انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
عرض النتائج 11 الى 14 من 14

الموضوع: الهجرة أسرار و أنوار

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    المهاجر من هجر ما نهى الله عنه

    يتساءل كثير من الناس سؤالاً قد يكون معاداً ولكننا نلمح فيه معنى فريداً وجديداً أما السؤال فهو لماذا هاجر رسول الله من مكة إلى المدينة؟والمعتاد في دنيا الناس كما نرى الآن أن يهاجر الإنسان بحثاً عن المال إذا كان لا يحصله في موطنه إلا بمشقة بالغة، أو يهاجر بحثاً عن منصب كريم إذا كانت نفسه تتوق إلى أن يكون رجلاً عظيماً ولا يجد دواء لتلك العظمة في بلدته وموطنه أو يهاجر للعلاج إذا كان به داء أعيا الأطباء في بلدته فيهاجر بحثاً عن طبيب ماهر في بلد آخر ليعالجه من الداء الذي يشكو منه، وهذه الأشياء كلها قد عرضها الكافرون على رسول الله فقد اجتمعوا فيما بينهم بعد أن أعياهم أمره، ولم يستطيعوا أن يوقفوا زحفه المقدس على القلوب ليسوقها إلى حضرة علام الغيوب فأجمعوا رأيهم أن يرسلوا رجلاً منهم يعرض عليه كل ما تتوق إليه النفس البشرية من أهواء أو شهوات أو ملذات، فقد ذهب إليه { عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَكَانَ سَيداً حَلِيماً، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ ـ وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَادِي قُرَيْشٍ وَرَسُولُ اللَّهِ جَالِسٌ وَحْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ ـ: يَـٰا مَعْشَر قُرَيْشٍ أَلاَ أَقُومُ إِلىٰ هَـٰذَا فَأُكَلمَهُ، فَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُوراً لَعَلَّهُ أَنْ يَقْبَلَ بَعْضَها، فَنُعْطِيَهُ أَيُّهَا شَاءَ، وَيَكُفَّ عَنَّا ؟ وَذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ حَمْزَةُ ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضيَ اللَّهُ عنهُ، وَرَأَوْا أَصْحَابَ رسولِ اللّهِ يَزِيدُونَ وَيَكْثُرُونَ، فَقَالُوا: بَلىٰ، فَقُمْ يَـٰا أَبَا الْوَلِيدِ فَكَلمْهُ، فَقَامَ عُتْبَةُ حَتّىٰ جَلَسَ إِلىٰ رسولِ اللّهِ فَقَالَ: يَـٰا ابْنَ أَخِي إِنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ مِنَ السَّعَةِ فِي الْعَشِيرَةِ، وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ قَوْمَكَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ: فَرَّقْتَ بِهِ جَمَاعَتَهُمْ، وَسَفَّهْتَ بِهِ أَحْلاَمَهُمْ، وَعِبْتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ، وَكَفَّرْتَ مَنْ مَضىٰ مِنْ آبَائِهِمْ، فَاسْمَعْ مِني أَعْرِضُ عَلَيْكَ أُمُوراً تَنْظُرُ فِيهَا لَعَلَّكَ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهَا بَعْضَهَا، فَقَالَ رسولُ اللَّهِ: قُلْ يَـٰا أَبَا الْوَلِيدِ أَسْمَعُ، فَقَالَ: يَـٰا ابْنَ أَخِي إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ بِمَا جِئْتَ مِنْ هَـٰذَا الْقَوْلِ مَالاً جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتّىٰ تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالاً، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ شَرَفاً شَرَّفْنَاكَ عَلَيْنَا حَتّىٰ لاَ نَقْطَعَ أَمْراً دُونَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ مُلْكاً مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَـٰذَا الَّذِي يَأْتِيَكَ رَئِيٌّ، تَرَاهُ وَلاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرُدَّهُ عَنْ نَفْسِكَ، طَلَبْنَا لَكَ الطَّبِيبَ وَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا حَتّىٰ نُبْرِئَكَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَ التَّابِعُ عَلىٰ الرَّجُلِ حَتّىٰ يُدَاوىٰ مِنْهُ، أَوْ لَعَلَّ هَـٰذَا الَّذِي تَأْتِي بِهِ شِعْرٌ جَاشَ بِهِ صَدْرُكَ، حَتّىٰ إِذَا فَرَغَ عَنْهُ وَرَسُولُ اللَّهِ يَسْتَمَعُ مِنْهُ، قَالَ رسولُ اللَّهِ: أَفَرَغْتَ يَـٰا أَبَا الْوَلِيدِ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ : فَاسْمَعْ مِني، قَالَ: أَفْعَلُ فَقَالَ رسولُ اللَّهِ: بسم الله الرحمن الرحيم{حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} فَمَضىٰ رسولُ اللَّهِ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا سَمِعَهَا عُتْبَةُ أَنْصَتَ لَهُ، وَأَلْقىٰ بِيَدِهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِداً عَلَيْهَا يَسْمَعُ مِنْهُ، حَتّىٰ انْتَهىٰ رسولُ اللَّهِ لِلسَّجْدَةِ فَسَجَدَ فِيهَا ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ يَـٰا أَبَا الْوَلِيدِ مَا سَمِعْتُ، فَأَنْتَ وَذَاكَ}[1]إذاً لماذا هاجر الرسول الكريم؟إن هذا السر ندركه إذا عرفنا سر بعثته، لماذا بُعثت ياحبيب الله؟ أجاب عن ذلك فقال{ إِنَّـمَا بُعِثْتُ لأُتَـمِّـمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ }[2] فهو صاحب مبادئ ومثل وقيم وفضائل يريد أن يدعو الناس إليها وأن يمشي الناس على هديها وفي الحقيقة لا صلاح لأحوالنا ولا صلاح لأحوال مجتمعنا، ولا صلاح لأحوال البشرية كلها إلا إذا انتشرت هذه القيم الإيمانية التي من أجلها بُعث المصطفى وإلا فبالله عليكم هذا رجل يحاربه أعداءه بشتى الوسائل يعذبون أصحابه ويطردونهم ويستولون على دورهم وعلى أموالهم، ويخرجونهم فقراء، ثم بعد ذلك كل من عندهم منهم وديعة ثمينة يخشى عليها من السرقة فليس لديهم بيوت يحفظونها فيها، وليس فيهم رجل مأمون يأتمنونه عليها إلا المأمون الذي أمنته السماء على وحي السماء فيجعلون عنده أعز ما يملكون وأثمن ما يملكون ودائع عنده ثم تأتي الهجرة، ويستطيع أن يهاجر ويأخذ هذه الأشياء كلها معه، وهي حقوق إخوانه من الفقراء والمساكين الذين أخذهم الكفار عنوة واستولوا على أموالهم بقوة العتاد والسلاح ولكنه علمنا المثل الأعلى أن الإيمان يعني المثل والمبادئ فقد قال في هذه المبادئ { لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَه }[3]فالذي ليس عنده أمانة في نقل الكلمة أو في حفظ الودائع أو في المحافظة على الأسرار هذا يكون إيمانه فيه نقص عند الواحد القهار فيترك ابن عمه علي بن أبي طالب ينام في فراشه، وربما يعدو عليه القوم فيضربونه بسيوفهم، ولكنه مع ذلك تركه حتى يرد الودائع إلى أهلها بعد هجرة النبي ويرد الأمانات إلى أهلها كلها لأنهم كانوا يلقبونه بالصادق الأمين فهكذا كان نبيكم يعرض عن زينة الدنيا في سبيل مبدئه ويزهد في المناصب والأموال في سبيل القيم التي يدعو إليها ويؤثر أن يهاجر ويرد الأموال إلى أهلها، ليلقن البشرية كلها أن هذا دينٌ أنزله رب العالمين وارتضى من أصحابه وطلب منهم أن يراعوا حق الله وأن ينفذوا أخلاق الله ولو مع الكافرين والجاحدين من أعداء الله فليس معنى أنهم كافرون أن يبيح لنا أموالهم أو أن يطلق الإسلام أيدينا في أعناقهم أو يترك لنا التعرض لأعراضهم، لأن المؤمن دائماً وأبداً هو حارس المُثل الإلهية والخليفة عن الله في إعلاء القيم الإيمانية والمبادئ الإسلامية التي دعا إليها الله في قرآنه والنبي في سنته وقد وعى أصحابه هذا الدرس فعندما ضاقت عليهم هذه البلدة، وفيها حرم الله لكنهم لا يستطيعون أن يعبدون الله فيها بحرية، هاجروا وتركوا أموالهم ودورهم وأولادهم حتى لا يفتنون عن دين الله فهم كما قال الله في شأنهم{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ}فهذا صهيب يخرج وقد كان من أغنى أغنياء مكة في التجارة ويلحقه الكافرون فينثر كنانته بما فيها من سهام ويقول لهم: (يا أهل مكة تعلمون إني من أرماكم ووالله الذي نفسي بيده لن يصل إلى واحد منكم إلا ورميته بسهم من سهامي فإذا فنيت سهامي سأمسك بسيفي ولن تصلوا إلا على أشلائي أو لا أدلكم على خير من هذا قالوا: وماذا؟ قال: أدلكم على مالي فتذهبوا إليه وتأخذوه وتتركوني أهاجر إلى رسول الله فدلهم على ماله وذهب بدينه ومبادئه ومثله، وإذا بالحق يرسل برقية عاجلة إلى سيد الخلق يقول له فيها{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}وعندما وصل قال له النبي{أبشر يَا أَبا يَحْيى رَبِحَ البَيْعُ رَبِحَ البَيْعُ }[4] أي بيع؟ {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ}هكذا صاروا على هذا الحال فهذا رجل منهم يأتي بعد غزوة أحد قائداً لتجارة كبيرة لقريش آتية من بلاد الشام ويشرح الله صدره للإيمان فلا يصبر حتى يؤدي التجارة إلى أهلها ثم رجع إلى المدينة ليعلن إيمانه لكنه ذهب مباشرة إلى المدينة وأعلن إيمانه بين يدي رسول الله فقد فرح به فرحاً كبيراً لأنه كان زوج ابنته ولكن الإسلام قد فرق بينهما فوسوس إليه أحد المنافقين المنشغلين بالدنيا عن الدين والذين يريدون أن يسخروا الدين في سبيل الحصول على عرض الدنيا ولو كان في ذلك مخالفة لأوامر رب العالمين فقال له: يا هذا ما دمت قد آمنت فإن الكفار كما تعلم قد أخذوا أموال إخوانك المؤمنين فلا ترجع إليهم واغنم هذا المال فإنه مال الكافرين فما كان من الرجل الذي شرح الله صدره للإسلام إلا أن صاح في وجهه قائلاً: (أهذه نصيحتك لأخيك فوالله ما كنت لأبدأ عهدي بالإسلام بالخيانة) فإن الإسلام دين الأمانة ثم ذهب إلى مكة ورد الأمانات إلى أهلها وقال يا معشر قريش ماذا تعلمون عني؟ قالوا: خيراً قال: هل بقى لكم شئ عندي قالوا: لا وجزاك الله خيراً، قال: فإني أشهدكم أني رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً[5]ما أحوجنا في هذه الأيام إلى هذه الهجرة أي هجرة؟ هي التي يقول فيها{ المهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه }[6] ما أحوجنا في هذه الأيام إلى هجرة الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وإلى أن نهجر الغش ولو كان فيه المكسب الكبير وأن نترك الرشوة ولو كان في ذلك علو شأننا وارتفاع منصبنا لأن هذه مكاسب حرمها الله ويعاقب عليها العقاب الشديد لن ينصلح حالنا أيها الأخوة المؤمنون إلا إذا هجرنا المثل والمبادئ التي نشرها بيننا أهل الغرب من الخبث والدهاء والخداع والمكر والغش والكذب تحت أسماء ومسميات يعتقدون ويقولون أنها حضارة ويشيرون إلى من يتمسك بالأمانة أنه رجل جامد لايصلح لهذا الزمان والرجل الذي يتمسك بالأمانة في التجارة ولايغش يعاتبونه بل يعيرونه بأنه إنسان لا يريد أن يعيش بل يريد أن يكون فقيراً بين الناس نريد أن نقول كما قال القائل:

    ليت الذى بيني وبينك عامـر وبيني وبين العالمين خــراب

    إذا صح منك الود فالكل هيّن وكل الذي فوق التراب تراب

    قال النبى{المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ، والمؤمن من آمن جاره بوائقه، والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه}[7] كثرت الفتن في هذا الزمان يتعرض لها المؤمن في طريقه، ويتعرض لها في عمله ويتعرض لها في بيته، ويتعرض لها في وظيفته وفي مجتمعه، والمؤمن الذي سيفوز ويجوز يوم لقاء الله، هو الذي يقول فيه الله{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}المؤمن الذي يصدق مع عباد الله، فقد عاهدنا الله على جملة الأوامر التي أتى بها رسول الله وعلى مكارم الأخلاق التي تحلى بها رسول الله فالمؤمن مهما عرضت عليه أموال الدنيا أو مناصب الدنيا أو أهواء وشهوات الدنيا لا يتغير مبدأه وتجعله يتخلى عن قيمه ومثله بقى شئ أن شياطين المنافقين يوسوسون له ويقولون له إذا تمسكت فستكون هذه المصلحة بالرشوة من غيرك فإذا لم تقبل الرشوة أنت فسيقبلها غيرك على نفسه قال النبى منبها ومحذرا لمثل هذا الحال{كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام، الله الله لا يؤتى الإسلام من قبلك }[8] وورد فى الأثر : فإن تهاون إخوانك فاشدد أنت لئلا يؤتى الإسلام من قبلك يقولون له : إن هذا سيعرضك إلى كذا وكذا ويقولون : لن تستطيع أن تعيش إلا إذا غششت أو خدعت أو نصبت أو كذا أو كذا مما نسمعه بين كثير من بلهاء الناس لكن رب الناس يقول{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[هذا في الدنيا{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}لابد لأفراد مجتمعنا من الوحدة وهذه الوحدة يدفعها الإيمان الصادق لله فإن كل منا يقول لماذا أنا فقط الذي أقف أمام التيار؟ ولماذا أنا فقط الذي أمتنع عن رشوة المسئولين هنا وهناك؟ ولم أكون أنا مفردي المتمسك بالأمانة هنا وهناك؟وهذا الذي ضيَّع مجتمعنا يا إخواني المؤمنين، وطوبى لعبد في هذا الزمان، يتمسك بقيم الإيمان ويمشي على مكارم الأخلاق التي جاء بها النبي العدنان، وقال النبى { اعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَإنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ }[9] فمن اعتز بالله أيها الناس فلن يستطيع أحد من العبيد أن يذله لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ومن تمسك بهدى الله فلن يستطيع النصابون أو المحتالون أن يضايقوه لأن الله قال في قرآنه{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}نريد أن يهجر المؤمنون في كلامهم الكذب والسب والغيبة والنميمة ... ونريد أن نسمع منهم الصدق والمروءة والأمانة، وهذه الأخلاق التي جاء بها رسول الكريم الخلاق إذا قمنا بهذه الهجرة كنا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:{ نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره }[10]


    [1] جامع المسانيد والمراسيل عن محمد بن كعب القرظى


    [2] رواه صاحب مسند الشهاب عن أبي هريرة والإمام مالك في الموطأ والطبراني من حديث جابر.


