ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الســــؤال : بعــض طلبة العلم لا يهتمون بالدعوة والأمــــر
بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناس ; بحجة أنهــــم
مشغولون بتحصيل العلم والتفرغ لذلك , فما توجيه
سماحتكم لهؤلاء ؟ .
الجـواب : الواجب على من عنده علم أن يدعو إلى الله حسب
طاقته , فكل من عنده علم وبصيرة من طريق الكتاب والسنة
عليـــه أن يدعو إلــى الله علــى حسب علمه , وأن لا يقـــدم
إلا على بصيرة , قال تعالى ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي )
والقول على الله بغير علم جعله الله في المرتبة العليا مــــــن
المحرمات , كما قال سبحانـــه ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ
مَا ظَهَـــرَ مِنْهَا وَمَا بَطَــنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْــــرِ الْحَــقِّ وَأَن
تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُـواْ عَلَــــى اللّهِ
مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) وأخبر سبحانه : أن القول على الله بغير علم
مما يأمر به الشيطان فقال تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي
الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ
مُّبِينٌ ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى
اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
فالواجب على مــن عنــــده علم وبصيرة أن يدعـــو إلــى الله
بالطريقة التي رسمها الله لعباده في قوله سبحانـه ( ادْعُ إِلِى
سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِــيَ
أَحْسَنُ ) فمن الحكمة العلم , قال الله سبحانه , وقـال رسوله
صلــى الله عليه وسلم , والموعظة الحسنة يعني : الترغيب
في الجنة والأجر والسعادة والعاقبة الحميدة , والترهيب من
عذاب الله وغضبه لمن ترك الواجب أو قصر فيه, أو ارتكب
المحرم , ثم قـــال سبحــانـــه ( وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )
يعني : الأسلوب الحسن في إزالة الشبهة وإيضاح الحق ,
وقــــال تعالى ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِلَّا الَّذِيــنَ ظَلَمُـــوا مِنْهُــمْ ) هـــذا وهم أهل الكتاب : اليهود
والنصارى ؛ لأن الجدال بالتي هي أحسن من أسبـاب قبول
الحق والخضوع له , و الجدال بالعنف مــــن أسباب النفرة
عن الحق وعدم قبوله ; ولهذا أثنى الله علــى نبـيه محمد
صلى الله عليــه وسلم بما منحه الله من اللين وعدم العنف
في الدعوة , فقال سبحانه ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ
وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )
فالواجب على الدعاة إلى الله أن يعتنوا بهذا الأسلوب الــــذي
رسمه الله لعباده وأمرهم به , وأن يحذروا ما يخالفه , هكـذا
ينبغي للدعاة أن يتكلموا بالحق ويصدعوا بــــه , ويصبروا
على ذلك , لكن بالأسلوب الحسن , بالعلم والجدال بالتي هي
أحســـن , لا بالعنف والشدة , ولا بالتعرض لفلان وفلان ,
ولكن على الداعي أن يبين الحق ويدعو إليه بأدلته , ويبين
الباطل ويدعو إلى تركه بأدلته , يريد ثواب الله والسعادة
لا رياء ولا سمعة , بل يريد وجه الله والدار الآخرة .
الروابط المفضلة