انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
عرض النتائج 11 الى 16 من 16

الموضوع: ثَـــــــانِــيَ اثْــنَيْـــنِ

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    الأسوة الحسنة


    نريد أن نتلمس عبرة وعظة لنا أجمعين من هجرة سيد الأنبياء والمرسلين فإن الله كان قادراً على أن يأخذ حبيبه ومصطفاه فى طرفة عين أو أقل من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لا يمشى على أرض ولا يركب مركوباً من عالم الأرض ولا ينازعه ولا يعارضه بشر كان قادراً على أن يتمم ذلك كله فى طرفة عين أو أقل فلِمَ جعله الله يروعه القوم وهو فى بيته؟ثم يبحثون عنه بعد خروجه من بيته ويختبأ منهم فى الغار لمدة ثلاثة أيام ثم يمشى بعد ذلك فى طريق لا يسلكه سائر الأنام تعمية عليهم ويدخل المدينة بعد سفر لمدة أسبوع لِمَ كان ذلك؟ لأن الله ضرب لنا المثل والأسوة والقدوة جميعاً بالحبيب وقال لنا فى شأنه صلوات ربى وتسليماته عليه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}أراد أن نتأسى به فى حياتنا، ونقتدى به فى كل أمورنا فلو أخذ الحبيب كما قد ذكرنا فى طرفة عين أو أقل ونقله إلى حيث يريد لقلنا جميعاً هذه خصوصية لمقام النبوة أما نحن العبيد فشأننا التعب والمشقة والعناء ولكن الله ضرب لنا المثل بسيد الرسل والأنبياء وكأن الله يقول لنا: كل من تمسك بدين الله وحرص على أن يعمل بشرع الله لابد أن تواجهه مشاق فى هذه الحياة ولابد أن تقابله مشكلات أو معضلات تريد أن تمنعه من العمل بشرع الله ومن تنفيذ ما يطلبه الله فى كتاب الله أو الحبيب فى سنته الشارحة والموضحة لكتاب الله ماذا يصنع؟يصنع كما صنع الحبيب ويعلم علم اليقين أنه مادام يتمسك بشرع الله رغبة فى رضاه وطلباً للفضل من الله ومتابعة لحبيب الله ومصطفاه فليعلم علم اليقين أن الله لن يتخلى عنه أيضاً طرفة عين ولا أقل كما لم يتخلى عن حبيبه ومصطفاه صلوات ربى وتسليماته عليه وحتى لا يظن الإنسان بنفسه ضعفاً إذا كان ليس له نسب كثير ولا معارف من الأكابر والعظماء - فالجميع يظن أن أمور الحياة تُيسر بالحسب أو النسب أو المعارف أو المال - فإن الله قال لنا فى شأن الحبيب{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}لم ينصره قومه ولم ينصره الذين حوله وإنما الذى نصره هو النصير الأعظم وهو رب العزة ولم يقل الله فى الآية: (فقد ينصره الله)لأنه لو قال ذلك كان معنى ذلك أن النصر سيأتى سالفاً لكن الله ذكر أن النصر معه من قبل القبل من قبل أن يخلق الله الخلق{فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}ونصره بالفعل الماضى قبل وجوده وقبل نشأته وقبل إيجاد هذه الحياة الدنيا التى نحيا فيها ونعيش على أرضها فإن الله قد نصره وأيده بنصره لأن الله أيد بالنصر كل من قام بنبوته أو بتبليغ رسالته وكذلك كل من استجاب للمرسلين وتابع سيد الأولين والآخرين فإن الله ينصره ولكن يعلم علم اليقين قول رب العالمين{وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّك وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ} [1]فلا يتعجل ولا يستبطئ النصر لكن يعلم علم اليقين قول سيدنا رسول الله{وَاعْلَـمْ أَنَّ النَّصَرَ مَعَ الصَّبْرِ}[2]النصر يحتاج إلى الصبر الجميل وعدم الهلع أو الجزع أو الشك فى دين الله أو التشكك فى إنجاز مولاه بل يعلم علم اليقين أن الله سينصره فى الوقت الذى يعلم فيه أن هذا هو الوقت الصالح لنصره والصالح لتأييده لأن الله أعلم منا بمصالحنا أجمعين نصَره الله فى الدنيا بكل عوالم الأكوان نصره بعالم النبات ونصره بعالم الطير ونصره بعالم الهواء ونصره بعالم الحيوان ونصره بعالم الجمادات ونصره بالإنس الذين ألقى الله فى قلوبهم حبه والرغبة فى نصرته صلوات ربى وسلامه عليه لأن الله يُعلمنا أنه إذا أراد نصر أحبابه فإنما يُيسر لهم جميع الأسباب والنصر فى الحقيقة من مُسبب الأسباب ومن مُحركها وهو الكريم الوهاب انظر معى إلى قول الله{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}وحسبه أى كافيه أى يكفيه عن الجميع وأمر الله الأرض أن تكون طوع أمره منذ تحرك من بيته تحميه من أعداءه فإذا مشى على الرمل تماسك الرمل تحت قدمه فلم يؤثر قدمه فى الرمل حتى لا يعرفوا أثره وإذا مشى على الصخر – والصخر شديد يُتعب من مشى فوقه – كان الصخر يلين تحت قدمه حتى لا يتعب فى سيره لأنه مهاجر لربه ولم يأمر الله جحافل الملائكة أن يحرسوه استهانة بهؤلاء الأعداء، فلو كان لهم وزن عند الله لأرسل الملائكة تدفع عن حبيبه ومصطفاه [3] لكنه وهو القوى يتحداهم بأشياء ضعيفة فى بيئتها ومعروفة لهم بضعفها فيأمر نبتة معروفة تنبت فى كل أرجاء الصحراء أن تنبت فوراً على فم الغار وهو نبات معروف اسمه أم غيلان ينبت فى الصحراء وله زهور كالقطن الذى نعرفه – نبتت فى الحال ويأمر ليس صقوراً أو طيوراً جارحة وإنما يمامتين وديعتين أن ينصبا عشاً لهما على هذه الشجرة وأن تبيض الأنثى بيضتين وترقد عليهما ويأمر أضعف الحشرات وهو العنكبوت أن ينسج بيتاً على باب الغار{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }تحدى الله الكافرين بأشياء بسيطة من عالم النبات ومن عالم الطير ومن عالم الحشرات كائنات ضعيفة تحدت الكفر والكافرين حتى نعلم علم اليقين قول رب العالمين { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }فلا تُرهبنا الذَرَّة ولا الصواريخ عابرة القارات ولا الأجهزة الفضائية أو التكنولوجية الحديثة إذا آمنا بصدق بالله واتبعنا بإخلاص حبيب الله ومصطفاه فإن كل هذه المعدات والأجهزة ومن يُشغلها لا وزن لهم عند الله إذا أطعنا وكنا جميعاً كما كان الصادقون من أصحاب رسول الله، إذا دخلنا فى قوله{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}عبرة للمتقين وأسوة للمؤمنين فإن المؤمن بربه لا يغلبه غالب ولا يفوته هارب ولا يستطيع عليه أحد مهما بلغت قوته ومهما بلغت مخترعاته وعدته لأنه معه الله ومن معه الله{ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }فأيَّد الله حبيبه كما رأينا، وجعل كل شئ من عالم الأسباب تحت أمره بقرار من مسبب الأسباب ولذلك عندما لحق به الرجل الفارس العتيد قال النبى:يا أرض خذيه فامتثلت الأرض وانشقت وأمسكت برجليه وأرجل فرسه فلما استغاث به قال: يا أرض دعيه فامتثلت الأرض لأمره وتركته وكرر ذلك ثلاث مرات لنعلم أن الأرض مسخرة له بأمر الله، لأن الله قال فى شأنه وفى شأن أنبياء الله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ}أيَّده الله ثم حتى لا نظن أن هذه أشياء خاصة بتأييد الله للنبى ذكر الله عن هذه الأشياء التى أشرنا إلى بعضها{فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا}كل الذى ذكرناه أشياء رأيناها أو رآها من أخبرنا بصدق عنها لكن الله نصره بجنود لم نرها ما هذه الجنود؟