الإسم:  الحديث التوبة.gif
المشاهدات: 2953
الحجم:  304.8 كيلوبايت

الجزء الاول

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد... ما اكثر الذنوب والمعاصى التى نرتكبها فى حق الله وفى حق البشر وما احوجنا الى التوبةالصادقة قبل أن يأتي الموت او تطلع الشمس من مغربها
فى هذا الجزء نوضح ما يجب ان نعرفه حتى نتوب توبة نسأل الله لها القبول فنقول والله المستعان


◘عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم _ رضي الله عنه ((لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها،وقد أيس من راحلته،فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ،فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)).


التوبة لغة: من تاب يتوب ، إذا رَجع.
وشرعًا : الرجوع من معصية الله تعالى إلى طاعته.

___________
مراتب التوبة
♥وأعظمها وأوجبها التوبة من الكفر إلى الإيمان
قال الله تعالى:
﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال:38]،
♥ثم يليها التوبة من الكبائر ؛ كبائر الذنوب.
♥ثم المرتبة الثالثة: التوبة من صغائر الذنوب.

________
شروط التوبة
♥وللتوبة خمسة ثلاثة:

الشرط الأول:
الإخلاص لله، بأن يكون قصد الإنسان بتوبته وجه الله- عز وجل- وأن يتوب الله عليه، ويتجاوز عمَّا فعل من المعصية. لا يقصد بذلك مُراءاةُ الناس والتقرب إليهم، ولا يقصد بذلك دفع الأذية من السُّلُطات وولي الأمر.
وإنما يقصد بذلك وجه الله والدار الآخرة، وأن يعفو الله عن ذنوبه.


الشرط الثاني:

الندم على ما فعل من المعصية؛ لأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل على أنه صادق في التوبة؛ بمعنى أنْ يتحسَّر على ما سبق منه، وينكسر من أجله، ولا يرى أنه في حِلٍّ منه حتى يتوب منه إلى الله.

الشرط الثالث:
أن يقلع عن الذَّنْب الذي هو فيه، وهذا من أهم شروطه.

♥ والإقلاع عن الذَّنب : إن كان الذّنْبُ تركُ واجب؛ فالإقلاع عنه بفعله؛ مثل أن يكون شخص لا يزكِّي، فأراد أن يتوب إلى الله، •فلابد من أن يخرج الزكاة التي مضت ولم يؤدها. وإذا كان الإنسان مقصراً في برِّ الوالدين؛ فإنه يجب عليه أن يقوم بِبِرِّهما، •وإذا كان مقصراً في صلة الرّحم؛ فإنه يجب عليه أن يصل الرحم.
•وإن كانت المعصية بفعل محرّم،فالواجب أن يقلع عنه فوراً، ولا يبقى فيه ولا لحظة.
•فإذا كانت من أكل الربا مثلاً، فالواجب أن يتخلَّص من الربا فوراً، بتركه والبعد عنه، وإخراج ما اكتسبه عن طريق الربا،
•إذا كانت المعصية بالغش والكذب على الناس وخيانة الأمانة، فالواجب عليه أن يقلع عن ذلك ،
•وإذا كان قد اكتسب مالا من هذا الطريق المحرَّم، فالواجب عليه أن يرده إلى صاحبه أو يستحله منه،
•وإذا كانت غِيبةً، فالواجب أن يقلع عن غيبة الناس والتكلم في أعراضهم.

♥أما أن يقول إنه تائب إلى الله وهو مُصِرٌ على ترك الواجب، أو مُصِرٌ على فعل المحرم، فإن هذه التوبة غير مقبولة. بل إن هذه التوبة كالاستهزاء بالله عز وجل،
• كيف تتوب إلى الله- عز وجل- وأنت مصر على معصيته؟!
•لو أنك تعامل بشرا من الناس ، تقول أنا تبت إليك وأنا نادم لا أعود، ثم في نيتك وفي قلبك أنك ستعود، وعدت، فإن هذه سخرية بالرجل، فكيف بالله رب العالمين؟!

♥فالإنسان التائب حقيقة هو الذي يُقلع عن الذنب.

