كما أن الناس يختلفون في طباعهم وأشكالهم.. كذلك هم يختلفون في وجهات نظرهم.. وفي قناعاتهم وتصرفاتهم..
فإذا شعرت أن أحداً خالف الصواب.. ونصحته وحاولت إصلاح خطئه ولم يقتنع..
فلا تصنف اسمه من بين أعدائك.. وخذ الأمور بأريحية قدر المستطاع..
فلو حاولت إصلاح خطأ عند أحد زملائك فلم يستجب.. فلا تقلب الصداقة عداوة.. وإنما استمر في التلطف فلعله أن يبقى على خطئه ولا يزيد..
وقد قيل: حنانيك بعض الشر أهون من بعض..
إذا تعاملت مع الناس بهذه الأريحية.. فلم تغضب على كل صغيرة وكبيرة.. عشت سعيداً..
قالت عائشة -رضي الله عنها-:
- ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط..
- وما ضرب شيئاً قط بيده.. ولا امرأة.. ولا خادماً.. إلا أن يجاهد في سبيل الله..
- وما نيل منه شيء قط.. فينتقم من صاحبه.. إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله..
إذن.. كان صلى الله عليه وسلم يغضب.. لكنه غضبه لله.. لا يغضب لنفسه.. وحتى نفهم الفرق بين الغضبين:
افرض أن ولدك الصغير جاءك ذات صباح وطلب ريالاً أو ريالين مصروفاً للمدرسة.. فبحثت في محفظة نقودك.. فلم تجد إلا فئة الخمسمائة ريال.. فأعطيتها له.. وقلت:
هذه خمسمائة ريال.. اصرف منها ريالين.. وأرجع الباقي.. وأكدت عليه وكررت..
فلما رجع بعد الظهر فإذا المال كله قد صرفه..
فماذا ستفعل؟.. وكيف سيكون غضبك.؟ قد تضرب وتعنف وتمنعه من مصروفه أياماً..
ولكن لو رجعت مرة من صلاة العصر ووجدته يلعب بالكمبيوتر.. أو عند التلفاز.. ولم يصل في المسجد.. فهل ستغضب كغضبك الأول؟
أظننا نتفق أن غضبنا ألول سيكون أشد وأطول وأكثر تأثيراً من غضبنا الثاني..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جوال الشيخ د.محمد العريفي