الآيات الحسية للمرسلين والنبيين أحياناً يحدث بعضها لكبار أولياء الله الصالحين لكن ليس لكل الناس ونحن نريد عناية الله التى معنا كلنا فَعَرَّف الله النبى وعرَّفنا بأن الجنود الحقيقين الذين أيَّد الله حضرة النبى بهم لا تراهم العيون{وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا}هذه الجنود ذكرها الله لأننا لنا مثلها حتى نعرف أن لنا تأييد من الله يؤيد به العبيد الذين يمشون على نهج النبى إلى يوم الدين ما هذه الجنود التى لم نرها؟منها توفيق الله ورعاية الله وكفالة الله وموالاة الله بما لا يُعد من النعم والآلاء لأحباب الله ورسل الله وأصفياء الله جل فى علاه على سبيل المثال: أشار رسول الله إلى بعضها وقال فى شأنها{نُصِرْتُ بالرُّعْب مَسِيرَةَ شَهرٍ}[4]أعطاه الله فى أى معركة بينه وبين الأعداء يرسل الله سبحانه وتعالى عليهم الرعب وبينهم وبين حضرة النبى سفر شهر أين سلاح الرعب هذا؟{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}هذا السلاح يذهب إلى الأفئدة وليس على الأجسام أو البيوت هذا السلاح لا يراه أحد وبينهم وبينه مدة شهر أى أنه عابر للقارات لكن من الذى يبعثه؟ ومن الذى يصيره؟ الله رب العالمين لحبيبه ومصطفاه وكما أعطى هذا السلاح لرسول الله يعطيه للمؤمنين الأتقياء الأنقياء الذين يمشون على نهج رسول الله سادتنا من السلف الصالح من الصحابة الأجلاء كيف فتحوا البلدان؟ ليس بالسلاح لأن سلاحهم كان ضعيف وخفيف وكان عددهم قليل لكن السلاح الأساسى كان الرعب الذى كان يبعثه الله فى قلوب الأعداء ولا تعتقد أن هذا الرعب كان فى زمن رسول الله وصحابته فقط بل يوجد حتى فى زماننا هذا فقد كان السلاح الأساسى للنصر فى حرب أكتوبر عام ثلاث وسبعين كان الرعب فقد كانت اسرائيل تمتلك أحدث طائرات فى العالم ومع ذلك رفض ضباطهم قيادتها حتى أنهم كانوا يربطونهم بجنازير حتى لا يهبطوا منها ويتركوها سبب ذلك الرعب هذا الرعب جاء من عند الله وذلك بسبب رجوعنا إلى الله فصدق معنا قول الله{ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }كيف ننصر الله؟ ننصر شرعه، فنجعل شرع الله هو السائد بيننا فى هذه الحياة فى المعاملات وفى الأخلاق وفى المودات وفى كل الحالات لو جعلنا شرع الله هو السائد فسيأتينا نصر الله كما كان يأتى لحبيب الله ومصطفاه سلاح الرعب هذا كان للأعداء البعيدين لكن كان هناك نفر من حوله يريدون أن يغتالوه ورسول الله ليس له حرس يحميه من هؤلاء إذاً ما السلاح الذى يحميه منهم؟ الأنصار طلبوا من رسول الله أن يجعلوا له حرساً فتركهم رسول الله يجعلون له حرساً إلى أن نزل قول الله{وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}فرفض الحراسة فكان ينام ويمشى بدون حرس لماذ؟ لأن الله سلَّحه بسلاح يغنيه عن الحرس وهو سلاح الهيبة الذى يقول الإمام علىّ فيه(من رآه بديهة هابه)من يراه من بعيد يهابه سواء من المؤمنين أو من الآخرين جاءت امرأة فى الطريق تشتكى لرسول الله فقيل لها ها هو رسول الله فعندما وصلت إليه ارتعشت وسقطت على الأرض فقال لها{هَوِّنْى عَلَيْكَ فَإِنَّما أَنا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كانَتْ تَأْكُلُ الْقَديدَ في هذِهِ الْبَطْحاءِ}[5]هذه الهيبة كانت مع الأعداء واسمعوا لرواية عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ{ قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ بِالسَّيْفِ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ؟ قَالَ: لاَ وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لاَ أُقَاتِلَكَ وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ} [6]أخلاق مدحه بها العزيز الخلاق وقال فى وصفه{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }كان على خلق عظيم صلوات ربى وتسليماته عليه هذه الهيبة التى كانت مع رسول الله كانت أيضاً مع الثلة المباركة حوله وهم صحابة رسول الله كان الأعداء عندما يسمعون عن وجود خالد بن الوليد فى مكان يُعلنون الاستسلام قبل أن يجيئهم خالد بوقت طويل خوفاً منه حتى أنه ذات مرة فى معركة تسمى معركة اليرموك بين المسلمين والروم وكان عدد الروم أربعمائة ألف ومعهم أسلحة عتيدة والمسلمين بقيادة خالد ثلاثون ألفاً وليس معهم مثل الذى مع الأعداء فأراد أحد قادة الروم الكبار أن يرى سيف خالد بن الوليد فسألوه لماذا؟ قال: لأنى سمعت أن سيف خالد أحضرته له الملائكة ولذلك ينتصر فى كل معاركه فدخل على سيدنا خالد وأعطاه السيف فوجده عادياً بل أقل من العادى بالنسبة لهم فعرف أن الشأن ليس شأن السيف ولكن الشأن شأن من يُمسك بالسيف وعرف أن الموضوع هو الهيبة التى ألقاها الله على خالد كما ألقاها على رسول الله كما ألقاها على كل جند الله فكان كل جندى يذهب إلى أى مكان تسبق هيبته إلى قلوب الأعداء فتجعلهم يستسلمون بلا قتال بسبب الهيبة التى أيدهم الله بها وجعلهم من أهلها متابعة للحبيب من الجنود التى أيَّد بها الله رسوله فى القرآن أن الله جعل المؤمن بعشرة{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ}فالواحد بعشرة، من أين هذا الصبر؟{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ}هذا الصبر الذى يبعثه للإنسان هو الله ومن حكمة الله التى شمل بها المسلمين أجمعين – حتى العصاة والمذنبين اكراماً لسيد الأولين والآخرين – أن أى مسلم فى أى زمان أو مكان قبل أن تنزل به كارثة أو مصيبة يبعث الله له فى داخله مدد من صبر رب العالمين يبعث الله له الصبر أولاً فإذا نزلت به المصيبة تجده جاهزاً ومستعداً ومتأهل لا يفزع ولا يهلع ولا يُصيبه ما يصيب الآخرين من الكافرين والمنافقين وغير المُسَلِمين لرب العالمين هذا الصبر يعطيه الله لنا لنتحمل به المصائب هذا الصبر الذى كان يعطيه الله لسيدنا رسول الله ولأصحابه فى القتال وفى حرب الأعداء كان بالنسبة لرسول الله قدر الصبر الذى أعطاه الله لكل أنبياء الله ورسل الله{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}صبر رسول الله قدر صبر كل أنبياء الله ورسل الله بما فيهم أيوب الذى نضرب به المثل فى الصبر والمسلمين العاديين كان يعطيهم الله صبر قدر عشرة فى ميدان القتال أما المؤمن القوى فيعطيه الله أكثرولذلك سيدنا علىّ وغيره من أصحاب رسول الله بل النساء من أصحاب رسول الله كانوا فى ميدان القتال الواحد منهم قدر مائة من الفرسان الشجعان فى قتال الأعداء من أين ذلك؟الطاقة الجسمانية ضعيفة والغذاء لا يكفى لكن التموين الداخلى وهو الصبر النازل من عند ملك الملوك يجعل الواحد منهم قوته كقوة المَلَك فى جلاده وحربه مع الأعداء والكافرين ففى غزوة خيبر كان الأعداء يحتمون داخل البلدة بسور عالٍ والمسلمون خارجه ولا يستطيعون دخوله فقال رسول الله {لأُعطِينَّ الرايةَ غداً رجلاً يَفتحُ اللهُ على يديهِ يُحِبُّ اللهَ ورسوله ويُحبُّه اللهُ ورسولهُ} [7]فبات أصحاب رسول الله يتمنى كل واحد منهم أن يكون هذا الرجل قال سيدنا عمر: ماتمنيت الإمارة فى يوم إلا فى ذلك اليوم لماذا؟ للوصف الذى وصف به رسول الله هذا الفارس القائد وفى الصباح قال رسول الله : أين علىّ؟ قالوا: إنه أرمد يا رسول الله قال: هاتوه فأخذ النبى من ريقه ووضع فى عين الإمام علىّ فشُفيت فى الحال بإذن الله وأعطاه الراية سيدنا علىّ كان يحارب بسيفين سيف باليمين وسيف باليسار – وهذه كانت من مقدراته وطاقاته الحربية الجبارة – فحارب على باب الحصن يريد أن يفتحه إلى أن تكسر السيفين فأمسك بالباب وشدَّه فخلعه وحمله يحتمى به من سيوف الأعداء ودخل المسلمون من تحت الباب حتى فتح الله الحصن وبعد أن فتحوا الحصن جاء ثلاثين رجلاً ليُحركوا الباب ليضعوه مكانه فلم يستطيعوا إذاً كيف حمله الإمام علىّ وكان يحارب به؟ حتى نعرف مدد الصبر الذى أمده الله به مدد إلهى كان الله يمد به رسول الله وأصحابه المباركين فى كل وقت وحين هذه الجنود هى التى يقول الله فيها{وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا}جنود لاعدَّ لها ولا حد كانت تؤيد رسول الله وتعضد رسول الله وكذلك أصحابه المباركين فى كل وقت وحين كان بعضهم يؤيده الله فى المعارك بالرؤيا الصالحة ذهب سيدنا سعد بن أبى وقاص ليحارب الفرس فى عهد سيدنا عمر وجاء الفرس له بقائد يُسمى رستم وجمعوا له ما لا يُعد من الجند وأحضروا له أفيال مدربة لتحارب بخراطيمها وعلى كل فيل خيمة فيها عشر جنود وكان بينهم وبين سيدنا سعد نهر دجلة فقاموا بقطع كل الجسور التى على النهر وأخذوا كل السفن ناحيتهم حتى لا يستطيع أن يعبرففكر سيدنا سعد وهؤلاء إذا فكروا فإنهم يدفعون الأمر إلى من يقول للشئ كن فيكون فلابد أن يستعين بالله وأن يطلب الإغاثة والنصرة من الله{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}فرأى فى نومه أنه وجنوده يعبرون نهر دجلة على أقدامهم – هؤلاء القوم يعيشون فى الصحراء فلا يُجيدون السباحة وجِمالهم لا تعرف السباحة فجمع قادته وأخبرهم برؤياه ولم يكذبوه بل فعلوا ما إلهمه الله به ونصرهم الله نصرا عزيزا مؤزراً حتى كوبا واحدا لم يفقدوه فى الماء وأبين ذلم بتوضيح بسيط فى الصباح وقف الجيش وعدده ثلاثون ألفاً على النهر وقالوا جميعاً(بسم الله حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير)وألقوا بأنفسهم فى النهر فحملهم الماء بإذن الله والذى كان يركب جملاً نزل به والذى كان يركب فرساً نزل به ومشوا فى قلب النهر وهم يتكلمون مع بعضهم والذى كان يتعب منهم كان من عناية الله أنه يجد جزيرة تخرج له من النهر وعليها تراب يابس ليستريح عليها وبعد أن يستريح ويستمر فى مشيه تختفى هذه الجزيرة تأييد من الله جل فى علاه وبعد أن عبروا النهر قال لهم: تمموا على حاجاتكم فقال أحدهم: ضاع منى الكوب الذى أشرب فيه فرفع هذا الرجل يديه إلى الله وقال يارب فجاءت موجة فى النهر حملت الكوب وألقته فى حجره: ما هذا؟{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}إذن نفس التأييد الذى كان مع رسول الله كان مع جند الله من يمشون على منهج حبيب الله وعلى منهج كتاب الله وأملهم وطلبهم كله مرضاة الله بعد إخلاص العمل والصدق مع الله ما بيننا وبين أن نكون من الذين ينصرهم الله ويؤيدهم الله فى كل أحوالهم ويرعاهم الله فى كل شئونهم ويستجيب لهم كل دعاءهم ويحقق لهم كل آمالهم إلا أن نهاجر الهجرة التى بينها لنا سيدنا رسول الله فى حديثه الكريم فعندما دخل مكة فاتحاً صلوات ربى وتسليماته عليه أعلن وقف الهجرة المكانية أى من مكة أو من أى موضع بالجزيرة العربية إلى المدينة المنورة وفتح باب الهجرة المعنوية إلى يوم الدين فقال صلوات ربى وتسليماته عليه{لا هِجرةَ بعدَ الفتحِ ولكنْ جِهادٌ ونيَّة} [8]وقال{وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ} [9]فالمهاجر منذ فتح مكة إلى يوم الدين هو الذى يهجر المعاصى والفتن ما ظهر منها وما بطن هو الذى يهجر قالة السوء كل القول الذى نهى عنه الحبيب، قول الزور والكذب والفجور وكل ما يؤذى المسلمين ويُشوش على المؤمنين والذى أشار إليه فى قوله{ المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ} [10]ما الذى يؤذى الإنسان المسلم من لسان أخيه؟ وضح ذلك فى الحديث الآخر صلوات ربى وتسليماته عليه فقال{لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ ولاَ اللَّعَّانِ ولا الفَاحِشِ ولا البَذِيِّ}[11]لا يسب أحداً من خلق الله فضلاً عن الإنسان الذى كرمه الله ولا يلعن شيئاً من الخيرات والبركات التى سخرها له الله ولا يصدر من لسانه أى كلمة فاحشة جافية أو نابية أو لاغية تؤذى الآخرين وتضره وتُسَود صحائفه التى يلقى بها رب العالمين ولا يصدر من لسانه الكلام البذئ الذى تستوحش منه الآذان والذى تفر منه الأبدان وإنما يهاجر المسلم دوماً فى كل أقواله إلى قول الرحمن فى القرآن{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}لا يخرج منه إلا الكلام الطيب الذى يُطيب النفوس والذى يشرح الصدور والذى يؤلف القلوب والذى ينزع الإحن من الصدور والذى يجعل بنى الإنسان الحياة بينهم ألفة ومودة وصفاء وسرور وحبور إن معظم مشاكل الناس فى زماننا وفى كل زمان من اللسان فلو ملَك الإنسان لسانه فإن الناس جميعاً يحبونه ولا شك فهذه صفة المؤمن فالمؤمن الحق هو الذى مَلَك لسانه لا يصدر منه غيبة ولا نميمة ولا سب ولا شتم ولا وقيعة بأى صورة من الصور لأى رجل من المسلمين ولذلك يقول الإمام علىّ عندما سُئل وقيل له: يا إمام مَن هم أولياء الله الذين يحبهم الله ؟ فقال {هم الذين أنفسهم عفيفة وحاجاتهم خفيفة الناس منهم فى راحة وأنفسهم منهم فى عناء}إذا سَلم الإنسان من لسانه فبَشِّره بأن الله قد اختاره واجتباه وجعله حبيباً مقرباً لحضرة الله جل فى علاه هذا الإمام البخارى حضرته سكرات الموت وجلس حوله طلابه يبكون على فراقه فقال لهم: لِمَ تبكون وها أنا ذا تُطوى صحيفتى ولم يُكتب لى فيها طوال حياتى غيبة واحدة ولا كذبة واحدة صحيفته طول حياته لم يُكتب فيها غيبة لمسلم ولا كذبة على مسلم مع أنه كان عالماً فى علوم الحديث فكان يتداول سيرة الرواه فلان عن فلان ويتحرى عن كل راوٍ ليتأكد من صدقه فى أقواله وأفعاله و أحواله فقد ذهب فى إحدى رحلاته إلى حضرموت الآن ليسمع حديثاً بلغه أن هناك رجلاً يرويه وعندما وصل سأل عن الرجل فأشاروا إليه فوجد الرجل يجرى حول جمل له فرَّ منه مسرعاً وأمسك الرجل حجره ليوهم الجمل أن حجره فيه طعام، فلما تبين خلو حجره قال: تخدع هذه البهيمة، لا أسمع منك حديث رسول الله ومع ذلك لم يُروى عنه فى حياته كذبة واحدة ولا غيبة واحدة أين نحن من هؤلاء؟ إذا أردنا أن ينصرنا الله كما نصرهم وأن يُعزنا كما أعزهم وأن يكرمنا كما أكرمهم فعلينا أن نقتدى بهديهم وأن نتبع أفعالهم وأن نكون كما كانوا{صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}فنهجر المعاصى والفتن بالكلية ونُقبل بصدق وإخلاص على رب البرية