    [3] ابن خزيمة وابن أبي شيبة عن أنس


    [4] رواه الحاكم والطبراني عن صهيب وقال الشيخان هذا حديث صحيح الإسناد.


    [5] وهناك رواية ثانية أورها صاحب المستدرك على الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها وغيرها من كتب السنة ( باختصار): { أن رسول الله بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص، وقال لهم: إِنَّ هذا الرَّجُلَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ وَقَدْ أَصَبْتُمْ لَهُ مالاً فَإِنْ تُحْسِنوا تَرُدّوا عَلَيْهِ الّذي لَهُ فَإِنّا نُحِبُّ ذلِكَ وَإِنْ أَبَيْتُمْ ذلِكَ فَهُوَ فَيْءُ الله الّذي أَفاءَهُ عَلَيْكُمْ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ، قالوا: بل نرده عليه قال: فردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئاً، ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع منه، ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟ قالوا: لا فجزاك الله خيراً فقد وجدناك وفيا كريماً قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفاً أن تظنوا أني إنما أردت أخذ أموالكم، فلما أداها الله عزّ وجل إليكم وفرغت منها أسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله }


    [6] رواه أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو.


    [7] متفق عليه.


    [8] السنة لمحمد بن ناصر المروزي عن يزيد بن مرثد


    [9] رواه أحمد والترمذي وأبو يعلى في مسنده عن ابن عباس.


    [10] مصنف ابن أبي شيبة، عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وهو آخذ برأس بعيره يخوض الماء فقالوا له: يا أمير المؤمنين تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال، قال عمر { الحديث }
    .

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    الهجرة وعلاجها لمشاكل المجتمع

    إخواني جماعة المؤمنين.. يا من أغناكم الله بهذا الدين ووضع لكم وبين أيديكم كنوز الغنى التي بها لا تحتاجون للأولين ولا للآخرين فما من شئ يصيبكم في أنفسكم أو في مجتمعكم أو في بيوتكم أو في أزواجكم أو في أولادكم أو في أرزاقكم أو شئ من أحوالكم إلا وتجدون الشفاء التام فيه جاهزاً إما في كتاب الله وإما في سنة سيدنا ومولانا رسول الله وإني لأعجب كيف يتيه عبد عن علاج نفسه؟ أو كيف يتعب في علاج زوجه؟ أو كيف ييأس من إصلاح ولده؟ أو كيف يبحث عن سبيل لإصلاح مجتمعه؟ وبين يديه كتاب الله يقلبه وبين يديه سنة سيدنا ومولانا رسول الله يستوضحها وهو القائل{أَيُّها النَّاسُ إنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ الله وسنتي}[1]إذن من ضل ومن ذل ومن هوى ومن بعد ومن تعب فإنما هو لأنه لم يتمسك بما أمره به ونحن في العام الهجري الجديد هل من جديد يصلح حالنا؟ أو هل من جديد يغير شأننا؟ هل من جديد يحول أحوالنا إلى أحوال ترضي ربنا ؟تعالوا جميعاً نفتح كنز الهجرة ونأخذ منه العبرة فإن هجرة سيدنا ومولانا رسول الله فيها العبرة لمن اعتبر وفيها الحل لكل مشكلات البشر فمثلاً وهو مثالٌ واحدٌ نسوقه كي لا نشق عليكم ما نعاني منه الآن من مشكلات اقتصادية ونفسية واجتمعاية استشرت حتى وصلت إلينا جميعاً فلم ينجو منها أحد لأننا نحتاج إلى بعضنا في أمور الحياة فمنا من يشكو من ماله ومنا من يشكو من رفيق في العمل ومنا من يشكو من التجار ومنا من يشكو من الزراع ومنا من يشكو من المرءوسين ومنا من يشكو من الحكام والمديرين ومنا من يشكو من أحوال المجتمع بالمرة نشكو من ماذا؟ أصبحنا وكل واحد منا مشغولٌ بنفسه لا يفعل إلا عن نفسه ولا يريد أن يجلب الخير إلا لنفسه ولا يريد أن يدفع المكروه إلا عن نفسه ونسى جاره ونسى أخاه بل ربما أحياناً ينسى أباه وأمه حتى يضطرهما أن يرفعا ضده شكاوي في المحاكم لأنه لا يهتم بأمرهما ولا يحس بمشاعرهما ولا يشاركهما في مشاكلهما فالتاجر لايهتم إلا بالكسب السريع سواء احتكر على المسلمين أو رفع السعر وغالى فيه على المؤمنين أو غشهم في بيعه أو في وزنه أو سلعته وصنفها ونوعها أو في الجودة لا يهتم بذلك لأن همه كله هو المكسب السريع ولا شأن له بذلك والموظف يريد أن يتسلق على أكتاف رفاقه وإخوانه تارة بالكيد لهم وأخرى بالتجسس على أحوالهم وثانية بالقيل والقال لرؤسائه ومديريه ليغير قلوبهم على إخوانهم ليأخذ مكانهم الذي جُعل لهم ولا يهتم إلا بنفسه وهكذا هل لهذا الشأن من علاج فيما نحن فيه من أحكام وقوانين؟ لا والله فلو سنت الدولة ألف قانون وقانون فإنهم يتعلمون كيف يتهربون منها؟ وكيف يجدون المخرج فيها؟ لأن الغالب عليهم هو حب الذات والأثرة والأنانية التي أمتلأت بها النفوس وأصبحت تعيش وكأنها في يوم القيامة والكل يقول نفسي نفسي لا أريد غيرها ما العلاج؟لا يوجد علاج إلا إذا نظرنا إلى كنز الهجرة ونظرنا إلى ما فيه من علاج هؤلاء القوم تركوا دورهم وأموالهم وأهليهم وزراعاتهم وتجاراتهم وهاجروا ولا يجدون حتى الكفاف بل لا يجد الواحد منهم ما يستر عورته أو ما يلبسه في قدمه وذهبوا إلى الأنصار بالمدينة فأفاء الله عليهم الخير ووجدوا عندهم الحدائق الغناء وعندهم التجارة وعندهم الزراعة ماذا فعلوا؟ وماذا صنعوا؟ إن هذا ما يخبرنا عنه الله وهو العلاج الأوحد لمجتمعنا يا أحباب الله ورسوله{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}هذا هو العلاج أننا نصلح القلوب فنطهرها من الذنوب ومن الأثرة ومن الأنانية ومن حب الذات ومن الغل والحقد ومن الحرص على الدنيا الفانية ونملأها إيماناً بالله ونملأها ثقة في وعد الله حتى تكون بما في يد الله أوثق منها بما في يد أنفسها ونملأها يقيناً أن ما قدر لها يكون وأن الرزق لا يسوقه حرص الحريص ولا يناله طالب إلا بما كتب له الواحد ولن ينال بسعيه وحرصه وكده وطلبه ما يناله غيره إلا ما قدره وكتبه له ربه نملأها يقيناً بأن الآخرة خير وأبقى فيؤثرون الآخرة على الحياة الدنيا ويقبلوا على أعمال الآخرة وأحوال الآخرة وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويفرح إذا رأى الخير عند إخوانه ويسر إذا رأى السرور والطرب عند جيرانه ويحزن لحزن إخوانه ويتألم لآلام جيرانه قال النبى{لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الّذي يَبيتُ شَبْعاناً وَجَارُهُ جائِعٌ إِلى جَنْبِهِ وهو لا يشعر به}[2] أي لا يؤمن إيماناً صحيحاً عند الله ينال به الدرجة العالية من الله إلا إذا كان يحس بإخوانه ويشعر بآلام جيرانه ويشارك أقاربه وخلانه هذا هو الذي صنعه لكم ومعكم الله على يد سيدنا ومولانا رسول الله فأصبح الرجل منهم يسارع فيما يرضي الله حتى كان الرجل المهاجر عندما ينزل المدينة المنورة يحضر أهلها ويتنافسون ويتصارعون وكل يريد أن يأخذه إلى بيته ليحظى بالفضل والرضوان من الله ومن شدة تهافتهم وصراعهم كان لا يذهب الرجل المهاجر إلى أحدهم إلا إذا أجروا القرعة والمساهمة فيما بينهم فمن وقعت عليه القرعة فهو الذي يفوز بهذا الغنم الأكبر وهذا الفوز الأعظم وهذا الأخ الذي يأخذه ويواسيه ويطعمه ويجالسه ويقيمه في بيته لأنه يعلم أن هذا هو الفضل الأعظم عند الله وهذا عكس ما نراه الآن - فيرى بعضنا أنه إذا أخذ شخصاً ضيفاً إلى بيته يراه غرماً يراه سيغرمه كوب شاي وسيغرمه بضع أرغفة وسيغرمه مبلغاً من النقود يراها غرامة وهم كانوا يرونها غنيمة لأنهم يرجون الفضل من الله حتى أنه بلغ الأمر من أحدهم - لأنهم يتعاملون مع ربهم - أن أخذ أخاه وكان هذا الرجل المهاجر هو عبد الرحمن بن عوف والرجل الأنصاري هو سعد بن الربيع فأحضر ماله وقسمه نصفين وقال له: اختر أيهما شئت وقسم بيته قسمين، وقال له: اختر أيهما شئت ثم قال له: هل تزوجت؟ قال: لا قال: إن لي زوجتين فانظر إليهما فأيهما أعجبتك أطلقها فإذا انقضت عدتها تزوجتها حلالاً هم تربوا على مائدة القرآن وكانوا كما وصفهم الحنان المنان {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}هذا بالإيثار وهذا بالعفة فزهدوا في الدنيا فسخرت لهم الدنيا وكانت لهم الدنيا فقال له عبد الرحمن:بارك الله لك في زوجك، وبارك الله لك في بيتك وبارك الله لك في مالك ولكن دلني على السوق بماذا كافأه الله على هذه العفّة؟ كان كما قال: لو تاجرت في تراب لحوله الله إلى ذهب وعندما مات وقد هاجر لا يملك قليلاً ولا كثيراً ووزعوا الذهب الذي خلفه على زوجاته من كثرة هذا الذهب أخذوا يضربونه بالفئوس ليوزعوه على زوجاته وبنيه لماذا؟ لأنه فتح بالعفة كنز فضل الله وكنز أخلاق الله وكنز خير الله له ولزوجه وولده فهؤلاء تعاملوا بالإيثار وهؤلاء تعاملوا بالعفة والكل تربى على مائدة القرآن وتأسى بالنبي العدنان فلم يكن لهم في مجتمعهم مشكلة ولم يكن لهم في مجتمعهم معضلة ولم ينتابهم في جميع أمورهم أي شئ يعكر صفوهم أو يشغلهم عن ربهم أو عن عبادة الله أو عن طاعة سيدنا ومولانا رسول الله لأنهم شغلوا أنفسهم بكتاب الله وبهدى سيدنا ومولانا رسول الله فعلاج أمراضنا في هؤلاء الثلاث: أولاً الحب{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}إذا أحببنا بعضنا ويكفينا في هذا حديث واحد لوطبقناه على أنفسنا وفي مجتمعنا ما وجدت مشكلة بيننا وهو قوله{لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ }[3] فكما لا أحب أن يوشي أخي عليّ وشاية فلا أوشي على أخي وكما لا أحب أن يستأثر أخي عليّ فلا استأثر على أخي وكما لا أحب أن يسبّني أخي فلا أسبّ أخي، وكما لا أحب أن تتطاول علي زوجة جاري فلا أسمح لزوجتي أن تتطاول على جاري وكما لا أحب أن يؤذيني ابن أخي أو جاري أو قريبي فلا أسمح لابني أن يؤذي أخي أو جاري أو قريبي، وكل شئ لا أرضاه لنفسي لا أرضاه لغيري إذا فعلنا ذلك لم يكن هناك مشكلة ولا يصير بيننا مشكلة{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا}
    العلاج الثاني: إذا وثقت أن المعطي هو الله ويعطي بحكمة لا يعلمها إلا الله فلماذا تحزن إذا لم يعطي لك ولداً كفلان ولماذا أغتم إذا حلى زوجة هذا ولم يحل زوجتي؟ ولماذا أحمل الهم فوق رأسي إذا جاء لزميلي في العمل ترقية ولم أنالها، وقيل شعراً لأحدهم[4]:

