؛
هو الأمام الفقية ، صاحب رسول الله علية الصلاة والسلام
سيد الحفاظ ، وذاكرة عصر الوحي ، أنه الصحابي الجليل ...
*اسمه ونسبه *
هو عبدالرحمن بن صخر من ولد ثعلية بن سليم بن فهم بن غنم أبن دوس اليماني
وهو سنوءة ابن الأزد ، من أعظم قبائل العرب وأشهرها
كان اسمه في الجاهلية عبد شمس ، ولما أسلم سماه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عبد الرحمن
وولد أبا هريرة في بادية الحجاز سنة 19 للهجرة
* كنيته *
يقول أبو هريرة في سر كُنيته ... ( كنت أرعى غنم أهلي، وكانت لي هريرة صغيرة،
فكنت أضعها بالليل في شجر، فإذا كان النهار ذهبت بها معي، فلعبت بها فكنوني " أبا هريرة "
* نشأته وإسلامه *
تحدث أبا هريرة عن نفسه - رضي الله عنه – فقال ..
( نشأت يتيما، وهاجرت مسكينا، وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني، كنت أخدمهم اذا نزلوا
وأحدو لهم اذا ركبوا، وهأنذا وقد زوجنيها الله ، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما، وجعل أبا هريرة أماما )
قدم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة سبع للهجرة وهو بخيبر وأسلم ، ومنذ رأى الرسول الكريم لم يفارقه لحظة
وأصبح من العابدين الأوابين يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله فيقوم هو ثلثه، وتقوم زوجته ثلثه، وتقوم ابنته ثلثه
وهكذا لا تمر من الليل ساعة الا وفي بيت أبي هريرة عبادة وذكر وصلاة ...
* إسلام أمة *
أمه هي الصحابية الجليلة أميمة بنت صفيح بن الحارث بن شابي بن أبي صعب بن هنية بن سعد بن ثعلبة
لم يكن لأبي هريرة بعد إسلامه إلا مشكلة واحدة وهي أمه التي لم تسلم، وكانت دوما تؤذيه بذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسوء
فقد روي أنة قال " كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة. فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله ما أكره. فأتيت رسول الله وأنا أبكي
قلت : يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي. فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره. فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة.
فقال رسول الله : " اللهم اهد أم أبي هريرة " فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله. فلما جئت فصرت إلى الباب. فإذا هو مجاف. فسمعت أمي خشف قدمي.
فقالت: مكانك يا أبا هريرة ! وسمعت خضخضة الماء. قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها. ففتحت الباب.
ثم قالت: يا أبا هريرة ! أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال فرجعت إلى رسول الله، فأتيته وأنا أبكي من الفرح.
قال قلت: يا رسول الله! أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا.
قال قلت: يا رسول الله! ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا.
قال فقال رسول الله "اللهم ! حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين. وحبب إليهم المؤمنين"
فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني، إلا أحبني.
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2491 خلاصة الدرجة: صحيح".
* قوة ذاكرتة *
هو ذا موهبة خارقة في سعة الذاكرة وقوتها.. كان رضي الله عنه يجيد فن الإصغاء، وكانت ذاكرته تجيد الحفظ والاختزان.. يسمع فيعي، فيحفظ،
ثم لا يكاد ينسى مما وعى كلمة ولا حرفاً مهما تطاول العمر، من أجل هذا هيأته موهبته ليكون أكثر أصحاب الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم حفظاً لأحاديثه وبالتالي أكثرهم رواية لها. فعندما نسمع واعظاً يقول العبارة المأثورة ...