◘ومن الغريب أن بعض الناس تجلس إليه، وتجده يتأوه من وجود الربا، وهو في نفسه يرابي والعياذ بالله، أو يتأوه من الغيبة وأكل لحوم الناس؛ وهو من أكثر الناس غيبة- نسأل الله العافية-، أو يتأوه من الكذب وضياع الأمانة في الناس؛ وهو من أكذب الناس وأضيعهم للأمانة!!


♥على كل حال، الإنسان لابد أن يقلع عن الذنب الذي تاب منه، فإن لم يقلع فتوبته مردودة لا تنفعه عند الله عز وجل.


♥والإقلاع عن الذنب إما أن يكون :

•إقلاعاً عن ذنب يتعلق في حق الله- عز وجل- فهذا يكفي أن تتوب بينك وبين ربك،

•لا تفضح نفسك./
لا ينبغي- بل قد نقول: لا يجوز- أن تحدث الناس بما صنعت من المحرم أو ترك الواجب. لأن هذا بينك وبين الله، فإذا كان الله قد منَّ عليك بالستر، وسترك عن العباد فلا تحدث أحداً بما صنعت إذا تبت إلى الله.

•وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (
(كل أمتي معافي إلا المجاهرين))(البخاري ، ومسلم) .
ومن المجاهرة، كما جاء في الحديث: ((
أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا…إلى آخره))((البخاري ، ومسلم) ) .

•إلا أن بعض العلماء قال: إذا فعل الإنسان ذنباً فيه حدٌ، فإنه لا بأس أن يذهب إلى الإمام الذي يقيم الحدود- مثل الأمير- ويقول إنه فعل الذنب الفلاني ويريد أن يطهِّره منه، ومع ذلك فالأفضل أن يستر على نفسه، هذا هو الأفضل.
يعني يباح له أن يذهب إلى ولي الأمر إذا فعل معصية فيها حد كالزنا مثلا، فيقول إنه فعل كذا وكذا؛ يطلب إقامة الحد عليه؛ لأن الحد كفارة للذنب.

•أما المعاصي الأخرى فاسترها على نفسك كما سترها الله، وكذلك الزنا وشبهه، استره على نفسك - بالنسبة لغير ولي الأمر- لا تفضح نفسك.
ما دمت أنك قد تبت فيما بينك وبين الله تعالى، فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.


♥أما إذا كان الذنب بينك وبين الخلق_
• فإن كان مالاً فلابد أن تؤديه إلى صاحبه، ولا تقبل التوبة إلا بأدائه مثل أن تكون قد سرقت مالاً من شخص وتبت من هذا، فلابد أن توصل المسروق إلى المسروق منه.
أو جحدت حقاً لشخص؛ كأن يكون في ذمتك دين لإنسان وأنكرته، ثم تبت ، فلابد أن تذهب إلى صاحب الدين الذي أنكرته، وتقرَّ عنده وتعترف حتى يأخذ حقه. فإن كان قد مات، فإنك تعطيه ورثته، فإن لم تعرفهم، أو غاب عنك هذا الرجل ولم تعرف له مكاناً، فتصدق به عنه تخلصاً منه، والله- سبحانه وتعالى- يعلمه ويعطيه إياه.

أ•ما إذا كانت المعصية التي فعلتها مع البشر ضرْباً وما أشبهه، فاذهب إليه ومكِّنه من أن يضربك مثل ما ضربته؛ إن كان على الظهر فعلى الظهر، وإن كان على الرأس فعلى الرأس، أو في أي مكان ضربته فليقتصَّ منك؛ لقول الله تعالى سبحانه:﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى:40]، ولقوله:
﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة:194] .

•وإذا كان بقول؛ أي: أذيَّةٌ بالقول، مثل أن تكون قد سَبَبْته أمام الناس ووبَّخته وعيَّرته، فلابد أن تذهب إليه وتستحلَّ منه بما تتفقان عليه. حتى لو قال لا أسمح لك إلا بكذا وكذا من الدراهم فأعطه.

