ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




قد جعل الله لكل مطلوب طريقا وسببا ، متى سلكه العبد أوصله بإذن

الله ومشيئته إلى ذلك المطلوب .



وبهذا يعلم افتقار الإنسان إلــى معرفة الأسباب ، والوقوف عليها ،

ثم يستعين الله على سلوكها ليتم له المطلوب .


فمتى بذل المجهود ، واستعان بالمعبود ، وأتى بالأمور من أبوابها ،

أفلح وأنجح . والخلل والنقص يأتي من فوات هذه الأمور الثلاثة ،

أو أحدها .



الإيمان بالله حقيقة والتقوى :


جعــل الله هذين الأمــرين سببيــن وطريقين تنال بهـما خيرات الدنيا

والآخرة ، ويعصمان من شرورهما ، ومن كل مكروه .


وكم لهذين الأمرين من الثمرات والفوائد والنتائج الطيبة التي لا تعد

ولا تحصى ! ومن تدبر الكتاب والسنة ، رأى الشارع رتب عليهمــا

أمورا كثيرة ، وخيرات غزيرة ، ورتب على فقدهما ضد ذلك .


حسن السؤال ، وحسن الإصغاء ، والتفكر ، وكثرة التأمل : مفاتيح

للعلوم كلها .



السعي في طلب الرزق في السبب المناسب لحال العبد ، مع الاتكال

على الله ، والثقة به ، سبب لحصول الرزق وبركته .


الإلحاح في الدعاء كل وقت ، مع قوة الرجاء ، سبـــب لحصول

مطالب الدنيا والآخرة .


* الجزاء من جنس العمل :


فمــن أحسن إلى عباد الله ، أحســـن الله إليـــه .

ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته .


ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من

كرب يوم القيامة .

ومــن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة .

ومن شاق شاق الله به ، ومن ضار ضار الله به .

ومــن تفرغ لعيوب الناس ، تفرغ الناس لعيوبه .


ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله


ومن قوي توكله على الله ، كفاه أمر دينه ودنياه . ومن توكل على

نفسه أو على غيره ، وكله الله إلى ما توكل عليه ، وخذله ،

ولم يتم له مطلوبه .


ومن نوى الخير والنصيحة للخلق ، يسر الله أمره ، وأثابه بالجزاء

الجزيل . ومن نوى الشر والغش للخلق ، تعسرت عليه أموره ،

وجوزي بالعقاب الوبيل .


التواضع وحسـن الخلق ينالان بالرغبة في مكارم الأخلاق ، ومعرفة

ما لهــا مــن الثمرات الجليلة ، ومعرفة النفس ومجاهدتها وتمرينها

على ذلك ، يدرك به كل خلق جميل ، كما إن إعجاب الإنسان

بنفسه ، وسُكر الرياسة ، والحمق : جالبات لسوء الخلق .



المثابرة على الأعمال ، والصبــر عليهـا ، والثبات ، وعدم اليأس ،

أسباب لحصول نتائج الأعمال وثمراتها . وضد ذلك سبب للخيبة .


توطين النفس على الواردات الكريهة ، سبــب لسهولتها ، وعـــدم

الانزعاج لوقوعها ، ومــن القواعد الأساسية قول الشـــاعـر :

وقل من جد في أمر تطلبه .. واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر


تعلق القلب بالله وحــده ، واللهج بذكره ، والقناعة : أسبـــاب لزوال

الهموم والغموم وانشراح الصدر ، والحياة الطيبة . والضد بالضد ،

فلا أضيق صدرا وأكثر هما ممن تعلق قلبه بغير الله ، ونسي ذكر

الله ، ولم يقنع بما آتاه الله . والتجربة أكبر شاهد .


حسن النية ، والإخلاص لله سبب لتيسير الأمور ، ونجاح الأعمال ،

وكثرة فوائدها وثمراتها والضد بالضد .


الدعوة بالحكمة والتربية بالحكمة والتعلم بالحكمة : سبب للنجاح .

ومعنـى الحكمة : وضع الأشياء مواضعها وتنزيل الأمور منازلها ،

وإتيان الأمور من أبوابها وطرقها ، ودعوة كــل أحد بما يليق به ،

ويناسب حاله ، وتعليمه ما يستطيع فهمه ، ويتحمله ذهنه ،

وتربيته بالتدريج بالأسهل فالأسهل . والتوفيق بيد الله .



بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ، فإن اليقين يبصر العبد فــي

عقائده وأخلاقه وأعماله ، والصبـــر يحملـــه علــى السعـي والعمل

والجد والاجتهاد في الأمور النافعة وبهما الكمال . والنقص من فقد

الصنفين أو أحدهما .


الشكر مقرون بالمزيد ، وسبب بقاء النعم وبركتها ونموها ، وهــو

الاعتراف بنعم المولى ، والثناء عليه بها ، والاستعانة بهـا علــى

طاعته ، وضد ذلك بضده .



أكبر الأسباب للاهتداء بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مـن

الكتاب والسنة ، والوصول إلــى الحــق في جميع الحقائق والمطالب

العالية : العلم اليقيني أن النبي صلى الله عليه وسلم : هو الغاية في

العلم والنصح والبيان ، فهو أعلم الخلق على الإطلاق ، وأنصحهم

للخلق ، وأعظمهم بيانا للحق .



ومتى علم المنصف كمال الرســول فـي هــذه الأمور ، علـــم أن كــل


ما جاء به هو الحق ، وأن كل مــا خــالف ذلك فهــو باطل بلا ريب .

يعلم ذلك بهذا الأصل الكبير الذي لا يسع مؤمنا إلا الاعتراف به ، ثـم

يعرف بطلانه بتصوره والأدلة الدالة علـى بطلانه ، فــإنـــه محال أن

يكون الحق في غير ما جاء به الرسول ، وهذا يتضح بتتبع ذلك في

أصول الدين وفروعه ، وقد بين أهل العلم ذلك غاية البيان .



أقوى الأسباب للسلامة من كيد الشيطان وطرقه : قوة الإيمان بالله ،


وقــوة التوكـل عــلى الله ، وكثرة ذكر الله ، والاستعاذة بالله منـــه ،

والابتعاد عن جميع أسباب المعاصي ، والمبادرة للتوبة النصوح

إذا وقع منه شيء . ...



ومــن أسباب تحكم الآلام ، ووقوع الأسقام : كثرة الأوهام ، وضعف

القلب ، كما أن قوة القلب ، والطمع في فضل الله ، والتوكل عليــه

في رفع النازل من البلاء ، ودفع ما لم ينزل : سبب قوي جدا في

الصحة ، ودفع المؤذيات .


أعظم الأسباب لنيل مغفرة الله ورحمته : الإيمان ،والتوبة، والأعمال

الصالحة ، والإحسان في عبادة الله ، والإحسان إلى الخلق ، والعفو

عن الناس .


وجماع ذلك كله : طاعة الله ورسوله ، قــال تعالى { وَأَطِيعُواْ اللّهَ

وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } آل عمران132



شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم تنال بكمال الإخلاص لله ، وبكثرة


الصــلاة والسلام عليه ، وبحسب اتباعه في أقواله وأفعاله وهديه ،

وبمحبته وتوقيره صلى الله عليه وسلم ، وتقديم طاعته على طاعة

كل أحد من الخلق .


أسباب قبول الأعمال كثيرة ، وكلها ترجع إلى شيئين :


الإخلاص لله والاتباع لرسول الله .


فكل من كان أقوى إخلاصا ، وأحسن اتباعا ، كان أعظم قبولا ،


وأكثر مضاعفة ، وأجل ثوابا وأجرا .



الصبر والثبات والمشاورة والتوكل أكبر الأسباب لحصول النصر على


الأعداء ، لاسيما إذا انضــم إلى ذلك القوة المادية ، والاستعداد بعلوم

الحرب وفنونه ، كما ذكر الله هذه الأسباب كلها في سورة الأنفال .


الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة والصدق في المعاملات

تقترن به البركة ، ويقارنه الشرف والاعتبار . وضد ذلك بضده .


الكسل : مفتاح الحرمان .

والكبر : مفتاح كل شر .

الشح والحرص : مفتاح البخل ، وقطيعة الرحم .

والسماحة : مفتاح لكـــل خير ، وسبب لكثرة الخير والفضائل ،

وخصوصا إذا انضم إليها الصبر ، فالصبر والسماحة آثارهما

جليلة ، وثمراتهما جميلة .

ومن ذلك : أن النية أكبر الأسباب ، وأنفعها ، وأقربها لحصول

المقاصد النافعة .




كتاب الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة فـي العقائد والفنون


المتنوعة الفاخرة ( ص 175 ) للشيخ عبدالرحمن السعدي (بتصرف)



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