سورة إبراهيم
يظن كثير من الناس أن أعظم نعم الله هي المال أو الطعام أو الأولاد ...ولكن هذه السورة تقول لنا أن أعظم نعمة هي نعمة الإيمان!!!!
وأسوأ نِقمة تصيب ابن آدم هي نِقمة الكُفر أو البُعد عن منهج الله.
فهل نشعر بذلك؟!!
لذا تتحدث هذه السورة عن الرسل و مواجهاتهم مع أقوامهم .
وهي لا تذكر رسولاً بعينه،وإنما تقول " الرسل"
فتأتي المواجهات كلها، ثم توضِّح خطورة الكفر ،حتى تصل إلى خُطبة إبليس لمَن معه في جهنَّم!!!!
تقول الآية(22):" وقال الشيطانُ لما قُضِيَ الأمرُ :إنَّ الله وعدكُم وعدَ الحق ووعدتُكُم فأخلَفتُكُم ،وما كان لي علَيكُم مِن سُلطانٍ إلا أن دَعَوتُكُم فاستجَبتُم لي * فلا تلوموني ولوموا أنفسَكُم ، ما أنا بِمُصرِخِكُم وما أنتُم بِمُصرِخِيَّ * إنِّي كفَرت بِما أشرَكتُموني مِن قَبل* إنَّ الظالمين لهم عذابٌ أليم"
ثم تنتقل بنا السورة إلى أعظم نعمة وفائدة في الأرض، وهي الكلمة الطيِّبة!!! أي كلمة التوحيد:
" لا إله إلا الله "
هذه الكلمة يشبِّهُها الله تعالى بشجرة طيِّبة أصلها ثابتٌ وفَرعُها في السماء!!!
وهذا تقريب للأذهان لأن النعَم لدينا معظمها مقترنٌ بالطعام الذي تنتجه الشجر .
فنعمة الإيمان لها أصل ثابت، و لها ذِكرٌ في السماء، وثمارها مُتاحة في كل وقت ...أما نِقمة الكُفر فلا قرار لها ، لأنها زاهقة باطلة .
تنتقل السورة بعد ذلك إلى نموذج فَهِم َ ووَعِيَ قيمة نعم الله عليه فوظَّفها في خدمة الله تبارك وتعالى ،وهو إبراهيم عليه السلام،الذي نسمعه في الآية (39) يقول:" الحمد لله الذي وهب لي على الكِبَرِ إسماعيل وإسحاق إنَّ ربي لسميعُ الدُّعاء"
ثم يدعو الله أن يعينه وذُرِّيته(وهما النعمة )على طاعة الله وعبادته ،وأن يغفر له ولوالديه وللمؤمنين جميعا.
وعلى عكس هذا النموذج نرى في الآيات الأخيرة نموذجاً لمن جحد نعمة الله عليه ،وابتعد عنه سبحانه وهم الظالمون الذين كذَّبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبغيره من الرُّسُل ، وآذَوا المؤمنين ،وارتكبوا ما يشاءون من المعاصي.
***
سورة الحِجر
هي سورة مكية نزلت في وقت كان الإيذاء بالمسلمين شديداً ،وصورة الإسلام في مكة يُنظر إليها نظرة المتَّهم ،والاستهزاء والامتهان بالإسلام في أَوجِه ...فنزلت سورة الحجر لتبلغ المسلمين رسالة مهمة،وهي أن الدين محفوظ ،فاستمروا في طاعة الله والدعوة إليه ولا تيأسوا.وهذه رسالة لنا اليوم: يا مسلمون لا تنبهروا بقوة أعدائكم ،وتخشَوهم،بل استمروا في طاعة الله واثبتوا ، ولا تتوقفوا عن الدعوة إليه ،لأن دين الله يحفظه الله ،فلا تشعروا بالضعف فيتسرب إليكم الإحساس بالهزيمة وتفتُر الهِمَم عن الدعوة.
