بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..
فتش في قلبك

فاللهم لك الحمد على التوفيق للحمد ، ولك الشكر أن أجريت على لساننا كلمات الشكر لك ، والله لا نحصي ثناء عليك ،
فيا أحق من ذكر ، وأحق من عبد ، وأرأف من ملك ، ويا أجود من سئل ، ويا أوسع من أعطى منَّ علينا يا مولانا بالقبول ،
ولا تحرمنا قربك ولا لذة مناجاتك .


أحبتي ..
رأت فأرة جملا فأعجبها ، فجرت خطامه فتبعها ، فلما وصلت إلى باب بيتها ، وقف فنادى بلسان الحال :
إما أن تتخذي دارا تليق بمحبوبك ، أو محبوبا يليق بدارك .

يعلق إمامنا ابن القيم فيقول : " وهكذا أنت إما أن تقبل على الله بقلب يليق به ، وإما أن تتخذ معبودا يليق بقلبك ،
تعاهد قلبك فإن رأيت الهوى قد أمال أحد الحملين فاجعل في الجانب الآخر ذكر الجنة والنار ليعتدل الحمل ،
فإن غلبك الهوى فاستعنت بصاحب القلب يعينك على الحمل ،
فإن تأخرت الإجابة فابعث رائد الانكسار خلفها تجده عند المنكسرة قلوبهم مع الضعف أكثر فتضاعف ما أمكنك.
"
[ بدائع الفوائد لابن القيم بتصرف ]


فعليك اليوم أن تفتش في قلبك ، وتنظر هل يليق أن تسهو في صلاتك كما صنعت الليلة الماضية ،
وأن تخجل أن يكون كل هذا في قلبك بعيدا عن ربك ، والله جل جلاله متودد لك ،
يقول : هل من مستغفر ؟ هل من تائب ؟؟ هل من سائل ؟ والمنادي ينادي : يا باغي الخير أقبل .. يا باغي الشر أقصر .


الواجب العملي

الآن نفذ الوصية كما ذكر لك ابن القيم - رحمه الله - :
1-تذكر الآخرة، ذكر نفسك الجنة المفتحة الأبواب الآن، والنار المغلقة الأبواب ، وانظر لمصيرك ، وتعبد ربك على الخوف والرجاء .
حاول أن تذهب إلى قبر

2- استعن بالله تعالى بكثرة الدعاء والمناجاة .
3- أظهر ضعفك وافتقارك ، وأكثر الليلة من طول السجود ،
وأنت تصلي ركعتين خاليا ذاكرا لله عسى أن تفيض عينك فتكتب فيمن يظلهم الله بظله .

قال تعالى : " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ " فهو القوي وأنت الضعيف ، وهو العزيز وأنت الذليل ،
فتضاعف ما استطعت فإن اللطف مع الضعف أكثر .


آية التدبر

قال تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ }
وبعض الناس من المنافقين يعجبك -أيها الرسول- كلامه الفصيح الذي يريد به حظًّا من حظوظ الدنيا لا الآخرة،
ويحلف مستشهدًا بالله على ما في قلبه من محبة الإسلام، وفي هذا غاية الجرأة على الله،
وهو شديد العداوة والخصومة للإسلام والمسلمين ، فيحلف على أن ظاهره موافق لباطنه ، وهو كذوب .
وللمتدبرين : الناس على قسمين :

1- قسم زَيّنُوا ظواهرهم وخرَّبوا بواطنهم ، فهم يخادعون أنفسهم قبل أن يخدعوا الناس ،
ومع ذلك يدعون موافقة ظواهرهم لبواطنهم ،
وهم شديدو الخصومة لأهل الإيمان ، وهنا الحذر من ( الحقد أو الغل ) لأي مسلم " ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا "

والعلامة الثانية لهم : ذنوب الخلوات " وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ "

2- والقسم الثاني : قوم زَيَّنوا بواطنهم وخربوا ظواهرهم ، عمّروا قلوبهم بمحبة الله ، وبذلوا أنفسهم في مرضات الله ،
قلوبهم في أعلى عليين ، وأجسامهم منكسرة متذللة ، فأولئك هم المقربون .

قال بعض سلفنا : كلما وضعت نفسك أرضاً أرضاً ، سما قلبك سماء سماء ، وكل ما نقص من حظ نفسك زاد في معناك.

الدعاء والمناجاة :

اللهُمّ إنّي أستغفِرُكَ مِن كُلِّ ذنبٍ ، إنّكَ كُنتَ غفّاراً ، وإنّك أنتَ الحيُّ القيّومُ ، الواحدُ الأحدُ ، الفردُ الصّمدُ ،
وأشهد أنّك أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ ، الحنّانُ المنّانُ ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ ،
وأسألُكَ بأسمائكَ الحُسنى كلّها ما علمتُ منها ، ومالم أعلمُ ، وأسألُك باسمِك الأعظمِ ، الأجلّ الأكرمِ ،
المباركِ الأحبّ إليك ، الذي إذا دُعيتَ به أجبتَ ، وإذا سُئلتَ به أعطيتَ ،
وإذا استُرحمتَ به رحمتَ ، وإذا استُفرِجتَ به فرّجتَ ، وإذا استُنصِرتَ به نَصرتَ ، وإذا استُكفيتَ به كَفيتَ ،
أن تغفِرَ لي ذُنوبي كلَّها ، دِقّها وجُلّها ، أوّلها وآخرَها ، ما علمتُ منها ، ومالم أعلمُ .