى (3/277)

منقول

وقفة :

مثِّـل لنفسـِكَ أيُّها المغــرورُ * يـوم القيامةِ والسَّـمـاءُ تمـورُ
قد كُوِّرت شَمسُ النَّهارِ وأُدنيَـت * حتي علـى رأس العبـادِ تفـُورُ
وإذا الجِـبالَ تقلَّـعت بأُصُـولها * فرأيـتَها مِثلَ السَّحـابِ تـسـيرُ
وإذا النُّجُـومُ تساقَطت وتناثـَرت * وتبـدَّلت بعدَ الضـياءِ كـدُورُ
وإذا العِشـارُ تعطَّلت عن أهلِها * خَلَت الدِّيـارُ فما بـها معـمـُورُ
وإذا الوحـوشُ لـدى القيامـةِ * احشـرت وتقولُ للأملاكِ أين نسيرُ
فيقـالُ سيروا تشهدُونَ فضـائحاً * وعجـائباً قد أُحضِرت وأُمُـورُ
وإذا الـجنـينُ بأُمِّـهِ مُتـعَلِّـقٌ * يخشى الحِسابَ وقلبـهُ مذعـُورُ
هـذا بـلا ذنبِ يخـافُ لهـولِهِ * كيفَ المُقيمُ على الذُّنوبِ دُهُورُ ؟!
وإذا الـصـحائـف نشــرت * وتطايرت وتهتكت للعالمين ستـور
وإذا الجـلـيل طـوي السـما * بيمينه طي السجل كتابه المنشـور
وإذا الجـحيم تسعـرت نـيرانها * ولها علي أهـل الذنـوب زفـير
وإذا الجنـان تزخرفت وتطيـبت * لـفتي علي طول الـبلاء صـبور