    أَلا قُلْ لِمَنْ كَانَ لِي حَاسِدًا

    أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْت الأَدَبْ

    أَسَأْت عَلَى اللَّهِ فِي حُكْمِهِ

    لأَنَّك لَمْ تَرْضَ مَا قَدْ وَهَبْ

    فَجَازَاك رَبِّي بِأَنْ زَادَنِي

    وَسَدَّ عَلَيْك وُجُوهَ الطَّلَبْ

    الحسود يعترض على المعطي لأنه هو الذي قسم الأرزاق وهو الذي قسم الأخلاق وهو الذي قسم العطاء وهو الذي أيضاً قسم البلايا والعناء ولو نظرت على التحقيق لوجدت أن الكل سواء فكما أن هذا عنده عطاء فلابد أنه عنده جانب من البلاء وإن كنت لا أراه ولا أشعر به ولكن اعلم يقيناً أن الله{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}فإذا رأيت على أخي نعمة أو رأيته في منة فيجب عليّ أن أفرح وأن أشكر الله وأن أحمد الله وأن أدعو الله أن يزيده نعماً على نعمه وخيراً وبراً على خيره وبره وفضلاً على فضله ولا تطلب من الله أن يمحق هذا الفضل أو أن يذهب هذا البر لأن هذا ليس من خصال المؤمنين وإنما من خصال الجاحدين والمنافقين والعياذ بالله فالمؤمن لا يحمل في قلبه ضغينة لأحد ولا حقداً على احد ولا حسداً لأحد بل يتمنى الخير والبر لجميع عباد الله حتى أنه يتمنى الهداية للكافرين ويتمنى العناية للجاحدين ويتمنى أن يوفق الله المشركين ليهتدوا لهذا الدين ويحب الخير حتى للكافرين يحب لهم أن يؤمنوا بالله وأن يهتدوا بهدى الله فما بالك بإخوانه المؤمنين إنه يحب لهم الخير في الدنيا والسعادة في يوم الدين{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}يفضل إخوانه على نفسه لأنه يعلم أن الدنيا فانية وأن النعم الحقيقية هي النعم الباقية في جوار الله{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً}النعم الفانية تحتمل البلاء وتحتمل العطاء فهي فتنة{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} حتى المال والولد فتنة{لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} فإذا وفق لشكر الله على نعمة الولد فقد فاز وجاز وإذا وفق لشكر الله على نعمة الزوجة فقد فاز وجاز ولكنه إذا نسى الله ولم يشكره على نعمه وعطاياه فقد جحد ورسب في الاختبار الذي أجراه له الله{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}لماذا {لِيَبْلُوَكُمْ}[أي يختبركم] {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}لكن النعم الخالصة التي ليس فيها احتمال وإنما هي محض عطاء أن يوفقك للعبادات، وأن يفتح لك باب القبول على الطاعات والقربات وأن يلهم لسانك ذكره وشكره وحُسن عبادته وأن يحبب إليك تلاوة القرآن وأن يحبب إليك متابعة النبي العدنان، وأن يحبب إليك فعل الخير في كل وقت وآن، وأن يذكرك بالدار الآخرة لتستعد لها، وأن يذكرك بالموت لتتأهب له هذه هي النعم الحقيقية التي يفرح بها المؤمنون وليس فيها ابتلاء وليس فيها فتن وليس فيها اختبار وإنما هي كما ورد فى الأثر{إذا أكرم الله عبدا ألهمه ذكره وألزمه بابه وآنسه به يصرف إليه بالبر والفوائد، ويمده من عند نفسه بالزوائد ويصرف عنه أشغال الدنيا والبلايا فيصير من خالص عباد الله وأحبابه فطوبى له حيا وميتا لو علم المغترون بالدنيا ما فاتهم من حظ المقربين وتلذذ الذاكرين، وسرور المحبين لماتوا كمدا}[5]إذا أحب الله عبداً يلهمه بذكره وشكره وحسن عبادته فإذا استطعنا أن نحيي في نفوسنا هذه المعاني الحب لعباد الله وأن نحمي نفوسنا من البغضاء والشحناء والحقد والحسد لجميع عباد الله وأن نملأ قلوبنا بالرغبة في العمل الدائم الذي ينفعنا بعد هذه الحياة من الإيثار ومن المعونة ومن المساعدة ومن المواصلة ومن البر ومن كظم الغيظ ومن العفو عن الناس ومن الإحسان إلى المظلومين ومن مساعدة المنكوبين ومن التفريج عن المكروبين إذا أحببنا هذه الأعمال وقمنا بها فلن يكون في مجتمعنا مشكلة أبداً يا إخواني جماعة المؤمنين ورد عن أصحاب نبيكم الكريم أن رجلاً ذبح شاة وتصدق برأسها على رجل من الفقراء فجلس مع زوجته فنظر في أمر نفسه وأمر إخوانه ثم قال: يا أم فلان إن أخي فلان أحوج إليها مني وذهب وأعطاها له فجلس الثاني مع زوجته ونظر في أمر إخوانه المؤمنين وقال يا أم فلان إن أخي فلان أحوج إلى هذه الرأس مني وذهب وأعطاها إليه فطافت الرأس على سبعة دور ثم رجعت إلى الأول مرة ثانية لتثبت سلامة صدورهم ورقة شعورهم وإحساسهم واستحقاقهم للوسام الذي نسبهم به ربهم{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}قال النبى{ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء}[6]وقال{ المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ، والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه }[7]اعلموا علم اليقين أن آخر هذه الأمة لن يسعد إلا بما سعد به أولها وأولها لم ينالوا السعادة بالعمارات الشاهقة والأرصدة الزائدة والمصانع الشامخة وإنما نالوا السعادة بما في نفوسهم من حب وشوق وزهد وورع ونقى وغنى بالله وعفاف عما حرمه الله ولن ينصلح حال مجتمعنا إلا إذا عدنا لهذه الأخلاق النورانية ولهذه الخصال الإلهية التي أوصانا بها الله في كتابه وبينها لنا الرسول الكريم في هديه وفي سنته فإن المجتمع الذي أسسوه أسس على هذه الأخلاق فكان الرجل منهم لو عرضت عليه كنوز الدنيا لأتلفته عن خلق تخلق به لله وهداه إلى التمسك به سيدنا ومولانا رسول الله انظروا إلى هؤلاء القوم وقد خرجوا من المدينة حفاة عراة لا يملكون قليلاً ولا كثيراً وفتح الله لهم كنوز كسرى وكنوز قيصر وكانت شيئاً يدهش العيون لم تفكر فيه عقولهم ولم يرواد خيالهم مما فيه من مجوهرات ومما فيه من ذهب وفضة وما فيه من عسجد واستبرق وما فيه من أصناف المباهج والرياش التي لم تخطر ببال واحد منهم قط في حياته كلها، ولكنهم عندما فتحت لهم الكنوز لم تشغل بالهم وما سلبت عقولهم ولم تغير طباعهم وأخلاقهم وهذا هو المهم فقد قال لهم القائد من وجد شيئاً فليؤده لنا فكانوا يحضرون كل شئ حتى أن الرجل الذي وجد إبرة وليست بذات شأن كان يأتي ويسلمها إليه لا يدس شيئاً في ثيابه ولا يخفي شيئاً في متاعه لأنه يراقب الله ويحرص على هذا الخلق الكريم الذي خلقه به الله والذي وصاه به سيدنا ومولانا رسول الله وهو الأمانة في كل شئ فحملت الكنوز على جمال كان أولها في المدينة المنورة وآخرها في بلاد فارس كما يقول الرواة فى الأثر وعندما وضعت أمام عمر بن الخطاب لم تطرف عينه ولم تشغل باله ولم يجد صراعاً لاكتسابها أو للحصول عليها وإنما جلسوا متعجبين ولسان حالهم يقول كما قال القائد عندما رآها {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ}علموا أن هؤلاء ضاعت منهم النعم لأنهم لم يشكروا واهب النعم فرجعوا إلى الله شاكرين حتى لا يشغلهم بالنعم عنه لأنهم يريدون أن يكونوا مع المنعم في جميع أحوالهم وفي جميع أوقاتهم فقال عمر بن الخطاب عندما رأى هذه الكنوز الفارهة(إن قوماً أدوا هذا لأمناء)فقال علي بن أبي طالب(عففت فعفت رعيتك يا أمير المؤمنين)هذا الذي نحتاجه نحتاج إلى بناء الأمانة في أولادنا وفي أنفسنا وفي أزواجنا نحتاج إلى بناء الإخلاص في قلوبنا وفي قلوب عمالنا ليكون خالصاً لله لأنهم لا يرجون سواه ولا يراقبون إلا إياه نحتاج لبناء الصدق في قلوب أهل مجتمعنا حتى نطمئن في بيعنا وفي شرائنا لأننا صرنا لا نثق في بعضنا حتى ضاعت الثقة في الأمين لأن الثقة أصبحت مفقودة بانتشار الكذب بين جماعة المسلمين. حتى أنه لو جاء رجل منهم وقد قرأ عن دين الله ويريد أن يرى العباد الذين يتبعون هذا الدين فيرى أحوال المسلمين هل يعتقد أن هؤلاء اتباع سيد الأولين والآخرين؟هل يعرفهم بأوصافهم؟إنه ينظر إلى وصفهم في القرآن أنهم لا يكذبون ويرى أمام عينيه كل تعاملاتهم مبنية على الكذب يقرأ أنهم لا يخونون ويرى أن كل همهم الخيانة وليست للأمانة عندهم صيانة يقرأ عن أمانتهم ويقرأ عن شهامتهم ويقرأ عن كرم ضيافتهم وينظر إلى الموجودين فيرى مسلمين بغير إسلام يرى مسلمين بالاسم وبشهادة الميلاد وبالبطاقات لكن أخلاقهم أخلاق الكافرين أو أخلاقهم أخلاق المنافقين أو أخلاقهم أخلاق غير المسلمين فأخوك فى الدين هو كما قال سيد الأولين والاخرين{من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته}[8] وكما ورد فى الأثر الشهير : الدين المعاملة ... الدين المعاملة ... الدين المعاملة


    [1] رواه ألإمام مالك في الموطأ عن أنس، ورواه الترمذي والطبراني في الفتح الكبير عن زيد بن أرقم.


    [2] رواه الطبراني والبزار عن أنس بن مالك.


    [3] أخرجه البخاري في كتاب الإيمان وأبو يعلى في مسنده وأحمد في مسنده والدارمي في سننه عن أنس.


