ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




السؤال: ما رأيكم بمن يترك الدعوة بحجة التفرغ لطلب العلم

وأنه لا يتمكن من الجمع بين الدعوة والعلم في بداية الطريق


لأنه يغلب على ظنه ترك العلم إذا اشتغل بالدعوة ، ويرى أن

يطلب العلم حتى إذا أخذ منه نصيباً اتجه لدعوة الناس

وتعليمهم وإرشادهم ؟




الجواب : لا شك أن الدعوة إلى الله تعالى مرتبة عالية ومقام

عظيم ؛ لأنـه مقام الرسل عليهم الصلاة والسلام وقد قال الله

تعــالـى ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً


وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت 33 ، وأمر الله تعالى نبيه

محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو

إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) يوسف 108 ، ومن


المعلوم أنه لا يمـــــكن الدعوة بغير علم كمــا في قوله هنا

( عَلَى بَصِيرَةٍ ) وكيف يدعو الشخص إلى شيء لا يعلمه ؟

ومن دعا إلى الله تعالى بغير علم كان قائلاً على الله

ما لا يعلم ، فالعلم هو المرتبة الأولى للدعوة .



ويمكن الجمع بين العلم والدعوة في بداية الطريق ونهايته ،

فإن تعذر الجمع كان البدءُ بالعلم ؛ لأنـــه الأصل الذي ترتكز

عليه الدعوة ، قال البخاري رحمه الله في صحيحه في الباب


العاشر من كتاب العلم : باب العلم قبل القول والعمل واستدل

بقـولــه تعــالــى ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ

وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ )

محمد19 ، قال فبدأ العلم .



ومــن ظن أنه لا يمكن الجمع بين العلم والدعوة فقد أخطأ ،

فإن الإنسان يمكنه أن يتعلم ويدعو أهله وجيرانه وأهل

حارته وأهل بلدته وهو في طلب العلم .



والنــاس اليــوم فــي حـــاجــة بل في ضرورة إلى طلب العلم

الراسخ المتمكن في النفوس المبني على الأصول الشرعية ،

وأما العلم السطحي الذي يعرف الإنسان به شيئاً من المسائل


التي يتلقاها كمـــــا يتلقاها العـــامـــة دون معرفة لأصولها

ومــا بنيت عليه فإنه علم قاصر جدًّا لا يتمكن الإنسان به

من الدفاع عن الحق وقت الضرورة وجدال المبطلين .



فالـذي أنصح به شباب المسلمين أن يكرسوا جهودهم لطلب

العلم مع القيام بالدعوة إلى الله بقدر استطاعتهم وعلى وجه

لا يصدهم عـــن طلب العلم ؛ لأن طلب العلم جهاد في سبيل


الله تعالى، ولهذا قال أهل العلم : إذا تفرغ شخص قادر على

التكسب من أجل طلب العلم فإنه يعطى من الزكاة ؛ لأن ذلك

من الجهاد في سبيل الله بخلاف ما إذا تفرغ للعبادة ، فإنه

لا يعطي من الزكاة ، لأنه قادر على التكسب .




المصدر موقع : الشيخ محمد العثيمين




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




الســــؤال : بعــض طلبة العلم لا يهتمون بالدعوة والأمــــر

بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناس ; بحجة أنهــــم

مشغولون بتحصيل العلم والتفرغ لذلك , فما توجيه

سماحتكم لهؤلاء ؟ .



الجـواب : الواجب على من عنده علم أن يدعو إلى الله حسب

طاقته , فكل من عنده علم وبصيرة من طريق الكتاب والسنة


عليـــه أن يدعو إلــى الله علــى حسب علمه , وأن لا يقـــدم

إلا على بصيرة , قال تعالى ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ

عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي )




والقول على الله بغير علم جعله الله في المرتبة العليا مــــــن

المحرمات , كما قال سبحانـــه ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ

مَا ظَهَـــرَ مِنْهَا وَمَا بَطَــنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْــــرِ الْحَــقِّ وَأَن


تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُـواْ عَلَــــى اللّهِ

مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) وأخبر سبحانه : أن القول على الله بغير علم

مما يأمر به الشيطان فقال تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي


الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ

مُّبِينٌ ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى

اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )




فالواجب على مــن عنــــده علم وبصيرة أن يدعـــو إلــى الله

بالطريقة التي رسمها الله لعباده في قوله سبحانـه ( ادْعُ إِلِى

سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِــيَ


أَحْسَنُ ) فمن الحكمة العلم , قال الله سبحانه , وقـال رسوله

صلــى الله عليه وسلم , والموعظة الحسنة يعني : الترغيب

في الجنة والأجر والسعادة والعاقبة الحميدة , والترهيب من


عذاب الله وغضبه لمن ترك الواجب أو قصر فيه, أو ارتكب

المحرم , ثم قـــال سبحــانـــه ( وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )

يعني : الأسلوب الحسن في إزالة الشبهة وإيضاح الحق ,


وقــــال تعالى ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

إِلَّا الَّذِيــنَ ظَلَمُـــوا مِنْهُــمْ ) هـــذا وهم أهل الكتاب : اليهود

والنصارى ؛ لأن الجدال بالتي هي أحسن من أسبـاب قبول


الحق والخضوع له , و الجدال بالعنف مــــن أسباب النفرة

عن الحق وعدم قبوله ; ولهذا أثنى الله علــى نبـيه محمد


صلى الله عليــه وسلم بما منحه الله من اللين وعدم العنف

في الدعوة , فقال سبحانه ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ

وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )



فالواجب على الدعاة إلى الله أن يعتنوا بهذا الأسلوب الــــذي

رسمه الله لعباده وأمرهم به , وأن يحذروا ما يخالفه , هكـذا

ينبغي للدعاة أن يتكلموا بالحق ويصدعوا بــــه , ويصبروا


على ذلك , لكن بالأسلوب الحسن , بالعلم والجدال بالتي هي

أحســـن , لا بالعنف والشدة , ولا بالتعرض لفلان وفلان ,


ولكن على الداعي أن يبين الحق ويدعو إليه بأدلته , ويبين

الباطل ويدعو إلى تركه بأدلته , يريد ثواب الله والسعادة

لا رياء ولا سمعة , بل يريد وجه الله والدار الآخرة .




المصدر : موقع الشيخ عبد العزيز بن باز




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