كريم الشاذلي
كلنا يحزن، و يألم، و تضيق عليه الدنيا بما رحبت.
إما بفعل كبوة شديدة، أو تجربة أليمة، أو حتى بسبب زلة أو خطأ و قعنا فيه.
حينها يحتاج المرء منا سماحة من الهدوء و السكينة يراجع فيها نفسه، عله يجد مخرجاً أو فرجة تخفف عنه ألم أيامه و شدة ما يجد من الحزن و الهم.
هناك لحظة يا صديقي تحتاج فيها أن تدخل كهف وجدانك اتعتكف فيه وقتاً تراجع فيه حساباتك، و تُقًيم خطواتك، و تقرر ما يجب عليك فعله.
تحتاج أن تعتزل الحياة الهادرة للحظات، تكاشف فيها نفسك و تكشفها، تُطمئن فيها روحك،و تتابع فيها منحنى طموحاتك و أحلامك و أمانيك، تبكي فيها على خطئك و زلتك، و تعد فيها القرابين و الأعمال الصالحة التي ستقدمها بين يدي خالقك كي يعفوا عنك.
يخبرنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن:
خذوا بحظكم من العزلة
اقتنصوا لحظات من الهدوء و السكينة لتختلوا فيها بأنفسكم، بيد أننا يجب أن ننتبه إلى أن العزلة نوعان، نوع إيجابي والتي تكون بين وقت و آخر، نشد فيها الأزر و نستمد منها الهمة، و عزلة سلبية نسقط فيها بغير إرادتنا و نبكي خلالها بكاء عديمي الحيلة، و نجتر فيها أحزان الماضي و آلامه.
العزلة الاولى واجبة و مهمة و لا يجب أن نستهتر بها أو ننظر إليها بغير اكتراث، و العزلة الثانية بغيضة يجب أن تهرب منها و تسد الأبواب أمام هتافها الخادع المزيف.
أصحاب الكهف يا صاحبي اعتزلوا العالم و آووا إلى الكهف يشدون فيه من أزر بعضهم البعض، و يأخذون على أنفسهم المواثيق و العهود بألا يرضخوا تحت ضغط قومهم في النكوص عن الدين الحق، حينها نشر عليهم ربهم من رحمته، و أعطاهم من لدنه مخرجاً مما هم فيه.
أيضاً الحبيب صلى الله عليه و سلم، عندما أتعب قلبه ظلام الكفر و الفسوق اتخذ لنفسه كهفاً –غار حراء- خلا فيه إلى نفسه يتأمل بعمق اضطراب الحياة و ضلال بني البشر، فكانت فترة العزلة هذه اهم الفترات في حياته صلى الله عليه و سلم، و فيها نزل عليه الأمر بالتكليف، و بدأت مرحلة النبوة.
و الله عز و جل ينتظر منا أن ندخل كهف نفوسنا، يريد أن نسير بين أزقة الروح و دروب النفس لنكشف و نصارح و نقرر ما يجب علينا فعله.
فالجأ إلى كهفك كما فعل أولوا العزم و الرسل و أصحاب الرسالات العظيمة، لينشر لك ربك من رحمته، و يجعل لك من لدنه مخرجا.
إشرقة
العز في العزلة لكنه...لا بد للناس من الناس
إسماعيل الفرابي
الروابط المفضلة