    [1] مسند الامام احمد وصحيح ابن حبان وسنن ابن ماجة وغيرهم عن أبى هريرة

    [2] مسند الإمام أحمد والبيان والتعريف عن ابن عبـاس، قال: كنت خـلف النبـي يوماً، فقال: «يا غُلامُ إنِّـي أُعَلِّـمُكَ كَلِـمَاتٍ، احْفَظِ الله تَـجِدْهُ أَمَامَكَ. تَعَرَّفْ إِلَـى الله فِـي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِـي الشِّدَّةِ، وَاعْلَـمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَـمْ يَكُنْ لِـيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَـمْ يَكُنْ لِـيُخْطِئَكَ، وَاعْلَـمْ أَنَّ النَّصَرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً».

    [3] سبق وأوردنا أن هذه المخلوقات ربما كانت ملائكة تشكلت كما ورد فى (السيرة الحلبية) وهذه كلها مشاهد فى نصرة الحبيب كما أشهدها الله أهلها

    [4] الصحيحين البخارى ومسلم عن جابر بن عبد الله


    [5] المستدرك على الصحيحين عن عبدالله بن جرير.

    [6] رواه الإمام البخارى ومسلم.

    [7] صحيح مسلم عن سعد بن أبى وقاص يقول سمعت رسول الله يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ. فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ. فَفَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ».

    [8] صحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهم.

    [9] صحيح البخارى عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهم.

    [10] صحيح البخارى عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهم.

    [11] سنن الترمذى عن عبد الله بن مسعود

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    حسن التوكل على الله

    إن الله كان قبل الهجرة بعام أخذ حبيبه فى رحلة الإسراء والمعراج أخذه من مكة إلى بيت المقدس ومن بيت المقدس إلى السموات العلى سماءاً تلو سماء وكما قال{بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام} [1]اجتاز كل هذه السموات ودخل الجنات وذهب إلى العرش ثم تجاوز العرش إلى قاب قوسين أو أدنى ورجع وفراشه الذى كان ينام عليه لم يبرد بعد رب العزة الذى فعل معه ذلك لماذا جعله يخرج والقوم يتربصون به؟ ويختبأ فى الغار ثلاثة أيام؟ ثم يسلك طريقاً غير الطريق الذى يمشى فيه سائر الأنام؟وتستمر الهجرة من مكة إلى المدينة لمدة أسبوع على التمام؟ليوضح لنا الله أجمعين ونحن أمة الإجابة آمنا بالله وصدقنا برسول الله وفوضنا أمورنا كلها إلى حضرة الله وتوكلنا فى كل أحوالنا وأعمالنا على الله، فالله يضرب لنا المثل فى حبيبه ومصطفاه أن من اعتمد على الله كفاه مولاه كل هم وكل غم وفرَّج الله عنه كل الشدات والكربات كما فعل تماماً بتمام مع الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وانتبه معى إلى قول الله لنا وللمعاصرين للنبى الأمين من عاونوه ومن تخلوا عنه ومن حاربوه يخاطب الكل فيقول{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}لم يقل الله(فقد ينصره الله) لأن معناها أن النصر سيأتى فى المستقبل لكن الله أخبر فى كتابه وكتابه قبل القبل أنه نصر حبيبه قبل خلق الخلق قبل إيجاد الأكوان وقبل إيجاد أى شئ فى عالم الدنيا جعل الله حبيبه منصوراً أينما حلَّ وأينما ذهب وحيثما كان نصره الله فكفاه شر أعداءه فخرج من بينهم وهم متربصون بالبيت ويترقبون خروجه وأخذ الله أبصارهم فلم يرونه وذهب النبى وتكفل الله بحمايته حماه فى الغار وحماه عندما خرج من الغار وهو سائر فى الطريق إلى الأنصار وجعل من جملة جنده الذين يؤيدونه ويدفعون عنه الأرض فقال له الأمين جبريل:الأرض طوع أمرك فمُرها بما شئت فمن لحقه منهم قال للأرض: خذيه فانشقت وأخذته فلما استغاث به قال لها: دعيه، فتركته فلما عاود ما فى ذهنه قال لها: خذيه فأخذته وتكرر الأمر منه إلى الأرض ثلاث مرات وهى لا تعصى له أمراً لأن الله أمرها أن تكون طوع أمره ثم تاب هذا الرجل من فعله وجعله الله جندياً يدافع عن النبى فذهب إلى قومه وعَمَّى عنهم الطريق الذى سلكه النبى وكلما سألوه عن الطريق الذى سار فيه يقول لهم:أنا مشيت فى هذا الطريق ولم أجد فيه أحد فاذهبوا إلى غيره فكانت عناية الله معه أينما حلَّ وكيفما صار:

    وقاية الله أغنت عن مضاعفة

    من الدروع وعن عال من الأطم


    فالصدق فى الغار والصديق لم يرما

    وهم يقولون ما بالغار من إرم


    ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على

    خير البرية لم تنسج ولم تحم


    حماه الله بما علمناه جميعاً ثم أراد الله إعزازه عند دخول المدينة المنورة فلم يجعله يدخل دخول الخائفين أو الفارين وإنما جعله يدخل دخول الفاتحين فانظر معى إلى عناية الله فى تجميل نبيه وصفيه ليدخل المدينة دخول الفاتحين سمعت قبيلة اسمها أسلم عن الجائزة التى جهزها الكفار لمن يأتى بالنبى حياً أو ميتاً فخرج رجل منهم يُسمى بُريدة الأسلمى ومعه سبعين رجلاً مدججين بالسلاح يبحثون عن النبى فى الطريق الذى سلكه ليظفروا بالجائزة وبينما هم سائرون إذا بالنبى أمامهم فقال له: مَن الرجل؟قال: بُريده، فالتفت إلى أبى بكر وقال: بَرُد أمرك يا أبا بكر ثم قال للرجل: ممن الرجل؟ أى من أى قبيلة؟قال: من أسلم فالتفت إلى أبى بكر وقال: سلمت يا أبا بكر فقال الرجل: ومَن أنت؟ قال: أنا محمد رسول الله لم يتنكر ولم يتخفى لأنه يعلم أن الله يؤيده ويعززه وينصره – فشرح الله صدر الرجل للإسلام وشرح الله صدور من معه للإسلام فدخل السبعون فى الإسلام وقال الرجل: يا رسول الله أتدخل المدينة هكذا؟لا والله لا يكون فخلع رباط عمامته – الشال الذى يضعه على عمامته – وركزه على رمحه على هيئة عَلَم وصفَّ السبعين رجلاً وقسمهم إلى صفين صف عن اليمين وصف عن اليسار وقال: يا رسول الله أنا أتقدم أمامكم وأنت تمشى فى مؤخرة الصفين ليدخل المدينة دخول الفاتحين ومعه كتيبة جهزها له رب العالمين، ليكون بذلك إعزازاً لحضرته وتقويةً لإرادته وعبرة لنا أجمعين لنتقى الله ونعلم صدق قول رب العالمين{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} وسار النبى بهذه الكتيبة الإلهية هل يدخل المدينة بهذه الهيئة وثيابه كانت تغيرت من أثر السفر؟قيَّد الله وهو العزيز أن يُعز نبيه فكان عبد الرحمن بن عوف فى تجارة فى بلاد الشام ووجد ثوباً لا يصلح إلا للملوك فقال فى نفسه: أشترى هذا الثوب لرسول الله وكان الزبير بن العوام أيضاً فى بلاد الشام ورأى ثوباً آخر يضاهى الأول من ثياب الملوك فقال: أشتريه لرسول الله لأن هذا الثوب لا يليق أن يلبسه إلا حضرة النبى وقبل مدخل يثرب بقليل إذا بعبد الرحمن بن عوف وإذا بالزبير بن العوام ومعهم الثياب المخصصة للملوك فجاء الإثنين معاً وقالا: يا رسول الله لا تدخل المدينة بهذه الهيئة ولكن البس هذه الثياب التى لا تليق إلا بالملوك لأن الله يُعزك دوماً وينصرك أبداً على الدوام فلبس النبى ثياب الملوك ومشى والجند عن يمينه وعن يساره داخلاً المدينة المنورة فى بيت من ينزل حضرة النبى؟ من يحظى بهذا الشرف؟ كان الأنصار أجمعين حريصين على هذا الشرف الكبير فوقف كل رجل منهم أمام داره ينتظر موكب النبى ويَعزم عليه أن ينزل فى ضيافته ويقول: يا رسول الله انزل هاهنا هنا كرم الضيافة هنا العدد وهنا العدة هنا أهلك وذويك هنا ناصروك ولكن النبى يشير إلى الناقة ويقول: دعوها فإنها مأمورة ومشت الناقة حتى أتت إلى مكان كانوا يضعون فيه البلح ليجف ويصير تمراً وبركت فى هذا الموضع وجاء الجميع يتسابق لأخذ عتاد رسول الله ليكون عندهم فسبقهم أبو أيوب الأنصارى وأخذ عتاد النبى عنده وذهبوا للنبى فقال: الرجل ينزل حيث ينزل رحله ثم دخل عند أبى أيوب وقال: يا أبا أيوب أين كتاب تُبَّعْ؟ فقال: يا رسول الله والذى بعثك بالحق إننا دائماً وأبداً نزيد فيك يقيناً ما قصة كتاب تُبَّع؟ تُبَّع رجل غزا المدينة قبل هجرة النبى بثلاثمائة عام وكان اليهود هاجروا إلى المدينة لعلمهم أنها موطن هجرة خاتم الأنبياء والمرسلين فلما أراد تُبع دخولها أرسلوا إليه وقالوا: إنك لن تستطيع دخولها لأنها موضع هجرة النبى الذى سيبعث فى آخر الزمان وذكروا له أوصافه التى قال الله عنها فى القرآن ومعرفتهم برسول الله{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ}وكان تُبع معه جمع من العلماء يسيرون معه فجمعهم فسألهم فصدَّقوا ما قال اليهود فبنى لكل رجل من هؤلاء العلماء بيتاً فى المدينة من طابق واحد وأعطاه زاداً ونفقة وزوَّجه بجارية وأمره أن يقيم إلى حين بعثة النبى فينصر النبى وبنى لزعيم العلماء بيتاً من طابقين وقال له: هذا البيت أمانة عندك فإنى قد بنيته للنبى فهو ملك للنبى ولذلك ذكره فيما معناه{أول من آمن بى تُبَّع}وترك رسالة وجعلها فى حُقٍ من زمرد عند هذا الرجل زعيم العلماء كتب فيها [2]:
    شَهِدتُّ عَلَى أَحْمَدٍ أَنَّهُ

    رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بَارِي النَّسَمْ


    فَلَوْ مُدَّ عُمْرِي إلَى عُمْرِهِ

    لَكُنْتُ وَزِيراً لَهُ وَابْن عَمّ


    وجَالدتُ بالسْيفِ أعداءه

    وفَرجُتُ عن صَدْرهِ كل هم


    فاطَّلع النبى على الرسالة وعلِم أنه نزل فى بيته الذى بناه المليك له ولم ينزل فى بيت أحد غيره وكان هؤلاء العلماء هم الذين تناكح وتناسل منهم الأنصار الذين آوو النبى ونصروه كان هذا إعجازالله للنبى لنعلم علم اليقين أن كل من يمشى على منهج هذا النبى ويتقى الله جل فى علاه ويصنع فى كل أحواله ما يحبه الله ويرضاه يتأسى فى كل أحواله بحبيب الله ومصطفاه فإن عناية الله لا تتخلف عنه نَفَساً فى هذه الحياة كذا أُمة النبى لو صاروا أجمعين على نهج النبى وأقاموا شرع الله بينهم وجعلوا كتاب الله حَكَماً لهم فى كل أحوالهم فإن الله يدفع عنهم كل أعداءهم وينصرهم على كل من عاداهم ويجعل بلادهم مملوءة بالخيرات والمبرات{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }

    [1] تهذيب سنن أبي داوود والأسماء والصفات للبيهقي عن عبدالله بن مسعود

    [2] تفسير القرطبي وابن كثير (سورة الدخان
    ).