    [4] : غذاء الألباب شرح منظومة الأداب لمحمد بن أحمد السفارينى


    [5] الزهد الكبير للبيهقي رواية عن ذى النون


    [6] رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عمر.


    [7] رواه ابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم عن فضالة ابن عبيد رضي الله عنه.


    [8] مسند الشهاب عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه.

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    تم نقل الموضع من كتاب _( الخطب الالهاميه الهجرة ويوم عاشوراء)
    الخطب الإلهامية_مناسبات_ج1_ الهجرة ويوم عاشوراء

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الردود
    291
    الجنس
    أنثى
    الهجرة معاني وأسرار

    انشغل بالي بأمر هذه الهجرة العظيمة والنعمة الكريمة التي أكرم بها الله حبيبه ومصطفاه وأكرم الله بها المهاجرين والأنصار المعاصرين لسيدنا ومولانا رسول الله ونحن لم نحضرها رغماً عنا لأننا لم نكن ولدنا ولا خلقنا في ذلك الزمان وفي هذا العصر والمكان ولكن ما ذنبنا؟نحن نريد أن نهاجر ونريد أن نحصل ونحصل على ثواب المهاجرة وعلى ثواب المناصرة ماذا نفعل؟ ترى باب الهجرة قفل أم لا زال مفتوحاً؟فوجدت بفضل الله أن باب الهجرة مفتوح لكل عبد من عباد الله يؤمن بالله ويتبع سيدنا ومولانا رسول الله سواء كان العبد متعلماً أو جاهلاً، موظفاً أو فلاحاً رجلاً أو امرأة فالكل مطالب ليس بهجرة واحدة وإنما بهجرات كثيرة لكن ليست كما حصرها البعض أن تكون من مكان لمكان لا النبي قال هجرة المكان انتهت{لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ ولكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ}[1]يعني هجرة معنوية وهجرة روحانية وهجرة بالمعاني الإيمانية وليس بالحركات والجوارح الجسمانية مثل ما بعض الناس فسروها وأولوها وخالفوا بذلك كلام رسول الله وهذه الهجرة من أين؟ وإلى أين؟كل واحد فينا مطالب أن يهاجر من النواهي التي نهى عنها الله إلى الأوامر التي أمر بها الله. هذه هجرة لابد منها وبصيغة أخرى نحن مطالبون أن نهاجر من المعاصي وأماكن المعاصي وكل ما يقرب من المعاصي إلى الطاعات وأماكن الطاعات وكل ما يقرب إلى الله من أعمال صالحات كل مؤمن مطالب بهذه الهجرة سواء كان جاهلاً أو عالماً رجلاً أو أمرأة أو شاباً فالكل مطالب أن يهاجر من المعاصي إلى الطاعات. ومن الأماكن التي بها المعاصي إلى الأماكن التي بها الطاعات وهذا ما وضحه الرسول وبين طريقه وسبيله وقال فيه{المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ، والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه }[2] هذا هو المهاجر وكلنا نريد أن نحصل على هذا اللقب ونسمى عند الله مهاجرين فالمهاجر عند الله في زماننا هذا من هجر(أي ترك)ما نهى الله عنه قلنا أن الهجرة للمؤمنين والمؤمنات قائمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها لكنها هجرة معنوية بعد أن كانت في عصر سيدنا رسول الله هجرة مكانية من مكة إلى المدينة وأنواعها كثيرة لكن أصولها ثلاث: هجرة بأمر الله من المعاصي والمخالفات إلى الطاعات.
    وهجرة بفضل الله من الدنيا إلى الآخرة وهجرة بتوفيق الله من الدنيا والآخرة إلى وجه الله فالهجرة الأولى هي ترك المعاصي خوفاً من عذاب الجحيم والهجرة الثانية فعل الطاعات طمعاً في ثواب الله في جنات النعيم والهجرة الثالثة هي التقرب إلى الله بالتخلق بأخلاق الله رغبة في مزيد فضل الله وجميل عطاياه لعباده المؤمنين الموحدين فالذي لا يزال جالساً في المعاصي وهو في المعاصي لا يكون في الدنيا في حالة تلبسه بالمعاصي بل يكون في الجحيم لأن العمل الذي هو فيه باب مفتوح إلى الجحيم قال تعالى{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ}كيف تراها؟ أنت عندما تعلم علم اليقين أن هذه المعاصي هي الطريق والباب للجحيم تكون نفس المعصية هي النار والجحيم ولأجل ذلك قال النبى{ لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ. وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ }[3] وهو في هذا العمل يكون عاصياً ويكون من أهل الجحيم والعياذ بالله فهو إذا في هذا العمل يكون متلبِّساً ومجرماً وعليه فصريح أمر الله له أنه عندما يخرج من هنا وينهي مدته وهو داخل من جمرك الدنيا إلى الدار الآخرة أول ما يصل إلى الدار الآخرة يقبضون عليه ويقولون له: تعال فيقول إلى أين؟إلى دار المجرمين هذا مثل الذي فعل شيئاً وظن أنه هرب لكن أين يهرب من الله؟إذا الهجرة من المعاصي هي الهجرة الأولى التي يقول رسول الله في صاحبها{المهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه}[4] فقد هاجر إلى الآخرة لأنه ترك الدنيا وترك المعاصي والهجرة الثانية من الدنيا إلى الآخرة فالدنيا هي الأعمال الدنيئة التي لا تليق بالمؤمن سميت الدنيا من الدنو والدناءة فكل عمل دنئ لا يليق بالمؤمن عمله يهاجر منه إلى الطاعات فيصير إلى الآخرة ومن أهل الآخرة؟ هم الملائكة. وما أعمال الملائكة؟{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }فالذي يراهم يجد منهم الذي يسبح الله والذي يقف يذكر الله والذي يقف يقدس الله والذي يتلو كتاب الله والذي يستغفر الله ليس لأنفسهم لكن لنا{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا} يا سبحان الله ربنا وظفهم يستغفرون لنا فكأنهم موظفون عندنا ومن هم؟ حملة العرش وليس الملائكة العاديين وحملة العرش الرسول يقول في الواحد منهم { أُذِنَ لِي أَنْ أحَدِّثَ عن مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَةِ الله تَعَالَى مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمَائَةِ عَامٍ }[5]ومع ذلك فالله سخرهم لكي يستغفروا لي ولك لكي تظهر مكانتك أنت عند الله وتعلم أنها ليست مكانة هينة أو عادية وإنما هي مكانة عظيمة جداً جداً فلأجل أني مهاجر إلى الآخرة مثله فأترك الأعمال الدنيئة التي ذكرناها كاللعب واللهو وأكون ليس لي بها شأن فأما غيري الذي يلعب إذا كان يلعب على نقود يكون من أهل الجحيم لأن هذا هو القمار وإذا كان يلعب على غير نقود فهو من أهل الغفلة ومن أهل الذنوب ومن أهل الدنيا لأن هذا يقول فيه رسول الله{اللاَّعِبُ بالنِّرْدِ كَوَاضِعِ يَدِهِ في لحْمِ الخِنْزِيرِ وَالنَّاظِرُ إِلَيْها[الكوتشينة الطاولة الدومينو] كَواضِعِ يَده في دَم الخِنْزير }[6]ودم الخنزير طاهر أم نجس؟