السلام عليكم ورحمة الله
والصلاة والسلام على خير الأنام محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
هذه قلادة إلهية لا تساميها في قدرها كل قلادات الدنيا يتزين بها صدر كل صحابي جليل عاش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وشهد المشاهد وبذل النفس والنفيس وقدم كل غال ورخيص لتعلو كلمة الله وترفرف راية الدين خفاقة في كل أرض الله
إنه صحابي جليل من أصحاب رسول الله
بشره الرسول بالجنة فهنيئا له بما بشر به وجعلنا معه رفقاء في الجنة
تعالو أخواتي نطالع هذه القصة ونتعرف بعضا من مواقف في حياة هذا البطل
إنه رجل بألف رجل منذ أن أسلم على يد أبي بكر وهب حياته في سبيل الله عز وجل
نال نصيبه من الأذى والاضطهاد
خرج مهاجرا إلى الحبشة في الهجرة الثانية ورجع إلى أم القرى لما علم أن الأنصار بايعو رسول الله ثم هاجرو من مكة إلى يثرب
فآخاه الرسول صلى الله عليه وسلم مع محمد بن سلمة الأنصاري
يوم بدر خرج والده من صفوف المشركين ليقتله فولى عنه
لكن أبيه أصر على طلبه فرجع وهبره بسيفه فقتله
فأنزل الله تعالى
لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
غزواته :
تجهز مع أصحاب رسول الله يوم أحد وثبت حين انهزم المسلمون وولو
كما أنه شهد غزوة الخندق وبني قريظة وغزوة تبوك
وشهد بيعة الرضوان وصلح الحديبية وفتح خيبر وعمرة القضاء
لما تولى عمر الخلافة عزل خالد بن الوليد الذي كان يقود الجيش في الشام وولاه مكانه
ولما وصله الخبر كتمه وظل طاويا عليه صدره زاهدا ومقدرا موقف قائد يقود جيوش الاسلام في موقعة حاسمة كبرى إلى أن أتم خالد فتحه العظيم
وعندئذ تقدم في تواضع وأدب و قدم كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه إلى خالد
فقال خالد : يرحمك الله , ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟
فأجاب : إني كرهت أن أكسر عليك حربك وما سلطان نريد وما للدنيا نعمل كلنا في الله أخوة
ثم أصبح أمير الأمراء بالشام
فأصبحت إمرته أكثر جيوش الإسلام طولا وعرضا عتادا وعددا
مما زاده ذلك إلا وتواضعا
وفي ذات يوم أشار إليه خالد بن الوليد بأن يبرز إلى الروم ليقاتلهم فخرج إليهم ففتح الله عليه ونصره وهزمهم هزيمة ساحقة
زهده :
ذات يوم سأل عنه أمير المؤمنين عمر الفاروق
فأتاه بيته ودخل عليه فلم ير إلا سيفه وترسه ورمحه
فقال له :ألا اتخذت ما اتخذ أصحابك ؟
فقال : هذا يبلغني المقبل !
فنظر الفاروق شدة عيشه وقال : كلنا غيرته الدنيا غيرك يا....
حيث كان في المعسكر يقول
ألا رب مبيض لثيابه مدنس لدينه
ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين
ادرؤا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بينه وبين السماء ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته حتى تقهرهن
وفاته :
فقد أصيب بطاعون في أرض الشام فاشتد به الوجع فلما بلغ ذلك الفاروق أرسل إليه كتابا يقصد به استخراجه يقول فيه :
سلام الله عليك أما بعد ,
فإني قد عرضت لي إليك حاجة أريد أن أشافهك فيها فعزمت عليك أن نظرت في كتابي هذا ألا تضعه من يدك حتى تقبل إلي .
فعرف بطلنا أن عمر يريد استخراجه من الوباء فقال:
يغفر الله لأمير المؤمنين ثم كتب
إلى الفاروق أمير المؤمنين إني قد عرفت حاجتك إلي وإني في جند المسلمين لا أجد بنفسي رغبة عنهم
فلست أريد فراقهم حتى يقضي الله في وفيهم أمره وقضاءه
فخلني من عزيمتك ودعني في جندي
ثم دعا من حضره من المسلمين فقال لهم موصيا :
إني موصيكم بوصية فإذا قبلتموها لن تزالو بخير :
أقيمو الصلاة وصوموا رمضان وتصدقو وحجوا ةانصحو لأمرائكم ولا تغشوهم ولا تلهكم الدنيا
إن امرؤ لو عمر ألف حول ما كان له بد من أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترون
إن الله تعالى كتب الموت على بني آدم فهم ميتون فأكيسهم أطوعهم لربه واعلمهم ليوم معاده
والسلام عليكم ورحمة الله .
ثم نظر إلى معاذ بن جبل وقال يا معاذ صل بالناس
ثم مات بطلنا فوق أرض الأردن التي طهرها من وثنية الفرس واضطهاد الروم
وتوفي وعمره ثمان وخمسون سنة فصلى عليه معاذ بن جبل
ولما بلغ أمير المؤمنين الكتاب علم أنه الناعي فأسبل جفنيه على عينين غصتا بالدمع , وكان قد قال فيه سابقا:
ذات يوم جلس أمير المؤمنين مع جلسائه فقال تمنوا,
فقال رجل أتمنى لو أن لي دارا مملوءة ذهبا لأنفقه في سبيل الله
ثم قال الفاروق تمنوا
فقال آخر أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا أو زبرجدا أو جوهرا لأنفقه في سبيل الله واتصدق
ثم قال الفاروق تمنوا
فقالو ما ندري يا أمير المؤمنين
قال الفاروق أتمنى بيتا ممتلئا رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح
نعم , إنه أبي عبيدة بن الجراح بطل قصتنا
كلما فتح الله عليه ونصره ازاد تواضعا وزهدا في الدنيا
ألا ليتنا نقتبس مما كان لدى هؤلاء الصحابة ليصبح لدينا بعضا مما فيهم
كما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
" أَرْحَمُ النَّاسِ بِالنَّاسِ ، أَوْ إِنَّ أَرْحَمَ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ ، وَإِنَّ أَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ ،
وَإِنَّ أَصْدَقَهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ ، وَإِنَّ أَقْرَأَهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ،
وَإِنَّ أَفْرَضَهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ،
أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا ، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ " .
نعم إنه أمين هذه الأمة فماذا يريد أروع من ذلك أن يكون أمين أمته
الروابط المفضلة