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    منهج الاصلاح الاجتماعى

    أما العبرة التى نأخذها لإصلاح حياتنا وإصلاح مجتمعنا، ونأخذها من مجتمع المهاجرين والأنصار الذى لو صرنا على هداه فى أى زمان أو مكان لنصرنا الله كما نصره ولأعزنا كما أعزهم، ولهدانا كما هداهم ولمَكَّن الله لنا فى الأرض كما مكَّن لهم، كيف نصلح مجتمعنا ويصير مجتمع نورانى ربانى مثل مجتمع المدينة المنورة التى فتحها سيدنا رسول الله وبينها القرآن؟حتى يكون المجتمع فى الدنيا فى رغد العيش وفى خيرات وبركات وفى صالحات وفى طاعات ولا يوجد بين الناس مشكلات ولا معارك ولا غش ولا غير ذلك بيَّن الله ذلك فى ثلاث أشياء بِم وصف الله الأنصار؟{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ}أول صفة{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}والصفة الثانية{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا}الصفة الثالثة{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}هذه الصفات لو اتبعت فى أى مجتمع فإنه سيكون فى الدنيا فى أرغد عيش وفى أسعد حال وفى الآخرة يكون أهله هم أهل النجاة والفلاح عند المليك الفتاح الصفة الأولى{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}وهى التى نحتاج إليها جميعاً كان حضرة النبى حريص على أن يُجرى لكل من يدخل فى الإسلام عملية فى قلبه فينزع حب الدنيا ويضع حب الله ورسوله كل المشاكل التى بين الناس سببها حب الدنيا فقال{حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ} [1]فأى خطيئة بين الأخ وأخيه وبين الإبن وأبيه وبين الزوج وزوجته وبين الجار وجاره وبين أى إنسان فى أى زمان ومكان سببها حب الدنيا لأن ذلك يجعل الناس تقع فى بعض ثم يكيدون لبعض ولا مانع من أن يتطاولون على بعض ثم بعد ذلك لا مانع من أن يشتكون بعض ثم لا مانع بعد ذلك من الافتراء على بعض حتى يؤيدوا شكاياهم على بعض وكل ذلك سببه حب الدنيا لذلك أول شئ كان يفعله رسول الله مع أصحابه ينزع من قلوبهم حب الدنيا ويضع مكانه حب الله ورسوله وحب كتاب الله وحب المؤمنين نحن جميعا نقول أننا نحب الله ورسوله رسول الله أعطانا ترمومتر نقيس به هذا الحب فقال{والله لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [2]أنت تحب حضرة النبى ولكن تحب نفسك أكثر إذاً هذا الحب غير مضبوط كيف تحب نفسك أكثر من حضرة النبى؟تحب نفسك لأنك تضرب بسنة حضرة النبى عرض الحائط من أجل مصلحتك مع أنك تعرف أنه مخالف للسنة لكن الذى يحب حضرة النبى يعظم السُنة وحتى قال فى ذلك بعض الصالحين(حافظ على السُنة ولو بُشرت بالجنة) فلابد من المحافظة على السُنة والسُنة مقابلها الهوى كما جاء فى الحديث الآخر{لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ }[3]فالذى ضيَّع الناس الآن هو الهوى{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}وعندما ننظر فى المجتمع فإننا نجد أن معظم المشكلات سببها عدم اتباع السنة أو شرع الله لأن هناك شئ من الهوى فلو اتفقنا على سنة رسول الله ففى أى شئ سنختلف؟لن يأتى أى خلاف لكن الخلاف يأتى عندما يكون شخص غير أهل ويُدخل نفسه فى موضع لا يليق أن يكون له وإنما موضع ينبغى أن يكون لغيره مثال ذلك: لما أراد حضرة النبى أن يقوم بعمل إعلان للصلاة وأراد أن يكون هذا الإعلان مخالفاً لليهود والنصارى فطلب من أصحابه أن يبحثوا عن وسيلة فنام جماعة من أصحابه ولأنهم كانوا مع الله كانوا عندما ينامون تصعد أرواحهم إلى الملكوت الأعلى فصعدت روح أحدهم إلى الملكوت ورأى الملائكة فقالوا له: ماذا تريد؟ قال: أريد شيئاً نعلن به عن الصلاة فأعطوه ألفاظ الآذان فاستيقظ الرجل من نومه وذهب إلى رسول الله وقال له: رأيت كذا وكذا رسول الله وضع القاعدة إلى يوم القيامة فلم يقل له أنت الذى تلقيت الآذان قم فأذن ولكن قال له: لقنه بلال فإنه أندى صوتاً منك لو مشينا على هذه القاعدة هل سيحدث خلاف؟ لا لأننا نريد جميعاً رفعة الإسلام. رسول الله وضع القاعدة الأولى لمنع الخلافات وهى أن نُعظم الله ورسوله ونجعل أمر الله ورسوله هو السائد علينا أجمعين{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}يسلمون لشرع الله الذى جاء به رسول الله فكل مشاكل المسلمين ستنتهى إذا أحببنا الله ورسوله الحب الذى يجعل شرع الله هو المهيمن على حركاتنا وسكناتنا وهو الغالب على أمرنا{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}أريد أن أنفذ شرع الله وأريد أن يُنفذ شرع الله فى هذه الحياة وهنا لن أصنع خلاف أو أسمح بخلاف بين المؤمنين وضع حضرة النبى القاعدة الثانية فقال{لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ} [4]متى يُصبح الإيمان كاملاً؟ إذا أحب الإنسان لأخيه ما يحبه لنفسه إن كان فى الدنيا أو فى الآخرة لو ظهر هذا بيننا جماعة المؤمنين ورجع الحب مرة أخرى مثل الزمن الفاضل فلن تحدث بيننا خلافات وستكون الحياة مثل الجنة لأن الجنة كلها حياة عالية راضية لا تسمع فيها لاغية لأن كل من فيها قال الله فى شأنهم{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}إذا وضعت فى قلبى الحب فإنه سيكون معه الرحمة والشفقة والعطف والمودة والإيثار ومعه كل الخُلق الكريم لو تركت الحب ووضعت مكانه حب الدنيا فسيكون معه البغض والكره والحقد والحسد والفرقة والأنانية ومعه كل الصفات الإبليسية إذاً الصفات الطيبة التى تصلح معها كل المجتمعات تأتى مع حب الله ورسوله والصفات التى بها إفساد كل الأماكن والبقاع والمجتمعات تأتى مع حب الدنيا ولذلك سيدنا رسول الله قال{كل ما أخشاه عليكم أن توضع الدنيا فى قلوبكم} {مَا سَكَنَ حُبُّ الدُّنْيَا قَلْبَ عَبْدٍ إِلاَّ ابْتَلاَهُ اللَّهُ بِخِصَالٍ ثَلاَثٍ: بِأَمَلٍ لاَ يْبَلُغُ مُنْتَهَاهُ وَفَقْرٌ لاَ يُدْرَكُ غِنَاهُ وَشُغْلٍ لاَ يَنْفَكُّ عَنَاهُ } [5]لو جاءت الدنيا فى قلوبكم فإنه سيحدث ما نراه الآن أما بالنسبة للكافرين واليهود وغيرهم لن يتمكنوا من المسلمين مادامت القلوب تحب الله ورسوله لأن قلوبهم كانت تؤثر رضاء الله على كل شئ فى هذه الحياة ففتحوا الدنيا فى أيام وسنوات معدودات إذن متى جاء ما نحن فيه الآن؟ تنبأ رسول الله بذلك فقال{يُوشِكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعى عَليْكُم كَمَا تَدَاعى الأكَلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا فقالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: بَلْ أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثُيرٌ وَلَكِنَّكُم غُثَاءُ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صُدُورِ عَدُوكُمْ المَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُم الَوَهْنَ فقالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ الله وَمَا الْوَهْنُ؟قالَ:حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُالمَوْتِ} [6]إذن السبب الذى مكن الأعداء منا هو حب الدنيا فالذى يخاف على منصبه والذى يخاف على ماله والذى يخاف على نفسه هذا الخوف هو الذى مكن الأعداء منا وأصبح المسلمين مستضعفين ومستذلين أمام الأعداء وفى داخلهم مع بعضهم هم أعداء أين{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}؟أين{ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }لو وجدت هذه الآن فلن نجد فى رول المحاكم أى شئ لكن للأسف نجد الآن فى المحاكم الخلافات بين الأب وابنه والأخ وأخيه والجار وجاره على أشياء كلها تافهة من لعاعة الدنيا ومن الجائز أن ينتهى العمر والقضية لم تنتهى ولم يأخذ ما كان يشكو من أجله وحتى لو أخذ ما يريد من الجائز قبل أن يُنفذ الحكم يأتيه أمر رب العالمين فيخرج من الدنيا ولم يحقق ما كان يتمناه ولكنه خرج ومعه حقد على أخيه وحسد وكره وبغض وغير ذلك من الصفات التى يبغضها الله والتى نهى عنها دينه والتى كان يحاربها رسوله كان الأنصار يحبون من هاجر إليهم ولذلك نرى العجب العجاب عندما جاء ضيف لرسول الله فقال : من يُضَيف ضيف رسول الله؟فيقول كل واحد منهم: أنا فيقوم بعمل قرعة بينهم وعندما كان يأتى أى مهاجر إلى المدينة كانت هذه القرعة تتم بين خمسين واحد على الأقل لأن كل واحد منهم يريد أن يحظى بهذه الغنيمة ويريد أن يأخذ أخاه فى الله الذى جاء إلى رسول الله{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}ويأخذ أخاه ويقسم بيته ويقول له: اختر ما تريد ويقسم أمواله نصفين ويخيره بينهما وإذا كان غير متزوج يخيره بين زوجاته ويقول له: التى تعجبك أطلقها ثم تتزوجها بعد العدة هذا هو الإيمان وعلامة الإيمان{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}هذه الآية نزلت فى رجل تعرض ليأخذ ضيف رسول الله وبعد أن ذهب لبيته سأل زوجته عما فى البيت من طعام فقالت: عندنا طعام يكفى لشخص واحد إذا أكل الضيف فسنبيت نحن والأولاد جوعى وإذا أكل الأولاد فلا يوجد طعام للضيف فقال لها: عللى الأولاد حتى يناموا ثم أحضرى الطعام وعندما نجلس لنأكل مع الضيف تظاهرى أنك تصلحى المصباح فتطفئيه ثم نتظاهر أننا نأكل بأسناننا حتى يأكل الضيف ويشبع ما هذا الإلهام؟{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}هذا التنافس الذى علَّمه لنا رسول الله لما ذبح ذبيحة وأمر عائشة أن توزعها ثم عاد وسألها{«مَا بَقِيَ مِنْهَا؟» قَالَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا قالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفهَا»} [7]{مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ}هذا هو الهدى النبوى الذى علَّمه رسول الله لأصحابه الكرام أجمعين ولكل الأمة من بعدهم إلى يوم الدين قسَّمَ الأنصار مع المهاجرين كل شئ وبعد بضع سنين جاءت غزوة خيبر وغنم فيها المسلمين خيراً كثيراً فأحضر النبى المهاجرين والأنصار وقال للأنصار: ما رأيكم فى أن أوزع الخير الذى جاء عليكم أنتم والمهاجرين ويبقى معهم ما تنازلتم عنه لهم؟أو أخص به المهاجرين ويعيدون لكم ما أخذوه منكم فقال الأنصار رضى الله عنهم أجمعين:لا يا رسول الله ما تنازلنا عنه لله لا نعود فيه أبداً والخير الذى جاء خُصّْ به المهاجرين هذا هو الإيثار الذى غلبوا به كل المشكلات الإقتصادية والشح هو سبب كل العراقيل والمشاكل الإقتصادية التى عندنا لكنهم مشوا على صفة الإيثار فجعل الله حياتهم كلها خيرات وبركات وكلها نعيم وجنات ولم يكن فيها لا شكايات ولا قضايا ولا أى شئ{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

