ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




القرآن كله لتقرير التوحيد ونفـي ضـده وأكثر الآيات

يقـــرر الله فيها توحيد الألوهية وإخلاص العبادة لله

وحده لا شـريك له ويخبر أن جميــــع الرسل إنمــــا

أرسلت تدعو قومها إلـى أن يعبدوا الله ولا يشـركوا

به شيئا ، وأن الله تعـالى إنما خلـق الجـن والإنس

ليعــبـدوه وأن الكتب والرسل بل الفـطر والعقــــول

السليمة كلها اتفقت علـى هذا الأصل ، الــذي هـــو

أصل الأصول كلها ، وأن مـن لــم يَدِنْ بهذا الدين

الذي هــو إخلاص العبادة والقلب والعمل لله وحـده

فعمــله بـــاطـل ( لَئِنْ أَشْرَكْـتَ لَيَحْبَطَنَّ عَـــمَلُكَ )

( وَلَوْ أَشْـرَكُـوا لَحَبِطَ عَـنْهُـمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )،

ويدعـــو العباد إلـى ما تقرر في فطرهم وعقـــولهم

مـــــن أن الله المنفرد بالخلق والتدبيـــر والمنفـــرد

بالنعـــم الظاهرة والباطنة : هـــو الـــــذي يستحق

العبادة وحــده ، ولا ينبغي أن يكون شـيء منهــــا

لغيره وأن سائر الخلق ليس عندهم أي قــدرة على

خلق ولا نفع ولا دفع ضر عن أنفسهم فضلا عـن

أن يغنوا عن أحد غيرهم من الله شيـئا .


ويدعوهم أيضاً إلى هذا الأصل بما يَتَمَدَّح به ،ويُثني

عـلى نفسه الكريمة ، مــن تــفرده بصـفات العظمة

والمجد ، والجلال والكمــال وأن من له هذا الكمال

المطلق الذي لا يشـاركه فيـه مشـارك : أحق مـــن

أُخلصت له الأعمال الظاهرة والباطنة .


ويقرر هذا التوحيد بأنه هو الحاكم وحده ، فلا يحكم

غيــره شـــرعاً ولا جـــزاء ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ

أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )


وتارة يقرر هــذا بذكر محاسن التوحيد وأنـــه الدين

الوحيـد الواجب شرعاً وعقلاً وفـطرة ، عـلى جميع

العبيد ، وبـــذكـر مساوئ الشــرك وقبحه واختـلال

عقول أصحابه بعد اختلال أديانهم وتقليب أفئدتهم

وكونهم أضل مـن الأنعام سبيلا .


وتارة يدعو إليه بذكر ما رتب عليـــه مـن الجــــزاء

الحسن في الدنيا والآخرة ،والحياة الطيبة في الدور

الثلاث ، ومـا رتب على ضده من العقوبات العاجلة

والآجلة ، وكيــف كـــانت عواقب المشركين أسوأ

العواقب وشرها .



وبالجملة : فكل خير عاجل وآجل فإنه من ثمرات

التوحيد ، وكل شر عاجل وآجل فإنه من ثمرات

الشرك والله أعلـم .



كتاب : القواعد الحسان في تفسير القرآن


للشيخ عبــدالرحمن بن ناصر السعدي




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