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
فاعلم أنك تلقى شخصية من أكثر شخصيات الصحابة إغراء بالصحبة والإصغاء
ان أبطال الحروب من الصحابة كثيرون، والفقهاء والدعاة والمعلمون كثيرون، ولكن كان هناك قلة من الكتاب، ولم يكونوا متفرغين
لتدوين كل ما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وعندما أسلم أبو هريرة لم يملك أرض يزرعها أو تجارة يتبعها،
وإنما يملك موهبة تكمن في ذاكرته، فهو سريع الحفظ قوي الذاكرة،
فعزم على تعويض ما فاته بان يأخذ على عاتقه حفظ هذا التراث وينقله إلى الأجيال القادمة
فهو يقول: إنكم لتقولون أكثر أبو هريرة في حديثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتقولون ان المهاجرين الذين سبقوه إلى الإسلام لا يحدثون هذه الأحاديث،
ألا إن أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق، وان أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم،
واني كنت امرءا مسكينا، أكثر مجالسة رسول الله فأحضر إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، وان الرسول -صلى الله عليه وسلم-
حدثنا يوما فقال: (من يبسط رداءه حتى يفرغ من حديثي ثم يقبضه إليه فلا ينسى شيئا كان قد سمعه مني )
فبسطت ثوبي فحدثني ثم ضممته إلي فوالله ما كنت نسيت شيئا سمعته منه، وأيم الله لولا أية في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدا هي ...
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ }
* مقدرته على الحفظ *
أراد مروان بن الحكم يوما أن يختبر مقدرة أبي هريرة على الحفظ، فدعاه اليه ليحدثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وأجلس كاتبا له وراء حجاب ليكتب كل ما يسمع من أبي هريرة، وبعد مرور عام، دعاه ثانية، وأخذ يستقرئه نفس الأحاديث التي كتبت،
فما نسي أبو هريرة منها شيئا
وكان -رضي الله عنه- يقول: (ما من أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبدالله بن عمرو بن العاص، فانه كان يكتب ولا أكتب ).
وقال عنه الإمام الشافعي (أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره )
وقال البخاري (روى عن أبي هريرة نحو ثمانمائة أو أكثر من الصحابة والتابعين وأهل العلم )
* دوره في نشر الأسلام *
كان أبو هريرة رضي الله عنه يدرك بفطرته حاجة المجتمع الجديد الذي يبنيه الإسلام إلى من يحفظ تراثه وتعاليمه،
كان هناك يومئذ من الصحابة كُتاب يكتبون ولكنهم قليلون، ثم إن بعضهم لا يملك من الفراغ ما يمكنه من تسجيل كل ما ينطق به الرسول من حديث
لم يكن أبو هريرة كاتباً، لكنه كان حافظاً، وكان يملك هذا الفراغ، أو هذا الفراغ المنشود، فليس له أرض يزرعها ولا تجارة يتبعها،
وهو إذ رأى نفسه وقد أسلم متأخراً، عزم على أن يعوّض ما فاته، وذلك بأن يواظب على متابعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،
وعلى مجالسته. ثم إنه يعرف من نفسه هذه الموهبة التي أنعم الله بها عليه، وهي ذاكرته الرحبة القوية،
والتي زادت مضاء ورحابة وقوة بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم
لصاحبها أن يبارك الله له فيها.. فلماذا لا يكون واحداً من الذين يأخذون على عاتقهم حفظ هذا التراث ونقله للأجيال؟
أجل.. هذا دوره الذي تهيئه للقيام به مواهبه، وعليه أن يقوم به في غير توان
فلما انتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، راح أبو هريرة يحدّث، وقد ألقى رضي الله عنه الضوء على هذه الظاهرة
فقال: "إنكم لتقولون أكثر أبو هريرة في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
وتقولون: إن المهاجرين الذين سبقوه إلى الإسلام لا يحدثون هذه الأحاديث ألا إن أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق،
وإن أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم، وإني أكثر مجالسة رسول الله فأحضر إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا..
وإن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا يوماً فقال: من يبسط رداءه حتى يفرغ من حديثي ثم يقبضه إليه، فلا ينسى شيئاً كان قد سمعه مني..
فبسطت ثوبي فحدثني ثم ضممته إلي.. فوالله ما كنت نسيت شيئاً سمعته منه.. وأيم الله، لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبداً، وهي ...
{ إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون }
هكذا يفسر أبو هريرة رضي الله عنه سر تفرده بكثرة الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ..
* أولاً كان متفرغاً لصحبة النبي أكثر من غيره.
* وثانياً كان يحمل ذاكرة قوية، باركها الرسول فزادت قوة.
* وهو ثالثاً لا يحدّث رغبة في أن يحدّث، بل لأن إفشاء هذه الأحاديث مسؤولية دينه وحياته،
وإلا كان كاتماً للخير والحق، وكان مفرطاً ينتظره جزاء المفرطين..
* فضائله *
اسْتِيْعَابِهِ لِلْحَدِيْثِ ...
قَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ : "مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْفَظُ لِحَدِيْثِ رَسُوْلِ الْلَّهِ مِنِّيْ إِلَا عَبْدٌ الْلَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ؛
فَإِنَّهُ كَانَ يَعِيَ بِقَلْبِهِ وَأَعِيْ بِقَلْبِيْ، وَكَانَ يَكْتُبُ وَأَنَا لَا أَكْتُبُ، اسْتَأْذَنَ رَسُوْلَ الْلَّهِ فِيْ ذَلِكَ، فَأَذِنَ لَهُ".
قَالَ الْبُخَارِيُّ: "رَوَىَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِمَائَةِ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ صَاحِبٍ وَتَابِعٍ". وَمِمَّنْ رَوَىَ عَنْهُ مِنْ الْصَّحَابَةِ ...
ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ الْلَّهِ، وَأُنْسُ بْنِ مَالِكٍ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنها.
عُبَادَتةَ ...
عَنْ أَبِيْ عُثْمَانَ الْنَّهْدِيِّ قَالَ ..
تَضَيَّفَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَتَعَقَّبُونَ الْلَّيْلِ أَثْلَاثا، يُصَلِّيَ هَذَا ثُمَّ يُوْقِظُ هَذَا، وَيُصَلِّيَ هَذَا ثُمَّ يُوْقِظُ هَذَا.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ : كَانَ يُسَبِّحُ فِيْ كُلِّ يَوْمٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ تَسْبِيْحَةٍ، وَيَقُوْلُ: أَسْبَحُ بِقَدَرٍ ذَنْبِيَ.
تَوَاضَعََةَ ...
عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِيْ مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَقْبَلَ فِيْ الْسُّوْقِ يَحْمِلُ حُزْمَةَ حَطَبٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيْفَةٌ لِمَرْوَانَ،
فَقَالَ: "أَوْسِعِ الْطَّرِيْقَ لِلْأَمِيْرِ".
وَرَعِهِ وَخَوْفِهِ :
عَنْ أَبِيْ الْمُتَوَكِّلِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَتْ لَهُ زِنْجِيَّةٍ فَرَفَعَ عَلَيْهَا الْسَّوْطِ يَوْما، فَقَالَ ...
" لَوْلَا الْقِصَاصِ لأُغَشْيَتكِ بِهِ، وَلَكِنِّيْ سَّأَبِيْعُكَ مِمَّنْ يُوَفِّيَنِي ثَمَنُكُ، اذْهَبِيْ فَأَنْتِ لِلَّهِ ".
* شجاعته *
عاش -رضي الله عنه- عابدا ومجاهدا، لا يتخلف عن غزوة ولا عن طاعة،
فشارك بعد هجرته إلى المدينة جميع الغزوات مع الرسول وشهد حرب مؤته مع المسلمين وحرب الردة مع أبي بكر وعلي بعد وفاة الرسول.
أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي قال ...
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)
قال فلما كانت الردة قال عمر لأبي بكر تقاتلهم وقد سمعت رسول الله يقول .. كذا وكذا ؟
فقال أبو بكر: والله لا أفرق بين الصلاة والزكاة ولأقاتلن من فرق بينهما ، قال أبو هريرة فقاتلت معه
* بعض مواقفه مع الرسول عليه السلام *
عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ أَنَّ الْنَّبِيَّ لَقِيَهُ فِيْ بَعْضِ طَرِيْقِ الْمَدِيْنَةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ ...
" أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ " قَالَ: كُنْتُ جُنُبا؛ فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَىَ غَيْرِ طَهَارَةٍ.
فَقَالَ: "سُبْحَانَ الْلَّهِ! إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ".
وَعَنْ أَبِيْ الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ بِتَمَرَاتٍ فَدَعَا فِيْهِنَّ بِالْبَرَكَةِ،
وَقَالَ: "اجْعَلْهُنَّ فِيْ مِزْوَدِكَ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئا فَأَدْخِلْ يَدَكَ فَخُذْهُ، وَلَا تَنْثُرْهُ".
فَجَعَلْتِهِ فِيْ مِزْوَدَيْ، فَوُجِّهَتْ مِنْهُ رَوَاحِلَ فِيْ سَبِيِلِ الْلَّهِ تَعَالَىْ، وَكُنْتُ آَكِلَ مِنْهُ وَأَطْعَمَ،
وَكَانَ فِيْ حَقُوتِيّ حَتَّىَ كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ ، فَوَقَعَ فَذَهَبَ.