    [1] رواه البيهقي في الشعي عن الحسن

    [2] سنن النسائي الصغرى عن أنس ورواه البخارى ومسلم بلفظ «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حتى أكونَ أَحَبَّ إليهِ مِنْ والِدِهِ وَوَلَدهِ والنَّاس أَجْمَعين»

    [3] فتح البارى وصححه النووى عن أبى هريرة

    [4] صحيح مسلم عن أنس بن مالك

    [5] الدَّيلمي عن أَبي سعيدٍ رضَي اللَّهُ عنهُ

    [6] مسند الإمام أحمد عن ثوبان مولى الرسول

    [7] رواه أحمد والترمذي عن عائشة.

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    الردود
    17
    الجنس
    أنثى
    سبحان الله لا اله الا الله موضوع غايه في الروعه
    جزاك الله خير وجعهل في ميزان حسناتك


  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة Amanda0 عرض الرد
    سبحان الله لا اله الا الله موضوع غايه في الروعه
    جزاك الله خير وجعهل في ميزان حسناتك


    شكرا لكى مرورك وبارك الله فيكى

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    مراجعة النفس

    وضع الله فى قرآنه الكريم قواعد النصر الإلهى التى لا تتخلف عن أحد من المسلمين إذا أقامها وامتثل لها وأطاع الله ونفذ ما أمره به فيها فهى قواعد لنصر أى طائفة من المؤمنين من الأولين أو الآخرين أو المعاصرين إذا طبقوها يتولى الله نصرهم لأنها قواعد إلهية مسجلة فى خير كلام رب البرية وهو القرآن الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وجعل الله قاعدة النصر نصر الإنسان على أعداءه أو نصر الأُمة كلها والدولة على مناوئيها أو نصر أى شعب أو أمة على غيرهم من البشر جعلها فى جملة واحدة وفى عبارة جامعة قال فيها الله جل فى علاه فى محكم التنزيل{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}كيف ننصر الله؟وهل الله يحتاج إلى من يعاونه؟حاشا لله جل فى علاه وهل الله يحتاج إلى من يساعده؟حاشا لله جل فى علاه إذاً كيف ننصر الله؟ننصر الله على أنفسنا فلا نتبع ما تهوى الأنفس وما تميل إليه الأهواء وننصر الله بأن نمشى على الشريعة السمحاء التى أنزلها فى كتاب الله والتى أرسل من أجلها لإبلاغها رسول الله فإذا قضينا على هذا الأمر ولم نجعل للنفس علينا سلطاناً ولم نأتمر بأمر الهوى ولم نتبع الشهوات الجامحة والرغبات التى نهى عنها الله من طلبات النفس وهى التى تسعى فى خلاف الله وقال فيها الله جل فى علاه مبيناً شأنها فى عبارة جامعة{إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}النفس هى:كل أمر بشر أو ضر أو سوء فى داخل الإنسان فإذا أُمرت فى داخلك أو سمعت نداءاً فى باطنك وأردت تحقيقه بأعضاءك وجوارحك وظاهرك فهو من النفس قد تطلب منك النفس أن تغش فى الكيل والميزان وقد تطلب منك النفس أن تكذب فى موضع نهى الله فيه عن الكذب وأمر فيه بالصدق وقد تطلب منك النفس أن تهضم الزوجة حقها وقد تطلب منك النفس أن تجور على الجار وقد تطلب منك النفس أن تورث أبنائك وأنت حى فى الدنيا وتفرق بينهم فى العطاء فتعطى لهذا لأنه يتزلف لك وتمنع هذا لأنه بعيد عنك فكل ما تحض عليه النفس هو السوء والفحشاء وما يخالف شرع الله وما نهى عنه حبيب الله ومصطفاه صلوات ربى وتسليماته عليه ولذلك مدح الله الذين يمتنعون عن تنفيذ أوامر النفس انتصاراً لشرع الله وينفذون ما أمر به الله وإن كان فيه إغضاب للنفس لأنه مخالف لها فقال الله فى قرآنه الكريم{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}فجعل الله للإنسان فى نفسه عدو مبين قال فيه التقى النقى النبى الرءوف الرحيم صلوات ربى وتسليماته عليه{لَيْسَ عَدُوُّكَ الَّذِي يَقْتُلُكَ فَيُدْخِلَكَ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَإِنْ قَتَلْتَهُ كَانَ لَكَ نُوراً وَلكِنْ أَعْدَى الأَعْدَاءِ لَكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ}1لأنها هى التى تزين للإنسان العصيان وهى التى تأمره بما نهى عنه الرحمن وتأمره بالعمل بما يخالف نهج النبى العدنان وأمرنا النبى وأمرنا الله تعالى بوضوح كامل أن نخالف النفس وأن ننصر شرع الله تعالى وأن نعمل بأمر الله وأن ننفذ سُنة رسول الله صلوات ربى وتسليماته عليه فإذا نصرنا الله أى أقمنا شرع الله وعملنا بما طلبه الله وقمنا بما كان عليه حبيب الله ومصطفاه نَصَرنا النصيرعلى أعدائنا وعلى كل أعداء الله وجعل الله من كل ضيق فرجاً وجعل لنا من كل بأساء وشدة مخرجاً ورزقنا من حيث لا نحتسب وليس هذا فقط لأن عطاء الله لا حد له ولا رد فالله جعل الرزق لأهل الأرض جميعاً بالأسباب إذا سعوا فيها جنوا ثمار السعى وجعل الرزق للمؤمنين الذين يقيمون شرع الله ويتأسون بحبيب الله يتعدى حدود الأسباب ويجعله لهم ممتداً بغير حساب، قال فيهم سبحانه{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}جعل الله لأهل التقوى رزقاً ليس عن طريق الحسابات العقلية الدنيوية ولكنه عن طريق العطاءات والألطاف الخفية الإلهية أما بالنسبة للمعايش الدنيوية فإن الله إذا أراد زيادتها للمؤمنين يضع فيها البركة من عنده وإذا نزلت البركة فى الغذاء لا ينفذ الغذاء ولو كان قليل مهما كان الآكلون منه جمعهم كثير وإذا وضع الله البركة فى الثياب لا تبلى أبداً حتى يمل لابسها من لبسها ويتصدق بها على الفقراء لأن الله جعل البركة فيها وإذا أنزل الله البركة فى الصحة والعافية لا يحتاج المرء إلى دواء ولا إلى الذهاب للأطباء لأن الله يعافيه ويشفيه بركة من الله وإذا أراد الله إنزال البركة فى الأولاد جعلهم بررة بأبيهم ولا يكلفونه الكثير يجعلهم فى الدراسة يفهمون ويفقهون ولو بغير دروس ويتفوقون ولو بقليل من النظر فى الدروس والكتب كل هذا لماذا؟