انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 3 من 3

الموضوع: قصة الفقير مع صاحبه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الردود
    1,336
    الجنس
    أنثى

    قصة الفقير مع صاحبه



    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




    كــــان رجل فقير قد طال فقره ، وكان فيه بقية من إنسانية .

    فشكا إلى صاحبه الـــذي يعرف فيــــه النصح والرأي السديد

    حاله ، فقال : قد كنت تعرف حالي في الفقر ، وأنــا متواطئ

    على الفقر ، ولكنــي أريــد منــك نصيحة تخفف عني بعـض

    ما أجده من الهموم التي لازمتني في ليلي ونهاري ، وهي

    زيادة عما أجد من ألم الفقر وبأسائه وعنائه .


    فقال له صاحبه : يا أخي ! اعلم أن الفقراء نوعان :

    أحدهما : فقير شريف .

    والآخر : فقير وضيع .


    فاجتهد أن تكون من الشرفاء الذين فقرهم لا يتعدى فقر

    الإفلاس من الموجودات المالية .


    وإيـــاك أن تتصف بصفات الفقراء الساقطين الـــذين افتقرت

    أيديهم وقلوبهم ، كما بين ذلك النبي صلى الله عليــه وسلـم

    في قوله : " ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى

    غنى النفس " (1)


    فعلم بهــذا الحديث الشريف أن المدار كله على ما في القلوب

    من الأوصاف الطيبة أو الدنيئة في حق الغني والفقير .


    فمن كان قلبه غنيا بالله فهو الغني حقيقة ، ولو كان فقيرا .

    ومن كان قلبه فقيرا إلى الأغراض ، وإلى الخلق ، فهــــو

    الفقير حقيقة ، ولو كان مثريا .



    فمتـــى علمت أن الله تعالى حكيم في جميع تدبيراته ، وأنـــه

    لطيف بعباده المخلصين ، قـد يقدر عليهم من الأقدار الكريهة

    للنفوس ، ما يكون سببا ووسيلة لخيرهم وثوابهم ، وأن الله

    قد ابتلى بالفقر كثيرا من أوليائه وأصفيائه ، وأن مــن صبر

    على شدته واحتسب ذلك عند الله ؛ لـم يـزل فــي زيادة فـــي

    إيمانه وثوابه ؛ وخصـوصــــا إذا ضم إلى هذا الوصف قوة

    الرجاء والطمع في فضل الله ، وأن الله سيزيل فقره ،

    وسيجعل الله بعد عسر يسرا .



    متى تحقق بذلك ، هانت عليه وطأة الفقر وشدته ، لما حصل

    له في مقابلته من الخير ، ولما يرجوه من الفضل والثواب .


    ومما يخفف ذلك : أن يعلم أن حزنه وهمه لا يخفف من فقره

    ومصيبته ، بل يزيد ذلك ، فكيف يسعى العاقل في زيادة

    عنائه ؟ وكيف لا يتسبب في تخفيف بلائه ؟


    ثم اعلم - أيها الفقير - أن أكبر العلل التي توجب الهم والغم،

    وتسقط إنسانية العبد وحريته : تعلقه بالمخلوقين ، سؤالا

    لهم ، وذلا ورجاء ، وطمعا فيما يناله منهم .


    وأن من كان كذلك فإنه مقيد النفس رقيق القلب لغير الله، قد

    انقطع رجاؤه ممن كل خير في رجائه ، وكــل الأمور عنده ،

    ومفاتيح الأرزاق بيده ، إلى مــن لا يملك لـــه نفعا ولا ضرا

    ولا يريد له الخير ، وليس له من الأمر شيء ، وهو فقير

    مثله !


    فمتــى علقت رجاءك كلـــه بالله ، واحتسبت الأمل عند الله ،

    وسلمت مـــــن التعلق بالمخلوقين ، ورجوت زوال عسرك ،

    أبدلك الله بهمك فرحا ، وبكدرك راحة ويسر الله لك الأمور ،

    وأوقع في قلبك القناعة التي من ملكها ملك الكنز الأكبر ،

    وقد ضمن الله للمتقي أن يجعل له من كل هم فرجا ، ومن

    كل ضيق مخرجا .


    وأما قولك - يا أخي - : إني متواطئ على الفقر ، فهـو كلام

    غالط من وجهين :



    أحدهـما : أنه لا ينبغي لك أن تيأس من روح الله ورحمته ،

    وفضله وإحسانه .


    الثاني: يجب عليك أن تسعى بكل سبب يزيل فقرك أو يخففه،

    فاعمل بالأسباب النافعة مـن بيع أو شراء أو حرفة أو خدمة

    أو ما يناسب حالك ، وتحسنه من الأسباب ، فقد قـــال صلى

    الله عليه وسلم "لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب

    على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن

    يسأل الناس أعطوه أو منعوه " (2)



    ومتــى عملــت بالأسبـــاب بهـــذه النيـــة - نيـــة الاستعفاف

    والاستغناء عن الناس - يســر الله أمـرك ، وبـــارك لك فــي

    الشــيء القليل ، وسلمت من الفقر الوضيع، وهو فقر القلب

    لغير الله ، ودخول الفقير في معاصي الله وفي الأمور الدنيئة

    الضارة، التي إذا ابتلي بها العبد عوقب بعدة عقوبات، أقلها

    أنها سبب لبقاء فقره وزيادته ، كما هو مشاهد مجرب .

    وأكثر الفقراء قد جمعوا بين فقر الدنيا والآخرة .


    فقر القلوب ، وفقر الإفلاس والافتقار إلى المخلوقين ،

    وتعلق القلوب بهم ، والذل الوضيع لهم .

    وهذا نهاية الهبوط والسقوط .

    فالموفق الحازم يستعيذ بالله من هذه الحال ، ويعمل

    الأسباب الواقية والدافعة ، كمــــا ذكرنا .

    والله تعالى هو الموفق المعين .



    كتاب الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة فـي العقائد والفنون


    المتنوعة الفاخرة(ص197) للشيخ عبدالرحمن السعدي (بتصرف)


    .....


    (1) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الرقاق ، ب الغنى غنى

    النفس ، ص 1238 / ح 6446 )

    من حديث أبي هريرة رضي الله عنه


    (2) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الزكاة ، ب الاستعفاف

    عن المسألة ، ص 287 / ح 1471 )

    من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه




    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    الموقع
    الجزائر
    الردود
    648
    الجنس
    أنثى
    بارك الله فيك أختي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الموقع
    الرياض
    الردود
    55
    الجنس
    أنثى
    جزاك الله خيرا

مواضيع مشابهه

  1. الفقير و الجوهرة (مشاركة رائعة )
    بواسطة eng2008 في مواضيع النافذة الاجتماعية المتميزة
    الردود: 10
    اخر موضوع: 15-02-2012, 08:22 PM
  2. من تختارين الغني او الفقير
    بواسطة ملاك العبيدي في نافذة إجتماعية
    الردود: 16
    اخر موضوع: 25-06-2009, 07:59 AM
  3. تتصدق على الفقير ليدعو لك
    بواسطة جودالليل في روضة السعداء
    الردود: 3
    اخر موضوع: 31-08-2008, 04:57 PM
  4. ,.-~*'¨¨'*·~-.¸ الفقير ,.-~*'¨¨'*·~-.¸
    بواسطة توتي في فيض القلم
    الردود: 15
    اخر موضوع: 26-01-2003, 12:01 PM
  5. الفقير العاشق
    بواسطة الاديب في فيض القلم
    الردود: 2
    اخر موضوع: 20-09-2002, 10:47 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الكلمات الاستدلالية لهذا الموضوع

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