ولعلنا نلاحظ أن العشر أجزاء الأولى من القرآن كانت توضِّح المنهج ،أما العشر أجزاء الثانية منه – ومنها سورة الحجر- فتوضح كيفية الثبات على هذا المنهج!!
ولأن سورة الحجر تتحدث عن حفظ الله تعالى للقرآن ، فقد جاءت كلمة حفظ بها أكثر من مرة:
فالسماء محفوظة:" وحفِظناها من كلِّ شَيطانٍ رجيم"،
والقرآن محفوظ:" إنَّا له لحافِظون"
والأرزاق محفوظة: "وأنْبتنا فيها مِن كلِّ شيءٍ مَوزون"
والمؤمنون محفوظون من الشيطان: "إلا عبادَكَ منهم المُخلَصين"
إلا مَن أبَى واتَّبع الشيطان : " إنَّ عبادي ليس لكَ عليهم سُلطان إلا مَن اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوين"
إذن لماذا القلق،ولماذا الخوف؟؟ المطلوب منك فقط يا مؤمن أن تَثبُت على الطاعة وألا تتوقف عن الدعوة.
ثم توضح السورة موقف الشيطان من المؤمنين : "لَأُزَيِنَنَّ لهُم في الأرض"
أقسم الشيطان أن يزين للمؤمنين الشر،كمنظر إباحي،أو معصية ٍ ما، أو ثقافات غربية مُنحَلَّة ...مع ملاحظة أننا لا نرفض كل هذه الثقافات، ولكن ما يتعارض منها مع منهجنا فقط.
و الحل هو:" لا تمُدَّنَّ عينيك" أي: لا تنبهر بها !!
والآن: لماذا سُمِّيَت السورة بهذا الاسم؟
لأن الحِجر هو المكان الذي كان ثمود-قوم صالح عليه السلام- يختبئون فيه ويحتمون به من الزلازل وغيرها،وظنّوا أن هذا الحِجر يحفظهم من كافة الأخطار فكانوا يشعرون بالأمان بسببه،فكانت النتيجة أن أهلكهم الله بشيء غير متوقَّع : الصَيحة!!!ليقول لهم:
" لا حافِظ إلا الله"!!!!!
لذلك سمَّاهُم في الآية 80:" أصحاب الحِجر"،ولم يقُل ثمود كما سمَّاهم في السور الأخرى من القرآن الكريم
هؤلاء القوم كانت مشكلتهم أنهم ابتعدوا عن منهج الله تعالى ،وظنّوا أن الحِجر سيحفظهم.
والخطاب موجَّه إلينا أيضاً:" إيَّاكم أن تظُنوا أن الوسائل المادِّية مهما بَدَت لكم قوية ومنيعة هي الحافظة فالحِفظ من الله وحده...وإذا أردتَم أن تستشعروا حفظ الله لكم، فاقرأوا سورة الحِجر!!!!
**********
سورة النحل
هذه السورة تُسمَى بسورة النِّعَم ،و هدفها هو أن تقول لنا: إنَّ نِعَم الله لا تُعَدُّ ولا تُحصى
فأحسِنوا استخدامها ،ووَظِّفوها في طاعة الله.
ولعلنا نتذكر أن سورة إبراهيم قد أبرزت بوضوح نعمة الوحي،أو الإيمان...أما هذه السورة فقد تحدثت عن كل النعم.