* بعض مواقفه مع الصحابة رضي الله عنهم *
مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ...
عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَاهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ، فَأَبَىَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ، فَقَالَ: أَتَكْرَهُ الْعَمَلُ وَقَدْ طَلَبَهُ مِنَ كَانَ خَيْرا مِنْكَ؟!
قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: يُوْسُفُ بْنُ يَعْقُوْبَ عَلَيْهِمَا الْسَّلامُ. فَقَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ: يُوْسُفُ نَبِيُّ ابْنِ نَبِيِّ، وَأَنَا أَبُوْ هُرَيْرَةَ ابْنُ أُمَيْمَةَ أَخْشَىْ ثَلَاثا أَوْ اثْنَتَيْنِ.
فَقَالَ عُمَرُ: أَفَلَا قُلْتَ خَمْسا؟ قَالَ: أَخْشَىْ أَنْ أَقُوْلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَأَقْضِيَ بِغَيْرِ حُكْمِ، وَأَنْ يَضْرِبُ ظَهْرِيْ، وَيُنْتَزَعُ مَالِيْ، وَيَشْتُمُ عِرْضِيَ.
مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ :
رَوَىَ سَعِيْدُ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنِّيَ لَّمَحْصُوْرٌ مَعَ عُثْمَانَ فِيْ الْدَّارِ. قَالَ: فَرُمِيَ رَجُلٌ مِنَّا،
فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، الْآَنَ طَابَ الْضِّرَابِ ، قُتِلُوَا مِنَّا رَجُلا.
قَالَ عُثْمَانُ : عَزَمْتَ عَلَيْكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِلَا رَمَيْتَ سَيْفَكَ؛ فَإِنَّمَا تُرَادُ نَفْسِيْ، وَسَأَقيّ الْمُؤْمِنِيْنَ بِنَفْسِيَ.
قَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ : فَرَمَيْتُ سَيْفِيْ لَا أَدْرِيْ أَيْنَ هُوَ حَتَّىَ الْسَّاعَةَ.
* أثر الرسول في تربيتة *
كان للنبي علية السلام الأثر الأكبر في تنشئة وتربية أبى هريرة ، فمُد أن قدم على النبي عليه الصلاة والسلام سنة سبع، وهو بخيبر
فأسلم راغباً مشتاقاً، ومنذ رأى النبي عليه الصلاة والسلام وبايعه لم يكد يفارقه قط إلا في ساعات النوم.
وفي سنوات قليلة حصل من العلم عن رسول الله ما لم يحصلة أحد من الصحابة
وكان النبي يوجهة كثيراً ، فعنة أن النبي قال له " يا أبا هريرة كُن ورعاً تكن أعبد الناس "
وَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيِّ قَالَ لَهُ: "أُوْصِيْكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ بِخِصَالٍ لَا تَدَعْهُنَّ مَا بَقِيَتَ". قَالَ: أَوْصِنِيْ مَا شِئْتَ.
فَقَالَ لَهُ: "عَلَيْكَ بِالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وُالْبُكُورِ إِلَيْهَا، وَلَا تَلْغُ، وَلَا تَلْهُ. وَأُوْصِيْكَ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؛ فَإِنَّهُ صِيَامُ الْدَّهْرِ.
وَأُوْصِيْكَ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لَا تَدَعْهُمَا وَإِنْ صَلَّيْتَ الْلَّيْلَ كُلَّهُ؛ فَإِنْ فِيْهِمَا الْرَّغَائِبَ"
وهكذا كانت السنوات الأربع التي عاشها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلم إلى أن ذهب النبي إلى الرفيق الأعلى.
* أثرهُ في الآخرين *
كان لأبي هريرة الأثر الكبير في كل من حولة بما يحملة من كنوز عظيمة وهي أحاديث الرسول علية السلام
وقد أسدى للأمة خيراً عظيماً بنقلة هذا الكم الضخم والكبير من أحاديث النبي .
ومن ذلك أنة ... مَرَّ بِسُوْقِ الْمَدِينَةِ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْسُّوْقِ، مَا أَعْجَزَكُمْ !