•الرابع:
أن يكون الحق غِيْبَةً، يعني أنك تكلمت به في غيبته، وقدحت فيه عند الناس وهو غائب.
فهذه اختلف فيها العلماء ؛ فمنهم من قال: لا بد أن تذهب إليه، وتقول له يا فلان إني تكلمت فيك عند الناس، فأرجوك أن تسمح عني وتحلّلني.
وقال بعض العلماء؛ لا تذهب إليه، بل فيه تفصيل!فإن كان قد علم بهذه الغيبة فلابد أن تذهب إليه وتستحلَّه. وإن لم يكن علم فلا تذهب إليه، واستغفر له، وتحدث بمحاسنه في المجالس التي كنت تغتابه فيها؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.
_ وهذا القول أصح؛ وهو أن الغيبة إذا كان صاحبها لم يعلم بأنك اغتبته، فإنه يكفي أن تذكُرَهُ بمحاسنه في المجالس التي اغتبته فيها، وأن تستغفر له، تقول: ((اللهم اغفر له)) كما جاء في الحديث: (
(كفارة من اغتبته أن تستغفر له)) ( ضعَّفه الألباني) فلابد في التوبة من أنْ تصل الحقوق إلى أهلها.


_______
أما الشرط الرابع:

♥ فهو العزم على أن لا تعود في المستقبل؛ بأنك لن تعود إلى هذا العمل في المستقبل، فإن كنت تنوي أن تعود إليه عندما تسمح لك الفرصة فإنَّ التوبة لا تصح؛ مثل: رجل كان- والعياذ بالله- يستعين بالمال على معصية الله، يشتري به المسكرات، يذهب إلى البلاد يزني- والعياذ بالله- ويسكر.فأُصيب بفقر وقال: اللهم إني تبت إليك، وهو كاذب ، يقول : تبت إليك، وهو في نيته أنه إذا عادت الأمور إلى مجاريها الأولى فعل فعله الأول.
فهذه توبة عاجز، تُبْتَ أم لم تَتُبْ لست بقادر على فعل المعصية، لأنه يوجد بعض الناس يُصاب بفقر، فيقول: تركت الذنوب ، لكن يُحدِّث قلبه أنه لوعاد إليه ما افتقده لعاد إلى المعصية مرة ثانية،
•ومثل من ترتدى الحجاب لأنها حُرِقَت فشوهت النَّار وجهها وجسدها، ومثل من ترك السرقة لأنَّ صاحب المال أصبخ منتبهاً ووضع المال فى خزىنة محكمه، وثل من ترك الصحبة بالنساء المحرمة لانَّ زوجته عرفت فارادت ان تُطلق....
• فهذه توبة غير مقبولة؛ لأنها توبة عاجز ، وتوبة العاجز لا تنفعه.
________
الشرط الخامس:
♥ أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة، فإن تاب في زمن لا تقبل فيه التوبة لم تنفعه التوبة. وذلك على نوعين:
♥النوع الأول: باعتبار كل إنسان بحسبه.
♥النوع الثاني: باعتبار العموم.
___
♥أما الأول:
• فلابد أن تكون التوبة قبل حلول الأجل- يعني الموت-، فإن كانت بعد حلول الأجل فإنها لا تنفعُ التائبَ؛
•لقول الله تعالى
﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ﴾[النساء: 18] ، هؤلاء ليس لهم توبة!
•وقال تعالى:
﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ [غافر:84،85] .

•فالإنسان إذا عاين الموت وحضره الأجل؛ فهذا يعني أنه أَيِسَ من الحياة، فتكون توبته في غير محلِّها! بعد أن أَيِسَ من الحياة، وعرف أنه لا بقاء له يذهب فيتوب! هذه توبة اضطرار ، فلا تنفعه ولا تُقبَلُ منه، لابد أن تكون التوبة سابقة.

_______________
♥أما النوع الثاني:
•وهو العموم، فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام- أخبر بأن : (
(الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها))(53).
فإذا طلعت الشمس من مغربها لم ينفع أحداً من توبة.

•قال الله سبحانه:
﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا﴾ [الأنعام:158]، وهذا البعض: هو طلوع الشمس من مغربها كما فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

إذاً فلابد أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة، فإن لم تكن كذلك فلا توبة للإنسان.
نهاية الجزء الاول ويليه الثانى باذن الله تعالى
شرح رياض الصالحين للإمام النووى
والشيخ ابن العثيمين رحمهما الله

الإسم:  استغفر الله واتوب اليه متلالاة جميييلة.gif
المشاهدات: 1965
الحجم:  59.3 كيلوبايت