لأن الله إذا أنزل البركات جعل كل شئ فى زيادة وهذا ما قال الله فيه لنا أجمعين{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}والبركة زيادة فى الخيرات على نفس المقادير التى معنا ولكنها بركات معنوية لا تلحظها العين الحسية يقول فيها خير البرية{ طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الإِثْنَيْنِ وَطَعَامُ الإِثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ وَطَعَامُ الأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ }2أما بالنسبة للأعداء إن كانوا حاقدين أو حاسدين أو محاربين فإن الله إذا نصر العبد شرعه وقام بأوامر دينه وتابع النبى فى هديه وسنته يورثه ما أعطاه للحبيب، وقد كان كما يقول فيه الإمام علىّ{مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ}3ورَّثه الله الهيبة فكان كل من رآه ولو من بعيد يهاب أن يقترب منه ويخاف أن يؤذيه بل يخاف أن يشير إليه حتى أن المؤمنين أنفسهم كانوا يهابونه هيبة شديدة جاءته امرأة لحاجة وهو فى عرض الطريق فقال لها: يا أمة الله اجلسى فى أى ناحية من نواحى الطريق أجلس إليك فاهتزت المرأة من هيبته وارتجت وسقطت على الأرض من هيبته فقال لها صلى الله عليه وسلم مُهَوِناً{ هَوِّنْى عَلَيْكَ فَإِنَّما أَنا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كانَتْ تَأْكُلُ الْقَديدَ في هذِهِ الْبَطْحاءِ }4والقديد هو اللحم المجفف وكان لا يأكله إلا الفقراء ولما حضر عمرو بن العاص الوفاة وهو القائد الفذ المحنك قال لابنه عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهم: لقد حدثت أمور أريد أن أحكيها لك آمنت برسول الله بعد حربه وما كان أحد أحب إلىَّ منه وكنت أتمنى أن يقبضنى الله على ذلك الحال مع أنى ما استطعت أن أنظر إليه ببصرى قط من شدة هيبته فعمرو بن العاص القائد الفذ لم يستطع عمره مع رسول الله أن يثبت بصره فى وجه الشريف من شدة هيبة رسول الله هذه الهيبة كانت تُلقى الرعب فى قلوب أعداءه حتى الذين بينه وبينهم مسيرة شهر ولذلك قال{ نُصِرْتُ بالرُّعْب مَسِيرَةَ شَهرٍ}5وكذلك العبد المؤمن الذى يتوكل على مولاه ويعمل مقتفياً أثر حبيب الله ومصطفاه ويمتلئ قلبه بالخوف والهيبة من حضرة الله فإن الله يُلقى الهيبة منه على جميع أعداءه فلا يستطيعون أن يكيدوا له أو يدبروا شراً له ولو حدث ودبَّروا له شراً أو حاكوا له ضراً فيصدر عليهم قرار رب العالمين{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}فمن أراد أن يتولاه الله بنصرته وأن يجعله مرهوباً الجانب طوال حياته الدنيوية ويجعله مكللاً بتاج البهاء فى الدار الأخروية فعليه أن ينصر شرع الله ويعمل به فى حياته لا يعمل أمراً يخالف شرع الله ولو فى القليل فإن القليل عند الله كثير لا يستصغر أمراً لأنه ربما حقَّر أمراً فنظر إليه الله وهو يفعل عملاً يُغضبه فيسخط عليه الله سخطاً لا يعقبه بعده رضا أبداً إلا إذا تاب إلى الله توبة نصوحا، قال النبى{ يا غُلامُ إنِّـي أُعَلِّـمُكَ كَلِـمَاتٍ احْفَظِ الله تَـجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَـى الله فِـي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِـي الشِّدَّةِ وَاعْلَـمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَـمْ يَكُنْ لِـيُصِيبَكَ وَمَا أَصَابَكَ لَـمْ يَكُنْ لِـيُخْطِئَكَ وَاعْلَـمْ أَنَّ النَّصَرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً}6كان أصحاب رسول الله يمشون أجمعين على هذه القاعدة الإيمانية مراجعة النفس ومحاسبتها فكان الرجل منهم إذا تعقد له أمر فى حياته أو إذا تعذر له الحصول على أمر يريده أو تعذر له الوصول إلى نصر يريد تحقيقه أو أبطأ عليه رزق يستعجل وروده يراجع نفسه ويحاسبها لأنه يعلم أنه إنما أوتى من قِبَلِه فلو كان ماشياً على المنهج القويم وعلى منهج الرءوف الرحيم فإن عناية الله لا تتخلف عنه طرفة عين ولا أقل حتى قال رجل منهم(إنى لأعرف حالى مع الله من خُلق زوجتى ومن تشامس دابتى)أي إذا رأى زوجته فى يوم من الأيام وقد تغيرت معاملتها معه وكانت معاملة غير مرضية يعلم أنه قصَّر فى الطاعات مع رب البرية وهذا مؤشر له ونذير له ليصحح حاله وإذا أراد أن يركب دابته فلم تقف بهدوء أمامه واستعصت على الركوب يراجع ما بينه وبين الله هذا فى أمورهم الخاصة وكذا فى أمورهم العامة حاصر عمرو بن العاص حصن بابليون وهى القاهرة الآن واستمر الحصار ستة أشهر ولم يستطيعوا دخول الحصن وأصحاب رسول الله كما عوَّدهم الله كان لا يُبطئ عليهم النصر ما هى إلا كرَّة من صباح أو من مساء ويأتى نصر الله لهم وعليهم لأنهم مؤيدين بنصر الله جل فى علاه وكان سلاحهم الأساسى هو الذى أرسل به عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبى وقاص حيث قال له فى جملة قصيرة موجزة قوية ومعبرة(يا سعد مُر الجند بطاعة الله وانههم عن معصية الله)فإن الأعداء أقوى منا عدداً وسلاحاً ومدداً فلو عصى الجند الله تساوو معهم فى المعصية فكانت الغلبة لهم لأنهم أكثر عدداً وأقوى مدداً وإذا أطعنا الله دخلنا فى قول الله{ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}فلما أبطأ فتح الحصن على عمرو بن العاص والذين معه جلس مع كبار القادة يتباحثون وقالوا لبعضهم : ما الذى تركناه من فرائض الله؟فوجدوا أنهم لم يتركوا شيئاً من الفرائض فراجعوا أنفسهم وقالوا: ما الذى تركناه من سنن رسول الله؟ وأخذوا يتناقشون ويذكر بعضهم بعضاً حتى تنبهوا وقالوا: تركنا السواك الذى قال فيه النبى الكريم{لأَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ}7وقال فيه{لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ}8فأمروا الجند باستخدام السواك فنظر الأعداء من على سور الحصن فقالوا لبعضهم: لقد جاءهم جند يأكلون الخشب أو يجعلون أسنانهم حادة ليأكلوكم وإذا كنا لا طاقة لنا بحرب هؤلاء فكيف نحارب من يأكلون الخشب؟يا قوم استسلموا وسلموا لهم فاستسلم أهل الحصن بمجرد أن رجعوا إلى سُنة رسول الله واستخدموا السواك الذى سَنه لنا رسول الله فحافظوا على فرائض الله يحفظكم الله وحافظوا على سنن رسول الله ينصركم الله دائماً وأبداً ويجعل أمركم مرفوعاً ودعاءكم مجاباً وكل أموركم كما تريدون لأنه قال فى قرآنه {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}

    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



    [1] الدَّيلمي عن أَبي مالكٍ الأَشعري والعسكري في الأمثال عن سعيد بن أَبي هلال.



    [2] صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله



    [3] سنن الترمذي عن على



    [4] المستدرك على الصحيحين عن عبدالله بن جرير.



    [5] صحيح البخارى عن جابر بن عبد الله ونص الحديث: «أُعْطِيتُ خَمساً لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ قبلي: نُصِرْتُ بالرُّعْب مَسِيرَةَ شَهرٍ، وجُعِلَتْ ليَ الأرضُ مَسجِداً وطَهوراً فأَيُّما رَجُلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْهُ الصلاةُ فلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ ليَ المَغانِمُ ولم تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلي، وأُعْطِيتُ الشفاعَةَ، وكان النبيُّ يُبْعَثُ إِلى قَومِه خاصَّةً وبُعِثْتُ إِلى النّاسِ عامَّة».



    [6] مسند الإمام أحمد والبيان والتعريف عن ابن عباس رضى الله عنهم .



    [7] رواه أبو نعيم في كتاب السواك بإسناد جيد عن ابن عباس رضى الله عنهم .



    [8]صحيح مسلم عن أبى هريرة

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