قَالُوْا: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ: ذَاكَ مِيْرَاثُ رَسُوْلِ الْلَّهِ يُقَسَّمُ، وَأَنْتُمْ هَا هُنَا لَا تَذْهَبُوْنَ فَتَأْخُذُوْنَ نَصِيْبَكُمْ مِنْهُ
قَالُوْا: وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ .. فِيْ الْمَسْجِدِ. فَخَرَجُوْا سِرَاعا إِلَىَ الْمَسْجِدِ، وَوَقَفَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ لَهُمْ حَتَّىَ رَجَعُوَا، ف
َقَالَ لَهُمْ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوْا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَدْ أْتَيْنَا الْمَسْجِدِ فَدَخَلْنَا فَلَمْ نَرَ فِيْهِ شَيْئا يُقَسِّمُ.
فَقَالَ لَهُمْ أَبُوْ هُرَيْرَةَ : أَمَّا رَأَيْتُمْ فِيْ الْمَسْجِدِ أَحَداُ ؟
قَالُوْا: بَلَىَ، رَأْيُنَا قَوْما يُصَلُّوْنَ، وَقَوْما يَقْرَءُوْنَ الْقُرْآَنَ، وَقَوَما يَتَذَاكَرُوْنَ الْحَلالَ وَالْحَرَامَ.
فَقَالَ لَهُمْ أَبُوْ هُرَيْرَةَ : وَيْحَكُمْ ! فَذَاكَ مِيْرَاثُ مُحَمَّدٍ .
وقد روي عنة الكثير من الصحابة والتابعين ، ووصل عججهم الى ما يزيد عن أربعمائة
وورد عنة في الكتب السبعة ...
( الْبُخَارِيُّ - َمُسْلِمُ –َ الْتِّرْمِذِيُّ - َالْنَّسَائِيُّ - َأَبِيَّ دَاوُدَ - َابْنِ مَاجَهْ - َأَحْمَدُ - َمَالِكٌ و َالْدَّارِمِيُّ)
ولة ما يزيد عن ثمانية الآف وسبعمائة حديث
* إمارته للبحرين *
في خلافة عمر -رضي الله عنه- ولاه إمارة البحرين، وكان عمر -رضي الله عنه- إذا ولى أحدا الخلافة راقب ماله
فإذا زاد ثراءه ساءله عنه وحاسبه ،وهذا ما حدث مع أبي هريرة، فقد ادخر مالا حلالا له، وعلم عمر بذلك فأرسل في طلبه
يقول أبو هريرة: قال لي عمر: (يا عدو الله، وعدو كتابه، أسرقت مال الله )
قلت: (ما أنا بعدو لله ولا عدو لكتابه لكني عدو من عاداهما، ولا أنا من يسرق مال الله)
قال: (فمن أين اجتمعت لك عشرة ألاف؟) قلت: (خيل لي تناسلت ، وعطايا تلاحقت)
قال عمر: (فادفعها إلى بيت مال المسلمين)
ودفع أبو هريرة المال إلى عمر ثم رفع يديه إلى السماء وقال: (اللهم اغفر لأمير المؤمنين )
وبعد حين دعا عمر أبا هريرة، وعرض عليه الولاية من جديد، فأباها واعتذر عنها، وعندما سأله عمر عن السبب
قال: (حتى لا يشتم عرضي، ويؤخذ مالي، ويضرب ظهري) ثم قال: (وأخاف أن أقضي بغير علم، وأقول بغير حلم )
* وفاته *
عندما كان يعوده المسلمين داعيين له بالشفاء، كان أبو هريرة شديد الشوق إلى لقاء الله ويقول ...
( اللهم اني أحب لقاءك ، فأحب لقائي )
وعن ثماني وسبعين سنة مات في العام التاسع والخمسين للهجرة، وفي العام التي توفيت فية أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها
وتبوأ جثمانه الكريم مكانا مباركا بين ساكني البقيع الأبرار
وعاد مشيعوه من جنازته وألسنتهم ترتل الكثير من الأحاديث التي حفظها لهم عن رسولهم الكريم
رحم الله أبا هريرة رضي الله عن وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته
مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقا
هكذا حال أولياء الله الصالحين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان
جمعوا بين الانقطاع في العبادة والخوف، رضي الله عنهم.
جمعتة لكم أختكم في الله * الفالحة *
الروابط المفضلة