بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:





الخطبة [ ] الأولى:


أما بعد:


عباد الله: اتقوا الله فإن تقواه أفضل مكتسب، وطاعته أعلى نسب، اتقوا الله وَارجُوا اليَومَ الآخِرَ وَلاَ تَعثَوا فِي الأرضِ مُفسِدِينَ[العنكبوت:36] يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ(آل عمران:102).


أيها المسلمون:


يعيش أهل الإسلام اليوم معركة صراع قاسية، ويواجهون زحف حياة عصرية، وحضارة غربية مادية، ومدنية دنيّة، عارية عن القيم والأخلاق [ ] والآداب، مدنية الهباب، وحضارة الإرهاب، اصطلى صانعوها بها، وذاقوا ويلاتها ودنياتها، ما هي إلا بلاء وشقاء، وشرور وفجور، وتمرد واضطراب، وهتك وفتك، وانتحار واختطاف وإجهاض وشذوذ وإدمان.


الصمت منقلب، والأمر مختلف، والجسم في نصب، والعقل في خَرَق.


مدنية لا تفرق بين المشروع والممنوع، والنافع والضار، أسواقها لاغية، أنديتها لاهية، قلوب أهلها خاوية.


مدنية خائبة، عاجزة عن حماية أفرادها، لم تستطع يوماً ما صون أعراضهم، أو حفظ كرامتهم، أو كفكفة دموعهم، أو إسعادهم في حياتهم، ضيق وضنك ونصب، غم وكرب، وذلك جزاء المعرضين عن شريعة رب العالمين.


وسائل ترفيه لا حصر لها صنعت لتعالج أدواء القلق، وأخطار الأرق، فلم تستطع إلى ذلك سبيلاً، كَذالِكَ يَجعَلُ اللَّهُ الرّجسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ(الأنعام:125).


حضارة أنتجت واخترعت، فإذا هلاكها في ما صنعت، وإذا دمارها في ما أبدعت، تسابقت في اختراع وسائل تكدير وتعكير، وتسارعت في إيجاد وسائل إغواء وتدمير وَإِن يُهلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشعُرُونَ(الأنعام:26).


يقول -جل في علاه-: أَم تَحسَبُ أَنَّ أَكثَرَهُم يَسمَعُونَ أَو يَعقِلُونَ إِن هُم إِلاَّ كَالأنعَـامِ بَل هُم أَضَلٌّ سَبِيلاً[الفرقان:44]. يَعلَمُونَ ظَاهِراً مّنَ الحَيَواةِ الدٌّنيَا وَهُم عَنِ الآخِرَةِ هُم غَـافِلُونَ(الروم:7).


تلك بعض خصائص مجتمعاتهم الكافرة، ومدنيتهم الفاجرة.


لمتابعة المقال أضغط على الصورة