إنه أنجس النجاسة فالذي يلعب ويقول: الكلب راح الكلب جاء أو شيش بيش كل هذا كغامس يده في دم خنزير لأن هذا في اللعب والمؤمن ليس لديه وقت لهذا الكلام ليس لديه وقت للعب ولا للزينة ولا للتفاخر والتكاثر إذا أين يكون المؤمن؟نجده مع كتاب الله أو نجده يذكر الله أو نجده ينصح عبداً من عباد الله أو يزور مريضاً طلباً لمرضاة الله أو يشيع جنازة ابتغاء وجه الله هذا هو عمل المؤمن يتقلب في الطاعات{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}أي يتقلب مع الساجدين دائماً وبهذا يكون في عمل الآخرة ومثل هذا من أهل الآخرة.
    الهجرة الثالثة : وهي لرجل ثانٍ قال ماذا أفعل بالآخرة؟سوف أذهب إلى هناك والذي حرمت منه هنا أجده هناك لكن أنا يعجبني شئ ثانٍ فليست تعجبني الجنة والذي فيها أنا يعجبني الأخلاق العظيمة الكريمة التي يعاملنا بها الله انظر كيف نعصي ونغفل ونجهل وهو حليم علينا وتاركنا؟ وما يفتأ يرزقنا وينعم علينا ويستر علينا فيقول أنا أريد أن أكون حليماً مثل الحليم الواحد يبعد عنه سنين ويلطخ نفسه بالمعاصي والطين ويرجع يقول له: أنا تبت فيقول وأنا قبلت ما هذا العفو العظيم؟أنا أريد أن أكون عفواً مثل عفوه لا أركب رأسي ويقولون لي فلان جاء يعتذر إليك وأقول له يدفع خمسة عشر أو عشرين ألف يا أخي إن رسول الله قال{ مَنْ أَتَاهُ أَخُوهُ مُتَنَصلاً [معتذراً] فَلْيَقْبَلْ ذٰلِكَ مِنْهُ مُحِقّاً أَوْ مُبْطِلاً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ }[7]، يقول أنا ليس لي شأن بهذا الكلام يا أخي ما دام جاء إليك ويقول لك أنا أعتذر لك، ألا ترى أن الذي خلقه ورباه وكلأه بنعماه ويعصاه وهو يراه لكن أنت لم تره أو تسمعه وإنما أحد أبلغك أنه قال في حقك كذا. لكن هو سامعه ويراه وعندما يقول له تبت، يقول له وأنا قبلت ولما ينشط العبد ويصطلح مع مولاه يفرح به الله وهو الغنى عنه فرحا يقول فيه الحبيب يقول الله للملائكة اعملوا له فرح عندكم{لله أَفَرْحُ بِتَوْبةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ قَدَ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ فِي أَرْضٍ مُهْلِكَةٍ، يَخَافُ أَنْ يَقْتُلَهُ الْجُوعْ }[8]وهل ربنا يحتاج من العبد شيئاً؟هل ينفعه العبد أو يقدم له شيئاً ؟ لكن هو يعلمنا نحن أن نقول{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}حتى لو لم أكن أنا فى ظاهر الأمر أو فى تقديرى الشخصى الدنيوى ورؤيتى القاصرة والمحدودة محتاجٌ إلى من جاء ليصالحنى .. أو لو كنت غنياُ عنه فيجب علىَّ أن أفرح بالصلح عندما يأتي أحد يصالحني علىَّ أن أفرح له تعالَ ياأخى قال لنا النبى{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كالْجَمَلِ الأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ[طفل يشد لجام الجمل فيمشي وراءه مع أن الجمل لو هاج لا يقف أمامه سبعة رجال لكنه سبحانه وتعالى حليم] وإن استنيخ على صخرة أناخ }[9]لا يطلب شيئاً ليناً ينيخ عليه والمؤمن نفس النظام إذا قيل له اصطلح فإنه يقول على بركة الله لايطلب شروطاً أو غيرها ويريد أن يقيم الدنيا أو يقعدها ليقبل أن يصطلح مع أخيه فالشروط ليست مع المؤمنين وهو يريد أن يتخلق بخلق العفو و خلق الجود يبحث عن الأشياء التي فيه فيجد أن الله جبله عليها كيف ذلك{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}في أصل خلقته كان ظالماً وجاهلاً ماذا يفعل؟يغير الظلم ويغير الجهل كان ظلوماً جهولاً إذا لم يحافظ على الأمانة كما طلب الله وكما أراد الله وحملها الإنسان أي حملها باختياره ولم يقل حملناها وإنما هو الذي حملها وهو الذي طلب وما دام طلب حملها فإذا لم يقدر أن يقوم بها يصير جاهلاً ما الأمانة؟أعظم أمانة أنت وأنا حملناها هى(لا إله إلا الله محمد رسول الله) أخذناها رغماً عنَّا أم باختيارنا؟ باختيارنا أنا قلتها إذاً لابد أن أقوم بحقها قال رسول الله{مَنْ قَالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ الله مُخْلِصَاً دَخَلَ الجنَّة، قِيلَ: وَمَا إِخْلاَصُها؟قال: أَنْ تَحْجزَهُ عَنْ مَحَارِمِ الله}[10]ما معنى هذا ؟أي أن يحرم ما حرمه الله ويعمل بما أمره الله به فأنت عندما اخترت لا إله إلا الله، واخترت الإسلام، لم يعد لك عذر في أن تترك خردلة من تعاليم الإسلام ولم يعد لك عذر في أن تقع في أي بند من بنود المحرمات التي حرمها الإسلام بعد نطق هذه الكلمة لست حراً ولذا هذه قائمة بالمحرمات وهذه قائمة ثانية بالمستحبات وهذه قائمة ثالثة بالفرائض التي إن لم تفعلها نسجنك، أنت اخترت لا إله إلا الله محمد رسول الله انتهى الأمر فالإنسان من أي صفات يا ربَّ خلقته يقول{وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } أي يحب أن يجادل دائماً وماذا يفعل يا رب؟ مع المؤمنين لا جدال ومع الآخرين يكون بالحسنى{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}لا بالشدة ولا بالسيف وإنما بالتي هي أحسن الحجة بالحجة افرض مع الشدة قال لا إله إلا الله هل يريد الله هذا الإيمان؟ لا إنه قال {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}إن لم يدخل عن اقتناع فالله لا يريده والاقتناع يكون الحجة بالحجة أما المؤمنون فقد قال رسول الله{أَنَا الزَّعِيمُ بِبَيْتٍ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلاَهَا، وَبِبَيْتٍ فِي أَسْفَلِهَا لِمَنْ تَرَكَ الْجِدَالَ وَهُوَ مُحِقٌّ وَتَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ لاَعِبٌ وَحَسُنَ خُلُقُهُ لِلنَّاسِ }[11] إذاً لماذا نهى الله عن الجدال؟