فمعاني هذه السورة واضحة ،وفيها يُذكر كل نعمتين معا ، وكان أول ما ذُكر منها هو أجلَّ هذه النِّعَم على الإطلاق ،وهي نِعمة الوحي أي القرآن الكريم الذي يُحيي القلوب،كما يُحيي الماء الأرض...ثم تظل السورة تعدِّد نعم الله التي اعتدنا عليها حتى أننا لم نعد ننتبه إلى وجودها ،فتتحدث عن الغذاء،والمطر،ونعمة تسخير السماوات والأرض للإنسان بأمر الله ...ثم تتحدث عن نعم أخرى لا يظن الإنسان أنها نِعم مثل: البحر وما يخرج منه من خيرات عميمة، و الجبال الراسخة التي تُثبِّت الأرض، ،وما يجري على الأرض من أنهار ماؤها عذب للشُرب،وما يسَّر الله لنا من طُرُُق نهتدي بها للوصول إلى ما نبغي من أماكن،والنجوم التي نهتدي بها ليلاً ،والأنعام وما يخرج منها من لبن صافي سائغ ، مع أنه محاط بالدم والفرث...ولكننا –بفضل الله تعالى -لا نجد به نقطة دم، أو أثر للفرث!!!
ونِعمة أن يُرزق الإنسان ببنات.
وكذلك السمع والأبصار والأفئدة...أليست هذه نِعَم؟؟!!!
إن نعم الله متعدِّدة:
نِعَم اجتماعية،
ونعمة السكَن ،
ونعمة المَلْبس ،
ونِعمة الستر :كما جاء في الآية :"ولو يؤاخذ ُالله الناسَ بِذنوبِهِم ما تركَ على ظَهرِها مِن دابَّة" فلك أن تتخيل أن يكون لكل ذنب تفعله رائحة!!!
ثم تجيء الآية المحورية في هذه السورة وهي الآية رقم 18 التي تقول:
" وإن تَعُدُّوا نِعمَةَ اللهِ لا تُحصوها"
ثم تنتقل السورة إلى مفهوم جديد وهو: التحذير من سوء استخدام النِعم ،ونلاحظ أنه بعد عدة آيات تتحدث عن نعم الله يأتي فاصل مثل: " وإن تعُدُّوا نِعمة الله لا تُحصوها"!!!!
ومثل:" وما بِكُم مِن نِعمةٍ فمِنَ الله"
لتلفت النظر إلى أن استشعار النعمة هو بداية التمهيد لشكر الخالق عليها،فالنِعمة قيدُها الشُكر.
ثم تحذِّر الآية 55 من خطورة عدم شكر النعمة.
وتتسائل الآية 17 : هل يُعقل أن تُستخدم نعمة الله في معصيته؟!!!
ثم تجيء آية شديدة وهي الآية رقم 112لتحذِر من عدم الشكر على النِّعمة والكُفر بالمُنعِم،تقول:
" وضرب اللهُ مَثَلاً قريةً كانت آمِنةً مُطمئنَّة يأتيها رِزقُها مِن كُلِّ مكانٍ فكَفَرَت بِأَنعُمِ الله فأذاقَها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخَوفِ بما كانوا يَصنَعون"
والآن لماذا سُمِّيَت سورة النِّعَم بسورة النحل؟
إن المعنى جميل جدا،وقد جاء في الآية رقم(69 ): وهو أن الله تعالى أوحى إلى النحل أن يتخذوا من الجبال بيوتاً ،وفي الشجر،وفيما يبني الناس من البيوت والسُّقُف،ثم أمره مأن يأكلوا منكل الثمرات ،ثم طلب منهم أن يسلُكوا طرق الله المذلَّلة لهم"
فنجد الأوامر قد جاءت في الآية كالتالي:
إتَّخذي
كُلي
إسلُكي
ثم جاء ت النتيجة: يُخرج ...مَن الذي يُخرج ؟! الله
فلما أطاع النحل أوامر ربه أخرج الله من بطونه غذاءً نافعاً شهيَّاً إسمه العسل!!!!
وكأنه يقول لنا: إتَّبِعوا أوامري يُخرِج منكم للمجتمع خير نافع محبَّب إلى الخَلق !!!!
ولذلك تحدَّثت أول آية من هذه السورة عن نعمة الوحي،ولهذا السبب أمرت هذه السورة باستعمال النِّعم في مرضاة الله...وكأن النحل نموذج تطبيقي واضح لحُسن استخدام نعم الله ، وطاعة أوامره!!!!!
****
الروابط المفضلة