السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله اخواتي ..
سآخذك معي اختي الحبيبة في نزهة قد تكون بعيدة قليلًا وقد تكون اقرب اليكِ والي من كلماتي التي ستقرئينها ..
في يوم من ذاتِ الأيام سيكتب بجانب اسمك في المنتدى ( رحمك الله يا فلانة )
ياترى هل لكِ سيرة عطرة بين أخواتك هنا ..
هل من أحد سيذكرك بدعوة ..
وهل يا ترى مواضيعك وردودك ستكون لكِ ام عليكِ ..
كلنا مغادرووون يا حبيبة ...
نحن في دار ابتلاء واختبار ..
قبل فترة توفي قريب لنا نحسبه والله حسبيه ولا نزكيه على الله فقد أفضى الى ربه .. رحمه الله رحمة واسعة ..
اعرفه معرفة شخصية .. لن أتكلم كثيرا عن صفاته وخُلقه
ولكن عندما ستقرئين كيف رب العالمين ختم له هذه الحياة الدنيا قد تتوصلين الى خلقه وكيف أمضى حياته
سبحان الله اليوم الذي توفى فيه طلب من الجميع الخروج من عنده والاتيان بالقرآن اليه ومات والقرآن على صدره .. وحده هو وقرآنه وايات ربه ..
سبحانك يا رب .. قلت ومن عاش على شيء مات عليه وسيبعث عليه إن شاء الله ..
دائما ما افكر في خاتمتي .. وتشغل حيز تفكيري كثيرا ..
كيف سنختم هذه الحياة الدنيا بعد كل هذا العمر ...
هل سنستطيع ان نلهج بالذكر الذي غالبا ما ننشغل عنه ..
هل سييسر الله لنا ان نختم بآياته ونحن نمضي اغلب اوقاتنا مشغولون بمواقع التواصل ..
يا ترى هل أحببنا آيات الله عز وجل بالقدر الذي يؤهلنا ان نختم دنيانا بآيات الله وكلامه ..

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


يقول ابن الجوزي - رحمه الله - في "الثبات عند الممات" (ص 78):

"قد خُذِل خلقٌ كثير عند الموت، فمنهم مَن أتاه الخِذلانُ في أول مرضِه، فلم يستدرك قبيحًا مضى،
وربما أضاف إليه جورًا في وصيتِه، ومنهم مَن فاجأه الخِذلانُ في ساعةِ اشتداد الأمر،
فمنهم مَن كفر، ومنهم مَن اعترض وتسخَّط، نعوذ بالله من الخِذلان، وهذا معنى سوء الخاتمة؛
وهو أن يغلب على القلب عند الموت الشك أو الجحود، فتُقبَض النفس على تلك الحالة، ودون ذلك أن يتسخَّط الأقدار"؛

والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول كما في "صحيح البخاري": ((إنما الأعمال بالخواتيم))،
ويكمن خطر هذه الكلمة في أن العبدَ عند الموت يكون في غاية الضعف؛ فهو يعاني من ألم النزع،
والخوف من خطر ما هو مُقبِل عليه عند الموت، وكذا هجوم إبليس عليه بخَيْله ورَجله،
ويقول إبليس لأعوانه: دونكم هذا الرجل، إن أفلت منكم اليوم لا تدركونه.
فهذه فتنة عظيمة لا يَثبُت فيها إلا المؤمن الصادق، الذي استقام على دين الله - تعالى -
قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27].
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ..

في رواية عند الطبراني في "الكبير" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تعجبوا بعملِ عاملٍ حتى تنظروا بم يُختَم له)).
ومن هنا كان خوف العارفين، وقد كان أكثر دعاء النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم -: ((يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك))،
فقال له أنس بن مالك - رضي الله عنه -: يا نبي الله، آمنَّا بك وبما جئتَ به، فهل تخاف علينا؟
قال: ((نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يُقلِّبُها كيف يشاء)).

كم سمعنا عمن آمن ثم كفر، وكم رأينا من استقام ثم انحرف، وكم من شارف مركبه ساحل النجاة، فلما همَّ أن يرتقي
لعِب به الموج فغَرِق. سبحانك اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك ..

يقول الإمام القرطبي - رحمه الله - في كتابه "التذكرة":
"لا تُعجَب بإيمانك، وعملك، وصلاتك، وصومك، وجميع قُرَبِك، فإن ذلك وإن كان من كسبِك،
فإنه من خَلْق ربك وفَضْله عليك، فمهما افتخرتَ بذلك، كنتَ كالمفتخِر بمتاعِ غيره،
وربما سُلِب عنك، فعاد قلبُك من الخير أخلى من جوفِ البعير، فكم من روضةٍ أمست وزهرُها يانع عَمِيم، فأصبحت وزهرها يابس هَشِيم؛
إذ هبَّت عليها الريحُ العَقِيم، كذلك العبد يُمسِي وقلبُه بطاعة الله مُشرِق سليم، فيُصبِح وهو بمعصيتِه مُظلِم سقيم، ذلك فعلُ العزيز الحكيم، الخلاَّق العليم"؛

نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى، ومن المعصية بعد الطاعة.

وكان سفيان الثوري - رحمه الله - يشتدُّ قلقُه من السوابق والخواتم،
فكان يبكي ويقول: (أخاف أن أكون في أمِّ الكتاب شقيًّا)، ويبكي ويقول: (أخاف أن أُسلب الإيمان عند الموت)،
وكان مالك بن دينار - رحمه الله - يقوم طول ليلِه قابضًا على لحيته،
ويقول: (يا رب، قد علمتَ ساكنَ الجنة من ساكنِ النار، ففي أي الدارين منزلُ مالك؟)"

لما حضرت أبا هريرة الوفاة بكى .. فقيل له ما يبكيك؟

فقال بعد المفازة وقلة الزاد وعقبة كؤود ، المهبط منها إلى الجنة أو النار.

صفة الصفوة (1/694)

الى الجنة او النار .. ما اصعب التأمل في هاته الكلمات .. اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا الى انفسنا طرفة عين ..

مغادرون وستأتي تلك اللحظة لا محالة .. افيقي أخيتي واستعدي لمثل هذا اليوم ..