قال النبى{ مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ }[12] فالجدل دليل على غضب الله ولذا فالمؤمنون لا يتجادلون أبداً وإنما يتناقشون ويتناظرون والمناظرة التي يقول فيها سيدنا الإمام الشافعي{ما ناظرت أحداً وأحببت أن يخطئ بل أن يوفق ويسدد ويعان ويكون عليه من اللّه رعاية وحفظ وما كلمت أحداً قط وأنا أبالي أن يظهر الحق على لساني أو لسانه }[13]تريد أن تصل للحق لكن المجادل يريد أن يكون هو الذي غلب بالباطل أو الحق وهذا الأمر لا ينفع لأننا سوف نخرج أعداء لذلك نهى الله عن الجدال وطلب أن يتخلص المؤمن من الجدال{وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً}قتوراً يعني بخيلاً وربنا اسمه الكريم. إذاً يهاجر فوراً من البخيل إلى الكريم إذاً الهجرة الثالثة كيف يهاجر العبد فيها؟ يترك أخلاقه ويتخلق بأخلاق الله قال النبى{ إن الله يحب من خَلقِهِ من كان على خُلُقِه }[14] فهذا يحبه وهو غير الذي يكافئه على الطاعات والصالحات فيعطي لهم مكافئة وهي قصور وحور في الجنة، لكن الذي يحبه له وضع آخر إذا من الذي يحبه؟ الذي يتخلق بأخلاقه وما المراد بأخلاقه؟قال النبى{إِنَّ لله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً مائَةً غَير وَاحِدٍ مَنْ أَحْصَاها دَخَلَ الْجَنَّةَ }[15]فأنت إذا هاجرت الهجرة العالية الكبيرة فالله تعالى يبدل صفاتك بصفات من عنده وأخلاقك بأخلاق من لدنه والذي يصير على هذه الشاكلة.. ماذا له من مكافأة عند الله؟لهم مكافأة يقول فيها الله: { أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَىٰ قَلْبِ بَشْرٍ }[16] للجماعة المؤمنين الذين يأخذون المكافأة على عملهم الصالح لكن الجماعة المقربون لهم عند ربهم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} فهؤلاء لا يجالسون إلا ملك الملوك وهناك فرق كبير بين الذي يجلس مع جارية أو خدم أو حشم أو فى النعيم الذى أنت تريده وبين الذي هو جالس مع الملك نفسه فرق كبير بين الذي ينزل ضيفاً على رئيس الجمهورية فيقول أنزلوه قصر الطاهرة وانظروا ماذا يريد من طعام وشراب لكن أنا ليس عندي وقت لكي أقابله فهل يتلذذ هذا بأكل أو شرب؟لكن الثاني يقول أنا أقابله الساعة كذا أو الثالث يقول أنا لا أستغنى عنه اجعلوه معي ليلاً ونهاراً فالذي يدخل الجنة ويتمتع بالحور والقصور والولدان لكنه لا يحظى ولا يتمكن من رؤية الحنَّان المنَّان يبقى في عذاب كأنه عذاب أهل النار عذاب اسمه عذاب الحجاب وعذاب الصدود وعذاب الإعراض {وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}فهو نوع من أنواع العذاب المعنوي إذا فالذي لا ينظر الله إليه في نوع من أنواع العذاب لذلك الجماعة المؤمنون مثلما يقول النبي يأتون لهم بالحور والمتع فيقولون لا نريد هذا ماذا تريدون؟ والذي يكلمهم الله من علياءه مع تنزهه عن المكان والزمان والحيطة والإمكان فيقولون تركناها أحوج ما نكون إليها في الدنيا أي كنا نريد الطعام والشراب في الدنيا ولماذا كنا نصوم ولماذا كنا نزهد؟ فيقول لهم وماذا تريدون؟يقولون وعزتك وجلالك لا نريد إلا وجهك أنت متعتنا !وأنت مسرتنا وأنت هناؤنا وأنت حبورنا لأن هؤلاء الجماعة الذي هاجروا من أخلاقهم إلى أخلاق الله فكانوا متصفين بصفات الله على قدرهم وليس بصفات الله على قدر كمالات الله وعلى قدر جمال الله ولكن على قدرهم وعلى قدر اتساع ما عونهم وعلى قدر معرفتهم بأخلاق الله فلذلك عندما ننظر المقام العالي الذي مدح الله به النبي نجده قال له مخاطبا{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}أي أنت على خلق الله لأن العظيم هو الله وأنت على خلقه إن المؤمنين في هجرتهم إلى الله على ثلاثة منازل: إما واحد يجاهد نفسه لكي لا يقع في الذنوب والعيوب وهذا يجاهد ليهاجر من المعاصي إلى الطاعات وهذا يوم القيامة من أهل{أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}أي ليس لهم شأن بجهنم ولا طريقها ولا عملها والمؤمن الثاني نفسه لا تحدثه بالمعاصي لكن تحدثه بالغفلة أو باللهو أو باللعب أو بالراحة فيقول لها أنا لا أضيع وقت لأن الدنيا عمرها قصير وكل نفس يحاسبني عليه العلي الكبير أنا أريد أن تكون أوقاتي كلها في الطاعات والقربات{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }هذا يوم القيامة مثل ما يقول الله{لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ}لهم ما يشاءون عند ربهم في الآخرة الجماعة المقربين يريدون أن يكونوا في مقعد صدق عند مليك مقتدر فتقول لهم نفوسهم نريد أن نأخذ لنا مقعداً من مقاعد الصدق أو نجلس على كرسي من الذهب أو نجلس على منبر من نور أو نجلس على كرسي المجد المهم نكون في المكان الذي يقول فيه النبي العدنان{أهل الكثيب في جنة عدن يتراءون ربهم كما تتراءون القمر في ليلة التمام}[17]فالجماعة الذين يجلسون على الكثيب يرونه والذين يجلسون على الأرض أيضاً يرون والذي على كرسي ينظر لكن كل واحد على حسب منزلته وهؤلاء هم المعنيون بقوله {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}فالذين أمر الله نبيه أن يصبر نفسه معهم يقول فيهم: هؤلاء الذين معك هناك هم أصحابك هنا عندنا{لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } لهم الذي يريدونه وزيادة وما الزيادة؟قال: الزيادة اجعلوها عندي لأنكم لا تعرفونها{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} ولمن الزيادة؟ للذي على مثل أخلاقه حتى نحن في البشر أنت تجالس من؟ الذي مثلك مع الفارق الكبير بين تشبه العبد بصفات العلي الكبير وبين ظهور هذه الصفات في العلي العظيم عز شأنه لكن كونك أنك تتشبه بصفاته فهذه تستوجب محبة الله ورضاه عنك لأنك تحاول أن تكون على نهج صفات الله وأخلاقه ها هو موقف المؤمنين الصادقين والمقتصدين والمقصرين وكلهم كما قال الله ورثة لكتاب الله{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [وهم أنتم جماعة المؤمنين]{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}


