بسم الله الرحمن الرحيم




بكلمات معدودة قلناها خسرنا أقرب الناس و حولناهم إلى أعداء ، و بكلمات معدودة كسبنا قلوب الأعداء و حولناهم إلى أصدقاء ، و بكلمات سمعناها استجبنا للنصيحة و بكلمات أخرى لم نقبلها و خسرنا من نصحونا ، و قد علمنا الله عز و جل في كتابه العزيز أسلوب النصيحة و الدعوة ، و لكنني و كثير من إخوتي نندفع أحياناً في الهجوم لأتفه الأسباب حتى و إن كانت النصيحة مخلصة و لكن الناصح أحياناً لا يتخذ الأسلوب الذي علمنا الله عز و جل إياه ، و أنظر ماذا قال الله عز و جل في كتابه ، و كيف تصرف أنبياؤه عليهم الصلاة و السلام مع من خالفهم ..


- قال الله عز و جل في سورة النحل :


( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
ۚ
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) )



وعلمنا الله عز و جل ألا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن برغم أنهم حرفوا كتبه و أفسدوا عقيدتهم-


وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ )
وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) )

سورة العنكبوت


- و قال عز و جل في سورة فصلت :


( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) )


يعلمنا الله عز و جل أن نختار الإحسان إلى من أساء إلينا فكيف بالذي لم يسيء إلينا و نريد أن ننصحه لنفسه !! يجب أن ندفع بالتي هي أحسن ، فربما بالحكمة و الصبر و الإحسان يتحول العدو إلى صديق حميم ، و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ..


- و الخالق عز و جل لم يعجل للناس الشر عندما تركوا عبادته و عصوه بل أرسل إليهم عباداً ينصحونهم برفق و محبة و أمهلهم و لم يقطع عنهم رزقهم و لم يهنهم .. فإن ضلوا و عصوا أو آمنوا و أحسنوا فإن الحساب يوم القيامة حتى إن الله أمر سيدينا موسى و هارون عليها السلام أن يقولا لفرعون قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ، بل إنصت إلى ما قال الله عز و جل :


( قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) )


سورة الجاثية


و انصت إلى ما قال العزيز الجبار سبحانه في هذه الآية الكريمة التى تبكي لها قلوب الخاشعين


( وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ
كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) )



سورة الأنعام


- و في سورة الممتحنة ذكر الله سبحانه و تعالى كفار قريش الذين أخرجوا الرسول عليه الصلاة و السلام وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين بقوله :


( عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ۚ وَاللَّهُ قَدِيرٌ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (7) )


و قد تحقق ما قال عز و جل فقد دخل الناس في دين الله أفواجاً و تحول أعداء الأمس إلى فاتحين بالإسلام بلداناً في الشرق و الغرب و داعين إلى الله عز و جل بالحكمة و الموعظة الحسنة


و في موضوع تالي بإذن الله سنتحدث عن أسلوب الأنبياء عليهم السلام فى الدعوة