الموت حقيقة لا ينكرها أحد من العالمين، سواء كان مؤمنًا أو كافرًا، عالم أو جاهل، برٌ أو فاجر .. فما من مخلوق في الأكوان إلا وله أجل محدد وموعد لموته، يقول تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، ولو كان هناك من له قدر عند الله فيخلده لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بذلك، ولكن الله سبحانه وتعالى قال له: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ).
والموت هو بداية الرحلة إلى الدار الآخرة التي يجب أن يستعد لها الإنسان حال حياته لينعم برضى الله سبحانه وتعالى ويخلد في جنات النعيم، ولا يكون ذلك إلا بتحقيق معنى خلافة الله في الأرض بعمارتها وحسن التعبد لله والبعد عن الكفر والفسوق والعصيان.
ودائمًا ما يلح علينا سؤال .. كيف نستعد للموت؟
من أول الأمور التي نستعد بها للموت هو تذكر الموت نفسه .. وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يذكر أصحابه بالموت لكي يتنبهوا ويستعدوا له، ولأن الموت في حد ضاته واعظًا للناس، لذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، وقال كذلك: أكثروا من ذكر هادم اللذات .
وقد فطن الصالحون لذلك عملًا بالتوجيه النبوي فقال الإمام الدقاق: من أكثرَ من ذكرِ الموتِ أُكرِمَ بثلاثة أشياء: تعجيل التَوْبَة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التَوْبَة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة .
وزيارة القبور كذلك تهيئنا للاستعداد للموت، وذكر سكرات الموت وأحوال البعث والنشور تعين الإنسان على أن يتهيئ لرحلة الأخرة والتزود بالتقوى ليجتاز هذه الرحلة.
ومحاسبة النفس من أرجعى الأعمال للاستعداد للموت، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).،


وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر،
(يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) .
كذلك مراقبة الله في كافة أفعالنا وأعمالنا، وهو مقام الإحسان الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، ومراقبة الإنسان لأفعاله تجعله دائم التفكر والتذكر لما ينتظره بعد الموت.
والحياة رحلة التزود بالتقوى للآخرة، فالتقوى خير زاد كما أخبرنا الله تعالى في كتابه: (وتزودوا فإن خير زاد التقوى)، والتقوى تأتي بمعاونة الصحبة الصالحة وصلاح الصحبة يأتي من صلاح النية.
وعلى الإنسان أن يستعد للموت بأن يتوب إلى الله ويستغفر في كل وقت، حتى وإن تكرر منه الذنب فلا يقنط من رحمة الله، لأن الله سبحانه وتعالى إن وجد من العبد صدق النية غفر له وبدل سيئاته حسنات، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة ، وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما بالكم بنا؟!
والمداومة على الأعمال الصالحة التي يتذكر بها الإنسان آخرته وكيف يزرع بها لآخرته، وكذلك تدبر القرآن الكريم، قال تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).
فتدبر القرآن يجعل الإنسان مدركاً لحقيقة الموت وما ينتظره من ثواب وعقاب.
وحسن الظن بالله من الاسعداد للموت، فقد قال النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله قبل وفاته بثلاثة أيام: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله .
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال: كَيْفَ تجدك؟ ، فقال: أرجو الله يا رسول الله وأخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجتمعان في قلب عبد مُؤْمِن في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف .
شاهد المحتوى الأصلي علي بوابة الفجر الاليكترونية


https://www.youtube.com/playlist?lis...aH16P_Aj-XqXat






وهذه موسوعه مميزة
https://www.youtube.com/channel/UCCX...igfA/playlists