    [1] متفق عليه والحديث برواية مسلم عن عائشة رضي الله عنها وقد رواه احمد والترمذي والنسائي عن ابن عباس

    [2] متفق عليه من حيدث ابن عمر


    [3] أخرجه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه.


    [4] متفق عليه من حديث ابن عمر


    [5] رواه الطبراني عن أنس وأبو داود والضياء عن جابر.


    [6] رواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجة عن أبي موسى رضي الله عنه,


    [7] أخرجه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه.


    [8] سنن النسائى الكبرى عن أبى هريرة، وررد فى روايات عديدة باختلاف ألفاظ.


    [9] أخرجه البيهقي والقضاعي والعسكري عن ابن عمر


    [10] رواه الطبراني من حديث زيد بن أرقم.


    [11] للطبراني في الكبير عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما


    [12] أخرجه الترمذي وابن ماجة عن حديث أبي أمامة


    [13] فيض القدير للمناوى


    [14] رواه الطبراني عن أنس رضي الله عنه.


    [15] رواه البخاري مسلم والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة.


    [16] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة عن رسول الله فيما حكاه عن ربه


    [17] رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة
    .

مواضيع مشابهه

  1. جزر مونار الهندية .... جنة في الأرض
    بواسطة إشراق المغربية في السياحة والسفر
    الردود: 20
    اخر موضوع: 12-03-2010, 04:28 AM
  2. أنوار التلاوة
    بواسطة صواريخ حواء في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 23-12-2009, 10:52 PM
  3. عندما تنطفىء أنوار الأمل
    بواسطة أم كمال في الملتقى الحواري
    الردود: 5
    اخر موضوع: 13-06-2006, 01:55 PM
  4. أنوار ::
    بواسطة mimo el 3ajeeb في فيض القلم
    الردود: 7
    اخر موضوع: 02-03-2006, 03:09 PM
  5. أنوار
    بواسطة المارين في الديكور الداخلي والخارجي
    الردود: 9
    اخر موضوع: 18-02-2006, 02:40 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